هذه أول جمعة ثورة لا أحضر فيها إلى ميدان التحرير بالقاهرة، شعور هائل بالتقصير لا يعوضه جزئيا إلا الالتحاق بجموع الثوار بتحرير الإسكندرية.
هى جمعة مختلفة، يمكنك أن تعتبرها جمعة النحت فى الصخر أو جمعة قهر المستحيل، إذ لم يحدث أن حوربت جمعة وتعرضت لمحاولات إجهاض واغتيال سياسى وأخلاقى ومعنوى كما حدث مع هذه الجمعة الأهم والأبلغ منذ أن ترك الثوار الميدان بعد خلع المخلوع.
حاصروها إعلاميا بصفحات فيس بوك مجللة بالسواد زعمت أنها للتخريب، كما حاصروها بتصريحات بلون الهباب لأولئك الذين لا يكفون عن النواح على شق الصف وتقطيع الأوصال بينما لم تخل أيديهم يوما من السكاكين ولم تخل حناجرهم من عبارات إعلان الولاء والخضوع للمحرضين على الثورة، أولئك الذين تعاملوا مع الثورة كأنها منديل كلينكس مسحوا به تاريخهم الموغل فى الصفقات الحرام مع الفساد والاستبداد، وبعد أن أتموا غسل أيديهم مما علق بها من اثار اتفاقات سرية وعلنية مع رموز النظام الساقط، قرروا التخلى عن الثورة عند أول ناصية.
إنها جمعة الإرادة الشعبية الحقيقية، وليست تلك الإرادة الصناعية المطاطية، التى كتبوا عليها «لا تستخدم إلا بعد استئذان الفريق ــ الطبى ــ واستشارته» هى جمعة استعادة الأمل، وإعادة الثورة إلى الحياة بعد أن قرر آباؤها المدعون وأدها ومواراتها الثرى، على الطريقة الجاهلية وكأن الثورة عورة أو مولودة فى مجتمع ذكورى يسود وجهه إذا بشر بأنثى، ويفرح بالانقلاب «الذكر» غير أنهم لا يدركون أن الثورة لا تولد لتموت، بل لتحيا وتنهض من الرماد.
لقد أثبتت الثورة جدارتها بالحياة وقدرتها على الانتصار والصمود أمام كل محاولات الذبح والإبادة، ومقاومة قسوة البيادة وسنابك إعلام الريادة، فلم تفلح كوميديا عيد الفلاح ولا قرارات العين الحمراء بخصوص الاعتصامات والإضرابات فى ترويعها وإلزامها المشربية.
مرة أخرى: ثورة الشعب هى الجهة السيادية الأولى فى هذا البلد، ليس لأنها تتمتع بالقوة الباطشة، بل لأنها روح مصر والدم النقى الذى يسرى فى عروقها.
أعيدوا قراءة كتاب الثورة وتعلموا أبجدية هذا الشعب.
ملاحظة أخيرة: لا تندهشوا عندما تطالعون صحافة الحكومة اليوم وتجدون أن خروج المصريين الكبير أمس اعتقل فى خبر صغير على عمودين أو ثلاثة أعمدة، وغير ذلك سيكون هو المفاجأة الحقيقية.
مقالات وائل قنديل
شهادة المشير وتصحيح المسار هذا وكان فى استقبال سيادته بالقفص.. المرحلة (الانتقامية) من الثورة المصرية أنزلوا على سالم من فوق سفارة العدو