بسم الله الرحمن الرحيم وبه الاعانة
الحمد لله الذي جعل جنة الفردوس لعباده المؤمنين نزلا ويسرهم للأعمال الصالحة الموصلة إليها فلم يتخذوا سواها فسلكوا السبيل الموصلة إليها ذللا خلها لهم قبل أن يخلقهم وأسكنهم إياها قبل إن يوجد هم وحفها بالمكاره وأخرجهم إلى دار الامتحان ليبلوهم أيهم أحسن عملا وجعل ميعاد دخولها يوم القدوم عليه وضرب مدة الحياة الفانية دونه أجلا وأودعهم مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وجلاها لهم حتى عاينوها بعين البصيرة التي هي أنفذ من رؤية البصر وبشرهم بما أعد لهم فيها على لسان رسوله فهي خير البشر على لسان خير البشير وكمل لهم البشرى بكونهم خالدين فيها لا يبغون عنها حولا والحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلا وباعث الرسل مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل غذ لم يخلقهم عبثا ولم يتركهم سدى ولو يغفلهم هملا بل خلقهم لأمر عظيم وهيأهم لخطب جسيم وعمر لهم دارين فهذه لمن أجاب الداعي ولم يبغ سوى ربه الكريم بدلا وهذه لمن لم يجب دعوته ولم يرفع بها رأسا ولم يعلق بها أملا والحمد لله الذي رضي من عباده باليسير من العمل وتجاوز لهم عن الكثير من الزلل وأفاض عليهم النعمة وكتب على نفسه الرحمة وضمن الكتاب الذي كتبه أن رحمته سبقت غضبه دعا عباده إلى دار السلام فعمهم بالدعوة حجة منه عليهم وعدلا وخص بالهداية والتوفيق من شاء نعمة ومنه وفضلا فهذا عدله وحكمته وهو العزيز الحكيم وذلك فضله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة عبده وابن عبده وأبن أمته ومن لا غنى به طرفة عين فضله ورحمته ولا مطمع له في الفوز بالجنة والنجاة من النار إلا بعفوه ومغفرته واشهد أن محمد عبده ورسوله وأمينة على وحيه وخيرته من خلقه أرسله رحمة للعالمين وقدوة للعاملين ومحجة للسالكين وحجة على العباد أجمعين بعثه للأيمان مناديا وإلى دار
السلام داعيا وللخليقة هاديا ولكتابه تاليا وفي مرضاته ساعيا وبالمعروف آمرا وعن المنكر ناهيا أرسله على حين فترة من الرسل فهدى به إلى أقوم الطرق وأوضح السبل وافترض على العباد طاعته ومحبته وتعزيزه وتوقيره والقيام بحقوقه وسد إلى الجنة جميع الطرق فلم يفتحها لأحد إلا من طريقه فلو أتوا من كل طريق واستفتحوا من كل باب لما فتح لهم حتى يكونوا خلفه من الداخلين وعلى منهاجه وطريقته من السالكين فسبحان من شرح له صدره ووضع عنه وزره ورفع له ذكره وجعل لذلة والصغار على من خالف أمره فدعا الى الله وإلى جنته سرا وجهارا وأذن بذلك بين اظهر الأمة ليلا ونهارا إلى أن طلع فجر الإسلام وأشرقت شمس الإيمان وعلت كلمة الرحمن وبطلت دعوة الشيطان وأضاءت بنور رسالته الأرض بعد ظلماتها وتألفت به القلوب بعد تفرقها وشتاتها فأشرق وجه الدهر حسنا واصبح الظلام ضياء واهتدى كل حيران فلما كمل الله به دينه وأتم به نعمته ونشر به على الخلائق رحمته فبلغ رسالات ربه ونصح عباده وجاهد في الله حق جهاده خيره بين المقام في الدنيا وبين لقائه والقدوم عليه فاختار لقاء ربه محبة له وشوقا إليه فاستأثر به ونقله إلى الرفيق الأعلى والمحل الأرفع الأسنى وقد ترك أمته على الواضحة الغراء والمحجة البيضاء فسلك أصحابه وإتباعه على أثره إلى جنات النعيم وعدل الراغبون عن هديه إلى طرق الجحيم ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم فصلى الله وملائكته وأنبياؤه ورسله وعباده المؤمنون عليه كما وحد الله وعبده وعرفنا به ودعا إليه أما بعد فإن الله سبحانه وتعالى لم يخلق خلقه عبثا ولم يتركهم سدى بل خلقهم لأمر عظيم وخطب جسيم وعرض على السموات والأرض والجبال فأبين وأشفقن منه إشفاقا ووجلا وقلن ربنا أن أمرتنا فسمعا وطاعة وان خيرتنا فعافيتك نريد لا نبغي بها بدلا وحمله الإنسان على ضعفه وعجزه عن حمله وباء به على ظلمه وجهله فألقى اكثر الناس الحمل عن ظهورهم لشدة مؤنته عليهم وثقله فصحبوا الدنيا صحبة الأنعام السائمة لا ينظرون في معرفة موجدهم وحقه عليهم ولا في المراد من إيجادهم وإخراجهم إلى هذه الدار التي هي طريق ومعبر إلى دار القرار ولا يتفكرون في قلة مقامهم في الدنيا الفانية وسرعة رحيلهم إلى الآخرة الباقية فقد ملكهم باعث الحس وغاب عنهم داعي العقل وشملتهم الغفلة وغرتهم الأماني الباطلة والخدع الكاذبة فخدعهم
طول الأمل وران على قلوبهم سوء العمل فهممهم في لذات الدنيا وشهوات النفوس كيف حصلت حصولها ومن أي وجه لاحت أخذوها إذا بدا لهم حظ من الدنيا بآخرتهم طاروا إليه زرافات ووحدانا وإذا عرض لهم عاجل من الدنيا لم يؤثروا عليه ثوابا من الله ولا رضوانا يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون والعجب وكل العجب من غفلة من لحظاته معدودة عليه وكل نفس من أنفاسه لا قيمة له إذا ذهب لم يرجع إليه فمطايا الليل والنهار تسرع به ولا يتفكر إلى اين يحمل ويسار به اعظم من سير البريد ولا يدري إلى اي الدارين ينقل فإذا نزل به الموت أشتد قلقه لخراب ذاته وذهاب لذاته لا لما سبق من جناياته وسلف من تفريطه حيث لم يقدم لحياته فإذا خطرت له خطرة عارضة لما خلق له دفعها باعتماده على العفو وقال قد أنبئنا أنه هو الغفور الرحيم وكأنه لم ينبأ أن عذابه هو العذاب الأليم فصل
