الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فلا شك أن التيار الإسلامى عموماً ، والحركة السلفية خصوصاً ، تمر بواحدة من أدق وأحرج لحظات تاريخها المعاصر ، بل لا أكون مهولاً إن قلت ولا فى أحلك عصور الظلم والإستبداد ، ذلك أن الحركة السلفية التى كانت تعملبعيداً عن أضواء الآلة الإعلامية الجبارة وجدت نفسها فجأة فى بؤرة ضوئية يكاد ضوئها يذهب بالأبصار ، وفى وقت لم تكن الحركة السلفية فيه مستعدة لهذه الترتيبات الجديدة ، فى بيئة لا علاقة لها ببيئة المسجد ، وعالم لاعلاقة له بعالم الدين المثالى ، فوجئت الدعوة السلفية أنها فى قلب الحدث بل وفى دوائر التهم والريبة مع خصوم أكثرهم لا دين عنده ولا مروءة ويستخدم أسلحة لا يقبل السلفيون أن يستخدموها يقول محمود سلطان رئيس تحرير جريدة المصريون فى مقال بعنوان السلفيون والكمائن الصحفية : في الفترة القادمة سنسمع كثيرا عما يشبه مثل هذه "الافيهات" المثيرة للجدل، لأن موقف التيار السلفي من بعض الظواهر معروف ومستقر منذ عقود طويلة في أدبياتهم الفقهية.. وهي ـ بلاشك ـ ستكون "شركا" لاصطياد الطيبين والتلقائيين منهم، وسط بيئة إعلامية وثقافية معادية لهم، وهي في واقع الحال اجنحة تابعة لرجال أعمال لصوص.. لحم اكتافهم من المال العام والسرقات التي حصلوا عليها تحت غطاء سياسي وأمني من الرئيس المخلوع. السلفيون اليوم يحتاجون إلى إعلام احترافي، تربى وسط المؤسسات الصحفية،ويكون مطلعا على الخريطة الصحفية والإعلامية والسياسية والثقافية في مصر،ويدرك دهاليزها وحواريها وأزقتها، والسيرة المهنية للإعلاميين والصحفيين الذين يسيطرون الآن على نحو 75% من الصحف والفضائيات الخاصة، سيما وأن وثائق أمن الدولة كشفت عن بعض المساحات المظلمة في السيرة الذاتية لهم،بلغت حد الحصول على فيلات من رجال أعمال فاسدين وبتوع نسوان ومتهمين فيقضايا قتل ومحكوم على بعضهم بالاعدام. أتوقع أن تجري ـ في الفترة القادمة ـ عشرات الحوارات مع المرجعيات السلفية الكبيرة، وليعلم أصحاب الفضيلة، أنها في غالبيتها، لن تكون بريئةأو من منطلق مهني محض، وإنما للبحث عن "حفرة" للاصطياد، وزرع "الكمائن الصحفية" لهم، والتغرير بهم جريا وراء تقديم صورة شائهة وشائنة لهم أمامالرأي العام.. فليحذروا ولينتبهوا انتهى كلامه ومع ذلك فما زلت أرى أن معركتنا الحقيقية ليست مع هؤلاء ، لأن الله سيكفينا شرهم ، ولأن حجتهم داحضة ، وكذبهم ممجوج ، إن معركتنا الحقيقية مع أنفسنا ، مع تاريخ من المراوحة فى ذات المكان ، معركتنا الحقيقية مع صورتنا القديمة فى أذهان الخلق ، صورتنا شديدة البؤس ، مليئة بالتشوهات ،الناس يخافون منا فعلاً ، كنت اليوم فى حلقة على إحدى الفضائيات الرسمية، كان العاملون بالإستديو مرعوبين مترددين فى الدخول إلى الغرفة التى أجلس فيها ، كان يتسللون واحداً واحداً ليتعرفوا على ذلك الكائن الدموى الذى يقطع الأذن ويهدم الأضرحة ويلقى بمية النار ويبصق على المتبرجات فى الشارع وسيطرد النصارى إلى كندا وأمريكا ، وأنا وإن كنت قد نجحت فى أن أقنعهم بأن معظم هذا الكلام محض افتراء ، وأن ما وقع منه لا يخرج عن كونه أخطاء فردية لا يمكن أن تنسحب على التيار كله بل ولا على قائلها مادام تاريخه يشهد له بالوسطية والإستنارة مع ذلك فقد اكتشفت أننا أضعنا سنوات طويلة دون أن نفتح قنوات حوار مع الناس بل والأكثر مرارة أننا كنا فى كثير من الأحيان منفرين نأمر وونهى بعصبية ونقدم ما ينبغى أن يؤخر ونؤخر ما ينبغى أن يقدم جل من لقيته اليوم فى الشارع والقطار والمطعم كانوا ينظرون إلى نظرات بينالحائرة والمستريبة والوجلة .