كلمة شيخ الأزهر لبابا الفاتيكان: أين أنت من مسلمي العراق؟
القاهرة - أعلن شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب عن مشروع إسلامي مسيحي يحمل اسم بيت العائلة المصري يضم كبار القادة من الجانبين لحل أي مشاكل ذات بعد طائفي تظهر على الساحة المصرية، وتواجه الأصوات الشاذة التي تحاول إشعال الفتن.
وانتقد د. الطيب مطلب بابا الفاتيكان بحماية المسيحيين في مصر، معتبرا ذلك تدخلا منه في الشئون الداخلية، متسائلا في الوقت نفسه عن "عدم تحركه لدماء آلاف المسلمين الذين قتلوا في العراق" على أيدى الغزاة الأمريكيين وحلفائهم.
وعقب لقائه وبابا الأقباط شنودة الثالث داخل مقر بطريركية الأقباط بالقاهرة، تعرض شيخ الأزهر ومفتي الجمهورية د. علي جمعة، لهتافات مسيئة من جانب حوالي ألف متظاهر قبطي داخل مقر البطريركية، ولمحاولة اعتداء غير أن قوات الأمن تصدت لهم ونجحت في تفريقهم.
وقال شيخ الأزهر خلال مؤتمره الصحفي الذي عقده الأحد 2-1-2011 قبيل توجهه لعزاء البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية في ضحايا حادث الاعتداء على كنيسة الإسكندرية: "لقد خطونا خطوات واسعة في مشروع بيت العائلة المصرية، وهو الآن على وشك التحديد والإعلان".
وأضاف أن "فكرة بيت العائلة يتكون من عقلاء المسلمين والمسيحيين، وهو بيت سيجمع كل الديانات الموجودة في أرض مصر، وسيكون كأنه بيت العائلة الذي يفزع إليه الأبناء لتحل مشاكلهم مع كبار هذا البيت".
ولفت إلى أنه "تم التباحث مع الكنيسة بشأن بيت العائلة المصري ووجدنا أن الهم مشترك، وأتوقع أنه خلال أسبوع أو اسبوعيين أن تجتمع اللجنة".
صوت موحد وأضاف أنه سيكون من خلال هذه اللجنة صوت موحد - "الأزهر والكنيسة" - أسبوعيا على الأقل "يسمعه الجماهير والناس لنتحدث عن سماحة الإسلام تجاه المسيحية وسماحة المسيحية تجاه غير المسيحيين، وخاصة أن هذا الصوت الحقيقي غائب عن الجماهير، حيث نسمع صوتا نشازا لا ينتمي إلى الإسلام ولا المسيحية ولا اليهودية".
وأضاف أنه في هذه اللجنة ستتم مناقشة الأمور التي يظن أنها تبعث على التوتر من قريب أو بعيد من الطرفين؛ فتبحث بكل صراحة ووضوح، ونتفق على الحلول ونرفع تلك الحلول لأولي الأمر ليتعاملوا معها بما يرون، فسنقدم لأولي الأمر الداء والعلاج.
وأكد أن هذه اللجنة بهذا الصوت الأزهري والكنسي ستزيل كثيرا من أسباب الاحتقان ودواعي التوتر التي يتلقفها المتربصون بهذا الوطن الواحد والمتوحد، والتي لم تكن تحدث بين المسلمين والأقباط منذ 14 قرنا، لكنها بعثت في هذا الوقت، واختلقت مناسبات يصدر فيها تقارير من الغرب لتقول إن هناك تشددا وإرهابا إسلاميا.
وأوضح الدكتور الطيب أن "حادث الإسكندرية هو أمر لا يمكن أن ينسب إلى مسلم فضلا عن أن ينسب لمصري، فالمصريون بطبيعتهم رقاق القلوب، وأهل مودة وكرم، ويتميزون بالشهامة والمروءة، والحادثة التي هزت مضاجعنا جميعا تدل على أنها غريبة علينا جميعا، وهي ربما رتبت وخطط لها بليل خارج مصر ثم أرسلت لتنفذ على أرض مصرية".
وأضاف أن "وقوع حادث الإسكندرية في هذا الوقت تأكيد على أن مصر يراد بها شرا وسوءا، وهو حادث لا يقره دين ولا شرع ولا نظام أخلاقي أو اجتماعي؛ لأنه نوع من التربص والقتل العمد، ويجب علينا نحن كمصريين أن نتصدى لهذه الحركات السيئة؛ وإلا فسوف ينالنا ما نال الكنيسة بالأمس القريب".