ولما علم الموفقون ما خلقوا له وما أريد بإيجادهم رفعوا رؤسهم فإذا علم الجنة قد رفع لهم فشمروا إليه وإذا صراطها المستقيم قد وضح لهم فاستقاموا عليه ورأوا من اعظم الغبن بيع ما لا عين رأت ولا إذن سمعت ولا خطر على قلب بشر في أبدلا يزول ولا ينفذ بصبابة عيش إنما هو كأضغاث أحلام أو كطيف زار في المنام مشوب بالنغص ممزوج بالغصص إن أضحك قليلا أبكى كثيرا وإن سر يوما احزن شهورا الآمه تزيد على لذاته وأحزانه أضعاف مسراته وله مخاوف وآخره متآلف فيا عجبا من سفيه في صورة حليم ومعتوه في مسلاخ عاقل آثر الحظ الفاني الخسيس على الحظ الباقي النفيس وباع جنة عرضها السموات والأرض بسجن ضيق بين أرباب العاهات والبليات ومساكن طيبة في جنات عدن تجري من تحتها الأنهار بأعطان ضيقة آخرها الخراب والبوار وأبكارا أعرابا أترابا كأنهن الياقوت والمرجان بقذرات دنسات سيآت الأخلاق مسالخات أو متخذات أخذان وحورا مقصورات في الخيام بخبيثات مسيبات بين الأنام وأنهارا من خمر لذة للشاربين بشراب نجس مذهب للعقل مفسد للدنيا والدين ولذة النظر إلى وجه العزيز الرحيم بالتمتع برؤية الوجه القبيح الذميم وسماع الخطاب من الرحمن بسماع المعازف والغناء والألحان والجلوس على منابر اللؤلؤ
والياقوت والزبرجد يوم المزيد بالجلوس في مجالس الفسوق مع كل شيطان مريد ونداء المنادي يا أهل الجنة إن لكم أن تنعموا فلا تيأسوا وتحيوا فلا تموتوا وتقيموا فلا تظعنوا وتشبوا فلا تهرموا بغناء المغنين
وقف الهوى بي حيث أنت فليس لي ... متأخر عنه ولا متقدم
أجد الملامة في هواك لذيذة ... حبا لذكرك فليلمني اللوم
وإنما يظهر الغبن الفاحش في هذا البيع يوم القيامة وإنما يتبين سفه بائعه يوم الحسر والندامة إذا حشر المتقون إلى الرحمن وفدا وسيق المجرمون إلى جهنم وردا ونادى المنادي على رؤس الأشهاد ليعلمن أهل الموقف من أولي بالكرم من بين العباد فلو توهم المتخلف عن هذه الرفقة ما اعد الله لهم من الإكرام وادخر لهم من الفضل والإنعام وما أخفى لهم من قرة أعين لم يقع على مثلها بصر ولا سمعته أذن ولا خطر على قلب بشر لعلم أي بضاعة أضاع وانه لا خير له في حياته وهو معدود من سقط المتاع وعلم أن القوم قد توسطوا ملكا كبيرا لا تعترية إلافات ولا يلحقه الزوال وفازوا بالنعيم المقيم في جوار الكبير المتعال فهم في روضات الجنة يتقلبون وعلى أسرتها تحت الحجال يجلسون وعلى الفرش التي بطائنها من إستبرق يتكئون وبالحور العين يتنعمون وبأنواع الثمار يتفكهون يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين لا يصدعون عنها ولا ينزفون وفاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون جزاء بما كانوا يعلمون يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وانتم فيها خالدون تالله لقد نودي عليها في سوق الكساد فما قلب ولا أسنام ! إلا أفراد من العباد فواعجبا لها كيف نام طالبها وكيف لم يسمح بمهرها خاطبها وكيف طاب العيش في هذه الدار بعد سماع أخبارها وكيف قر للمشتاق القرار دون معانقة ابكارها وكيف قرت دونها أعين المشتاقين وكيف صبرت عنها أنفس الموقنين وكيف صدفت عنها قلوب أكثر العالمين وبأي شيء تعوضت عنها نفوس المعرضين شعر في وصف الجنة
وما ذاك إلا غيرة أن ينالها ... سوى كفئها والرب بالخلق أعلم
وإن حجبت عنا بكل كريهة ... وحفت بما يؤذي النفوس ويؤلم
فلله ما في حشوها من مسرة ... وأصناف لذات بها يتنعم
ولله برد العيش بين خيامها ... وروضاتها والثغر في الروض يبسم
ولله واديها الذي هو موعد المزيد لوفد الحب لو كنت منهم
بذيالك الوادي يهيم صبابة ... محب يري أن الصبابة مغنم
ولله أفراح المحبين عندما ... يخاطبهم من فوقهم ويسلم
ولله أبصار ترى الله جهرة ... فلا الضيم يغشاها ولا هي تسأم
فيا نظرة أهدت إلى الوجه نضرة ... أمن بعدها يسلو المحب المتيم
ولله كم من خيرة إن تبسمت ... أضاء لها نور من الفجر أعظم
فيا لذة الأبصار إن هي أقبلت ... ويا لذة الأسماع حين تكلم
ويا خجلة الغصن الرطيب إذا انثنت ... ويا خجلة الفجرين حين تبسم
فإن كنت ذا قلب عليل بحبها ... فلم يبق إلا وصلها لك مرهم
ولا سيما في لثمها عند ضمها ... وقد صار منها تحت جيدك معصم
تراه إذا أبدت له حسن وجهها ... يلذ به قبل الوصال وينعم
تفكه منها العين عند إجتلائها ... فواكه شتى طلعها ليس يعدم
عناقيد من كرم وتفاح جنة ... ورمان أغصان به القلب مغرم
وللورد ما قد ألبسته خدودها ... وللخمر ما قد ضمه الريق والفم
تقسم منها الحسن في جمع واحد ... فيا عجبا من واحد يتقسم
لها فرق شتى من الحسن أجمعت ... بجملتها إن السلو محرم
تذكر بالرحمن بمن هو ناظر ... فينطق بالتسبيح لا يتلعثم
إذا قابلت جيش الهموم بوجهها ... تولي على أعقابه الجيش يهزم
فيا خاطب الحسناء إن كنت ... راغبا فهذا زمان المهر فهو المقدم
ولما جرى ماء الشاب بغصنها ... تيقن حقا انه ليس يهرم
وكن مبغضا للخائنات لحبها ... فتحظى بها من دونهن وتنعم
وكن أيما ممن سواها فإنها ... لمثلك في جنات عدن تأيم
وصم يومك الأدنى لعلك في غد ... تفوز بعيد الفطر والناس صوم
وأقدم ولا تقنع بعيش منغص ... فما فاز باللذات من ليس يقدم
وأن ضاقت الدنيا عليك بأسرها ... ولم يك فيها منزل لك يعلم
فحي على جنات عدن فأنها ... منازلها الأولى وفيها المخيم
ولكننا سبي العدو فهل ترى ... نعود إلى أوطاننا ونسلم
وقد زعموا أن الغريب إذا نأى ... وشطت به أوطانه فهو مغرم
وأي إغتراب فوق غربتنا التي ... لها أضحت الأعداء فينا تحكم
حي على السوق الذي فيه يلتقي المحبون ذاك السوق للقوم تعلم
فما شئت خذ منه بلا ثمن له ... فقد أسلف التجار فيه واسلموا
وحي على يوم المزيد الذي به ... زيارة رب العرش فاليوم موسم
وحي على واد هنالك أفيح ... وتربته من إذفر المسك أعظم
منابر من نور هناك وفضة ... ومن خالص العقيان لا تتقصم
وكثبان مسك قد جعلن مقاعدا ... لمن دون أصحاب المنابر يعلم
فبينا هموا في عيشهم وسرورهم ... وأرزاقهم تجري عليهم ونقسم
ذاهم بنور ساطع أشرقت له ... بأقطارها الجنات لا يتوهم