أسوأ ما اكتشفته أننا لم نكن نستمع إلى الآخرين أو نستمع دون إنصات يقول الدكتور الهدلق نقلا عن بولونوف : القدرة على الإصغاء إلى الآخرتعني أكثر من التقاط الإشارات الصوتية, بل تعني أكثر من فهم ما يقولهالآخر.. إنها تعني أن أُدرك أن الآخر يودّ أن يقول لي شيئًا، شيئًا مهمًا بالنسبة إليّ, شيئًا عليّ أن أُفكّر فيه, وقد يرغمني -إذا دعت الضرورة-على أن أُغيرّ رَأيي ، انتهى للأسف كان كثير منا يرتدى نظارة عدساتها بلون واحد فكنا نرى الكون بلونواحد ، ونرى خصومنا فى خندق واحد مع أن الدنيا مليئة بألون أخرى ومع أنخصومنا ليسوا على نفس الدرجة من الخصومة ، وكثير منهم يمكن ان ننقلهمبقليل من الذكاء وبصنعة لطافة إلى معسكر الأصدقاء أو على الأقل معسكراللا خصومة . الواقع أن واجب الوقت ومعركة الساعة هى إعادة تشكيل صورتنا عند الخلقبأسرع ما يمكن وبأروع ما يمكن ، ابتسامات لا تتوقف ، وإنصات جيد ، ومظهرمهندم ، صدق فى المعاملة ، تفوق فى الدراسة والعمل ، إحترام للمواعيد ،إعتراف بالخطأ ، رحمة فى الأمر والنهى ، يجب إعدام الصورة القديمة ، يجبأن ترتبط اللحية من الان فصاعداً بالنجاح فى العمل والتفوق فى الدراسة والإنضباط فى الأداء ومكارم الخلاق واللين فى القول والرقى فى الخطابواحترام الرأى المخالف . ثم التحدى الآخر ألا وهو بناء المشروع السلفى الحضارى القادر على قيادة الأمة وانتشالها مما هى فيه فالواقع أن السلفية هى الحل لكن يبدو أن بعض السلفيين هم المشكلة ،يمتلك السلفيون المنهج الوحيد القادر على الجمع بين صلاح الدنيا وفلاح الآخرة ، المنهج السلفى هو الوحيد الذى يمكن أن يوقظ الأمة من سباتهاالمخزى ، وهو الوحيد القادر على أن يعطى للجسد المسلم قبلة الحياة لينتفضمجدداً ويستعيد مجده الذى كان ، السلفيون يمتلكون المنهج الخام والذى لايقوم بدوره الإحيائى إلا إذا استخرجت منه مشتقات عصرية متنوعة تنوع مناحىالحياة ، لكن الكارثة أن السلفيون يصرون على استخدام السلفية على حالتهاالخام فى إحداث التغيير المنشود بينما ذلك لن يتم أبداً إلا إذا استخرجتالمشتقات المناسبة لتسيير مركبات المجتمع الإجتماعية والثقافية والسياسية والمالية وغيرها السلفيون يمتلكون الفكرة لكنهم لم يحولوها بعد إلى مشروع متكامل وهذا لنيحدث إلا بثورة فى طريقة التعلم من حيث الكم والكيف ومن حيث الإندماج فىالمجتمع لاكتساب خبرة الممارسة حتى لا يكون المشروع ناقصا أو مثالياً ، وقبل كل هذا نحتاج إلى التترس بدراسة شرعية متينة حتى لا نكون كالمستجيرمن الرمضاء بالنار
kaledshafey@gmail.com
مقالات إخرى
أردوغان عندما يهدر رصيده في قلوب ملايين العرب حملة التشهير و"التفزيع" ضد سلفيّي مصر سوريا: الشعب يكسر القيود لماذا هذه الثورات.. وهل سورية مستهدفة؟ بين الهموم والإنجازات إعادة تأهيل الشعب المصري أول أعراس الحرية (ة) السادات و (الـ ) الجمل