يبدو أنه لا صوت يعلو فوق صوت المدرعة فى مصر.. راكبو المدرعات منتشرون فى كل مكان، من الجامعات الحكومية والخاصة إلى مبنى التليفزيون رافعين شعار «الدهس هو الحل» وبعد مجزرة الأقباط فى ماسبيرو، ها هى المدرعات تواصل نشاطها بحماس فى أماكن أخرى.
فى جامعة المنصورة كان الدهس هو لغة الحوار بين عميدى الآداب والطب البيطرى وبين الطلاب المحتجين على استمرار القيادات الجامعية العتيقة فى مواقعها، وحين حاول الطلاب منع العميدين من الوصول إلى المجمع الانتخابى وطالبوهما بتقديم استقالتهما، تحركت سيارتا العميدين بأقصى سرعة لتدهس كل من يقف فى طريقهما.
وفى أكاديمية أخبار اليوم يتعامل أحمد زكى بدر، ابن أشرس وزراء الداخلية فى مصر، ووزير تعليم نظام المخلوع مع الطلبة المحتجين على تعيينه عميدا من فوق مدرعة، ولذا تحولت الأكاديمية إلى ما يشبه ثكنة عسكرية، تعطلت فيها الدراسة وصارت محاطة بقوات الداخلية والشرطة العسكرية، بعد عودة لغة الصفع على الوجه والتعدى بالشتائم على الطلبة.
وفى ماسبيرو دهست مدرعة وزير الإعلام أمس الأول برنامجا أسبوعيا على شاشة القناة الأولى، وتركته بين الموت والحياة، إثر حلقة لم يعجب مضمونها معالى الوزير فقرر تحويل كل العاملين فى برنامج «الحلم المصرى» للتحقيق، مع إيقاف البرنامج، وإلغاء تقديمه على الهواء.
وبالطبع ليست هذه هى المرة الأولى التى تتحرك فيها المدرعة فى اتجاه ما تبقى من مساحة لحرية الرأى والتعبير، فقد فعلتها مرتين مع مكتب قناة الجزيرة مباشر مصر، وكررتها مع صحف صودرت، وقنوات شاهدنا وقائع اقتحامها على الهواء مباشرة، ولو رجعنا بالذاكرة إلى الوراء سنجد حضورا طاغيا لاستراتيجية الاقتحام منذ أزمة كلية الإعلام بجامعة القاهرة، مرورا بعمليات متكررة لفض الاعتصامات بالقوة، أبرزها موقعة الاستيلاء على صينية ميدان التحرير بالقوة فى مطلع رمضان الفائت.
وكل ذلك يكشف إلى أى حد تعطلت لغة الكلام المحترم، وانسدت قنوات الحوار، ودخلنا فى مراحل اتباع سياسة الاقتحام الخشن والضرب فى سويداء القلب عندما يتعلق الأمر بمظاهر وفعاليات ثورية، يقابلها اقتراب خجول ومتردد من البلطجية والفلول، أتاح لهم مساحات شاسعة لكى ينظموا صفوفهم ويستعيدوا عافيتهم فى مواجهة هذه الثورة الشريرة كما تصورها وسائل الإعلام الرسمى.
لقد ارتكبوا كل أخطاء الإدارة، ومارسوا الفشل على أوسع نطاق فى مجالى الأمن والاقتصاد، وألصقوا كل إخفاقاتهم ودلائل عجزهم بالثورة، فحملوها المسئولية عن تراجع حالة الاقتصاد وغياب الأمن، واعتبروها مسئولة عن كل المشاكل، الجديد منها والقديم، فى سياق عملية قتل متعمدة للآمال والأحلام التى اخضرت فى نفوس المصريين بعد 25 يناير.
وكلما تحدث أحد عن إصلاح سياسى حقيقى وطالب بسرعة إنهاء المرحلة الانتقالية، سارعوا باستدعاء كوابيس المجاعة، والخراب الذى حل بمصر بعد الثورة، وربما يفسر هذا المنهج هذا الاحتفاء الشديد بتقرير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عن انخفاض إنتاج مصر من القمح فى العام المالى 2009/2010، ورغم أننا على أبواب 2012، كما أن الثورة قامت فى 2011، وبهذا المقياس ليس من المستبعد أن يعلنوا أن ثورة 25 يناير 2011 مسئولة بأثر رجعى عن ضياع فلسطين وثقب الأوزون وتدمير العراق وعدم وصول مصر إلى كأس العالم منذ عام 1990.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقالات وائل قنديل
محمد رسول الإنسانية ماذا عن المفقودين فى مذبحة ماسبيرو؟ مينا دانيال و أحمد عادل = H2S فلول المنحل وفلول المعارضة (إيد واحدة) الرجوع إلى نصف الحق ليس نصف فضيلة ثغرة أكتوبر وثغرة يناير