24 ساعة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
24 ساعةالأخبارالرئيسيةأحدث الصورالمقالاتالتسجيلدخولالفيديو والمالتيمدياتابعنا على فيس بوك24 يوتيوبتابعنا على تويتر

 

 كتاب حادى الأرواح إلى بلاد الأرواح لإبن القيم الجوزيه

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
24akhbar

24akhbar



كتاب حادى الأرواح إلى بلاد الأرواح لإبن القيم الجوزيه Empty
02082010
مُساهمةكتاب حادى الأرواح إلى بلاد الأرواح لإبن القيم الجوزيه

كتاب حادى الأرواح إلى بلاد الأرواح لإبن القيم الجوزيه



الباب السابع و الستون
في ابدية الجنة و اها وأنها لا تفنى و لا تبيد
هذا مما يعلم بالاضطرارا ان الرسول اخبر به قال تعالى و أما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات و الارض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ أي مقطوع و لا تنافي بين هذا و بين قوله إلا ما شاء ربك و اختلف السلف في هذا الاستثناء فقال معمر عن الضحاك هو في الذين يخرجون من النار فيدخلون الجنة يقول سبحانه و تعالى انهم خالدون في الجنة ما دامت السماوات و الارض إلا مدة مكثهم في النار قلت و هذا يحتمل امرين احدهما ام يكون الاخبار عن الذين سعدوا وقع عن قوم مخصوصين و هم هؤلاء و الثاني و هو الاظهر ان يكون وقع عن جملة السعداء و التخصيص بالمذكورين هو في الاستثناء و ما دل عليه و احسن من هذين التقديرين ان ترد المشيئة إلى الجميع حيث لم يكونوا في الجنة في الموقف و على هذا فلا يبقى في الاية تخصيص و قالت فرقة اخرى هو استثناء استثناه الرب تعالى

و لا يفعله كما تقول و الله لاضربنك إلا ان ارى غير ذلك و أنت لا تراه بل تجزم بضربه و قالت فرقة اخرى العرب إذا استثنت شيئا كثيرا مع مثله و مع ما هو اكثر منه كان معنى إلا في ذلك و معنى الواو سواء و المعنى عى هذا سوا ما شاء الله من الزيادة على مدة دوام السماوات و الارض هذا قول الفراء و سيبويه يجعل إلا بمعنى لكن قالوا و نظير ذلك لان تقول لي عليك الف إلا الالفين الذين قبلها أي سوى الالفين قال ابن جرير و هذا احب الوجهين إلى ان الله تعالى لا خلف لوعده و قد وصل الاستثناء بقوله عطاء غير مجذوذ قالوا و نظيره ان تقول اسكنتك داري حولا إلا ما شئت أي سوى ما شئت أو لكن ما شئت من الزيادة عليه و قالت فرقة اخرى هذا الاستثناء انما هو مدة احتباسهم عن الجنة ما بين الموت و البعث و البرزخ إلى ان يصيروا إلى الجنة ثم هو الخلود الابد فلم يغيبوا عن الجنة إلا بمقدار اقامتهم في البرزخ و قالت فرقة اخرى العزيمة قد وقعت لهم من الله بالخلود الدائم إلى ان يشاء الله خلاف ذلك اعلاما لهم بأنهم مع خلودهم في مشيئته و هذا كما قال لنبيه و لئن شئنا لنذهبن بالذي اوحينا اليك و قوله فان يشا الله يختم على قلبك و قوله قل لو شاء الله ما تلوته علكم و نظائره و اخبر عباده سبحانه و ان الامور كلها بمشيئته ما شاء الله كان و ما شاء لم يكن و قالت فرقة اخرى الرماد بمدة دوام السماوات و الارض في هذا العالم فأخبر سبحانه أنهم خالدون في الجنة مدة دوام السموات والأرض إلا ما شاء الله ان يزيدهم عليه و لعل هذا قول من قال ان إلا بمعنى سوى و لكن اختلفت عبارته و هذا اختيار بن قتيبة قال المعنى خالدين فيها مدة العالم سوى ما شاء ان يزيدهم من الخلود على مدة العالم و قالت فرقة اخرى ما بمعنى من قوله فانكحوا ما طاب لكم من النساء و المعنى إلا من شاء ربك ان يدخله النار بذنوبه من السعداء و الفرق بين هذا القول و بين اول الاقوال ان الاستثناء على هذا القول من المدة و على ذلك القول من الاعيان و قالت فرقة اخرى المراد بالسماوات و الارض سماء الجنة و ارضها و هما باقيتان ابدا و قوله إلا ما شاء ربك ان كانت ما بمعنى من فهم الذين يدخلون النار ثم يخرجون منها و ان كانت بمعنى الوقت فهو مدة احتباسهم في البرزخ و الموقف قال الجعفي سالت عبد الله بن وهب عن هذا الاستثناء فقال سمعت

فيه انه قدر وقوفهم في الموقف يوم القيامة إلى ان يقضي بين الناس و قالت فرقة اخرى الاستثناء راجع إلى مدة لبثهم في الدنيا و هذه الاقوال متقاربة و يمكن الجمع بينها بان يقال اخبر سبحانه وعن خلودهم في الجنة كل وقت إلا وقتا يشاء ان لا يكونوا فيها و ذلك يتناول وقت كونهم في الدنيا و في البرزخ و في موقف يوم القيامة و على الصراط و كون بعضهم في النار مدة و على كل تقدير فهذه الاية من المتشابه و قوله فيها عطاء غير مجذوذ محكم و كذلك قوله و ما هم منها وقوله ان هذا لرزقنا ما له من نفاد و قوله اكلها دائم وظلها وقوله دمائهم منها بخرجين و قد اكد الله سبحانه و تعالى خلود أهل الجنة بالتأبيد في عدة مواضع من القران و اخبر انهما لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الاولى و هذا الاستثناء منقطع و إذا ضممته إلى الاستثناء في قوله إلا ما شاء ربك تبين لك المراد من الايتين و استثناء الوقت الذي لم يكونوا فيه في الجنة من مدة الخلود كاستثناء الموتة الاولى من جملة الموت فهذه موتة تقدمت على حياتهم الابدية و ذاك مفارقة للجنة تقدم على خلودهم فيها و بالله التوفيق و قد تقدم قول النبي من يدخل الجنة ينعم و لا يبؤس و يخلد و لا يموت و قوله ينادي مناد يا أهل الجنة ان لكم ان تصحوا فلا تسقموا ابدا و ان تشبوا فلا تهرموا ابدا و ان تحيوا فلا تموتوا ابدا و ثبت في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي انه قال يجاء بالموت في صورة كبش املح فيوقف بين الجنة والنار ثم يقال يا أهل الجنة فيطلعون مشفقين و يقال يا أهل النار فيطلعون فرحين فيقال هل تعرفون هذا فيقولون نعم هذا الموت فيذبح بين الجنة و النار ثم يقال يا أهل الجنة خلود فلا موت و يا أهل النار خلود فلا موت فصل
و هذا موضع اختلف فيه المتاخرون على ثلاثة اقوال احدها ان الجنة و النار فانيتان غير ابدتيين بل كما هما حادثتان فهما فانيتان و القول الثاني انهما باقيتان دائمتان لا يفنيان ابدا و القول الثالث ان الجنة باقية ابدية و النار فانية و نحن نذكر هذه الاقوال و ما قابلها و ما احتج به ارباب كل قوله و نرد ما خالف كتاب الله و سنة رسوله فاما القول بفنائهما فهو قول قاله جهم بن صفوان امام المعطلة الجهمية و ليس له فيه سلف قط من الصحابة و لا من التابعين و لا أحد

من ائمة الاسلام و لا قال به أحد من أهل السنة و هذا القول مما انكره عليه و على اتباعه ائمة الاسلام و كفروهم به و صاحوا بهم من اقطار الارض كما ذكره عبد الله بن الامام احمد في كتاب السنة عن خارجة بن مصعب انه قال كفرت الجهمية بثلاث ايات من كتاب الله عز و جل بقول الله سبحانه و تعالى اكلها دائم و ظلها و هم يقولون لا يدوم و بقول الله تعالى ان هذا لرزقنا ما له من نفاد و هم يقولون ينفد و بقول الله عز و جل ما عندكم ينفد و ما عند الله باق قال شيخ الاسلام و هذا قاله جهم لا صلة الذي اعتقده و هو امتناع وجود ما لا يتناهى من الحوادث و جعلوا ذلك عمدتهم في حدوث العالم فراى الجهم ان ما يمنع من حوادث لا اول لها في الماضي يمنع في المستقبل كما هو ممتنع عنده عليه في الماضي و ابو الهذيل العلاف شيخ المعتزلة وافقه على هذا الاصل لكن قال ان هذا يقتضي فناء الحركات لكونها متعاقبة شيئا بعد شيء فقال بفناء حركات أهل الجنة و النار حتى يصيروا في سكون دائم لا يقدر احد منهم على حركة و زعمت فرقة ممن وافقهم على امتناع حوادث لا نهاية لها ان هذا القول مقتضى العقل لكن لما جاء السمع ببقاء الجنة و النار قلنا بذلك و كان هؤلاء لم يعلموا ان ما كان ممتنعا في العقل لا يجيء في الشرع بوقوعه إذ يستحيل عليه ان يخبر بوجود ما هو ممتنع في العقل و كانهم لم يفرقوا بين محالات العقول ومجازاتها فالسمع يجيء بالثاني لا بالاول فالسمع يجيء بما يعجز العقل عن ادراكه و لا يستقل به و لا يجيء بما لا يعلم العقل احالته و الاكثرون الذين وافقوا جهما و ابا الهذيل على هذا الاصل فرقوا بين الماضي و المستقبل و قالوا الماضي قد دخل في الوجود بخلاف المستقبل و الممتنع انما هو دخول ما لا يتناهى في الوجود لا تقدير دخوله شيئا بعد شيء قالوا أو هذا نظيران يقول القائل لا أعطيك درهما إلا وأعطيتك بعده درهما آخر فهذا ممكن والأول نظير أن يقول لا أعطيك درهما إلا و أعطيك قبله درهما فهذا محال و هؤلاء عندهم وجود ما لا يتناهى في الماضي محال و وجوده في المستقبل واجب و نازعهم في ذلك آخرون فقالوا بل الامر في الماضي كهو في المستقبل و لا فرق بينهما بل الماضي و الاستقبال امر نسبي فكل ما يكون مستقبلا

