بمثل علاء عبدالفتاح وليلى سويف تحافظ الأمم على نقائها وتحضرها، وتلتزم بما يضمن لها الحياة وفق قيم محترمة ونبيلة.
بوجود مثل هذا الثائر الحقيقى ووالدته النبيلة بيننا تستطيع أن تطمئن إلى أن الدنيا لاتزال بخير، وأن مصر تستحق ما هو أجمل، وتستطيع تحقيقه.
لقد كان أمام علاء عبدالفتاح وأسرته أن يقبلوا المقايضة، ويرضخوا للصفقة، بأن يشترى علاء حريته لقاء صمته، غير أنه ولأنه علاء ابن أحمد سيف سخر من الصفقة إدراكا منه بأن الحرية ليست سلعة، يمكن أن تتجزأ، وأنه فى اللحظة التى تتنازل فيها عن حريتك فى الكلام والتعبير، لا يمكن أن تستمتع بحرية الحركة، وأن الدنيا بما فيها لا تساوى السكوت الإجبارى.
ويقينا لم يفكر علاء فى العرض قبل أن يرفضه، لأنه يوقن بأنه لن يستطيع النظر إلى وجهه فى المرآة إن هو خرج من محبسه بهذه الطريقة، غير أنه فى اللحظة التى تسامى فيها على منطق الصفقة لابد أنه رأى زنزانته تتسع وتمتد وتتعاظم كأنها البراح كله، وتحول فى لمح البصر من سجين إلى حر لآخر حدود الحرية، فيما سجن سجانوه أنفسهم فى قبو الصفقة المعتم.
لقد قدم علاء درسا بليغا فى كيف تحترم ذاتك وتكون وفيا لقناعاتك ومنظومة القيم التى تحيا بها، ليتحول الشعار والهتاف إلى نموذج مجسد على الأرض، ولسان حاله يقول ماذا يكسب المرء لو خسر نفسه ــ التى هى أفكاره ومبادئه ــ وربح العالم، وروعة هذا الدرس أو هذه الرسالة أنها تأتى فى أجواء مشبعة بالصفقات، وصارت المقايضة هى العملة المعتمدة هذه الأيام، فرأينا أصحاب شعارات طنانة ورنانة يتساقطون تحت سنابك السلطة، ويبتلعون مقولاتهم فى تلذذ، بلا خجل من أنفسهم أو من يرونهم يتحولون إلى لاعبى أكروبات فى سيرك فقير.
ولكل هذا وغيره أزعم أن علاء استمتع ببهجة العيد أكثر منا، لأنه أمضاه شامخا وواقفا على قدميه، ولم يهرول خلف الجزرة التى امتدت بها أيديهم لكى ينجو من العصا ومن الحبس.
ويبقى إعلان والدته الرائعة الدكتورة ليلى سويف عن الدخول فى إضراب عن الطعام احتجاجا على حرمان ابنها من حريته وحقه فى الكلام درسا آخر من أم مصرية، قررت بكرامة أن توجه رسالة للضمير الإنسانى بطريقة متحضرة، بدلا من أن تلجأ لطرق أبواب السادة المسئولين أو تستدر عطف أحد، أو تضغط على ابنها لكى يستسلم لمنطق الصفقة.
إن السجن أحب إلى علاء عبدالفتاح وعائلته مما يدعونهم إليه، وسيذكر التاريخ لهم هذا الموقف بكل اعتزاز، وليستمتع سجانوه بالعيد فى غياهب ضيق الأفق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقالات وائل قنديل
أن تحمى الثورة وتحتضن الثورة المضادة لقطاء الثورة وأشباه الوطنيين اصطياد الثورة السورية بطعم عمر سليمان اعتذار الوزير فى حضرة البابا المدرعات التى تحكم مصر