أحد المتهمين بالمشاركة فى مذبحة موقعة الجمل، جاء به يحيى الجمل ليكون مقررا للجنة السلطات التشريعية بمؤتمر الوفاق القومى، أحدث افتكاسات نائب رئيس آخر حكومتين، إحداهما ضاربة بجذورها فى أرضية النظام الساقط برئاسة أحمد شفيق، والثانية يفترض أنها حكومة الثورة برئاسة عصام شرف.
والآن رحل يحيى الجمل وبقيت كراكيبه، ممثلة فى الحوار الوطنى الذى صعق الجميع حين دعا للمشاركة فيه رموز الحزب الوطنى المنحل، وبقايا رجال نظام مبارك، فى مشهد مبكر للغاية فى كوميديا إدارة الثورة العظيمة، ثم حين تحدثت بهزلية الحوار الجملى الركبان، قرروا افتتاح مصطبة أخرى يرأسها الجمل أطلقوا عليها «الوفاق القومى» وشكلوا لها لجانا يرأسها قيادات أحزاب وهمية نمت وترعرعت فى كنف صفوت الشريف، ومارست اللهو والعبث فى الفناء الخلفى للنظام الذى أسقطته ثورة 25 يناير.
وبالمناسبة ألتقى ومقرر واحدة من هذه اللجان أمام محكمة جنح العجوزة يوم الأحد المقبل متهما بالإساءة إلى سيادته لأننى تجرأت ورددت على اتهامه للصحفيين والإعلاميين المصريين بأنهم مرتشون ومبتزون.
لقد كشف الصديق يسرى فودة فى برنامجه «آخر كلام» عن ضلوع مقرر لجنة السلطات التشريعية بمؤتمر الوفاق القومى فى موقعة الجمل، وظهوره فى لقطات فيديو وعلى صدره شارة ضباط أمن الدولة، وهو يقف على كوبرى أكتوبر بجوار البلطجية الذين ألقوا زجاجات المولوتوف والحجارة على المتظاهرين.. وتطور الأمر إلى بلاغ للنائب العام قدمه الفنان شادى العدل يتهم مقرر لجنة السلطات التشريعية بمؤتمر الوفاق القومى ــ الذى تنعقد جلساته برعاية وعلى نفقة المجلس العسكرى ــ ورئيس ما يسمى حزب السلام الديمقراطى أحمد الفضالى بالتحريض على قتل المتظاهرين فى موقعة الجمل.
وحسب البلاغ فإن الفضالى «أحضر البلطجية إلى ميدان عبدالمنعم رياض وأعطاهم مبالغ مالية لتنفيذ مخطط يقضى بإخلاء ميدان التحرير، عقب إذاعة البيانى الثانى لحسنى مبارك» وأرفق بالبلاغ لقطات فيديو له فى الموقع.
وحتى يحقق النائب العام فى البلاغ، وإلى أن تتضح الحقائق، فإن ما يسترعى الانتباه هنا هو الكيفية التى جرى بها اختيار المشاركين فى لجان «وفاق يحيى الجمل القومى» وكأن مصر خلت من رجال ورموز سياسية حقيقية تستطيع أن تدير حوارا بشأن مستقبل مصر، من غير أولئك المجلوبين من أحزاب عرفت بأنها كرتونية أو كاريكاتيرية اصطنعها صفوت الشريف على عينه ومنحها التراخيص والشرعية بمنتهى السخاء حتى يتم ابتذال الحياة الحزبية وإفسادها حتى النخاع، من خلال إغراق الساحة بكيانات أسميتها مرارا بـ«عبوات حزبية صديقة للبيئة».
وغنى عن البيان كيف كانت تستخدم مثل هذه «الكائنات الحزبية» لتلعب دور الدوبلير والكومبارس أحيانا فى مسرحيات هزلية مثل سباق الرئاسة، والانتخابات البرلمانية فى النظام غير المغفور له.
وكما طالبت أمس النبلاء فى ميدان التحرير بأنه يطهروه مما علق به من شوائب، فإننى أربأ بالمجلس العسكرى أن يظل محتفظا بمثل هذه الكراكيب التى صنعها يحيى الجمل لتصوغ مستقبل مصر، بينما ضمن أعضائها من هم متهمون بالضلوع فى قتل الماضى والحاضر.
المزيد من المقالاتهل حقًا فشلت الثورة ؟ رحيل رجل نبيل الماضوية العلمانية