يصير ماضيا و كل ماض فقد كان مستقبلا فلا يعقل امكان الدوام في أحد الطرفين و احالته في الطرف الآخر الاخر قالوا و هذه مسألة دوام فاعلية الرب تبارك و تعالى و هو لم يزل ربا قادرا فاعل فانه لم يزل حيا عليما قديرا و من المحال ان يكون الفعل ممتنعا عليه لذاته ثم ينقلب فيصير ممكنا لذاته من غير تجدد شيء و ليس للازل حد محدود حتى يصير الفعل ممكنا له عند ذلك الحد و يكون قبله ممتنعا عليه فهذا القول تصوره كاف في الجزم بفساده و يكفي في فساده ان الواقت الذي انقلب فيه الفعل من الاحالة الذاتيه إلى الأماكن الذات إما ان يصح أن يفرض قبله وقت يمكن فيه الفعل اولا لا يصح فان قلتم لا يصح كان هذا تحكما غير معقول و هو من جنس الهوس و ان قلتم يصح قيل و كذلك ما يفرض قبله لا إلى غاية فما من زمن محقق أو مقدر إلا و الفعل مكن فيه و هو صفة كمال و احسان و متعلق حمد الرب وتعالى و ربوبيته و ملكه و هو لم يزل ربا حميدا ملكا قادرا لم تتجدد له هذه الاوصاف كما انه لم يزل حيا مريدا عليما و الحياة و الارادة و العلم و القدرة تقتضي آثارها و متعلقاتها فكيف يعقل حي قدير عليم مريد ليس له مانع و لا قاهر يقهره يستحيل عليه ان يفعل شيئا البتة و كيف يجعل هذا اصل من اصول الدين و يجعل معيارا على ما اخبرالله به و رسوله و يفرق به بين جائزات العقول و محالاتها فإذا كان وهذا شان الميزان فكيف يستقيم الموزون به و أما قول من فرق بان الماضي قد دخل في الوجود دون المستقبل فكلام لا تحقيق وراءه فان الذي يحصره الوجود من الحركات هو المتناهي ثم يعدم فيصير ماضيا كما كان معدوما لما كان مستقبلا فوجوده بين عدمين و كلما انقضت جملة حدثت بعدها جملة اخرى فالذي صار ماضيا هو بعينه الذي كان مستقبلا فان دل الدليل على امتناع ما لا يتناهى شيئا قبل شيء فهو بعينه دال على امتناعه شيئا بعد شيء و أما تفريقكم بقولكم المستقبل نظير قوله ما أعطيك درهما إلا وأعطيك بعده درهما فهذا ممكن والماضي نظير قوله ما أعطيك درهما إلا و أعطيك قبله درهما فهذا الفرق فيه تلبيس لا يخفى و ليس بنظير ما نحن فيه بل نظيره ان يقول ما أعطيك درهما إلا و قد تقدم مني أعطاء درهم قبله فهذا ممكن الدوام في الماضي على حد امكانه في المستقبل و لا فرق في العقل الصحيح بينهما البتة و لما لم يجد الجهم و ابو الهذيل و اتباعهما بين الامرين فرقا قالوا بوجوب تناهي الحركات في المستقبل كما يجب ابتداؤها عندهم

في الماضي و قال أهل الحديث بل هما سواء في الامكان و الوقوع و لم يزل الرب سبحانه تعالى فعالا لما يريد و لم يزل و لا يزال موصوفا بصفات الكمال منعوتا بنعوت الجلال و ليس المتمكن من الفعل كل وقت كالذي لا يمكنه الفعل إلا في وقت معين و ليس من يخلق كمن لا يخلق و من يحسن كمن لا يحسن و من يدبر الامر كمن لا يدبر و أي كمال في ان يكون رب العالمين معطلا عن الفعل في مدة مقدرة أو محققة لا تتناهى يستحيل منه الفعل و حقيقة ذلك انه لا يقدر عليه وإن أبيتم هذا الاطلاق و قلتم ان المحال لا يوصف بكونه غير مقدور عليه فجمعتم بين محالين الحكم باباحة الفعل من غير موجب لاحالته و انقلابه من الاحالة الذاتية إلى الامكان الذاتي من غير تجدد سبب و زعمتم ان هذا هو الاصل الذي تثبتون به وجود الصانع و حدوث العالم و قيامه إلابدان فجنيتم علىالعقل الشرع و الرب تعالى لم يزل قادرا على الفعل و الكلام بمشيئته و لم يزل فعالا لما يريد و لم يزل ربا محسنا و المقصود ان القول بفناء الجنة و النار قول مبتدع لم يقله أحد من الصحابة و لا التابعين و لا أحد من ائمة المسلمين و الذين قالوه انما تلقوه عن قياس فاسد كما اشتبه اصله على كثير من الناس فاعتقدوه حقا وبنوا عليه القول بخلق القران و نفي الصفات و قد دل القرآن و السنة و العقل الصريح على ان كلمات الله وافعاله لا تتناهى و لا تنقطع باخر و لا تحد باول قال تعالى قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل ان تنفد كلمات ربي و لو جئنا بمثله مددا و قال تعالى و لو ان ما في الارض من شجرة اقلام و البحر يمده من بعده سبعة ابحر ما نفدت كلمات الله ان الله عزيز حكيم فاخبر عن عدم نفاد كلماته لعزته و حكمته و هذان وصفان ذاتيان له سبحانه و تعالى لا يكون إلا كذلك و ذكر ابن أبي حاتم في تفسيره عن سليمان بن عامر قال سمعت الربيع بن انس يقول ان مثل علم العباد كلهم في علم الله عز و جل كقطرة من هذه البحور كلها و قد انزل الله سبحانه و تعالى في ذلك و لو ان ما في الارض من شجرة اقلام الاية و قوله قل لو كان البحر مدادا الاية يقول سبحانه و تعالى قل لو كان البحر مدادا لكلمات الله و الشحرة كلها اقلام لانكسرت الاقلام و فني ماء البحر وكلمات الله تعالى باقية لا يفنيها شيء لان احدا لا يستطيع ان يقدر قدره ولا يثني عليه كما ينبغي بل هو كما اثنى على نفسه ان

ربنا كما يقول وفوق ما يقول ثم ان مثل نعيم الدنيا اوله و آخره وفي نعيم الاخر كحبة من خردل في خلال الارض كلها فصل
وأما ابدية النار ودوامها فقال فيها شيخ الاسلام فيها قولان معروفان عن السلف و الخلف و النزاع في ذلك معروف عن التابعين قلت ههنا اقوال سبعة احدها ان من دخلها لا يخرج منها ابدا بل كل من دخلها مخلد فيها ابد الاباد باذن الله و هذا قول الخوارج و المعتزلة و الثاني ان أهلها يعذبون فيها مدة ثم تنقلب عليهم وتبقى طبيعة نارية لهم يتلذذون بها لموافقتها لطبيعتهم و هذا قول امام الاتحادية ابن عربي الطائي قال في فصوصه الثناء بصدق الوعد لا بصدق الوعيد و الحضرة الالهية تطلب الثناء المحمود بالذات فيثني عليها بصدق الوعد لا بصدق الوعيد بل بالتجاوز فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله ولم يقل وعيده بل قال ويتجاوز عن سيئاتهم مع انه توعد على ذلك واثنى على اسماعيل بانه كان صادق الوعد و قد زال الامكان في حق الحق لما فيه من طلب المرجح
فلم يبق إلا صادق الوعد وحده ... وما لوعيد الحق عين تعاين
وان دخلوا دار الشقاء فانهم ... على لذة فيها نعيم مباين
نعيم جنان الخلد و الامر واحد ... وبينهما عند التجلي تباين
يسمى عذابا من عذوبة طعمه ... وذاك له كالقشر والقشر صاين
وهذا في طرف والمعتزلة الذين يقولون لا يجوز على الله ان يخلف وعيده بل يجب عليه تعذيب من توعده بالعذاب في طرف فاولئك عندهم لا ينجو من النار من دخلها اصلا و هذا عنده لا يعذب بها أحد اصلا والفريقان مخالفان لما علم بالاضطرار ان الرسول جاء به واخبر به عن الله عز و جل الثالث قول من يقول ان أهلها يعذبون فيها إلى وقت محدود ثم يخرجون منها ويخلفهم فيها قوم اخرون وهذا القول حكاه اليهود للنبي فاكذبهم فيه وقد اكذبهم الله تعالى في القران فيه فقال تعالى وقالوا لن تمسنا النار إلا اياما معدودة قل اتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده ام تقولون على الله ما لا تعلمون بلى من كسب سيئة واحاطت به خطيئته فاولئك اصحاب النار هم فيها خالدون وقال تعالى الم تر إلى اوتوا نصيبا من الكتاب

يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون فهذا القول إنما هو قول أعداء الله اليهود فهم شيوخ أر بابه والقائلين به وقد دل القران والسنة وإجماع الصحابة والتابعين وأئمة الإسلام على فساده قال تعالى وما هم بخارجين من النار وقال وما هم منها بمخرجين وقال كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وقال تعالى كلما ارادوا ان يخرجوا منها اعيدوا فيها وقال تعالى لا يقضي عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها و قال تعالى ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط وهذا ابلغ ما يكون في الإخبارعن استحالة دخولهم الجنة الرابع قول من يقول يخرجون منها وتبقى نارا على حالها ليس فيها أحد يعذب حكاه شيخ الإسلام والقران والسنة أيضا يردان على هذا القول كما تقدم الخامس قول من يقول بل تفنى بنفسها لأنها حادثة بعد أن لم تكن وما ثبت حدوثه استحال بقاؤه وأبديته وهذا قول جهنم بن صفوان و شيعته ولا فرق عنده في ذلك بين الجنة والنار السادس قول من يقول تفنى حياتهم وحركاتهم ويصيرون جمادا لا يتحركون ولا يحسون بألم وهذا قول أبى الهذيل العلاف إمام المعتزلة طردا لامتناع حوادث لا نهاية لها والجنة والنارعنده سواء في هذا الحكم السابع قول من يقول بل يفنيها ربها وخالقها تبارك وتعالى فانه جعل لها أمدا تنتهي إليه ثم تفنى ويزول عذابها قال شيخ الإسلام وقد نقل هذا القول عن عمر وابن مسعود وأبى هريرة وأبى سعيد وغيرهم وقد روى عبد بن حميد وهو من اجل أئمة الحديث في تفسيره المشهور حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن الحسن قال قال عمر لو لبث أهل النار في النار كقدر رمل عالج لكان لهم على ذلك يوم يخرجون فيه وقال حدثنا حجاج بن منهال عن حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن أن عمر بن الخطاب قال لو لبث أهل النار في النار عدد رمل عالج لكان لهم يوم يخرجون منه ذكر ذلك في تفسير قوله تعالى لابثين فيها أحقابا فقد رواه عبد وهو من الأئمة الحفاظ وعلماء السنة عن هذين الجليلين سليمان بن حرب وحجاج ابن منهال وكلاهما عن حماد بن سلمة وحسبك به وحماد يرويه عن ثابت وحميد

وكلاهما يرويه عن الحسن وحسبك بهذا الإسناد جلالة والحسن وإن لم يسمع من عمر فإنما رواه عن بعض التابعين ولو لم يصح عنده ذلك عن عمر لما جزم به وقال عمر بن الخطاب ولو قدر انه لم يحفظ عن عمر فتداول هؤلاء الأئمة له غير مقابلين له بالإنكار والرد مع انهم ينكرون على من خالف السنة بدون هذا فلو كان خذا القول عند هؤلاء الأئمة من البدع المخالفة لكتاب الله و سنة رسوله وإجماع الأئمة لكانوا أول منكر له قال ولا ريب أن من قال هذا القول عن عمر و نقله عنه إنما أراد بذلك جنس أهل النار الذين هم أهلها فأما قوم أصيبوا بذنوبهم فقد علم هؤلاء وغيرهم انهم يخرجون منها وانهم لا يلبثون قدر رمل عالج ولا قريبا منه ولفظ أهل النار لا يختص بالموحدين بل يختص بمن عداهم كما قال النبي أما أهل النار الذين هم أهلها فانهم لا يموتون فيها ولا يحيون ولا يناقض هذا قوله تعالى خالدين فيها وقوله وما هم منها بمخرجين بل ما اخبر الله به هو الحق والصدق الذي لا يقع خلافه لكن إذا انقضى اجلها وفنيت تفنى الدنيا لم تبق نارا ولم يبق فيها عذاب قال أرباب هذا القول وفي تفسير علي بن ابي طلحة الوالبي عن ابن عباس في قوله تعالى قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم قال لا ينبغي لأحد أن يحكم على الله في خلقه ولا ينزلهم جنة ولا نارا قالوا وهذا الوعيد في هذه الآية ليس مختصا بأهل القبلة فانه سبحانه ويوم نحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال اولياء وهم من الانس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله انم ربك حكيم عليم وكذلك نولى بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون وأولياء الجن من الإنس يدخل فيه الكفار قطعا فانهم أحق بموالاتهم من عصاة المسلمين كما قال تعالى إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون وقال تعالى انه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون وقال تعالى إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون وقال تعالى افتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو وقال تعالى فقاتلوا أولياء الشيطان وقال تعالى أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون

251 - وقال تعالى وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون والاستثناء وقع في الآية التي أخبرت عن دخول أولياء الشياطين النار فمن ههنا قال ابن عباس لا ينبغي لاحد أن يحكم على الله في خلقه قالوا قول من قال أن إلا بمعنى سوى أي سوى ما شاء الله أن يزيدهم من أنواع العذاب وزمنه لا تخفى منافرته للمستثنى والمستثنى منه وإن الذي يفهمه المخاطب مخالفة ما بعد لما قبلها قالوا وقول من قال انه لإخراج ما قبل دخولهم إليها من الزمان كزمان البرزخ والموقف ومدة الدنيا أيضا لا يساعد عليه وجه الكلام فانه استثناء من جملة خبرية مضمونها انهم إذا دخلوا النار لبثوا فيها مدة دوام السموات والأرض إلا ما شاء الله وليس المراد الاستثناء قبل الدخول هذا ما لا يفهمه المخاطب ألا ترى انه سبحانه يخاطبهم بهذا في النار حين يقولون ربنا استمتع بعضنا ببعض و بلغنا أجلنا الذي أجلت لنا فيقول لهم حينئذ النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله و في قوله ربنا استمتع بعضنا ببعض و بلغنا أجلنا الذي أجلت لنا نوع اعتراف واستسلام وتحسر أي استمتع الجن بنا و استمتعنا بهم فاشتركنا في الشرك ودواعيه وأسبابه و آثرنا الاستمتاع على طاعتك و طاعة رسلك و انقضت آجالنا و ذهبت أعمارنا في ذلك و لم نكتسب فيها رضاك و إنما كان غاية امرنا في مدة آجالنا استمتاع بعضنا ببعض فتأمل ما في هذا القول من الاعتراف بحقيقة ما هم عليه و كيف بدت لهم تلك الحقيقة ذلك اليوم وعلموا أن الذي كانوا فيه في مدة آجالهم هو حظهم من استمتاع بعضهم ببعض ولم يستمتعوا بعبادة ربهم و معرفته وتوحيده ومحبته و إيثارمرضاته وهذامن نمط قولهم لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير و قوله فاعترفوا بذنبهم و قوله فعلموا أن الحق لله و نظائرة والمقصود أن قوله إلا ما شاء الله عائد إلى هؤلاء المذكورين مختصا بهم أو شاملا لهم و لعصاة الموحدين وأما اختصاصه بعصاة المسلمين دون هؤلاء فلا وجه له ولما رأت طائفة ضعف هذا القول قالوا الاستثناء يرجع الى مدة البرزخ والموقف وقد تبين ضعف هذا القول و رأت طائفة أخرى أن الاستثناء يرجع إلى نوع آخر من العذاب غير النار قالوا والمعنى أنكم في النار أبدا إلا ما شاء الله أن يعذبكم بغيرها وهو الزمهرير وقد قال تعالى أن جهنم كانت مرصادا للطاغين مآبا لابثين فيها أحقابا قالوا وإلا بدلا يقدر بالأحقاب و قد

قال ابن مسعود في هذه الآية ليأتين يوم على جهنم زمان و ليس فيها أحد و ذلك بعدما يلبثون فيها أحقابا وعن أبي هريرة مثله حكاه البغوي عنهما ثم قال ومعناه عند أهل السنة أن ثبت انه لا يبقى فيها أحد من أهل الإيمان قالوا قد ثبت ذلك عن أبي هريرة و ابن مسعود وعبد الله بن عمر وقد سال حرب اسحق بن راهويه عن هذه الآية فقال سالت إسحاق قلت قول الله تعالى خالدين فيها ما دامت السماوات و الأرض إلا ما شاء ربك فقال أتت هذه الآية على كل وعيد في القران حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا معتمر بن سليمان قال قال أبي حدثنا أبو نضرة عن جابر أو أبي سعيد أو بعض أصحاب النبي قال هذه الآية تأتي على القران كله إلا ما شاء ربك أن ربك فعال لما يريد قال المعتمر قال أتى على كل وعيد في القران حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة عن أبي بلخ سمع عمرو بن ميمون يحدث عن عبد الله بن عمرو قال ليأتين على جهنم يوم تصفق فيه أبوابها ليس فيها أحد وذلك بعدما يلبثون فيها أحقابا حدثنا عبيد الله حدثنا أبي حدثنا شعبة عن يحيى بن أيوب عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال ما أنا بالذي لا أقول انه سيأتي على جهنم يوم لا يبقى فيها أحد وقرا قوله فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير و شهيق الآية قال عبيد الله كان أصحابنا يقولون يعني به الموحدين حدثنا أبو معن حدثنا وهب بن جرير حدثنا شعبة عن سليمان التيمي عن أبي نضرة عن جابر ابن عبد الله أو بعض أصحابه في قوله خالدين فيها ما دامت السماوات و الأرض إلا ما شاء ربك قال هذه الآية تأتي على القران كله و قد حكى ابن جرير هذا القول في تفسيره عن جماعة من السلف فقال وقال آخرون عنى بذلك أهل النار و كل من دخلها ذكر من قال ذلك ثم ذكر الآثار التي نذكرها و قال عبد الرزاق أنبانا ابن التيمي عن أبيه عن أبي نضرة عن جابر أو أبي سعيد أو عن رجل من أصحاب رسول الله في قوله إلا ما شاء ربك أن ربك فعال لما يريد قال هذه الآية تأتي على القران كله يقول حيث كان في القران خالدين فيها تأتي عليه قال و سمعت أبا مجلز يقول جزاؤه فان شاء الله تجاوز عن عذابه و قال ابن جرير حدثنا الحسن بن يحيى أنبانا عبد الرزاق فذكره و قال وحدثت عن المسيب عمن ذكره عن ابن عباس خالدين فيها ما دامت السماوات و الأرض إلا ما شاء ربك قال لا يموتون وما هم منها بمخرجين ما دامت السماوات و الأرض

إلا ما شاء ربك قال استثنى الله قال أمر الله النار أن تاكلهم قال و قال ابن مسعود ليأتين على جهنم زمان تخفق أبوابها ليس فيها أحد بعد ما يلبثون فيها أحقابا حدثنا ابن حميد حدثنا جرير عن بيان عن الشعبي قال جهنم أسرع الدارين عمرانا و أسرعهما خرابا و حكى ابن جرير في ذلك قولا آخر فقال و قال آخرون اخبرنا الله عز و جل بمشيئته لأهل الجنة فعرفنا معنى ثنياه بقوله عطاء غير مجذوذ وأنها لفي الزيادة على مقدار مدة السماوات و الأرض قالوا و لم يخبرنا بمشيئته في أهل النار و جائز أن يكون مشيئته في الزيادة و جائز أن تكون في النقصان حدثني يونس أنبانا ابن وهب قال اقل ابن زيد في قوله تعالى خالدين فيها ما دامت السماوات و الأرض إلا ما شاء ربك فقرا حتى بلغ عطاء غير مجذوذ فقال اخبرنا بالذي يشاء لأهل الجنة فقال عطاء غير مجذوذ و لم يخبرنا بالذي يشاء لأهل النار و قال ابن مردويه في تفسيره حدثنا سليمان بن احمد حدثنا جبير بن عرفة حدثنا يزيد بن مروان الخلال حدثنا أبو خليد حدثنا سفيان يعني الثوري عن عمرو بن دينار عن جابر قال قرا رسول الله فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير و شهيق خالدين فيها ما دامت السماوات و الأرض إلا ما شاء ربك قال رسول الله أن شاء الله أن يخرج أناسا من الذين شقوا من النار فيدخلهم الجنة فعل و هذا الحديث يدل على أن الاستثناء إنما هو للخروج من النار بعد دخولها خلافا لمن زعم انه لما قبل الدخول و لكن إنما يدل على إخراج بعضهم من النار و هذا حق بلا ريب و هو لا ينفي انقطاعها و فناء عذابها وآكلها لمن فيها و انهم يعذبون فيها دائما ما دامت كذلك و ما هم منها بمخرجين فالحديث دل على آمرين أحدهما أن بعض الأشقياء أن شاء الله أن يخرجهم من النار و هي نار فعل و أن الاستثناء إنما هو فيما بعد دخولها لا فيما قبله و على هذا فيكون معنى الاستثناء ما شاء ربك من الأشقياء فانهم لا يخلدون فيها و يكون الأشقياء نوعين نوعا يخرجون منها النار و نوعا يخلدون فيها فيكونون من الذين شقوا أولا ثم يصيرون من الذين سعدوا فتجتمع لهم الشقاوة و السعادة في وقتين قالوا و قد قال تعالى أن جهنم كانت مرصادا للطاغين مآبا لابثين فيها أحقابا لا يذوقون فيها بردا و لا شرابا إلا حميما و غساقا جزاء وفاقا انهم كانوا لا يرجون حسابا و كذبوا بآياتنا كذابا فهذا صريح في وعيد الكفار المكذبين بآياته ولا يقدر إلا بدي بهذه الأحقاب و لا غيرها كما لا يقدر به القديم و لهذا