وأعرب عن اعتقاده أن الذين قتلوا الناس باسم الإسلام هم يهدمون الإسلام قبل قتل هؤلاء، فما حدث هدم للإسلام قبل أن يكون قتلا للآخرين، وأدعو من تحت قبة الأزهر المصريين جميعا ليل نهار لحفظ الواحدة الوطنية واستقرار الوطن وحماية المصريين مما يحدث، ولا يمكن ذلك إلا إذا كنا صفا واحدا ويدا واحدة".
وشدد على أن "مصر بلد مستهدف، وأعداء الإسلام والمصريين يريدون أن يجعلوا من هذا البلد بلد حروب طائفية وفتنة وقتال ديني كما يحدث الآن في بلاد عربية وإسلامية".
وقال: "لابد أن تتشابك أيدي المصريين جميعا، ولا نريد القول مسلمين ومسيحيين، حيث علينا ان نتجاوز هذا التصنيف ونعتصم بهذا اللفظ، فتعاون الهلال والصليب ما أحوجنا إليه الآن لنقطع الطريق على الإرهاب الأسود الذي يتربص بالكنيسة والمسجد في نفس الوقت".
انتقاد لبابا الفاتيكان وحول مطلب بابا الفاتيكان بحماية المسيحيين في مصر قال شيخ الأزهر: "هذا تدخل، ومع أننا لا نريد أن نعقب على رأي بابا الفاتيكان؛ لكن من حقنا أن نختلف معه تماما، فلقد سبق أن طلب ذلك من قبل عندما قتل بعض المسيحيين في العراق بيد الإرهاب هناك، وقال إن المسيحيين مضطهدون في الشرق، وإنه لابد أن تكون هناك حماية أو يهاجروا للغرب، لكنه لم يتحرك لدماء آلاف المسلمين الذين قتلوا في العراق" على أيدى الغزاة الأمريكيين وحلفائهم.
واستطرد: "كنا نتمنى أن يسوي بابا الفاتيكان بين قتلى المسلمين والمسيحيين حتى تكون نظرته للسلام العالمي نظرة متوازنة وليست نظرة جزئية موجهة".
وحول زيارته لقداسة البابا شنودة وذهاب المسلمين للكنائس للاحتفال مع المسيحيين في عيد الميلاد: "قال لدينا في الصعيد أن العزاء واجب، وقداسة البابا رجل صعيدي، وأنا صعيدي، ويجب عليّ تقديم العزاء، ونحن لا نفتي بحرمة أن يتبادل المسلمون التهنئة مع المسيحيين في أعياد الميلاد.. بل ندعو للتبادل".
وعن وجود مبادرة أطلقها البعض للصلاة الجماعية يوم 6 يناير من أجل الوحدة وتضامنا مع ضحايا حادث الإسكندرية قال الطيب: "نحن نريد المشاركة الحقيقية التي تؤتي ثمارها، ولا تكون وسيلة للبعض لإثارة اللغط والفتنة من جديد".
حادث مؤسف وعقب المؤتمر الصحفي توجه فضيلة شيخ الأزهر بصحبة مفتي الجمهورية د.علي جمعة ووزير الأوقاف د.محمود حمدي زقزوق إلى الكاتدرائية الأرثوذكسية بالعباسية (القاهرة) للقاء الأنبا شنودة وتقديم واجب العزاء إليه.
وأثناء خروج فضيلة شيخ الأزهر ومفتي الجمهورية ووزير الأوقاف بعد انتهاء زيارتهم وتقديم العزاء إلى البابا شنودة قامت مجموعة من الأقباط الغاضبين بمظاهرة أمام الكاتدرائية الكبرى بالعباسية بترديد هتافات معادية وإساءات إلى الشيخ الأزهر ومفتي الجمهورية، من بينها: "مش عايزينكم..مش عايزينكم"
كما حاول عدد من المتظاهرين الاعتداء على سيارات شيخ الأزهر والمفتى أثناء خروجهما من الكاتدرائية مما تسبب في حالة من الارتباك؛ إلا أن الحرس تمكن من فض المتظاهرين من حولهما، وحاول عدد من المتظاهرين أمام الكاتدرائية الخروج بالمظاهرة إلى الشارع، إلا أن قوات الأمن المنتشرة في المكان تمكنت من منعهم، وتفريق المظاهرة.
وذكر مراسل لأون إسلام أنه تم احتجاز وكيل الأزهر والمتحدث الرسمي باسم المشيخة داخل الكاتدرائية بعد هتافات معادية من المتظاهرين ضدهم.