فشلت "جمعة الحسم".. فاختطف الجنون العقول.. وبدأ التحرش بالجيش، أكثر فجاجة وصراحة وبلغ مبلغ "قلة الأدب".
كان المشهد شديد الغرابة ونحن نشاهد شوية شباب يتحركون في اتجاه مقر وزارة الدفاع بضاحية كوبري القبة لمحاصرته.. تصرف أهوج وخطير وغير مسؤول، ويعكس درجة الهوس واللاعقل في اتباع سنة "لا فيها لا خفيها"، التي يتبعها ممولو تلك الكائنات التي تتحرك على الأرض بلا هوية وبلا منطق، إلا ابتغاء وجه حامل الشيكات و"المنفق العام" على هذا الشغب الغوغائي.
قلت يوم أمس، أنه كلما اقترب موعد الانتخابات، وكلما أعاد الجيش تأكيده، على احترام الشرعية الدستورية التي اقرها استفتاء 19 مارس، كلما ازدادت الأقلية السياسية المهمشة، هوسا وتحرشا بالجيش، ولكن لم يكن من المتوقع أبدا، أن تبلغ الأمور مبلغ مهاجمة ثكنات الجيش، والترتيب للتعدي على مقر وزارة الدفاع!
لقد أبدى الجيش ـ يوم أمس الأول ـ صبرا وسعة صدر، تعكس مدى تحلي قادته بالحكمة، والمهارات السياسية التي يفتقدها كثير من بهاليل الفضائبات الذين انقطعوا للبيات على عتباتها، انتظارا لدورهم في تلقين المصريين دروسا في "الهبل السياسي".
ما حدث يوم أمس ـ بالعقل وبالقانون ـ هو تعدي غير مشروع على القوات المسلحة، وهي جريمة يعرف القانونيون أن عقوبتها قاسية قد تودي بمن تثبت إدانته بالمشاركة فيها، بأن يمضي بقية عمره داخل السجن الحربي، ومع ذلك لم يرد إلينا أن ثمة معتقلين في حوزة الجيش حتى الآن، وما ثبت يقينا هو تصدي أهالي حي العباسية لهذا الشغب وردوا المعتدين بغيظهم لم ينالوا خيرا.
المشهد في ميدان العباسية، كان انتصارا للشرعية "الشعب" على "البلطجية".. وعلى أبناء الشوارع الذين خرجوا من نطف التحريض الفضائي والمالي لرجال الأعمال الفاسدين.
الجيش لم يطلق رصاصة واحدة في الهواء دفاعا عن نفسه، فيما كفاه الشعب في العباسية مأونة الرد والتي كان من المتوقع ـ حال حدوثها ـ أن تمسي موضوعا لبلطجية الإعلام على الفضائيات، للشرشحة ولتقطيع ملابس المؤسسة الوطنية الأكبر والأهم وصاحبة التاريخ الكبير في التضحيات من أجل هذا البلد.
يعلم الجيش يقينا، بأن هذه البلطجة، تستهدف توريطه في أي عمل عنيف ضد البلطجية المتشحين بوشاح الثورة.. لتنقلب الصورة، ويرتبك المشهد، وتنشغل المؤسسة العسكرية في نفسها، وتترك الشارع مستباحا للعصابات الحالمة في السطو على السلطة بعيدا عن الانتخابات.
لقد قدم الأهالي في العباسية النموذج والمثل والقدوة التي من المفترض أن يتعاطى بها الشارع مع هذا التطرف العشوائي والهائج والمخلق داخل رحم مستأجر لتلقي نطف الفساد المالي والسياسي الموروث من عهد الرئس المخلوع.
almesryoonmahmod@gmail.comالمزيد من المقالاتجمهورية التحرير الشقيقة مريم محمود الشريف تكتب.. كلمة حق يشهد بها كثيرين جدا حكومة «المصطبة» الطابور الخامس فى ميدان التحرير التخلص من كراكيب يحيى الجمل