لماذا اعترف وزير الإعلام بأخطاء التغطية أمام البابا شنودة وهو الذى كان يكابر ويعاند أمام الانتقادات التى تحدثت بها الأمم لأداء ماسبيرو المضحك والمبتعد تماما عن الحرفية؟
لقد وقف الوزير يدافع باستماتة رافضا كل ما رصدته أعين المشاهدين العاديين والخبراء من خروج على القواعد المهنية والقيم الأخلاقية يوم الأحد الدامى، وحين سئل قبل الذهاب إلى البابا عن الاعتذار قال بإباء وشمم إنه لا اعتذار طالما ليس هناك خطأ.
وحين خرجت لجنة الخبراء الإعلاميين بتقريرها الذى قالت فيه إن ماسبيرو أخطأ بخلط الخبر بالرأى بالتعبئة، رفض الوزير أيضا الاعتراف والاعتذار، رغم أن الاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه لا يقلل أبدا من قدر الناس.
غير أن الوزير ما إن جلس فى الكاتدرائية حتى اعترف بالأخطاء واعتذر عنها أمام البطريرك، وهو اعتذار يخلو من أى كياسة وسياسة، فقد كان حريا بالوزير أن يعتذر للشعب المصرى كله ويعترف أمامه بالخطايا المهنية المباشرة التى اقترفها ماسبيرو على الهواء مباشرة، وكان من الأفضل أن يعترف الوزير بالأخطاء فى حضرة المهنة وليس فى حضرة البابا.. كان من الأوفق أن يكون الاعتذار نابعا من دوافع مهنية وإنسانية وليس تنفيذا لتحركات سياسية انطلقت من المستويات الأعلى وتفاعلت معها الدوائر الأصغر.
إن الاعتذار الر
سمى من الدولة إلى البطريرك يشكل خدشا لفكرة المواطنة، على نحو يذكرنا بما كان يجرى أيام النظام السابق، فالذين سقطوا فى أحداث ماسبيرو دهسا بالمدرعات مصريون قبل أن يكونوا أقباطا.. إنهم جزء أصيل من شعب مصر بالأساس، وليسوا أفرادا من شعب الكنيسة حتى يكون العزاء فيهم بين يدى البابا.
وإذا كنا جادين حقا فى الكلام عن دولة القانون التى يقف أمامها الجميع سواء فمن المفترض أن تكون مسئولية الدولة ممثلة فى المجلس العسكرى عن ضحايا ماسبيرو أكبر من مسئولية الكنيسة، لأنه من المفترض أيضا أن الدولة هى الخيمة التى تحتوى الجميع بصرف النظر عن الدين أو الجنس أو العرق، وبالتالى تكون المواطنة هى المظلة وليست الطائفة.
لقد كان نظام مبارك يستفيد من ارتماء الأقباط فى حضن الكنيسة، وفى المقابل كانت سلطة الكنيسة تبدو مرتاحة لهذه الصيغة، والكل يتذكر لحظة ما قبل 25 يناير حيث كانت السلطتان، السياسية ممثلة فى نظام مبارك، والدينية ممثلة فى الكنيسة والأزهر والجماعة السلفية يدا واحدة ضد فكرة الخروج فى المظاهرات.
لقد أزالت الثورة ثنائية المسلم والمسيحى، وانتظم الشعب كله فى سلسلة واحدة، ومن هنا تصبح العودة إلى التعامل مع الأقباط باعتبارهم فقط رعايا البابا والكنيسة خطوة ضد اتجاه حركة الثورة المصرية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقالات وائل قنديل
المدرعات التى تحكم مصر محمد رسول الإنسانية ماذا عن المفقودين فى مذبحة ماسبيرو؟ مينا دانيال و أحمد عادل = H2S فلول المنحل وفلول المعارضة (إيد واحدة) الرجوع إلى نصف الحق ليس نصف فضيلة