شهادة المشير طنطاوى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة أمام محكمة القرن هى أخطر لحظة فى تاريخ مصر الحديث، ذلك أن هذه الشهادة ستكون أحد المحددات المهمة فى قضية قتل الثوار.
وبما أن القوات المسلحة قد أعلنت مرارا وتكرارا أنها شريكة فى هذه الثورة وحامية لها، فإن كل العقول والقلوب ستكون معلقة بشهادة المشير أمام هيئة المحكمة، بالنظر إلى كل التصريحات والتسريبات الصادرة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة طوال الشهور الماضية، وكلها تؤكد أن المؤسسة العسكرية اختارت أن تكون فى صف الشعب وثورته، برفضها التورط فى استخدام العنف وإطلاق النار على المتظاهرين لإخماد الثورة، وبذلك فإنها حسمت موقفها ضد رغبة الرئيس السابق بالإجهاز على الثورة.
وأحسب أن مصر كلها كانت تتجول فى طرقات اليوتيوب منذ مساء الأربعاء مع الإعلان عن الاستماع لشهادة المشير طنطاوى فى جلسة بعد غد الأحد بشأن ملابسات قتل المتظاهرين، لتعيد الاستماع إلى ما قاله المشير ونقله التليفزيون المصرى فى حفل تخريج دفعة استثنائية من ضباط الشرطة يوم 16 مايو الماضى.
وحسبما جاء فى الكلمة المتلفزة آنذاك فقد أفصح المشير طنطاوى أن المجلس العسكرى قرر بعد مناقشة بين أعضائه أن يقول لا لإطلاق النار على الشعب وبنص عبارات المشير فى الاحتفال فالذى حدث هو التالى «احنا الحمد لله ربنا وفقنا وده ما كانش قرار فردى ما كانش قرار يعنى عشوائى ولكن كان فى منتهى الصعوبة واحنا اجتمعنا فى ذلك الوقت واخدنا آراء بعضينا والشىء المشرف أن كل المجموعة اللى هى بتاعة المجلس الأعلى للقوات المسلحة كلها كان القرار بتاعها لأه لا نفتح نيران على الشعب وكان هذا هو القرار».
وبهذا الوضوح والسطوع فى كلمات المشير تعامل الكل على أساس أن القوات المسلحة هى الشريك الثانى فى هذه الثورة مع الشعب الذى هو طرفها الأول، ووفقا لقواعد المنطق والتفكير السليم، وعلى ضوء قواعد اللغة فإن كلمة لا تعنى الرفض، والرفض بالضرورة يقتضى أن يكون هناك طلب من جهة ما أو شخص ما، والمعنى المباشر لصدور كلمة «لا لفتح النيران على الشعب» من المجلس الأعلى للقوات المسلحة أنه قد طلب منها أن تفتح النيران فرفضت بإجماع أعضاء المجلس العسكرى.
والسؤال هنا: من الذى طلب فتح النيران، أو من هو المستفيد من فتح النار؟
بكل تأكيد الشعب لم يطلب من أحد أن يفتح النار عليه، كما أنه لا يعقل أن يكون شهداء الثورة هم الذين طلبوا من أحد أن يفتح نيرانه عليهم. ولكل ذلك فإن مصر تترقب شهادة «شريك الثورة» أمام محكمة القرن، وتتابع ما ستسفر عنه شهادة المشير طنطاوى والفريق عنان، وهى تقف على أطراف أصابعها وتتوجه إلى الله بالدعاء ألا يضيع حق الشهداء وأجر الثائرين.
وأثق فى أن الذين سيخرجون اليوم فى مظاهرات تصحيح مسار الثورة ليسوا طلاب عنف أو افتعال عداء مع المؤسسة العسكرية، وليسوا مثيرى شغب حتى يتخوف أحد من اعتداءات على منشآت ومرافق، وبالتالى لن يقدم أحد على حماقة مما تروجها مواقع إلكترونية منذ أيام بقصد توجيه مزيد من الضربات للعلاقة بين الشعب وجيش الشعب، وليكن دعاء الجميع وهتافهم «اللهم وفق المشير والفريق فى شهادتيهما وأرهما الحق حقا وارزقهما اتباعه.. آمين».
مقالات وائل قنديل
هذا وكان فى استقبال سيادته بالقفص.. المرحلة (الانتقامية) من الثورة المصرية أنزلوا على سالم من فوق سفارة العدو