تجلى لهم رب السموات جهرة ... فيضحك فوق العرش ثم يكلم
سلام عليكم يسمعون جميعهم ... بآذانهم تسليمه إذ يسلم
يقول سلوني ما أشتهيتم فكل ما ... تريدون عندي أنني أنا أرحم
فقالوا جميعا نحن نسألك الرضا ... فأنت الذي تولى الجميل وترحم
فيعطيهم هذا ويشهد جميعهم ... عليه تعالى الله فالله أكرم
فيا بائعا هذا ببخس معجل ... كأنك لا تدري بلى سوف تعلم
فإن كنت لا تدري فتلك معصية ... وإن كنت تدري فالمعصيبة أعظم فصل
وهذا كتاب اجتهدت في جمعه وترتيبه وتفصيله وتبويبه فهو للمحزون سلوة وللمشتاق إلى تلك العرائس جلوة محرك للقلوب إلى أجل مطلوب وحاد للنفوس إلى مجاورة الملك القدوس ممتع لقارئه مشوق للناظر فيه لا يسأمه الجليس ولا يمله الأنيس مشتمل من بدائع الفوائد وفرائد القلائد على ما لعل المجتهد في الطلب لا يظفر به فيما سواه من الكتب مع تضمينه لجملة كثيرة من الأحاديث المرفوعات والآثار الموقوفات والأسرار المودعة في كثير من الآيات والنكت البديعات وإيضاح كثير من المشكلات والتنبيه على أصول من الأسماء والصفات إذا نظر فيه الناظر زاده
أيمانا وجلى عليه الجنة حتى كأنه يشاهدها عيانا فهو مثير ساكن ألعزمات إلى روضات الجنات وباعث الهمم ألعليات إلى العيش ألهني في تلك ألغرفات وسميته حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح فأنه اسم يطابق مسماه ولفظ يوافق معناه والله يعلم ما قصدت وما بجمعه وتأليفه اردت فهو عند لسان كل عبد وقلبه وهو المطلع على نيته وكسبه وكان جل المقصود منه بشارة أهل السنة بما أعد الله لهم في الجنة فأنهم ! المستحقون للبشرى في الحياة الدنيا وفي الأخرة ونعم الله عليهم باطنة وظاهرة وهم أولياء الرسول وحزبه ومن خرج عن سنته فهم اعداؤه وحربه لا تأخذهم في نصرة سنته ملامة اللوام ولا يتركون ما صح عنه لقول أحد من الانام والسنة أجل في صدورهم من ان يقدموا عليها رأيا فقهيا أو بحثا جدليا أو خيالا صوفيا أو تناقضا كلاميا أو قياسيا فلسفيا أو حكما سياسيا فمن قدم عليها شيئا من ذلك فباب الصواب عليه مسدود وهو عن طريق الرشاد مصدود فيا أيها الناظر فيه لك غنمه وعلى مؤلفه غرمه ولك صفوه وعليه كدره وهذه بضاعته المزجاة تعرض عليك وبنات أفكاره تزف إليك فإن صادفت كفؤا كريما لم تعدم منه أمساكا بمعروف أو تسريحا بإحسان وان كان غيره فالله المستعان فما كان من صواب فمن الواحد المنان وما كان من خطأ فمنى ومن الشيطان والله برئ منه ورسوله وقد قسمت الكتاب سبعين بابا الباب الأول في بيان وجود الجنة الان الباب الثاني في اختلاف الناس في الجنة التي أسكنها آدم هل هي جنة الخلد أو جنة في الأرض الباب الثالث في سياق حجج من ذهب إلى إنها جنة الخلد الباب الرابع في سياق حجج الطائفة التي قالت أنها في الأرض الباب الخامس في جواب أرباب هذا القول لمن نازعهم الباب السادس في جواب من زعم أنها جنة الخلد عن حجج منازعيهم الباب السابع في ذكر شبه من زعم أن الجنة لم تخلق بعد الباب الثامن في الجواب عما احتجوا به من الشبه الباب التاسع في ذكر عدد ابواب الجنة الباب العاشر في ذكر سعة أبوابها الباب الحادي عشر في صفة أبوابها الباب الثاني عشر في ذكر مسافة ما بين الباب والباب الباب الثالث عشر في مكان الجنة وأين هي الباب الرابع عشر في مفتاح الجنة الباب الخامس عشر في توقيع الجنة ومنشورها الذي يكتب
لأهلها الباب السادس عشر في بيان توحد طريق الجنة وانه ليس لها إلا طريق واحد الباب السابع عشر في درجات الجنة الباب الثامن عشر في ذكر أعلى درجاتها وأسم تلك الدرجة الباب التاسع عشر في عرض الرب تعالى سلعته على عباده وثمنها الذي طلبه منهم وعقد التبايع الذي وقع بين المؤمنين وبين ربهم الخ الباب العشرون في طلب الجنة أهلها من ربهم وشفاعتها فيهم وطلبهم لها الباب الحادي والعشرون في اسماء الجنة ومعانيها وأشتقاقها الباب الثاني والعشرون في عدد الجنات وأنواعها الباب الثالث والعشرون في خلق الرب تعالى لبعضها بيده الباب الرابع والعشرون في ذكر بوابيها وخزنتها الباب الخامس والعشرون في ذكر اول من يقرع باب الجنة الباب السادس والعشرون في ذكر اول الأمم دخولا الجنة الباب السابع والعشرون في ذكر السابقين من هذه الأمة إلى الجنة وصفتهم الباب الثامن والعشرون في سبق الفقراء الأغنياء إلى الجنة الباب التاسع والعشرون في ذكر اصناف أهل الجنة التي ضمنت لهم دون غيرهم الباب الثلاثون في أن اكثر أهل الجنة هم أمة محمد الباب الحادي والثلاثون في أن النساء في الجنة والنار أكثر من الرجال الباب الثاني والثلاثون فيمن يدخل الجنة من هذه الأمة بغير حساب وذكر أوصافهم الباب الثالث والثلاثون في ذكر حثيات الرب عز و جل الذين يدخلهم الجنة الباب الرابع والثلاثون في ذكر تربة الجبنة وطينها وحصبائها ونباتها الباب الخامس والثلاثون في ذكر نورها وبياضها الباب السادس والثلاثون في ذكر غرفها وقصورها ومقاصيرها وخيامها الباب السابع والثلاثون في ذكر معرفتهم بمنازلهم ومساكنهم إذا دخلوا الجنة وإن لم يروها قبل ذلك الباب الثامن والثلاثون في كيفية دخولهم الجنة وما يستقبلون به عند دخولها الباب التاسع والثلاثون في ذكر صفة أهل الجنة في خلقهم وخلقهم وطولهم ومقادير أسنانهم الباب الأربعون في ذكر أعلى أهل الجنة منزلة وأدناهم الباب الحادي والأربعون في تحفة أهل الجنة أول ما يدخلونها الباب الثاني والأربعون في ذكر ريح الجنة ومن مسيرة كم يوجد الباب الثالث والاربعون في الاذان الذى يؤذن به المؤمن فيها الباب الرابع والأربعون في أشجار الجنة وبساتينها وظلالها الباب الخامس والأربعون في ذكر ثمارها وتعدد أنواعها وصفاتها الباب السادس والأربعون في ذكر الزرع في الجنة الباب السابع والأربعون في ذكر أنهار الجنة وعيونها وأصنافها ومجراها الذي تجري