قال عبد الله بن عمرو فيما رواه شعبة عن أبي بلخ سمع عمرو بن ميمون يحدث عنه ليأتين على جهنم يوم تصفق فيه أبوابها ليس فيها أحد و ذلك بعدما يلبثون فيها أحقابا فصل
و الذين قطعوا بدوام النار لهم ست طرق أحدها اعتقاد الإجماع فكثير من الناس يعتقدون أن هذا مجمع عليه بين الصحابة و التابعين لا يختلفون فيه و أن الاختلاف فيه حادث و هو من أقوال أهل البدع الطريق الثاني أن القران دل على ذلك دلالة قطعية فانه سبحانه و تعالى اخبر انه عذاب مقيم و انه لا يفتر عنهم وأنه لن يزيدهم إلا عذابا و انهم خالدين فيها أبدا و ما هم بخارجين منها أي من النار و ما هم منها بمخرجين و أن الله حرم الجنة على الكافرين وانهم لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط و انهم لا يقضي عليهم فيموتوا و لا يخفف عنهم من عذابها و أن عذابها كان غراما أي مقيما لازما قالوا وهذا يفيد القطع بدوامه و استمراره الطريق الثالث أن السنة المستفيضة أخبرت بخروج من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان دون الكفار و أحاديث الشفاعة من أولها إلى آخرها صريحة بخروج عصاة الموحدين من النار و أن هذا حكم مختص بهم فلو خرج الكفار منها لكانوا بمنزلتهم و لم يختص الخروج بأهل الإيمان الطريق الرابع أن الرسول وقفنا على ذلك و علمناه من دينه بالضرورة من غير حاجة بنا إلى نقل معين كما علمنا من دينه دوام الجنة و عدم فنائها الطريق الخامس أن عقائد السلف و أهل السنة مصرحة بان الجنة و النار مخلوقتان و انهما لا يفنيان بل هما دائمتان و إنما يذكرون فناءهما عن أهل البدع الطريق السادس أن العقل يقضي بخلود الكفار في النار و هذا مبني على قاعدة و هي أن المعاد و ثواب النفوس المطيعة و عقوبة النفوس الفاجرة هل هو مما يعلم بالعقل أو لا يعلم إلا بالسمع فيه طريقتان لنظار المسلمين و كثير منهم يذهب إلى أن ذلك يعلم بالعقل مع السمع كما دل عليه القران في غير موضع كإنكاره سبحانه على من زعم انه يسوى بن الأبرار و الفجار في المحيا و الممات و على من زعم انه خلق خلقه عبثا و انهم إليها لا يرجعون و انه يتركهم سدى أي لا يثيبهم و لا يعاقبهم و ذلك يقدح في حكمته و كماله و انه نسبه إلى ما لا يليق به و ربما قرروه بان النفوس البشرية باقية و اعتقاداتها و صفاتها لازمة لها لا تفارقها و أن ندمت عليها لما رأت العذاب فلم تندم عليها لقبحها أو كراهة ربها لها بل لو فارقها العذاب رجعت كما كانت أولا قال تعالى و لو ترى إذ وقفوا على النار

فقالوا يا ليتنا نرد و لا نكذب بآيات ربنا و نكون من المؤمنين بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل و لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه و انهم لكاذبون فهؤلاء قد ذاقوا العذاب و باشروه و لم يزل سببه و مقتضيه من نفوسهم بل خبثها و كفرها قائم بها لم يفارقها بحيث لو ردوا لعادوا كفارا كما كانوا و هذا يدل على أن دوام تعذيبهم يقضى به العقل كما جاء به السمع قال أصحاب الفناء الكلام على هذه الطرق يبين الصواب في هذه المسالة فأما الطريق الأول فالإجماع الذي ادعيتموه غير معلوم و إنما يظن الإجماع في هذه المسالة من لم يعرف النزاع و قد عرف النزاع فيها قديما و حديثا بل لو كلف مدعي الإجماع أن ينقل عن عشرة من الصحابة فما دونهم إلى الواحد انه قال إن النار لا تفنى أبدا لم يجد إلى ذلك سبيلا و نحن قد نقلنا عنهم التصريح بخلاف ذلك فما وجدنا عن واحد منهم خلاف ذلك بل التابعون حكوا عنهم هذا و هذا قالوا و الإجماع المعتد به نوعان متفق عليهما و نوع ثالث مختلف فيه و لم يوجد واحد منها في هذه المسالة النوع الأول ما يكون معلوما من ضرورة الدين كوجوب أركان الإسلام و تحريم المحرمات الظاهرة الثاني ما ينقل عن أهل الاجتهاد التصريح بحكمه والثالث أن يقول بعضهم القول و ينشر في الأمة و لا ينكره أحد فأين معكم واحد من هذه الأنواع ولو أن قائلا ادعى الإجماع من هذه الطرق و احتج بان الصحابة صح عنهم و لم ينكر أحد منهم عليه لكان اسعد بالإجماع منكم قالوا و أما الطريق الثاني و هو دلالة القران على بقاء النار و عدم فنائها فأين في القران دليل واحد يدل على ذلك نعم الذي دل عليه القران أن الكفار خالدين في النار ابدا وانهم غير خارجين منها وانه لا يفتر عنهم عذابها وانهم لا يموتون فيها و أن عذابهم فيها مقيم و انه غرام لازم لهم و هذا كله مما لا نزاع فيه بين الصحابة و التابعين و أئمة المسلمين و ليس هذا مورد النزاع و إنما النزاع في أمر آخر و هو انه هل النار أبدية أو مما كتب الله عليه الفناء و أما كون الكفار لا يخرجون منها و لا يفتر عنهم من عذابها و لا يقضى عليهم فيموتوا و لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط فلم يختلف في ذلك الصحابة و لا التابعون و لا أهل السنة و إنما خالف في ذلك من قد حكينا أقوالهم من اليهود و الاتحادية وبعض أهل البدع و هذه النصوص و أمثالها تقتضي خلودهم في دار العذاب ما دامت باقية و لا يخرجون منها مع بقائها البتة كما يخرج أهل التوحيد منها مع بقائها فالفرق بين من يخرج من الحبس و هو حبس على حاله و بين من يبطل جنسه بخراب الحبس و انتقاضه قالوا و أما الطريق الثالث و هو مجيء

السنة المستفيضة بخروج أهل الكبائر من النار دون أهل الشرك فهي حق لا شك فيه و هي إنما تدل على ما قلناه من خروج الموحدين منها و هي دار العذاب لم تفن و يبقى المشركون فيها ما دامت باقية و النصوص دلت على هذا وعلى هذا قالوا و أما الطريق الرابع وهو أن رسول الله و قفنا على ذلك ضرورة فلا ريب انه من المعلوم من دينه بالضرورة و أما كونها أبدية لا انتهاء لها و لا تفنى كالجنة فأين من القران و السنة دليل واحد يدل على ذلك قالوا و أما الطريق الخامس و هو أن في عقائد أهل السنة أن الجنة و النار مخلوقتان لا يفنيان أبدا فلا ريب أن القول بفنائهما قول أهل البدع من الجهمية و المعتزلة و هذا القول لم يقله أحد من الصحابة و لا التابعين و لا أحد من أئمة المسلمين و أما فناء النار وحدها فقد أوجدنا كم من قال به من الصحابة و تفريقهم بين الجنة و النار فكيف يكون القول به من أقوال أهل البدع مع انه لا يعرف عن أحد من أهل البدع التفريق بين الدارين فقولكم انه من أقوال أهل البدع كلام من لا خبرة له بمقالات بني آدم و آرائهم و اختلافهم قالوا و القول الذي يعد من أقوال أهل البدع ما خالف كتاب الله و سنة رسوله و إجماع الأمة أما الصحابة أو من بعدهم و أما قول يوافق الكتاب و السنة و أقوال الصحابة فلا يعد من أقوال أهل البدع و أن دانوا به و اعتقدوه فالحق يجب قبوله ممن قاله و الباطل يجب رده على من قاله و كان معاذ بن جبل يقول الله حكم قسط هلك المرتابون أن من ورائكم فتنا يكثر فيها المال و يفتح فيها القران حتى يقرؤه المؤمن والمنافق والمرآة والصبي والأسود والأحمر فيوشك أحدهم أن يقول قد قرأت القران فما أظن أن يتبعوني حتى ابتدع بدلهم غيره فإياكم و ما ابتدع فان كل بدعة ضلالة و إياكم و زيغة الحكيم فان الشيطان قد يتكلم على لسان الحكيم بكلمة الضلالة و أن المنافق قد يقول كلمة الحق فتلقوا الحق عمن جاء به فان على الحق نورا قالوا و كيف زيغة الحكيم قال هي الكلمة تروعكم و تنكرونها و تقولون ما هذه فاحذروا زيغته و لا تصدنكم عنه فانه يوشك أن يفيء و أن يراجع الحق و أن العلم و الإيمان مكانهما إلى يوم القيامة و الذي اخبر به أهل السنة في عقائدهم هو الذي دل عليه الكتاب و السنة و اجمع عليه السلف أن الجنة و النار مخلوقتان و أن أهل النار لا يخرجون منها و لا يخفف عنهم من عذابها العذاب و لا يفتر عنهم و انهم خالدون فيها و من ذكر منهم أن النار لا تفنى

أبدا فإنما قاله لظنه أن بعض أهل البدع قال بفنائها و لم يبلغه تلك الآثار التي تقدم ذكرها قالوا و أما حكم العقل بتخليد أهل النار فيها فأخبار عن العقل بما ليس عنده فان المسالة من المسائل التي لا تعلم إلا بخبر الصادق و أما اصل الثواب و العقاب فهل يعلم بالعقل مع السمع أول لا يعلم إلا بالسمع وحده ففيه قولان لنظار المسلمين من اتباع الأئمة الأربعة و غيرهم و الصحيح أن العقل دل على المعاد و الثواب و العقاب إجمالا و أما تفصيله فلا يعلم إلا بالسمع و دوام الثواب و العقاب مما لا يدل عليه العقل بمجرده وأنما علم بالسمع و قد دل السمع دلالة قاطعة على دوام ثواب المطيعين و أما عقاب العصاة فقد دل السمع أيضا دلالة قاطعة على انقطاعه في حق الموحدين و أما دوامه و انقطاعه في حق الكفار فهذا معترك النزال فمن كان السمع من جانبه فهو اسعد بالصواب وبالله التوفيق فصل
و نحن نذكر الفرق بين دوام الجنة و النار شرعا و عقلا و ذلك يظهر من وجوه أحدها أن الله سبحانه و تعالى اخبر ببقاء نعيم اهل الجنة ودوامه و انه لا نفاد له و لا انقطاع و انه غير مجذوذ و أما النار فلم يخبر عنها بأكثر من خلود أهلها فيها و عدم خروجهم منها و انهم لا يموتون فيها و لا يحيون و إنها مؤصدة عليهم و انهم كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها و أن عذابها لازم لهم و انه مقيم عليهم لا يفتر عنهم و الفرق بين الخبرين ظاهر الوجه الثاني أن النار قد اخبر سبحانه و تعالى في ثلاث آيات عنها بما يدل على عدم أبديتها الأولى قوله سبحانه و تعالى قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله أن ربك حكيم عليم و الثانية قوله خالدين فيها ما دامت السموات و الأرض إلا ما شاء ربك أن ربك فعال لما يريد الثالثة قوله لابثين فيها أحقابا و لولا الأدلة القطعية الدالة على أبدية الجنة و دوامها لكان حكم الاستثنائين في الموضعين واحدا كيف وفي الايتين من السياق ما يفرق بين الاستثنائين فانه قال في أهل النار أن ربك فعال لما يريد فعلمنا أنه الله سبحانه و تعالى يريد أن يفعل فعلا لم يخبرنا به و قال في أهل الجنة عطاء غير مجذوذ فعلمنا أن هذا العطاء و النعيم غير مقطوع عنهم أبدا فالعذاب موقت معلق و النعيم ليس بموقت و لا معلق الوجه الثالث انه قد ثبت أن الجنة لم يدخلها من لم يعمل خيرا قط من المعذبين الذين يخرجهم الله من النار و أما النار فلم يدخلها من لم يعمل سوءا قط و لا يعذب إلا من عصاه الوجه الرابع انه قد ثبت أن الله سبحانه و تعالى ينشئ للجنة خلقا آخر يوم

