بدأ الثوار الأصليون فى الانصراف إلى المؤتمرات الإعلامية والقنوات الفضائية فى محاولة لحصد ثمار الثورة مبكرا، وكان نتيجة ذلك أن خلا الميدان من الثوار الحقيقيين، واستولى لقطاء الثورة وأشباه الوطنيين على الميدان. ولعل هذا ما تسبب فيما تعانيه الثورة الآن من نكوص وتراجع ربما تسبب فيه أن الثوار أنفسهم قد فوجئوا بنجاح الثورة وهو ما لم يتوقعوه ولم يَعدّوا له عدته، وكان من الممكن تلافيه لو أن الثوار قد أعدوا للأمر عدته.
هذه الأخطاء يمكن أن نحددها فى الآتى:
• عدم وجود قيادة موحدة للثورة تتحدث باسمها.
• عدم وجود برنامج عمل جاهز للثورة تعمل على تنفيذه فور نجاحها.
• عدم وجود محكمة شعبية للثورة، تعمل على استئصال شأفة أعداء الثورة، ولا تلتزم بالقوانين القائمة.
إن التفكك الذى أصاب الثورة بعد شهور قليلة من قيامها، ما كان ليحدث لو أن الثورة كانت لها قيادة موحدة تفكر لها وتتحدث باسمها وتفاوض نظام الحكم القائم بالنيابة عنها، لو حدث ذلك لبقى الثوار كتلة واحدة ولما تشرذموا إلى ما يزيد على الأربعين حزبا ولما تفرقوا فى مائة ائتلاف.
ونتيجة لعدم وجود برنامج عمل للثورة، فقد وقف ثوار الميدان بعد انهيار النظام حائرين لا يدرون ما يفعلون، لقد سقطت ثمرة الثورة فوق رءوسهم، وهم لا يعرفون كيفية الاستفادة منها، ويفتقرون إلى الخبرة اللازمة لاتخاذ الخطوة التالية، واستغرقتهم هذه الحيرة بضعة أسابيع حتى وجدوا ضالتهم فى المظاهرات التى قامت من أجل بعض المطالب الفئوية البسيطة فاحتموا وراءها وتبنوها وكأن هذه المطالب كانت هى الدافع إلى قيام الثورة وأن تحقيقها هو نجاح الثورة، وعهدوا بتنفيذ هذه المطالب إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة وانصرف كل منهم إلى داره يتلقى تهانى الأهل والأحباب على نجاح الثورة، ولكن أى نجاح هذا وقد تركوا الميدان خاليا يمرح فيه البلطجية وأبناء مبارك وشراذم الحزب الوطنى المتبقية، لقد كان هذا الخطأ قاتلا بالنسبة للثورة وهى تدفع ثمنه حتى اليوم.
وشيئا فشيئا زاد عدد البلطجية والأبناء وانضم إليهم الأعمام والأخوال فزادت ثقتهم فى أنفسهم وفى إمكانية هزيمة الثورة واستعادة السلطة المختطفة، ساعدهم على ذلك تراخى الإجراءات القضائية وتقاعس المجلس العسكرى عن إصدار الكثير من القوانين خاصة تلك المتعلقة بتجريم إفساد الحياة السياسية والعزل السياسى لمنع رموز العهد البائد من الترشح لانتخابات المجالس التشريعية، مما ترتب عليه استفحال أمرهم وقوة شوكته بحيث يهددون اليوم بفصل الصعيد وإقامة دولة مستقلة لو طبق عليهم قانون العزل السياسى، فهل يعقل ذلك؟!
ترى لو أن الثوار أقاموا محكمة ثورة لمحاكمة أعداء الثورة وبقايا النظام السابق محاكمات عادلة ليس بموجب قوانين النظام الفاسدة، ولكن بموجب قوانين الثورة، فهل كان سيبقى من يثير الفتنة الطائفية ويطلق النار على الشرطة العسكرية وعلى المتظاهرين فى نفس الوقت أمام مبنى ماسبيرو، أو من يضرب أم شهيد ويسحلها على الأرض، أو من يتبجح ويخرج فى مظاهرة تطالب بعودة مبارك إلى الحكم، حتى يطيح بالثورة ويعلقهم على المشانق.
يا ثوار التحرير.. لا يوجد ما يسمى ثورة ديمقراطية.. فانتبهوا قبل أن تعلقوا على المشانق.
د. عبدالحميد عمران
لواء أركان حرب ـ كاتب سياسى ومحلل استراتيجى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقالات وائل قنديل
اصطياد الثورة السورية بطعم عمر سليمان اعتذار الوزير فى حضرة البابا المدرعات التى تحكم مصر محمد رسول الإنسانية ماذا عن المفقودين فى مذبحة ماسبيرو؟