عليه الباب الثامن والأربعون في ذكر طعام أهل الجنة وشرابهم ومصرفه الباب التاسع والأربعون في ذكر آنيتهم التي يأكلون ويشربون فيها وأجناسها وصفاتها الباب الخمسون في ذكر لباسهم وحليهم ومناديلهم وفرشهم وبسطهم ووسائدهم ونمارقهم وزرابيهم الباب الحادي والخمسون في ذكر خيامهم وسررهم وأرائكهم وبشخاناتهم الباب الثاني والخمسون في ذكر خدام أهل الجنة وغلمانهم الباب الثالث والخمسون في ذكر نساء أهل الجنة وسراريهم واصنافهن وأوصافهن وحالهن الظاهر والباطن وجمالهن الباب الرابع والخمسون في ذكر المادة التي خلق منها الحور العين وذكر صفاتهن ومعرفتهن اليوم بأزواجهن الباب الخامس والخمسون في ذكر نكاح أهل الجنة ووطئهم والتذاذهم بذلك ونزاهته عن المذي والمني الباب السادس والخمسون في اختلاف الناس هل في الجنة حمل وولادة أم لا وحجة الفريقين الباب السابع والخمسون في ذكر سماع الجنة وغناء الحور العين الباب الثامن والخمسون في ذكر مطايا أهل الجنة وخيولهم ومراكبهم الباب التاسع والخمسون في زيارة أهل الجنة بعضهم بعضا ومذاكرتهم ما كان بينهم في الدنيا الباب الستون في ذكر سوق الجنة وما أعد الله فيها لأهلها الباب الحادي والستون في زيارة أهل الجنة ربهم تبارك وتعالى الباب الثاني والستون في ذكر السحاب والمطر الذي يصيبهم في الجنة الباب الثالث والستون في ذكر ملك الجنة وأن أهلها كلهم ملوك فيها الباب الرابع والستون في أن الجنة فوق ما يخطر بالبال أو يدور في الخيال وأن موضع سوط منها خير من الدنيا وما فيها الباب الخامس والستون في رؤية أهل الجنة ربهم تبارك وتعالى بأبصارهم جهرة كما يرى القمر ليلة البدر وتجليه لهم ضاحكا إليهم سبحانه لا إله إلا هو الباب السادس والستون في تكليمه سبحانه لأهل الجنة وخطابه لهم ومحاضرته إياهم وسلامة عليهم الباب السابع والستون في أبدية الجنة وأنها لا تفنى ولا تبيد الباب الثامن والستون في ذكر آخر أهل الجنة دخولا إليها الباب التاسع والستون وهو باب جامع فيه فصول منثورة الباب السبعون في المستحق لهذه البشارة دون غيره والله سبحانه وتعالى هو المسئول أن يجعله خالصا لوجهه الكريم مدينا لمؤلفه وقارئه وكاتبه من جنات النعيم وأن يجعله حجة
له ولا يجعله حجة عليه وأن ينفع به من انتهى إليه إنه خير مسؤول واكرم مأمول وهو حسبنا ونعم الوكيل
الباب الأول في بيان وجود الجنة الآن
لم يزل أصحاب رسول الله والتابعون وتابعوهم وأهل السنة والحديث قاطبة وفقهاء الإسلام وأهل التصوف والزهد على اعتقاد ذلك وإثباته مستندين في ذلك إلى نصوص الكتاب والسنة وما علم بالضرورة من أخبار الرسل كلهم من أولهم إلى آخرهم فإنهم دعوا الأمم إليها وأخبروا بها إلى أن نبغت نابغة من القدرية والمعتزلة فأنكرت أن تكون مخلوقة الآن وقالت بل الله ينشئها يوم القيامة وحملهم على ذلك أصلهم الفاسد الذي وضعوا به شريعة فيما يفعله الله وانه ينبغي له أن يفعل كذا ولا ينبغي له أن يفعل كذا وقاسوه على خلقه في أفعالهم فهم مشبهة في الأفعال ودخل التجهم فيهم فصاروا مع ذلك معطلة في الصفات وقالوا خلق الجنة قبل الجزاء عبث فإنها تصير معطلة مددا متطاولة ليس فيها سكانها قالوا ومن المعلوم أن ملكا لو أتخذ دارا واعد فيها ألوان الأطعمة والآلات والمصالح وعطلها من الناس ولم يمكنهم من دخولها قرونا متطاولة لم يكن ما فعله واقعا على وجه الحكمة ووجد العقلاء سبيلا إلى الاعتراض عليه فحجروا على الرب تعالى بعقولهم الفاسدة وآرائهم الباطلة وشبهوا أفعاله بأفعالهم وردوا من النصوص ما خالف هذه الشريعة الباطلة التي وضعوها للرب أو حرفوها عن مواضعها وضللوا وبدعوا من خالفهم فيها والتزموا فيها لوازم أضحكوا عليهم فيها العقلاء ولهذا يذكر السلف في عقائدهم أن الجنة والنار مخلوقتان ويذكر من صنف في المقالات أن هذه مقالة أهل السنة والحديث قاطبة لا يختلفون فيها قال أبو الحسن الاشعري في كتاب مقالات الإسلاميين واختلاف المضلين جملة ما عليه أصحاب الحديث وأهل السنة الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله وما جاء من عند الله وما رواه الثقات عن رسول الله لا يردون من ذلك شيئا وأن الله تعالى اله واحد فرد صمد لم يتخذ صاحبه ولا ولدا وان محمدا عبده ورسوله وأن الجنة حق وأن النار حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور وأن الله تعالى على عرشه كما قال الرحمن على العرش استوى وأن له يدين بلا كيف كما قال خلقت بيدي وكما قال بل يداه مبسوطتان وأن له عينين بلا كيف كما
قال تجري بأعيننا وأن له وجها كما قال ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام وأن أسماء الله تعالى لا يقال إنها غير الله كما قالت المعتزلة والخوارج واقروا أن لله علما كما قال أنزله بعلمه وكما قال وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وأثبتوا السمع والبصر ولم ينفوا ذلك عن الله كما تعتقد المعتزلة وأثبتوا لله القوة كما قال أولم يروا الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وقالوا إنه لا يكون في الأرض من خير ولا شر إلا ما شاء الله وأن الأشياء تكون بمشيئه الله كما قال تعالى وما تشاؤن إلا أن يشاء الله وكما قال المسلمون ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وقالوا إن أحدا لا يستطيع أن يفعل شيئا قبل أن يفعله أو يكون أحد يقدر أن يخرج عن علم الله أو أن يفعل شيئا علم الله أنه لا يفعله واقروا أنه لا خالق إلا الله تعالى وأن أفعال العباد يخلقها الله تعالى وأن العباد