القيامة يسكنهم إياها و لا يفعل ذلك بالنار و أما الحديث الذي قد ورد في صحيح البخاري من قوله و أما النار فينشئ الله لها خلقا آخرين فغلط وقع من بعض الرواة انقلب عليه الحديث و إنما هو ما ساقه البخاري في الباب نفسه و أما الجنة فينشئ الله لها خلقا آخرين ذكره البخاري رحمه الله مبينا أن الحديث انقلب لفظه على من رواه بخلاف هذا و هذا والمقصود انه لا تقاس النار بالجنة في التأبيد مع هذه الفروق يوضحه الوجه الخامس أن الجنة من موجب رحمته و رضاه و النار من غضبه و سخطه و رحمته سبحانه تغلب غضبه و تسبقه كما جاء في الصحيح من حديث أبي هريرة عنه انه قال لما قضى الله الخلق كتب في كتاب فهو عنده موضوع على العرش أن رحمتي تغلب غضبي و إذا كان رضاه قد سبق غضبه وهو يغلبه كان التسوية بين ما هو من موجب رضاه و ما هو من موجب غضبه ممتنعا يوضحه الوجه السادس أن ما كان بالرحمة و للرحمة فهو مقصود لذاته قصد الغايات و ما كان من موجب الغضب و السخط فهو مقصود لغيره قصد الوسائل فهو مسبوق مغلوب مراد لغيره و ما كان بالرحمة فغالب سابق مراد لنفسه يوضحه الوجه السابع و هو انه سبحانه و تعالى قال للجنة أنت رحمتي ارحم بك من أشاء و قال للنار أنت عذابي أعذب بك من أشاء و عذابه مفعول منفصل و هو ناشئ عن غضبه و رحمته ههنا هي الجنة وهي رحمة مخلوقة ناشئة عن الرحمة التي هي صفة الرحمن فههنا أربعة أمور رحمة هي وصفه سبحانه وثواب منفصل هو ناشىء عن رحمه وغضب يقوم به سبحانه و عقاب منفصل ينشا عنه فإذا غلبت صفة الرحمة صفة الغضب فلان يغلب ما كان بالرحمة لما كان بالغضب أولى و أحرى فلا تقاوم النار التي نشأت عن الغضب الجنة التي نشأت عن الرحمة يوضحه الوجه الثامن أن النار خلقت تخويفا للمؤمنين و تطهيرا للخاطئين و المجرمين فهي طهرة من الخبث الذي اكتسبته النفس في هذا العالم فان تطهرت ههنا بالتوبة النصوح و الحسنات الماحية و المصائب المكفرة لم يحتج إلى تطهير هناك و قيل لها مع جملة الطيبين سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين و أن لم ننطهر في هذه الدار و وافت الدار الأخرى بدرنها و نجاستها و خبثها أدخلت النار طهرة لها و يكون مكثها في النار بحسب زوال ذلك الدرن و الخبث و النجاسة التي لا يغسلها الماء فإذا تطهرت الطهر التام أخرجت من النار و الله سبحانه خلق عباده حنفاء و هي فطرة الله التي فطر الناس عليها فلو خلوا و فطرهم لما

نشؤا إلا على التوحيد و لكن عرض لا كثر الفطر ما غيرها و لهذا كان نصيب النار اكثر من نصيب الجنة و كان هذا التغيير مراتب لا يحصيها إلا الله فأرسل الله رسله و انزل كتبه يذكر عباده بفطرته التي فطرهم عليها فعرف الموفقون الذين سبقت لهم من الله الحسنى صحة ما جاءت به الرسل و نزلت به الكتب بالفطرة الأولى فتوافق عندهم شرع الله و دينه الذي أرسل به رسله و فطرته التي فطرهم عليها فمنعتهم الشرعة المنزلة و الفطرة المكملة أن تكتسب نفوسهم خبثا و نجاسة و درنا يعلق بها و لا يفارقها بل كلما ألم بهم شيء من ذلك و مسهم طائف من الشيطان اغاروا عليه بالشرعة و الفطرة فأزالوا موجبه و أثره و كمل لهم الرب تعالى ذلك باقضية يقضيها لهم مما يحبون أو يكرهون تمحص عنهم تلك الآثار التي شوشت الفطرة فجاء مقتضى الرحمة فصادف مكانا قابلا مستعدا لها ليس فيه شيء يدافعه فقال ههنا أمرت و ليس لله سبحانه غرض في تعذيب عباده بغير موجب كما قال تعالى ما يفعل الله بعذابكم أن شكرتم و آمنتم و كان الله شاكرا عليما و استمر الأشقياء مع تغيير الفطرة و نقلها مما خلقت عليه إلى ضده حتى استحكم الفساد و تم التغيير فاحتاجوا في ازالة ذلك إلى تغيير آخر و تطهير ينقلهم إلى الصحة حيث لم تنقلهم آيات الله المتلوة و المخلوقة و أقداره المحبوبة و المكروهة في هذه الدار فأتاح لهم آيات آخر وأقضية و عقوبات فوق التي كانت في الدنيا تستخرج ذلك الخبث و النجاسة التي لا تزول بغير النار فإذا زال موجب العذاب و سببه زال العذاب و بقي مقتضى الرحمة لا معارض له فان قيل هذا حق و لكن سبب التعذيب لا يزول إلا إذا كان السبب عارضا كمعاصي الموحدين أما إذا كان لازما كالكفر و الشرك فان أثره لا يزول كما لا يزول السبب و قد أشار سبحانه إلى هذه المعنى بعينه في مواضع من كتابه منها قوله تعالى و لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه فهذا إخبار بان نفوسهم و طبائعهم لا تقتضي غير الكفر و الشرك و إنها غير قابلة للإيمان أصلا ومنها قوله تعالى و من كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى و أضل سبيلا فاخبر سبحانه أن ضلالهم و عماهم عن الهدى دائم لا يزول حتى مع معاينة الحقائق التي أخبرت بها الرسل و إذا كان العمى و الضلال لا يفارقهم فان موجبه وأثره و مقتضاه لا يفارقهم ومنها قوله تعالى و لو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم و لو اسمعهم لتولوا و هم معرضون و هذا يدل على انه ليس فيهم خير

يقتضي الرحمة و لو كان فيهم خير لما ضيع عليهم أثره و يدل على انهم لا خير فيهم هناك أيضا قوله اخرجوا من النار من كان في قلبه أدنى مثقال ذرة من خير فلو كان عند هؤلاء أدنى ادنى مثقال ذرة من خير لخرجوا منها مع الخارجين قيل لعمر الله أن هذا لمن أقوى ما يتمسك به في المسئلة و أن الأمر لكما قلتم و أن العذاب يدوم بدوام موجبه و سببه و لا ريب انهم في الآخرة في عمى و ضلال كما كانوا في الدنيا و وبواطنهم خبيثة كما كانت في الدنيا و العذاب مستمر عليهم دائم ما داموا كذلك و لكن هل هذا الكفر والتكذيب و الخبث أمر ذاتي لهم زواله مستحيل أم هو امر عارض طارئ على الفطرة قابل للزوال هذا حرف المسئلة و ليس بأيديكم ما يدل على استحالة زواله و انه أمر ذاتي و قد اخبر سبحانه و تعالى انه فطر عباده على الحنيفية و أن الشياطين اجتالتهم عنها فلم يفطرهم سبحانه على الكفر و التكذيب كما فطر الحيوان البهيم على طبيعته و إنما فطرهم على الإقرار بخالقهم و محبته و توحيده فإذا كان هذا الحق الذي قد فطروا عليه وقد خلقوا عليه قد أمكن زواله بالكفر و الشرك الباطل فإمكان زوال الكفر و الشرك الباطل بضده من الحق أولى و أحرى و لا ريب انهم لو ردوا على تلك الحال التي هم عليها لعادوا لما نهوا عنه و لكن من أين لكم أن تلك الحال لا تزول و لا تتبدل بنشأة أخرى ينشئهم فيها تبارك و تعالى إذا أخذت النار مأخذها منهم و حصلت الحكمة المطلوبة من عذابهم فان العذاب لم يكن سدى و إنما كان لحكمة مطلوبة فإذا حصلت تلك الحكمة لم يبق في التعذيب أمر يطلب و لا غرض يقصد و الله سبحانه ليس يشتفي بعذاب عباده كما يشتفى المظلوم من ظالمه و هو لا يعذب عبده لهذا الغرض و إنما يعذبه طهرة له و رحمة به فعذابه مصلحة له و أن تألم به غاية الألم كما أن عذابه بالحدود في الدنيا مصلحة لأربابها و قد سمى الله سبحانه و تعالى الحد عذابا و قد اقتضت حكمته سبحانه أن جعل لكل داء دواء يناسبه و دواء الضال يكون من اشق الأدوية و الطبيب الشفيق يكون المريض بالنار كيا بعد كي ليخرج منه المادة الرديئة الطارئة على الطبيعة المستقيمة و أن رأى قطع العضو اصلح للعليل قطعه و أذاقه اشد الألم فهذا قضاء الرب و قدره في إزالة مادة غريبة طرأت على الطبيعة المستقيمة بغير اختيار العبد فكيف إذا طرا على الفطرة السليمة مواد فاسدة باختيار العبد و اراداته و إذا تأمل اللبيب شرع الله تبارك و تعالى و قدره في الدنيا و ثوابه و عقابه

في الآخرة وجد ذلك في غاية التناسب و التوافق و ارتباط ذلك ببعضه البعض فان مصدر الجميع عن علم تام وحكمة بالغة و رحمة سابغة و هو سبحانه و الملك الحق المبين و ملكه ملك رحمة و إحسان و عدل الوجه التاسع أن عقوبته للعبد ليست لحاجته إلى عقوبته لا لمنفعة تعود إليه و لا لدفع مضرة و ألم يزول عنه بالعقوبة بل يتعالى عن ذلك و يتنزه كما يتعالى عن سائر العيوب و النقائص و لا هي عبث محض خال عن الحكمة و الغاية الحميدة فانه أيضا يتنزه عن ذلك و تعالى عنه فأما أن يكون من تمام نيعم أوليائه و أحبابه و أما أن يكون من مصلحة الأشقياء و مداواتهم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

