فى هذا المكان اختلفت مع قرارات وسياسات لجماعة وحزب الإخوان المسلمين مرات عدة لأسباب كنت أراها وجيهة، واليوم ينبغى علينا أن نحيى الإخوان على قرار المشاركة فى تظاهرة اليوم الجمعة فى ميدان التحرير.
كان المرء يتمنى ألا يضطر أى شخص أو فصيل إلى العودة للتظاهر والاعتصام مرة أخرى بعد الإنجاز الكبير، الذى تحقق بسقوط حسنى مبارك فى 11 فبراير الماضى، لكنها السياسة التى تحتاج إلى عمل متواصل ودءوب، وبذل كل الجهود الممكنة حتى يتحقق الهدف.
التظاهر أو الاعتصام ليس هدفا أو غاية ولا ينبغى أن يكون كذلك، لكنه وسيلة لتحقيق هدف.
بعد تنحى مبارك ثم بدء المحاكمات والاستفتاء على الدستور فى 19 مارس الماضى ظن البعض بحسن أو سوء نية أن هاك كعكة طازجة وساخنة، وحان الوقت لالتهامها منفردا، وهنا بالضبط بدأ يحدث الانقسام والفراق بين قوى الثورة.
فى الأسابيع الأخيرة بدأ يتبين لهؤلاء الفرقاء أن الكعكة، التى يتعاركون ويتقاتلون عليها غير موجودة أو ربما هى موجودة، لكنها ليست فى أيديهم أو حتى على المائدة.
اتضح لهؤلاء الفرقاء أن عدوهم المشترك الذين ظنوا أنه مات أو رحل أو انتهى تأثيره ما تزال الروح تدب فى أوصاله، وأنه إذا كان رأسه قد سقط، فإن ذيوله وأذنابه المتعددة ما تزال تتحرك وقادرة على المناورة والتأثير.
فى الأيام الأخيرة استعادت هذه الذيول القدرة على الحركة واكتساب أرض جديدة، وبدأ بعضهم يتجرأ على الهجوم وإطلاق تهديدات بحرق البلد إذا تمت محاكمة كبيرهم المسجون فى مستشفى شرم الشيخ على ذمة اتهامات متعددة بالقتل والفساد.
الآن يظن معظم الذين أنجزوا الثورة أن عودتهم للميدان صارت حتمية كى ينقذوا هذه الثورة من الخيوط المتشابكة التى تلتف حولها.
يحسب للإخوان المسلمين أنهم قرأوا الخريطة جيدا، وأدركوا أن انعزالهم بعيدا لن ينجيهم إذا انتكست الثورة، ويحسب لبقية القوى السياسية أنها تراجعت أو أجلت مطلب الدستور أولا، بعد أن اكتشفت أن طرحه بهذا الشكل الصدامى يضر أكثر مما يفيد.
ويحسب لشباب بعض التيارات السلفية إعلان أنهم سوف يشاركون فى تظاهرات اليوم، خلافا لتوجيهات قياداتهم.
لو جاز للمرء أن ينصح المتوجهين إلى التحرير لقال لهم إن المحافظة على سلمية التظاهر هدف أسمى، وإن طرح مطالب محددة ومنطقية وتحوز توافقا عاما شىء ضرورى.
سيحاول البعض اليوم جر المتظاهرين إلى تصوير المجلس الأعلى للقوات المسلحة باعتباره الخصم وربما العدو، ولو تحقق ذلك ستكون كارثة كبرى. المسألة باختصار انه لا يوجد لنا سند أو ظهر نستند إليه الان وفى هذه الأيام إلا القوات المسلحة، وعلينا أن نقنعها أن تظاهرة اليوم هدفها مساعدتها على الإسراع باتخاذ إجراءات تكرس وتترجم وتطبق الثورة على الأرض.
ينبغى أن تكون تظاهرة اليوم رسالة إلى من يهمه الأمر مفادها أن الثورة لم تمت ولم تنتكس، رسالة تصل إلى الفلول بأنهم انهزموا فعلا ولن يعودوا مرة أخرى مهما ساورتهم الظنون وأحلام اليقظة.
وأخيرا نتمنى أن يمتلئ الميدان اليوم، كما كان فى الأيام الخوالى، وأن يصبر الشعب ويتحمل قليلا حتى تكتمل الثورة، أما القوى السياسية، التى دخلت فى جدل بينزنطى فعليها الانتظار والصبر، ثم أن عليها أن تتأكد من وجود كعكة أولا وصالحة للالتهام ثانيا، وبعدها تتقاتل كما يحلو لها، شرط أن يكون القتال سياسيا وعلى أسس قانونية.
المزيد من المقالاتكفى تدليلًا.. كفى تضليلاً الإسلام الذي تريده الكنيسة ! ليس كل (طيب) أردوغان