لا يقدرون أن يخلقوا شيئا وأن الله تعالى وفق المؤمنين لطاعته وخذل الكافرين ولطف بالمؤمنين ونظر لهم وأصلحهم وهداهم ولم يلطف بالكافرين ولا أصلحهم ولا هداهم ولو أصلحهم لكانوا صالحين ولو هداهم لكانوا مهتدين وأن الله تعالى يقدر أن يصلح الكافرين ويلطف بهم حتى يكونوا مؤمنين ولكنه أراد أن يكونوا كافرين كما علم وخذلهم واضلهم وطبع على قلوبهم وأن الخير والشر بقضاء الله وقدره ويؤمنون بقضاء الله وقدره وخيره وشره وحلوه ومره ويؤمنون أنهم لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله كما قال ويلجئون أمرهم إلى الله ويثبتون الحاجة إلى الله في كل وقت والفقر إلى الله في كل حال ويقولون إن القرآن كلام الله غير مخلوق والكلام في الوقف واللفظ فمن قال باللفظ أو بالوقف فهو مبتدع عندهم لا يقال اللفظ بالقرآن آن مخلوق ولا يقال غير مخلوق ويقولون إن الله تعالى يرى بالأبصار يوم القيامة كما يرى القمر ليلة البدر ويراه المؤمنون ولا يراه الكافرون لأنهم عن الله تعالى محجوبون قال الله تعالى كلا أنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون وأن موسى عليه السلام سال الله سبحانه وتعالى الرؤية في الدنيا وإن الله تعالى تجلى للجبل فجعله دكا فاعلمه بذلك أنه لا يراه في الدنيا بل يراه في الآخرة ولا يكفرون أحدا من أهل القبلة بذنب يرتكبه كنحو الزنا والسرقة وما أشبه ذلك من الكبائر وهم بما معهم من الإيمان مؤمنون وإن ارتكبوا الكبائر والإيمان عندهم هو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وبالقدر خيره وشره حلوه ومره وأن ما أخطأهم لم يكن ليصيبهم وأن ما أصابهم لم يكن ليخطئهم والإسلام هو أن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله كما جاء في الحديث والإسلام
عندهم غير الإيمان ويقرون بأن الله مقلب القلوب ويقرون بشفاعة رسول الله وأنها لأهل الكبائر من أمته وبعذاب القبر وأن الحوض حق والصراط حق والبعث بعد الموت حق والمحاسبة من الله لعباده حق والوقوف بين يدي الله تعالى حق ويقرون بأن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ولا يقولون مخلوق ولا غير مخلوق ويقولون أسماء الله هي الله تعالى ولا يشهدون على أحد من أهل الكبائر بالنار ولا يحكمون بالجنة لأحد من الموحدين حتى يكون الله تعالى ينزلهم حيث شاء ويقولون أمرهم إلى الله أن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم ويؤمنون بأن الله تعالى يخرج قوما من الموحدين من النار على ما جاءت به الروايات عن رسول الله وينكرون الجدال والمراء في الدين والخصومة في القدر والمناظرة فيما يتناظر فيه أهل الجدل ويتنازعون فيه من دينهم بالتسليم للروايات الصحيحة ولما جاءت به الآثار التي رواها الثقات عدلا عن عدل حتى ينتهي ذلك إلى رسول الله ولا يقولون كيف ولا لم لان ذلك بدعة ويقولون إن الله تعالى لم يأمر بالشر بل نهى عنه وأمر بالخير ولم يرض بالشرك وأن كان مريدا له ويعرفون حق السلف الذين اختارهم الله تعالى لصحبه نبيه ويأخذون بفضائلهم ويمسكون عما شجر بينهم صغيرهم وكبيرهم ويقدمون أبا بكر ثم عمر ثم عثمان ثم عليا رضي الله عنهم ويقرون بأنهم الخلفاء الراشدون المهديون وانهم أفضل الناس كلهم بعد رسول الله ويصدقون بالأحاديث التي جاءت عن رسول الله أن الله ينزل إلى السماء الدنيا فيقول هل من مستغفر كما جاء في الحديث عن رسول الله ويأخذون بالكتاب والسنة كما قال تعالى فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ويرون إتباع من سلف من أئمة الدين وان لا يتبعوا في دينهم ما لم يأذن به الله ويقرون أن الله تعالى يجيء يوم القيامة كما قال وجاء ربك والملك صفا صفا وأن الله تعالى يقرب من خلقه كيف شاء كما قال ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ويرون العيدين والجمعة والجماعة خلف كل أمام بر أو فاجر ويثبتون المسح على الخفين سنة ويرونه في الحضر والسفر ويثبتون فرض الجهاد للمشركين منذ بعث الله نبيه إلى آخر عصابة تقاتل الدجال وبعد ذلك يرون الدعاء لأئمة المسلمين بالصلاح وأن لا يخرج عليهم بالسيف وأن لا يقاتلوا في الفتنة ويصدقون بخروج الدجال وأن عيسى بن مريم عليه
الصلاة والسلام يقتله ويؤمنون بمنكر ونكير والمعراج والرؤيا في المنام وان الدعاء لموتى المسلمين والصدقة عنهم بعد موتهم تصل إليهم ويصدقون أن في الدنيا سحرة وإن الساحر كافر كما قال الله تعالى وان السحر كان موجود في الدنيا ويرون الصلاة على كل من مات من أهل القبلة مؤمنهم وفاجرهم ويقرون أن الجنة والنار مخلوقتان وأن من مات مات بأجله وكذلك كل من قتل قتل بأجله وإن الأرزاق من قبل الله تعالى يرزقها عباده حلالا كانت أو حراما وأن الشيطان يوسوس للإنسان ويشككه ويخبطه وأن الصالحين قد يجوز أن يخصهم الله تعالى بآيات تظهر عليهم وأن السنة لا تنسخ بالقرآن وأن الأطفال أمرهم إلى الله إن شاء عذبهم وأن شاء فعل بهم ما أراد وأن الله تعالى عالم ما العباد عاملون وكتب أن ذلك يكون وان الأمور بيد الله تعالى ويرون الصبر على حكم الله والأخذ بما أمر الله تعالى والإنتهاء عمى نهى الله عنه وإخلاص العمل لله والنصيحة للمسلمين ويدينون بعبادة الله في العابدين والنصيحة لجماعة المسلمين واجتناب الكبائر والزنا وقول الزور والمعصية والفخر والكبر والازدراء على الناس والعجب ويرون مجانبة كل داع إلى بدعة والتشاغل بقراءة القرآن وكتابة الآثار والنظر في الفقه مع التواضع والاستكانة وحسن الخلق وبذل المعروف وكف الأذى وترك الغيبة والنميمة والسعاية وتفقد المآكل والمشارب فهذه جملة ما يأمرون به ويستعملونه ويرونه وبكل ما