عندما ألغوا وزارة الإعلام استبشر الجميع خيرا بأن ساعة فطام مصر قد حانت، وأنها أخيرا التحقت بركب الدول العاقلة وتجاوزت نزق الإرشاد والتوجيه، إلى مرحلة من النضج يكون فيها الإعلام هو إعلام المواطن وليس إعلام النظام.
لكنهم لم يستطيعوا مع العقل والنضج صبرا، وأعادوا وزارة الإعلام «الإرشاد» إلى الخدمة، على نحو مفاجئ ومثير للريبة، ولكى يمرروا هذه الخطوة أشاعوا أنهم عينوا وزيرا لكى يقوم بالتجهيز لإلغاء الوزارة بعد فترة محددة، يتم خلالها إعادة هيكلة الإعلام الرسمى لكى يكون قادرا على المنافسة.
غير أن وزير الإعلام الجديد تفرغ لمطاردة القنوات الفضائية الخاصة، مغلقا بعضها، ومتحرشا بأخرى مصرية، عبر هيئة الاستثمار من خلال إنذارات طريفة للغاية عن مخالفة شروط الترخيص والخروج عن النص المحدد لها سلفا فى الرخصة، وبعد الجزيرة مباشر مصر، جاء الدور على دريم وأون تى فى، وقبل ذلك كانت العودة الثقيلة للرقيب العسكرى على الصحف والإصدارات، فرأينا مصادرات وحذف صفحات، وحصار مشدد لهامش الحرية الإعلامية الذى توهمنا أنه امتد واتسع بعد الثورة.
ورغم أننا لم نعرف عن وزير الإعلام الجديد أنه من رجال العسكرية المصرية، إلا أنه يتكلم ويسلك على طريقة الجنرالات، إلى الحد الذى أصبح فيه سلفه اللواء طارق المهدى أكثر مدنية منه.
وإلى جانب إنجازات الوزير الجديد الباسلة فى تعقب الفضائيات (الخارجة عن النص) فقد ظهرت بصماته واضحة فى محتوى ما تقدمه قنوات التليفزيون الرسمية ومحطات الإذاعة، حيث التكفير بالثورة والتحريض على الثوار لا ينقطع، وكانت الطامة الكبرى أن يجرى تناول مناسبة عبور أكتوبر العظيم، للنيل من ثورة 25 يناير التى لا تقل عظمة، وكأن المصريين عليهم أن يختاروا بين الانحياز للانتصار العسكرى وبين مواصلة طريق ثورتهم.
والحاصل أن لدينا الآن ما يمكن تسميته بوزارة إعلام تضع شعارا وحيدا لها هو «عايزين نمشى العجلة لقدام».
ولقد مرت الآن شهور على تعيين الوزير الجديد القادم من أجل إصلاح الآلة الإعلامية ووضعها على الطريق الصحيح كى تصبح جاهزة للانطلاق والمنافسة بعيدا عن حضانة النظام، غير أن الأيام تثبت أن الإعلام يمر بحالة نكوص شديدة يرتد فيها إلى مرحلة الطفولة المبكرة جدا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقالات وائل قنديل
وجبة غداء وصورة بالألوان مع العسكر سلخانة منى الشاذلى جمال مبارك مرشحًا للانتخابات المقبلة جابر عصفور حمى الثورة من العميل علاء الأسوانىلا لخلط الشيشة بالسياسة