كتاب حادى الأرواح إلى بلاد الأرواح لإبن القيم الجوزيه :: تعاليق

24akhbar
متابعة الكتاب
مُساهمة 02.08.10 17:27 من طرف 24akhbar

275 - ضحك حتى بدت نواجذه و قال الطبراني حدثنا عبد الله بن سعد بن يحيى الزرقي حدثنا أبو فروة يزيد بن محمد بن سنان الرهاوي قال حدثني أبي عن أبيه قال حدثني أبو يحيى الكلاعي عن أبي امامة رضي الله عنه قال قال رسول الله إن آخر رجل رجل يدخل الحنة رجل يتقلب على الصراط ظهرا لبلعن كالغلام يضربه أبوه و هو يفر منه يعجز عنه عمله أن يسعى فيقول يا رب بلغ بي الجنة و نجني من النار فيوحي الله تبارك و تعالى إليه عبدي إن أنا نجيتك من النار و أدخلتك الجنة أتعترف لي بذنوبك و خطاياك فيقول العبد نعم يا رب و عزتك و جلالك لئن نجيتني من النار لاعترفن لك بذنوبي و خطاياي فيجوز الجسر فيقول العبد فيما بينه و بين نفسه لئن اعترفت له بذنوبي و خطاياي ليردني إلى النار فيوحي الله إليه عبدي اعترف لي بذنوبك و خطاياك اغفرها لك و أدخلك الجنة فيقول العبد لا و عزتك و جلالك ما أذنبت ذنبا قط و لا أخطأت خطيئة قط فيوحي الله إليه عبدي إن لي عليك بينة فيلتفت العبد يمينا و شمالا فلا يرى أحدا فيقول يا رب ارني بينتك فيستنطق الله جلده بالمحقرات فإذا رأى ذلك العبد فيقول يا ربي عندي و عزتك العظائم فيوحي الله إليه عبدي أنا اعرف بها منك اعترف لي بها اغفرها لك و أدخلك الجنة فيعترف العبد بذنوبه فيدخل الجنة ثم ضحك رسول الله حتى بدت نواجذه يقول هذا أدنى أهل الجنة منزلة فكيف بالذي فوقه ورواه ابن أبي شيبة عن هاشم بن القاسم ثنا أبو عقيل عبد الله بن عقيل الثقفي عن يزيد بن سنان به و في صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله قال آخر من يدخل الحنة رجل فهو يمشي على الصراط مرة و يكبو مرة و تسعفه النار مرة فإذا جاوزها التفت إليها فقال تبارك الله الذي نجاني منك لقد أعطاني الله شيئا ما أعطاه أحدا من الأولين و الآخرين فترتفع له شجرة فيقول أي رب أدنني من هذه الشجرة استظل بظلها و اشرب من مائها فيقول الله تبارك و تعالى يا ابن آدم لعلي إن أعطيتكها سألتني غيرها فيقول لا يا رب و يعاهده إن لا يسأله شيئا غيرها و ربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه فيدنيه منها فيستظل بظلها و يشرب من مائها ثم ترتفع له شجرة هي احسن من الأولى فيقول يا رب أدنني من هذه لاشرب من مائها و استظل بظلها لا اسالك غيرها فيقول يا ابن آدم ألم تعاهدني انك لا تسألني غيرها فيقول لعلي إن أدنيتك منها إن

تسألني غيرها فيعاهده إن لا يسأله غيرها و ربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه فيدنيه منها فيستظل بظلها و يشرب من مائها ثم ترفع له شجرة عند باب الجنة هي احسن من الأوليين فيقول أي رب أدنني من هذه الشجرة لاستظل بظلها و اشرب من مائها لا اسالك غيرها فيقول يا ابن آدم ألم تعاهدني إن لا تسألني غيرها قال بلى يا رب هذه لا اسالك غيرها و ربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه فيدنيه منها فإذا أدناه منها سمع أصوات أهل الجنة فيقول يا رب ادخلنيها فيقول يا ابن آدم ما يرضيك مني أيرضيك أنى أعطيتك الدنيا و مثلها معها قال يا رب أتستهزئ مني و أنت رب العالمين فضحك ابن مسعود فقال ألا تسألونني مم اضحك قالوا مم تضحك قال ضحك رسول الله فقالوا مم تضحك يا رسول الله قال من ضحك رب العالمين حين قال أتستهزئ بي و أنت رب العالمين فيقول لا استهزئ بك و لكن على ما أشاء قادر وفي صحيح البرقاني عن أبي سعيد البرقاني من حديث أبي سعيد الخدري نحو هذه القصة و نحن نسوقه بتمامه من عنده و هو بإسناد مسلم سواء قال قال رسول الله إن أدنى أهل النار عذابا منتعل بنعلين من نار يغلي دماغه من حرارة نعليه و إن أدنى أهل الجنة منزلة رجل صرف الله وجهه عن النار قبل الجنة و مثل له شجرة ذات ظل فقال أي رب قدمني إلى هذه الشجرة لاكون في ظلها فقال الله عز و جل هل عسيت إن فعلت إن تسألني غيره قال لا و عزتك فقدمه الله إليها و مثل له شجرة ذات ظل و ثمر أخرى فقال أي رب قدمني إلى هذه الشجرة استظل بظلها و آكل من ثمرها قال فقال هل عسيت إن أعطيتك ذلك إن تسألني غيره قال لا و عزتك فيقدمه الله إليها فيمثل الله له شجرة أخرى ذات ظل و ثمر و ماء فيقول أي رب قدمني إلى هذه الشجرة فاكون في ظلها وآكل من ثمرها و اشرب من مائها فيقول هل عسيت إن فعلت ذلك إن تسألني غيره فيقول لا وعزتك لا أسألك غيره فيقدمه الله إليها فتبرز له الجنة فيقول أي رب قدمني إلى باب الجنة فاكون نجاف الجنة و في رواية تحت نجاف الجنة انظر إلى أهلها فيقدمه الله إليها فيرى أهل الجنة و ما فيها فيقول أي رب أدخلني الجنة فيدخله الجنة فإذا دخل الجنة قال هذا لي فيقول الله له تمن قال فيتمنى و يذكره الله سل كذا و كذا فإذا انقطعت به الأماني قال الله هو لك و عشرة أمثاله قال ثم يدخل بيته و يدخل

عليه زوجتاه من الحور العين فيقولان الحمد لله الذي أحياك لنا و أحيانا لك فيقول ما أعطى أحد مثل ما أعطيت و في صحيح مسلم من حديث المغيرة ابن شعبة رضي الله عنه عن النبي قال سال موسى ربه من أدنى أهل الجنة منزلة فقال هو رجل يجيء بعد ما دخل أهل الجنة الجنة فيقال له ادخل الجنة فيقول أي رب و كيف و قد نزل الناس منازلهم و اخذوا اخذاتهم فيقال له أترضى إن يكون لك مثل ملك من ملوك الدنيا فيقول رضيت رب فيقال ذلك لك و مثله و مثله و مثله و مثله ومثله فيقول في الخامسة رضيت رب فيقول لك هذا و عشرة أمثاله و لك ما اشتهت نفسك و لذت عينك فيقول رضيت رب قال فأعلاهم منزلة قال ذلك الذي أردت غرس كرامتهم بيدي و ختمت عليها فلم تر عين و لم تسمع أذن و لم يخطر على قلب بشر و مصداقه في كتاب الله فلا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة أعين
الباب التاسع و الستون
و هو باب جامع فيه فصول منثورة لم تذكر فيما تقدم من الأبواب فصل
في لسان أهل الجنة
قال ابن أبي الدنيا حدثنا القاسم بن هاشم ثنا صفوان بن صالح حدثني رواد ابن الجراح العسقلاني ثنا الاوزاعي عن هارون ابن زباب عن انس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله يدخل أهل الجنة الجنة على طول آدم ستين ذراعا بذراع الملك على حسن يوسف و على ميلاد عيسى ثلاث و ثلاثون سنة و على لسان محمد جرد مرد مكحلون و روى داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال لسان أهل الجنة عربي و قال عقيل قال الزهري لسان أهل الجنة عربي فصل
في احتجاج الجنة و النار
في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال احتجت الجنة و النار فقالت هذه يدخلني الجبارون و المتكبرون

و قالت هذه يدخلني الضعفاء و المساكين فقال الله عز و جل لهذه أنت عن ابي أعذب بك من أشاء و قال لهذه أنت رحمتي ارحم بك من أشاء و لكل واحدة منكما ملؤها و في رواية أخرى تحاجت النارو الجنة فقالت النار اوثرت بالمتكبرين و المتجبرين و قالت الجنة ما مالي لا يدخلني ألا ضعفاء الناس و سقطهم و عجزهم فقال الله سبحانه للجنة أنت رحمتي ارحم بك من أشاء من عبادي و قال للنار أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي و لكل واحدة منكما ملؤها فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع قدمه عليها فتقول قط قط فهنالك تمتلئ و ينزوي بعضها على بعض و لا يظلم الله من خلقه أحدا و أما الجنة فان الله عز و جل ينشئ لها خلقا فصل
في إن الجنة يبقى فيها فضل
فينشىء الله لها خلقا دون النار و في الصحيحين عن انس بن مالك عن النبي قال لا تزال جهنم يلقى فيها و تقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض و تقول قط قط بعزتك و كرمك و لا يزال في الجنة فضل حتى ينشئ الله لها خلقا فيسكنهم فضل الجنة و في لفظ مسلم يبقى من الجنة ما شاء الله إن يبقى ثم ينشىء الله سبحانه لها خلقا فيسكنهم فضل الجنة وفي لفظ مسلم يبقى من الجنة ما شاء الله ان يبقى لمما يشاء و أما اللفظ الذي وقع في صحيح البخاري في حديث أبي هريرة و انه ينشئ للنار من يشاء فيلقى فيها فتقول هل من مزيد فغلط من بعض الرواة انقلب عليه لفظه و الروايات الصحيحة و نص القران يرده فان الله سبحانه و اخبر انه يملا جهنم من إبليس و اتباعه فانه لا يعذب ألا من قامت عليه حجته و كذب رسله قال تعالى كلما القي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا و قلنا ما نزل الله من شيء و لا يظلم الله أحدا من خلقه فصل
قي امتناع النوم على أهل الجنة
روى ابن مردويه من حديث سفيان الثوري عن محمد بن المنكدر عن جابر

رضي الله عنه قال قال رسول الله النوم أخو الموت و أهل الجنة لا ينامون و ذكر الطبراني من حديث يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد ابن المنكدر عن جابر قال سئل نبي الله فقيل أينام أهل الجنة فقال النبي النوم أخو الموت و أهل الجنة لا ينامون فصل
في ارتقاء العبد و هو في الجنة من درجة إلى درجة أعلى منها
قال الإمام احمد ثنا يزيد أنبانا حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول يا رب إن لي هذه فيقول باستغفار ولدك لك
فصل في إلحاق ذرية المؤمن به في الدرجة و إن لم يعملوا عمله قال
تعالى و الذين آمنوا و اتبعناهم ذرياتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم و ما التناهم من عملهم من شيء و روى قيس عن عمرو بن مرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله إن الله ليرفع ذرية المؤمن إليه في درجته و إن كانوا دونه في العمل لتقربهم عينه ثم قرا و الذين آمنوا و اتبعناهم ذرياتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم و ما التناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين قال ما نقصنا الآباء مما أعطينا البنين و ذكر ابن مردويه في تفسيره من حديث شريك عن سالم الافطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال شريك أظنه حكاه عن النبي قال إذا دخل الرجل الجنة سال عن أبويه و زوجته و ولده فيقال انهم لم يبلغوا درجتك أو عملك فيقول يا رب قد عملت لي و لهم فيؤمر بالإلحاق بهم ثم تلا ابن عباس و الذين آمنوا و اتبعناهم ذرياتهم بإيمان إلى آخر الآية و قد اختلف المفسرون في الذرية في هذه الآية هل المراد بها الصغار أو الكبار أو النوعان على ثلاثة أقوال و اختلافهم مبني على إن قوله بإيمان حال من الذرية و التابعين أو المؤمنين المتبوعين فقالت طائفة المعنى و الذين آمنوا و اتبعناهم ذرياتهم في إيمانهم فأتوا من الإيمان بمثل ما أتوا به و الحقناهم بهم في الدرجات قالوا و يدل على هذا قراءة من قرا و اتبعتم ذريتهم فجعل الفعل في الاتباع لهم قالوا و قد أطلق الله سبحانه