ذكرنا من قولهم نقول وإليه نذهب وما توفيقنا إلا بالله وهو حسبنا ونعم الوكيل وبه نستعين وعليه نتوكل وإليه المصير والمقصود حكايته عن جميع أهل السنة والحديث أن الجنة والنار مخل2وقتان وسقنا جملة كلامه ليكون الكتاب مؤسسا على معرفة من يستحق البشارة المذكورة وأن أهل هذه المقالة هم أهلها وبالله التوفيق وقد دل على ذلك من القرآن قوله تعالى ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المآوى وقد رأى النبي سدرة المنتهى ورأى عندها جنة المأوى كما في الصحيحين من حديث أنس في قصة الأسراء وفي آخره ثم أنطلق بي جبريل حتى أنتهى إلى سدرة المنتهى فغشيها ألوان لا أدرى ما هي قال ثم دخلت الجنة فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ وإذا ترابها المسك وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر أن رسول الله قال أن أحدكم
إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي أن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وأن كان من اهل النار فمن أهل النار فيقال هذا مقعدك حتى يبعثك الله تعالى يوم القيامة وفي المسند وصحيح الحاكم وابن حبان وغيرهم من حديث ألبراء ابن عازب قال خرجنا مع رسول الله في جنازة رجل من الأنصار فذكر الحديث بطولة وفيه فينادي مناد من السماء إن ! صدق عبدي فأفرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له بابا إلى الجنة فيأتيه من روحها وطيبها وذكر الحديث وفي الصحيحين من حديث أنس بن مالك قال قال رسول الله أن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم قال فيأتيه ملكان فيقعدانه فيقولان له ما كنت تقول في هذا الرجل قال فأما المؤمن فيقول أشهد أنه عبد الله ورسوله قال فيقولان له أنظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدا في الجنة قال نبي الله فيراهما جميعا وفي صحيح أبي عوانة الاسفرايني وسنن أبي داود من حديث البراء بن عازب الطويل في قبض الروح ثم يفتح له باب من الجنة وباب من النار فيقال هذا كان منزلك لو عصيت الله تعالى أبدلك الله به هذا فإذا رأى ما في الجنة قال رب عجل قيام الساعة كيما أرجع إلى أهلي ومالي فيقال أسكن وفي مسند البزار وغيره من حديث أبي سعيد قال شهدنا مع النبي جنازة فقال رسول الله أيها الناس أن هذه الأمة تبتلى في قبورها فإذا دفن الإنسان وتفرق عنه أصحابه جاءه ملك في يده مطراق فأقعده فقال ما تقول في هذا الرجل يعني محمدا فإن كان مؤمنا قال اشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده رسوله فيقولون له صدقت ثم يفتح له باب إلى النار فيقولون هذا كان منزلك لو كفرت بربك فأما إذا آمنت به فهذا منزلك فيفتح له باب إلى الجنة فيريد أن ينهض إلى الجنة فيقولون له اسكن وذكر الحديث وفي صحيح مسلم عن عائشة قالت خسفت الشمس في حياة رسول الله فذكرت الحديث إلى أن قالت ثم قام فخطب الناس فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله تعالى لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتموهما فافرغوا إلى الصلاة وقال رسول الله رأيت في مقامي هذا كل شيء وعدتم حتى لقد رأيتني آخذ قطفا من الجنة حين رأيتموني
أقدم ولقد رأيت جهنم يحطم بعضها حين رأيتموني تأخرت وفي الصحيحين واللفظ للبخاري عن عبد الله بن عباس قال انخسفت الشمس على عهد رسول الله فذكر الحديث وفيه قال أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله فقالوا يا رسول الله رأيناك تناولت شيئا في مقامك ثم رأيناك تكعكعت فقال أني رأيت الجنة وتناولت عنقودا ولو أصبته لإكلتم منه ما بقيت الدنيا ورأيت النار فلم أر منظرا كاليوم قط افظع ورأيت أكثر أهلها النساء قالوا بم يا رسول الله قال بكفرهن قيل أيكفرن بالله قال يكفرن العشير ويكفرن الإحسان لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ثم رأت منك شيئا قالت ما رأيت منك خيرا قط وفي صحيح البخاري عن أسماء بنت أبي بكر عن النبي في صلاة الخسوف قال قد دنت مني الجنة حتى لو اجترأت عليها لجئتكم بقطاف من قطافها ودنت مني النار حتى قلت أي رب وأنا معهم فإذا امرأة حسبت أنه قال تخدشها هرة قلت ما شان هذه قالوا حبستها حتى ماتت جوعا لا أطعمتها ولا أرسلتها تأكل وفي صحيح مسلم من حديث جابر في هذه القصة قال عرض على كل شيء تولجونه فعرضت على الجنة حتى تناولت منها قطفا فقصرت يدي عنه وعرضت على النار فرأيت فيها امرأة من بني إسرائيل تعذب في هرة لها وذكر الحديث وفي صحيح مسلم عنه في هذا الحديث ما من شيء توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه لقد جيء بالنار وذلك حين رأيتموني تأخرت مخافة أن يصيبني من لفحها وحتى رأيت فيها صاحب المحجن يجر قصبة في النار وكان يسرق الحاج بمحجنه فإذا فطن له قال إنما تعلق بمحجني وإن غفل عنه ذهب به وحتى رأيت فيها صاحبة الهرة التي ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت جوعا ثم جيء بالجنة وذلكم حين رأيتموني تقدمت حتى قمت في مقامي ولقد مددت يدي وأنا أريد أن أتناول من ثمرها لتنظروا إليه ثم بدا لي ان لا أفعل فما من شيء توعدونه إلا قد رايته في صلاتي هذه وفي مسند الأمام أحمد وسنن ابي داود والنسائي من حديث عبد الله بن عمرو وفي هذه القصة والذي نفس محمد بيده لقد أدنيت الجنة حتى لو بسطت يدي لتعاطيت من قطوفها ولقد أدنيت النار منى حتى لقد جعلت أتقيها خشية أن تغشاكم وذكر الحديث وفي صحيح
