أترك هذه المساحة اليوم وغدا وأقرأ معكم هذا الكلام المهم الموجه من رجل عسكرى سابق ومحلل سياسى محترم إلى شباب الثورة
:
من خبير عسكرى إلى ثوار التحرير:
.. لا يوجد ما يسمى ثورة ديمقراطية.
أكره إطلاق شعارات سلمية.. سلمية.. على الثورات، وأشعر بأن من يرددها وكأنه يعتذر عن قيامه بالثورة، قد أقبل هذا الهتاف خلال المراحل الأولى للثورة، حين تقوم فى وجه نظام شديد البطش يمتلك أجهزة قمع قوية لا يمكن قهرها فيلجأ الثوار إلى رفع هذا الشعار لحين استلال عناصر القوة من النظام القائم، أما حين تقوى الثورة ويشتد عودها وتستولى على السلطة، فيجب أن تتوقف عن ترديد هذا الشعار، حيث يصبح ادعاء غير صادق، لأن الثورات تكون مسالمة فقط مع أطياف الشعب المستضعف الذين قامت للدفاع عنهم، ولا تكون كذلك بالنسبة للسلطة، إن الثورة تقوم لكى تنتزع مصير الوطن من سطوة نظام ديكتاتورى قمعى فاسد، مثل هذا النظام لن يتنازل عن مقاليد الحكم بسهولة بل سيسعى إلى قمع الثورة والقضاء عليها، فكيف يكون رد الثوار سلميا؟
إن هدف الثورات هو تحقيق الديمقراطية والتخلص من الرق السياسى والعبودية للحاكم وذويه، لكن الهدف المنشود شىء والوسيلة إلى بلوغه شىء آخر، لا يمكن للثورات أن تدْعو حاكما مستبدا إلى صندوق الانتخابات لكى تتخلص منه، لأنه لو كان يؤمن بقيمة صندوق الانتخابات أصلا لما كان مستبدا، بل سيعمل على تزوير الانتخابات لكى يبقى فى الحكم ثلاثين أو أربعين عاما، وهنا تظهر ضرورة لجوء الثوار إلى الحزم بفتح السجون ونصب أعواد المشانق لكى تتخلص من النظام الذى قامت للقضاء عليه، ويتحقق لها الاستقرار.
وإذا نظرنا إلى الثورات التى نجحت فى تغيير النظام القائم فى بلادها وبقيت فى ذاكرة التاريخ، لوجدنا أنها تلك الثورات التى لم تكتف بإسقاط نظم الحكم الفاسدة عن كراسى الحكم بل تابعت كل رموزها وفلولها وقضت عليها، فالثورة البلشفية رفعت أعواد المشانق فى ميادين موسكو ولم تنجح إلاّ بعد أن علقت آخر قيصر عليها، والثورة الفرنسية نصبت الجيلوتين فى ميادينها، ولم تستقر وتنجح فى تحقيق أهدافها إلاّ مع رأس مارى أنطوانيت وهى تتدحرج من على المقصلة ولم يشفع لها مرضها أو اختلاج ضربات الأذين فى قلبها، إن درس التاريخ يقول إن استقرار الثورات ونجاحها معلق بأعواد المشانق وبحد المقصلة، وأن الحرية والديمقراطية هما حق حصرى فقط لأبناء الوطن الذين لم يشاركوا فى النظم المستبدة، أما رءوس الظلم والقهر والفساد فليس لهم إلاّ الاستئصال لأن بديل ذلك أن يدفع الثوار حياتهم ثمنا لثورتهم إذا ما فشلوا وتمكن النظام القديم من العودة إلى الحكم وهو ما حدث فى دول كثيرة مثل المغرب والأرجنتين مصداقا لقوله تعالى «إنهم إن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلاّ ولا ذمة».
إن الثورات فى مراحل التغيير الأولى لا يجب أن تتسم بالديمقراطية بالنسبة لمن قامت لخلعهم، فلا يوجد فى التاريخ ما يسمى ثورة ديمقراطية، إن الثورات لا يمكن أن تكون سلمية ولا ديمقراطية مع النظم التى قامت للإطاحة بها، فهذا يقوض مصداقيتها وينافى المنطق.
وكما أن لكل زلزال أرضى توابعه بالضرورة، أيضا لكل ثورة ثورة مضادة بالضرورة، والثورة المصرية ليست استثناء من هذه القاعدة، فقد ظهرت فى بدايتها أمام العالم كثورة متحضرة وراقية قادها شباب يتسمون بالطهارة، ويقدمون الشهيد تلو الشهيد، ويتحدثون بمسئولية وثبات ورصانة، هذا هو ما أنجح الثورة وأعطاها البريق الذى بهر العالم، لكنها للأسف لم تلبث أن أصابها الترهل والتشتت. والتمزق.
كيف؟ غدا نكمل
د.عبدالحميد عمران
لواء أركان حرب ـ كاتب سياسى ومحلل استراتيجى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقالات وائل قنديل
اصطياد الثورة السورية بطعم عمر سليمان اعتذار الوزير فى حضرة البابا المدرعات التى تحكم مصر محمد رسول الإنسانية ماذا عن المفقودين فى مذبحة ماسبيرو؟