الذرية على الكبار كما قال و من ذريته داود و سليمان قال ذرية من حملنا مع نوح و قال و كنا ذرية من بعدهم افتهلكنا بما فعل المبطلون و هذا قول الكبار و العقلاء قالوا و يدل على ذلك متا رواه قول سعيد بن جبير عن ابن عباس يرفعه إن الله يرفع ذرية المؤمن إلى درجته و إن كانوا دونه في العمل لتقر بهم عينه فهذا يدل على انهم دخلوا الجنة بأعمالهم و لكن لم يكن لهم أعمال يبلغوا بها درجة آبائهم فبلغهم إياها و إن تقاصر عملهم عنها قالوا أيضا فالأيمان هو القول و العمل و النية و هذا إنما يمكن من الكبار و على هذا فيكون المعنى إن الله سبحانه يجمع ذرية المؤمن إليه إذا أتوا من الإيمان بمثل إيمانه إذ هذا حقيقة التبعية و إن كانوا دونه في الإيمان رفعهم الله إلى درجته إقرارا لعينه و تكميلا لنعيمه و هذا كما إن زوجات النبي معه في الدرجة تبعا و إن لم يبلغوا تلك الدرجة بأعمالهن و قالت طائفة أخرى الذرية ههنا الصغار و المعنى و الذين آمنوا و اتبعناهم ذرياتهم في إيمان الآباء و الذرية تتبع الآباء و إن كانوا صغارا في الإيمان و إحكامه من الميراث و الدية و الصلاة عليهم و الدفن في قبور المسلمين و غير ذلك ألا فيما كان من أحكام البالغين و يكون قوله بإيمان على هذا في موضع نصب على الحال من المفعولين أي و اتبعناهم ذرياتهم بإيمان الآباء قالوا و يدل على صحة هذا القول البالغين لهم حكم أنفسهم في الثواب و العقاب فانهم مستقلون بأنفسهم ليسوا تابعين الآباء في شيء من أحكام الدنيا و لا أحكام الثواب و العقاب لاستقلالهم بأنفسهم و لو كان المراد بالذرية البالغين لكن أولاد الصحابة البالغون كلهم في درجة آبائهم و تكون أولاد التابعين البالغون كلهم في درجة آبائهم و هلم جرا إلى يوم القيامة فيكون الآخرون في درجة السابقين قالوا و يدل عليه أيضا انه سبحانه جعلهم معهم تيعا في الدرجة كما جعلهم تبعا معهم في الايمان ولو كانوا بالغين لم يكن ايمانهم تبعا بل ايمان استقلال قالوا ويدل عليه ان الله سبحانه و تعالى جعل المنازل في الجنة بحسب الأعمال في حق المستقلين و أما الاتباع فان الله سبحانه و تعالى يرفعهم إلى درجة أهليهم و إن لم يكن لهم أعمالهم كما تقدم وايضا فالحور العين والخدم في درجة اهليهم وان لم يكن لهم عمل بخلاف المكلفين البالغين فانهم يرفعون إلى حيث بلغتهم أعمالهم و قالت فرقة منهم الواحدي الوجه إن تحمل الذرية الصغار و الكبار لان الكبير يتبع الأب بإيمان نفسه

و الصغير يتبع الأب بإيمان الأب قالوا والذرية تقع على الصغير و الكبير و الواحد و الكثير و الابن و الأب كما قال تعالى و آية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون أي آباءهم و الإيمان يقع على الإيمان التبعي و على الاختياري الكسبي فمن وقوعه على التبعي قوله فتحرير رقبة مؤمنة فلو اعتق صغيرا جاز قالوا و أقوال السلف تدل على هذا قال سعيد بن جبير عن ابن عباس إن الله يرفع ذرية المؤمن في درجته و إن كانوا دونه في العمل لتقربهم عيونهم ثم قرا هذه الآية و قال ابن مسعود في هذه الآية الرجل يكون له القدم و يكون له الذرية فيدخل الجنة فيرفعون إليه لتقر بهم عينه و إن لم يبلغوا ذلك و قال أبو مجلز يجمعهم الله له كما كان يحب إن يجتمعوا في الدنيا و قال الشعبي ادخل الله الذرية بعمل الآباء الجنة و قال الكلبي عن ابن عباس إن كان الآباء ارفع درجة من الأبناء رفع الله الأبناء إلى الآباء و إن كان الأبناء ارفع درجة من الآباء رفع الله الآباء إلى الأبناء و قال إبراهيم أعطوا مثل أجور آبائهم و لم ينقص الآباء من أجورهم شيئا وقال ويدل على صحة هذا القول إن القراءتين كالآيتين فمن قرا واتبعتهم ذريتهم فهذا من حق البالغين الذين تصح نسبة الفعل إليهم كما قال تعالى و السابقون الأولون من المهاجرين و الأنصار ا و الذين اتبعوهم بإحسان و من قرا و اتبعناهم ذرياتهم فهذا في حق الصغار الذين اتبعهم الله إياهم في الإيمان حكما فدلت القراءتان على النوعين قلت و اختصاص الذرية ههنا بالصغار اظهر لئلا يلزم استواء المتأخرين بالسابقين في الدرجات و لا يلزم مثل هذا في الصغار فان أطفال كل رجل و ذريته معه في درجته و الله اعلم
فصل في إن الجنة تتكلم قد تقدم قوله احتجت الجنة و النار و
قوله قالت الجنة يا رب قد أطردت انهاري و طابت ثماري فعجل على بأهلي و قال إسماعيل ابن أبي خالد عن سعيد الطائي أخبرت إن الله تعالى لما خلق الجنة قال لها تزيني فتزينت ثم قال لها تكلمي فتكلمت فقالت طوبى لمن رضيت عنه و قال قتادة لما خلق الله الجنة قال لها تكلمي فقالت طوبى للمتقين و قال الطبراني حدثنا احمد بن علي ثنا هشام بن خالد ثنا بقية عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس

282 - رضي الله عنهما قال قال رسول الله لما خلق الله جنة عدن خلق فيها ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر ثم قال لها تكلمي فقالت قد افلح المؤمنون فصل
في إن الجنة تزداد حسنا على الدوام
قال عبد الله بن احمد ثنا خلف بن هشام ثنا خالد بن عبد الله عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث عن كعب قال ما نظر الله إلى الجنة ألا قال طيبي لأهلك فتزداد ضعفا حتى يدخلها أهلها فصل
في إن الحور العين يطلبن أزواجهن اكثر مما يطلبهن أزواجهن
كما تقدم حديث معاذ بن جبل في ذلك و قول الحوراء لامرأته في الدنيا لا تؤذيه فيوشك إن يفارقك ألينا حديث عكرمة عن النبي في قول الحور العين اللهم اعنه على دينك و اقبل بقلبه على طاعتك و ذكر ابن أبي الدنيا عن أبي سليمان الداراني قال كان شابا بالعراق يتعبد فخرج مع رفيق له إلى مكة فكان إن نزلوا فهو يصلي و إن أكلوا فهو صائم فصبر عليه رفيقه ذاهبا وجائيا فلما أراد إن يفارقه قال له يا أخي اخبرني ما الذي هيجك إلى ما رأيت قال رأيت في النوم قصرا من قصور الجنة و إذا لبنة من فضة و لبنة من ذهب فلما تم البناء إذا شرافة من زبر جدة و شرافة من ياقوت و بينهما حوراء من حور العين مرخية شعرها عليها ثوب من فضة ينثني عليها معها كلما تثنت فقالت جد إلى الله في طلبي فقد و الله جددت إليه في طلبك فهذا الذي تراه في طلبها قال أبو سليمان هذا في طلب حوراء فكيف بمن قد طلب ما هو اكثر منها فصل
في ذبح الموت بين الجنة و النار
قال الله تعالى و أنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر و هم في غفلة وهم لا يؤمنون و عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله يجاء بالموت كأنه كبش املح فيوقف بين الجنة و النار فيقال يا أهل الجنة هل

تعرفون هذا فيشرأبون و ينظرون و يقولون نعم هذا الموت ثم يقال يا أهل النار هل تعرفون هذا فيشرأبون و ينظرون ويقولون نعم هذا الموت قال فيؤمر به فيذبح قال ثم يقال يا أهل الجنة خلود فلا موت و يا أهل النار خلود فلا موت ثم قرا رسول الله و أنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر و هم في غفلة و هم لا يؤمنون متفق عليه و في الصحيحين أيضا من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله قال يدخل اهل الجنة الجنة و يدخل أهل النار النار ثم يقوم مؤذن بينهم فيقول يا أهل الجنة لا موت و يا أهل النار لا موت كل خالد فيما هو فيه و عنه قال قال رسول الله إذا صار أهل الجنة إلى الجنة و صار أهل النار إلى النار أتي بالموت حتى يجعل بين النار والجنة ثم ينادى مناد يا أهل الجنة لا موت و يا أهل النار لا موت فيزداد اهل الجنة فرحا و يزداد أهل النار حزنا إلى جهنم و عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال إذا دخل أهل الجنة الجنة و أهل النار النار أتي بالموت ملبيا فيوقف على السور الذي بين أهل الجنة و أهل النار ثم يقال يا أهل الجنة فيطلعون خائفين ثم يقال يا أهل النار فيطلعون مبشرين يرجون الشفاعة فيقال لأهل الجنة و أهل النار هل تعرفون هذا فيقول هؤلاء و هؤلاء قد عرفناه هو الموت الذي وكل بنا فيضجع فيذبح ذبحا على السور ثم يقال يا أهل الجنة خلود لا موت و يا أهل النار خلود لا موت رواه النسائي و الترمذي و قال حديث حسن صحيح و هذا الكبش و الإضجاع و الذبح و معاينة الفريقين ذلك حقيقة لا خيال و لا تمثيل كما أخطأ فيه بعض الناس خطا قبيحا و قال الموت عرض و العرض لا يتجسم فضلا عن ان يذبح و هذا لا يصح فان الله سبحانه ينشئ من الموت صورة كبش يذبح كما ينشئ من الأعمال صورا معاينة يثاب بها و يعاقب و الله تعالى ينشئ من الأعراض أجساما تكون الأعراض مادة لها و ينشئ من الأجسام أعراضا كما ينشئ سبحانه و تعالى من الأعراض أعراضا و من الأجسام أجساما فالأقسام الأربعة ممكنة مقدوره للرب تعالى و لا يستلزم جمعا بين النقيضين و لا شيئا من المحال و لا حاجة إلى تكلف من قال أن الذبح لملك الموت فهذا كله من الاستدراك الفاسد على الله و رسوله و التأويل

