دأب النظام السوري وبعض مراكز الأبحاث العالمية ودوائر صنع قراره على طرح دور المدينتين دمشق وحلب بوجه كل من يطالب بإسقاط النظام السوري، فالنظام السوري يقول: إن المدينتين لم تنتفضا ضده، ومن ثم مركز الثقل السكاني لا يزال خارج المطالبة برحيل النظام السوري، ونحن هنا أولا نريد مجادلة النظام والداعمين لهذه الفكرة ثم ننتقل إلى الحديث عن مسؤولية المدينتين التاريخيتين في هذا الظرف التاريخي الاستثنائي ..
النظام حين يتحدث عن الثقل السكاني والديموغرافي السوري ينسى الثقل الجغرافي، ويتناسى أن الانتفاضة السورية هي الأولى ضمن الانتفاضات الشعبية العربية التي امتدت جغرافيا بشكل غير مسبوق، إذ إن كل البلدات والقرى والمدن انتفضت ضد النظام السوري وهو ما لم يتوافر للثورات العربية الأخرى، ثم إن النظام يتحدث عن انتفاضة دمشق وحلب وكأنه قد سمح لهما بالانتفاض، ولو فعل ذلك لرأى حجمه وحجم الدعم الذي يحظى به في هاتين المدينتين التاريخيتين، وأمر ثالث يتحدث النظام عن الشعبية والشرعية وكأنه حين سطا إلى السلطة كان مهتما جداً بهاتين المدينتين، ولا يعرف من أين جاء ومن كان يمثل في حينه. على أي حال لا حاجة للتأكيد أن كل متظاهر عربي بحسب الزميل فيصل القاسم يمثل عشرين ألف متظاهر، ونحن نقول: إن كل متظاهر سوري يمثل مائتي ألف متظاهر بسبب القمع والاستبداد الذي يعيشه النظام السوري، الذي حول كل المدن السورية إلى مدن إرهابية وسلفية وإمارات فجأة وبقدرة قادر..
الآن يأتي الحديث عن دور المدينتين دمشق وحلب، فلا عذر لكم بعد هذه الانتفاضة المباركة في كل أرجاء سورية، ولا عذر لكم حين تتحدثون عن انتشار قوات الأمن والشبيحة على أبواب المساجد وفي الشوارع ويمنعونكم من فعل ذلك، فهذا الأمر موجود ومنتشر في كل أصقاع سورية، ومع هذا فالشعب يخرج متظاهراً ومطالبا بالحرية، على هذا نعتقد اعتقاداً جازماً أن انتفاضتكم وانضمامكم لأشقائكم في المدن الأخرى ستوفر علينا كثيراً من الدماء والدموع، وستوفر علينا كثيراً من المعاناة والعذابات والعكس صحيح. كما نعتقد اعتقاداً جازما أنكم تأخرتم كثيراً في الانتفاض، وكلما تأخرتم كانت كلفة التغيير أكبر، والتاريخ لن يرحم كل الذين تأخروا وكل الذين تقاعسوا في هذه اللحظة التاريخية وفي هذا العرس السوري الجماعي الذي يحتفل به الشعب السوري من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه بكل أطيافه الدينية والثقافية والعرقية والمذهبية.
إن علماء دمشق وحلب مدعوون اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى الوقوف إلى جانب هذه الانتفاضة المباركة، وعار على كل من يتقاعس عن هذا الدعم وهو يرى علماء ومثقفين وفنانين عالميين يتضامنون مع شعبه وهو يتقاعس عن دور وطني وإسلامي مفروض عليه أن يقوم به قبل الآخرين، وعلى تجار دمشق وحلب أن يتوقفوا على دعم هذا النظام، واعلموا أن ما جنيتموه من قوت الشعب السوري طوال عقود بالتحالف مع الطغمة الحاكمة كاف، ولعلكم تكفرون عن خطاياكم بهذه الوقفة المباركة، ولعل الشعب السوري ينسى ويغفر لكم ما فعلتموه به، كفى ظلماً وكفى تعاوناً مع الظالم، فالتاريخ لن يرحم، ووقفتكم اليوم هي من ستنقذ سورية وتخرس النظام وأعوانه وحوارييه بأن الثقل السكاني لا يزال صامتاً، وإلا فإن ريف دمشق وحلب قادر على الزحف إلى المدينتين لتغيير المعادلة.
المزيد من المقالاتفتى"جوجل" فى مصيدة الأمريكان... بقلم عصام العبيدي الشيخ محمد حسان يكتب: أولويات الخطاب الدعوي في المرحلة الراهنة خلجنة الاردن وشرقنة المغرب بقلم... عبد البارى عطوان مصر بقيادة شنودة وكنيسته.. بقلم م. هاني سوريال جمال سلطان: الإعلام الخاص والنسخة الجديدة من الثورة المضادة زوجات بن لادن واستجوابهن .. بقلم عبد البارى عطوان عبد السلام البسيونى: أوبامة بن لادغ يقتل أسامة بن لادن القزم الأمريكي والعملاق "بن لادن" بقلم مختار نوح