مسلم من حديث أنس بن مالك قال بينما رسول الله ذات يوم إذ أقيمت الصلاة فقال يا ايها الناس إني إمامكم فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا ترفعوا رؤسكم فإني أراكم من أمامي ومن خلفي وأيم الذي نفسي بيده لو رأيتم ما رأيت لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا قالوا وما رأيت يا رسول الله قال رأيت الجنة والنار وفي الموطأ والسنن من حديث كعب أبن مالك قال قال رسول الله إنما نسمة المؤمن طير يعلق في شجر الجنة حتى يرجعها الله إلى جسده يوم القيامة وهذا صريح في دخول الروح الجنة قبل يوم القيامة ومثله حديث كعب بن مالك أيضا عن النبي أن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر تعلق في ثمر الجنة أو شجر الجنة رواه أهل السنن وصححه الترمذي وسيأتي في آخر هذا الكتاب في الباب الذي يذكر فيه دخول أرواح المؤمنين الجنة قبل يوم القيامة تمام هذه الأحاديث أن شاء الله تعالى وذكر دلالة القرآن على ما دلت عليه السنة من ذلك وفي صحيح مسلم والسنن والمسند من حديث أبي هريرة أن رسول الله قال لما خلق الله تعالى الجنة والنار أرسل جبريل إلى الجنة فقال أذهب فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها فذهب فنظر إلى ما أعد الله لأهلها فيها فرجع فقال وعزتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها فأمر الجنة فحفت بالمكاره فقال فارجع فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها قال فنظر إليها ثم رجع فقال وعزتك لقد خشيت أن لا يدخلها أحد قال ثم أرسله إلى النار قال أذهب فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها قال فنظر إليها فإذا هي يركب بعضها بعضا ثم رجع فقال وعزتك وجلالك لا يدخلها أحد سمع بها فأمر بها فحفت بالشهوات ثم قال أذهب فانظر إلى ما أعددت لأهلها فيها فذهب فنظر إليها فرجع فقال وعزتك لقد خشيت أن لا ينجو منها أحد إلا دخلها قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة حجبت الجنة بالمكاره وحجبت النار بالشهوات وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري عن رسول الله قال اختصمت الجنة والنار فقالت الجنة يا رب ما لها إنما يدخلها ضعفاء الناس وسقطهم وقالت النار يا رب ما لها يدخلها الجبارون والمتكبرون فقال أنت رحمتي أصيب بك من أشاء وأنت عذابي أصيب بك من أشاء ولكل
واحدة منكما ملؤها وفي الصحيحين من حديث أبن عمر عن النبي أنه قال اشتكت النار إلى ربها فقالت يا رب أكل بعضي بعضا فأذن لها بنفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف وروى الليث بن سعيد عن معاوية أبن صالح عن عبد الملك بن بشير ورفع الحديث قال ما من يوم إلا والجنة والنار يسألان تقول الجنة يا رب قد طاب ثمري واطردت أنهاري واشتقت إلى أوليائي فعجل إلى بأهلي وتقول النار أشتد حري وبعد قعري وعظم جمري فعجل على بأهلي وفي صحيح البخاري من حديث أنس عن النبي أنه قال بينما أنا أسير في الجنة وإذا بنهر في الجنة حافتاه قباب الدر المجوف قال قلت ما هذا يا جبريل قال هذا الكوثر الذي أعطاك ربك فضرب الملك بيده فإذا طينه المسك الأذفر وفي صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله قال سمعت رسول الله يقول دخلت الجنة فرأيت فيها قصرا ودارا فقلت لمن هذا فقيل لرجل من قريش فرجوت أن أكون أنا هو فقيل لعمر بن الخطاب فلولا غيرتك يا أبا حفص لدخلته قال فبكى عمر وقال أيغار عليك يا رسول الله وسيأتي حديث بلال وقول النبي ولم ما دخلت الجنة إلا سمعت خشخشتك بين يدي وغير ذلك من الأحاديث التي تأتي أن شاء الله تعالى وقال عبد الله بن وهب أنبأنا معاوية بن صالح عن عيسى بن عاصم عن زر بن حبيش عن أنس بن مالك قال صلى بنا رسول الله ذات يوم صلاة الصبح ثم مد يده ثم أخرها فلما سلم قيل له يا رسول الله لقد صنعت في صلاتك شيئا لم تصنعه في غيرها قال أني رأيت الجنة فرأيت فيها دالية قطوفها دانية حبها كالدباء فأردت أن أتناول منها فأوحى إليها أن إستأخري ثم رأيت النار بيني وبينكم حتى رأيت ظلي وظلكم فأومأت إليكم أن استأخروا فأوحى إلى أقرهم فإنك أسلمت وأسلموا وهاجرت وهاجروا وجاهدت وجاهدوا فلم أر لي عليكم فضلا إلا بالنبوة فإن قيل فما منعكم عن الاحتجاج على وجودها الآن بقصد آدم ودخوله الجنة وإخراجه منها بأكله من الشجرة والاستدلال بها في غاية الظهور قيل الاستدلال بذلك وإن كان عند العامة في غاية الظهور فهو في غاية الغموض لاختلاف الغموض لاختلاف الناس في الجنة التي أسكنها آدم هل كانت جنة الخلد التي يدخلها المؤمنون يوم القيامة أو كانت جنة في الأرض في شرفها ونحن
بذكر من قال بهذا ومن قال بهذا وما احتج به كل فريق على قولهم وما رد به الفريق الآخر عليهم بحول الله وقوته
الباب الثاني في اختلاف الناس في الجنة التي أسكنها آدم عليه الصلاة
والسلام وأهبط منها هل هي جنة الخلد أو جنة أخرى غيرها في موضع عال من الأرض قال منذر أبن سعيد في تفسير قوله تعالى أسكن أنت وزوجك الجنة فقالت طائفة أسكن الله آدم جنة الخلد التي يدخلها المؤمنون يوم القيامة وقال آخرون هي جنة غيرها جعلها الله له وأسكنه إياها ليست جنة الخلد قال وهذا قول تكثر الدلائل الشاهدة له والموجبة للقول به وقال أبو الحسن الماوردي في تفسيره واختلف الناس في الجنة التي أسكناها على قولين أحدهما أنها جنة الخلد الثاني أنها جنة أعدها الله تعالى لهما وجعلها ابتلاء وليست هي جنة الخلد التي جعلها دار جزاء ومن قال بهذا اختلفوا فيه قولين أحدهما أنها في السماء لأنه أهبطهما منها وهذا قول الحسن الثاني أنها في الأرض لأنه امتحنهما فيها بالنهي عن الشجرة التي نهيا عنها دون غيرها من الثمار وهذا قول أبن بحر وكان ذلك بعد أن أمر إبليس بالسجود لآدم عليه الصلاة و السلام والله اعلم بصواب ذلك هذا كلامه وقال ابن الخطيب