هذه المرة هذا ارتباك غير طبيعى وغير مبرر بالمرة، ويزيد تأكيدك أن هناك شيئا خطأ فى مجلس الوزراء، غير معقول أن يتواصل الإعلان عن تعيين الوزراء وإعفائهم هكذا، دون إعلان الأسباب الحقيقية للإعفاء، وقبلها مبررات الاختيار.
هذه أدلة جديدة على أن هناك إما استسهالا وعشوائية فى الاختيار، أو أنك أمام رئيس وزراء أضعف من المهمة الموكولة إليه، يغير اتجاهاته إلى اليمين بمجرد همسة فى أذنه اليمنى، ثم يحيد مرة واحدة إلى اليسار بمجرد همسة فى أذنه اليسرى.
قبل أن تسأل عن مبررات إعفاء كل الوزراء الذين أعلن عنهم قبل أن يتسلموا مهام عملهم، لابد أن تسأل عن معايير وآلية الاختيار، لابد أن تحاول أن تفهم لتدرك أنك أمام مدرسة «مصطباوية» فى السياسة، يعقد رئيس الوزراء مجلسه كما كان يعقد العمدة مجلسه فى الدوار، يميل عليه شخص ويخبره أنه يعرف رجلا يصلح للوزارة اسمه كذا، فيعينه، وبعد أن يعلن قرار تكليفه، يفاجأ بمن يخبره أن فى هذا الرجل عيوبا كذا وكذا، فيعفيه من منصبه، أو يستسلم أمام بعض مظاهرات وبيانات لو عودتها على الاستجابة المطلقة لرفضها لن ترضى عن أى شخص يتولى الوزارة حتى لو كان واحدا منهم.
من يفكر لرئيس الوزراء؟ ومن يقدم له المعلومات، ومن يجمع له التحريات ويضع أمامه الملفات والاستطلاعات حتى تساعده على اتخاذ القرار، الأرجح أنه لا شىء، أو أن هناك من لا يؤدى واجبه بأمانة داخل مجلس الوزراء، إما معاونو رئيس الحكومة، أو رئيس الحكومة نفسه، الذى يظن أن «مصطبته» و«حنيته» يصلحان لإدارة أمور البلاد فى هذا الظرف السائل والضبابى، الذى تنشط فيه ماكينات التشويه، ويستسهل الجميع فيه الرفض.
بأمانة شديدة تحتاج مصر إلى رئيس وزراء قوى، على الأقل يملك برنامجا واضحا ومستقلا للمرحلة الانتقالية، ويفهم أن دوره ليس «تسيير الأعمال» بمنطق «خلى الأيام تعدى» وإنما تمهيد الأرض لحكومة تأتى من بعده وتبدأ فى البناء، يضع ملامح الطريق لهذه الحكومة حتى تأتى لتبدأ العمل فورا دون أن تغرق فى تفاصيل المفترض أن تكون محسومة.
تحتاج مصر لرئيس وزراء على الأقل يملك القدرة على الدفاع عن اختياراته، ويملك القدرة على التبرير المقنع لتراجعه عن اختياراته أيضا، يكاشف الشعب بوضوح إلى حد الصدمة، وينتزع صلاحياته بنفسه إن لم تكن موجودة.
رئيس وزراء يملك ما هو أكثر من شرعية ميدان التحرير، الذى عبر عليه ليلقى السلام ففوجئ بنفسه فى رئاسة الحكومة دون حول منه أو قوة.. أو هكذا أعتقد..!
بعلم الوصول:
● د. حسام بدراوى: طلتك أمس الأول كانت مميزة، لكننا ما زلنا فى انتظار أن تكشف لنا جزءا مما كان يجرى وجرى بحكم قربك من فترة صعود جمال مبارك، ووجودك فى قلب الـ18 يوما السابقة للتنحى، ننتظر شهادة موضوعية، ليست قطعا على طريقة رموز الحزب الوطنى الذين يعتقدون أنهم من «فجروا الثورة»..!
● الزميل مجدى الجلاد: أسأل الله تعالى أن يعجل بشفائك وأن يمتعك بموفور الصحة والعافية والبركة فى العمر.
المزيد من المقالاتالطابور الخامس فى ميدان التحرير التخلص من كراكيب يحيى الجمل هل حقًا فشلت الثورة ؟ رحيل رجل نبيل الماضوية العلمانية