في تفسيره المشهور واختلفوا في الجنة المذكورة في هذه الآية هل كانت في الأرض أو في السماء وبتقدير أنها كانت في السماء فهل هي الجنة التي هي دار الثواب وجنة الخلد أو جنة أخرى فقال ابو القاسم البلخي وأبو مسلم الأصبهاني هذه الجنة في الأرض وجملا الأهباط على الأنتقال من بقعة إلى بقعة كما في قوله أهبطوا مصرا واحتجا عليه بوجوده القول الثاني وهو قول الجبائي أن تلك الجنة التي كانت في السماء السابعة والقول الثالث وهو قول جمهور أصحابنا أن هذه الجنة هي دار الثواب وقال أبو القاسم الراغب في تفسيره واختلف في الجنة التي أسكنها آدم فقال بعض المتكلمين كان بستانا جعله الله تعالى له امتحانا ولم يكن جنة المآوى وذكر بعض الاستدلال على القولين وممن ذكر الخلاف أيضا أبو عيسى الرماني في تفسيره واختار أنها جنة الخلد ثم قال والمذهب الذي إخترناه قول الحسن وعمرو وواصل واكثر أصحابنا وهو قول أبي علي وشيخنا أبي بكر وعليه أهل التفسير وأختار أبن الخطيب التوقف في المسألة وجعله قولا رابعا فقال والقول الرابع أن لكل ممكن والإدلة متعارضة فوجب التوقف وترك القطع قال منذر بن سعيد والقول
بإنها جنة في الأرض ليست جنة الخلد قول أبي حنيفة وأصحابه قال وقد رأيت أقواما نهضوا لمخالفتنا في جنة آ4دم عليه السلام بتصويب مذهبهم من غير حجة إلا الدعاوي والأماني ما أتوا بحجة من كتاب ولا سنة ولا اثر عن صاحب ولا تابع ولا تابع التابع ولا موصولا ولا شاذا مشهورا وقد أوجدناهم أن فقيه العراق ومن قال بقوله قالوا أن جنة آدم ليست جنة الخلد وهذه الدواوين مشحونة من علومهم ليسوا عند أحد من الشاذين بل بين رؤساء المخالفين وإنما قلت هذا ليعلم اني لا انصر مذهب أبي حنيفة وإنما أنصر ما قام لي عليه الدليل من القرآن والسنة هذا أبن زيد المالكي يقول في تفسيره سألت أبن نافع عن الجنة أمخلوقة هي فقال السكوت عن الكلام في هذا أفضل وهذا أبن عيينة يقول في قوله عز و جل إن لك أن لا تجوع فيها ولا تعرى قال يعني في الأرض وابن نافع وامام وأبن عيينة امام وهو لا يأتوننا بمثلهما ولا من يضاد قوله لهما وهذا ابن قتيبة ذكر في كتاب المعارف بعد ذكره خلق الله لآدم وزوجه قال ثم تركتهما وقال أثمروا واكثروا وأملؤا الأرض وتسلطوا على انوان البحور وطير السماء والأنعام وعشب الأرض وشجرها وثمرها فأخبر ان في الرض خلقه وفيها امره ثم قال ونصب الفردوس فانقسم على أربعة أنهار سيحون وجيحون ودجلة والفرات ثم ذكر الحية فقال وكانت أعظم دواب البر فقالت للمراة أنكالا تموتان إن أكلتما من هذه الشجرة ثم قال بعد كلام ثم اخرجه من مشرق جنة عدن إلى الأرض التي منها أخذ ثم قال قال وهب وكان مهبطه حين أهبط من جنة عدن في شرقي أرض الهند قال واحتمل قابيل أخاه حتى اتى به واديا من اودية اليمن في شرقي عدن فكمن فيه وقال غيره فيما نقل أبو صالح عن أبن عباس في قوله أهبطوا هو كما يقال هبط فلان أرض كذا وكذا قال منذر بن سعيد فهذا وهب بن منبه يحكي أن آدم عليه السلام خلق في الأرض وفيها سكن وفيها نصب له الفردوس وإنه كان بعدن وإن أربعة أنهار أنقسمت من ذلك النهر الذي كان يسمى فردوس آدم وتلك الأنهار بقيت في الأرض لاختلاف بين المسلمين في ذلك فاعتبروا يا اولي الألباب وأخبر ان الحية التي كلمت آدم كانت من أعظم دواب البر ولم يقل من أعظم دواب السماء فهم يقولون إن الجنة لم تكن في الأرض وإنما كانت فوق السماء السابعة ثم قال وأخرجه من مشرق جنة عدن وليس في جنة المآوى مشرق ولا مغرب لأنه
لا شمس فيها ثم قال وأخرجه إلى الأرض التي اخذ منها يعني أخرجه من الفردوس الذي نصب له في عدن في شرقي أرض الهند وهذه الأخبار التي حكى ابن قتيبة إنما تنبئ عن أرض اليمن وعن عدن وهي من أرض اليمن وأخبر أن الله نصب الفردوس لآدم عليه السلام بعدن ثم أكد ذلك بأن قال أربعة الأنهار التي ذكرناها منقسمة عن النهر الذي كان يسمى فردوس آدم قال منذر وقال ابن قتيبة عن ابن منبه عن أبي هريرة قال واشتهى آدم عند موته قطفا من الجنة التي كان فيها بزعمهم على ظهر السماء السابعة وهو في الأرض فخرج أولاده يطلبون ذلك له حتى بلغتهم الملائكة موته فأولاد آدم كانوا مجانين عندكم إن كان ما نقله إبن قتيبة حقا يطلبون لابيهم ثمر جنة الخلد في الأرض قال ونحن لم نقل غير ما قال هؤلاء ولو كانت جنة الخلد فيها ونحن استدللنا من القرآن وغيرنا قطع وادعى بما ليس له عليه برهان فهذا ذكر بعض أقوال من حكى الخلاف في هذه المسئلة ونحن نسوق حجج الفريقين إن شاء الله تعالى ونبين لهم ما لهم وما عليهم
الباب الثالث في سياق حجج من اختار أنها جنة الخلد التي يدخلها الناس
يوم القيامة قالوا قولنا هذا هو الذي فطر الله عليه الناس صغيرهم وكبيرهم لم يخطر بقلوبهم سواه وأكثرهم لا يعلم في ذلك نزاعا قالوا وقد روى مسلم في صحيحه من حديث أبي مالك عن أبي حازم عن أبي هريرة وأبي مالك عن ربعي عن حذيفة قالا قال رسول الله يجمع الله تعالى الناس فيقوم المؤمنون حتى تزلف لهم الجنة فيأتون آدم عليه السلام فيقولون يا أبانا استفتح لنا الجنة فيقول وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم وذكر الحديث قالوا وهذا يدل على أن الجنة التي أخرج منها هي بعينها التي يطلب منه أن يستفتحها وفي الصحيحين حديث احتجاج آدم وموسى وقول موسى أخرجتنا ونفسك من الجنة ولو كانت في الأرض فهم قد خرجوا من بساتين فلم يخرجوا من الجنة وكذلك قول آدم للمؤمنين يوم القيامة وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم وخطيئته لم تخرجهم من جنات الدنيا قالوا وقد قال تعالى في سورة البقرة وقلنا يا آ
02.08.10 17:40 من طرف 24akhbar