الباطل الذي لا يوجبه عقل و لا نقل و سببه قله الفهم لمراد الرسول من و كلامه فظن هذا القائل أن لفظ الحديث يدل على أن نفس العرض يذبح و ظن غالط آخر أن العرض يعدم و يزول و يصير مكانه جسم يذبح و لم يهتد الفريقان الى هذا القول الذي ذكرناه و أن الله سبحانه ينشئ من الأعراض أجسام و يجعلها مادة لها كما في الصحيح عنه تجيء البقرة و آل عمران يوم القيامة كأنهما غمامتان الحديث فهذه هي القراءة التي ينشئها الله سبحانه تعالى غمامتين و كذلك قوله في الحديث الآخر أن ما تذكرون من جلال الله من تسبيحه و تحميده و تهليله يتعاطفن حول العرش لهن دوي كدوي النحل يذكرن بصاحبهن ذكره احمد و كذلك قوله في حديث عذاب القبر و نعيمه للصورة التي يراها فيقول من أنت فيقول أنا عملك الصالح و أنا عملك السيء و هذا حقيقة لا خيال و لكن الله سبحانه أنشأ له من عمله صورة حسنة و صورة قبيحة و هل النور الذي يقسم بين المؤمنين يوم القيامة إلا نفس إيمانهم أنشأ الله سبحانه لهم منه نورا يسعى بين أيديهم فهذا أمر معقول لو لم يرد به النص فورود النص به من باب تطابق السمع و العقل وقال سعيد عن قتادة بلغنا أن نبي الله قال أن المؤمن إذا خرج من قبره صور له عمله في صورة حسنة و بشارة حسنة فيقول له من أنت فوالله أنى لاراك أمرا الصدق فيقول له أنا عملك فيكون له نورا و قائدا إلى الجنة و أما الكافر إذا خرج من قبره صور له عمله في صورة سيئة وبشارة سيئة فيقول ما انت فوالله اني لاراك امرا السوء فيقول له انا عملك فينطلق به حتى يدخله النار و قال مجاهد مثل ذلك و قال ابن جريج يمثل له عمله في صورة حسنة و ريح طيبة يعارض صاحبه و يبشره بكل خير فيقول له من أنت فيقول أنا عملك فيجعل له نورا بين يديه حتى يدخله الجنة فذلك قوله يهديهم ربهم بإيمانهم و الكافر يمثل له عمله في صورة سيئة و ريح منتنة فيلازم صاحبه و يلاده حتى يقذفه في النار و قال ابن المبارك ثنا المبارك بن فضالة عن الحسن انه ذكر هذه الآية افما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى و ما نحن بمعذبين قال علموا أن كل نعيم بعده الموت انه يقطعه فقالوا افما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى و ما نحن بمعذبين قيل لا قالوا أن هذا لهو الفوز العظيم و كان يزيد الرقاشي يقول في كلامه أمن أهل الجنة من الموت فطاب لهم العيش و آمنوا من الأسقام فهنا هم في جوار الله طول يبكي حتى تجري دموعه على لحيته

فصل
في ارتفاع العبادات في الجنة إلا عبادة الذكر فإنها دائمة
روى مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي قال كل يأكل أهل الجنة فيها و يشربون و لا يتخمطون و لا يتغوطون و لا يبولون و يكون طعامهم ذلك جشاء و رشحا كرشح المسك يلهمون التسبيح و الحمد كما يلهمون النفس و في رواية التسبيح و التكبير كما تلهمون بالتاء المثناة من فوق أي تسبيحهم و تحميدهم يجري مع الأنفاس كما تلهمون انتم النفس فصل
قي تذاكر أهل الجنة ما كان بينهم في دار الدنيا
قال الله تعالى و اقبل بعضهم على بعض يتساءلون قال قائل منهم اني كان لي قرين الآيات و قد تقدم الكلام عليها و قال تعالى فاقبل بعضهم على بعض يتساءلون قالوا أنا كنا قبل في أهلنا مشفقين فمن الله علينا و وقانا عذاب السموم و ذكر ابن أبي الدنيا من حديث الربيع بن صبيح عن الحسن عن انس يرفعه إذا دخل أهل الجنة الجنة فيشتاق الإخوان بعضهم إلى بعض فيسير سرير هذا إلى سرير هذا وسرير هذا الى سرير هذا حتى يجتمعا جميعا فيتكىء هذا او يتكىء هذا فيقول أحدهما لصاحبه تعلم متى غفر الله لنا فيقول صاحبه نعم يوم كذا و كذا و موضع كذا و كذا فدعونا الله فغفر لنا و إذا تذاكروا ما كان بينهم فتذاكرهم فيما كان يشكل عليهم في الدنيا من مسائل العلم و فهم القرآن و السنة و صحة الأحاديث أولى و أحرى فان المذاكرة في الدنيا في ذلك ألذ من الطعام و الشراب و الجماع فتذاكر في الجنة اعظم لذة و هذه لذة يختص بها أهل العلم و يتميزون بها على من عداهم
الباب السبعون في ذكر من يستحق هذه البشارة دون غيره قال الله تعالى
و بشر الذين آمنوا و عملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها و قال تعالى ألا أن أولياء الله لا خوف عليهم و لا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا و في الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم و قال تعالى أن الذين قالوا ربنا

الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة إلا تخافوا و لا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون و قال تعالى فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله و أولئك هم أولوا الألباب و قال تعالى الذين آمنوا و هاجروا و جاهدوا في سبيل الله بأموالهم و أنفسهم اعظم درجة عند الله و أولئك هم الفائزون يبشرهم ربهم برحمة منه و رضوان و جنات لهم فيها نعيم مقيم خالدين فيها أبدا أن الله عنده اجر عظيم و قال تعالى و الذين آمنوا و عملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا و عملوا الصالحات و قال تعالى إنما تنذر من اتبع الذكر و خشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة و اجر كريم و قال تعالى يا أيها النبي أنا أرسلناك شاهدا و مبشرا و نذيرا و داعيا إلى الله بإذنه و سراجا منيرا و بشر المؤمنين بان لهم من الله فضلا كبيرا و قال تعالى و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما أتاهم الله من فضله و يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم و لا هم يحزنون يستبشرون بنعمة من الله و فضل و أن الله لا يضيع اجر المؤمنين و قال تعالى أن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بان لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون و يقتلون وعدا عليه حقا في التوراة و الإنجيل و القرآن و من أوفى بعده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به و ذلك هو الفوز العظيم و قال تعالى و لنبلونكم بشيء من الخوف و الجوع و نقص من الأموال و الأنفس و الثمرات و بشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا أنا لله و أنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم و رحمة و أولئك هم المهتدون و قال تعالى و أخرى تحبونها نصر من الله و فتح قريب و بشر المؤمنين و قال في الجنة أعدت للمتقين و قال أعدت للذين آمنوا بالله و رسله و قال أن الذين آمنوا و عملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا و قال تعالى قد افلح المؤمنون إلى قوله أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون و في المسند و غيره أن النبي قال قد أنزلت علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة ثم تلا قد افلح المؤمنون حتى ختم العشر آيات و قال تعالى أن المسلمين و المسلمات إلى قوله اعد الله لهم مغفرة و آجرا عظيما و قال تعالى التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون

الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر و الحافظون لحدود الله و بشر المؤمنين و قال تعالى تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا و قال تعالى و سارعوا إلى مغفرة من ربكم و جنة عرضها السماوات و الأرض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء و الضراء و الكاظمين الغيظ و العافين عن الناس و الله يحب المحسنين و الذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم و من يغفر الذنوب ألا الله و لم يصروا على ما فعلوا و هم يعلمون أولئك جزاءهم مغفرة من ربهم و جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها و نعم اجر العاملين و قال تعالى يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب اليم تؤمنون بالله و رسوله و تجاهدون في سبيل الله بأموالكم و أنفسكم ذلكم خير لكم أن كنتم تعلمون إلى قوله و بشر المؤمنين و قال تعالى و لمن خاف مقام ربه جنتان و قال تعالى و أما من خاف مقام ربه و نهى النفس عن الهوى فان الجنة هي المأوى و هذا في القرآن كثير مقداره على ثلاث قواعد إيمان و تقوى و عمل خالص لله على موافقة السنة فأهل هذه الأصول الثلاثة هم أهل البشرى دون من عداهم من سائر الخلق و عليها دارت بشارات القرآن و السنة جميعها و هي تجتمع في اصلين إخلاص في طاعة الله و إحسان إلى خلقه و ضدها يجتمع في الذين يراءون و يمنعون الماعون و ترجع إلى خصلة واحدة و هي موافقة الرب تبارك و تعالى في محابه و لا طريق إلى ذلك ألا بتحقيق القدوة ظاهرا و باطنا برسول الله و أما الأعمال التي هي تفاصيل هذا الأصل فهي بضع و سبعون شعبة أعلاها قول لا اله إلا الله و أدناها إماطة الأذى عن الطريق و بين هاتين الشعبتين سائر الشعب التي مرجعها تصديق الرسول في كل ما أخبر به و طاعته في جميع ما أمر به إيجابا و استحبابا كالإيمان بأسماء الرب و صفاته و أفعاله و آياته من غير تحريف لها و لا تعطيل و من غير تكييف و لا تمثيل كما قال الشافعي رحمه الله الحمد لله الذي هو كما وصف به نفسه و فوق ما يصف به خلقه و كأنه أخذ هذا من قول النبي اللهم لك الحمد كالذي تقول و خيرا مما تقول و قد ذكرنا في اول الكتاب جملة م مقالات أهل السنة و الحديث التي اجمعوا عليها كما حكاه الاشعري عنهم و نحن نحكي اجماعهم كما حكاه حرب صاحب الإمام احمد عنهم بلفظه قال في مسائله المشهورة هذه مذاهب أهل العلم و أصحاب الأثر و أهل السنة المتمسكين بها المقتدى بهم فيها من لدن أصحاب

النبي إلى يومنا هذا و أدركت من أدركت من علماء أهل الحجاز و الشام و غيرهم عليها فمن خالف شيئا من هذه المذاهب أو طعن فيها أو عاب قائلها فهو مخالف مبتدع خارج عن الجماعة زائل عن منهج السنة و سبيل الحق قال و هو مذهب احمد و إسحاق بن إبراهيم و عبد الله بن مخلد و عبد الله بن الزبير الحميدي و سعيد بن منصور و غيرهم كمن جالسنا و أخذنا عنهم العلم و كان من قولهم أن الإيمان قول و عمل و نية و تمسك بالسنة و الإيمان يزيد و ينقص و يستثنى من الإيمان غير أن لا يكون الاستثناء شكا إنما هي سنة ماضية سد العلماء فإذا سئل الرجل أمؤمن أنت فانه يقول انا مؤمن أن شاء الله أو مؤمن ارجوا و يقول أمنت بالله و ملائكته و كتبه ورسله و من زعم أن الإيمان قول بلا عمل فهو مرجىء و من زعم أن الإيمان هو القول و الأعمال شرائع فهو مرجئ و من زعم أن الإيمان يزيد و لا ينقص فقد قال بقول المرجئة و من لم ير الاستثناء في الإيمان فهو مرجئ و من زعم أن إيمانه كإيمان جبريل و الملائكة فهو مرجئ و من زعم أن المعرفة في القلب و أن لم يتكلم بها فهو مرجئ و القدر خيره و شره و قليله و كثيره و ظاهره و باطنه و حلوه و مره و محبوبه و مكروهه و حسنه و سيئه و أوله و آخره من الله عز و جل قضاء قضاه على عباده و قدر قدره عليهم لا يعدوا واحد منهم مشيئة الله و لا يجاوزه قضاؤه بل هم كلهم صائرون إلى ما خلقهم له واقعون فيما قدر عليهم و هو عدل منه جل ربنا و عز و الزنا و السرقة و شرب الخمر و قتل النفس و أكل المال الحرام و الشرك و المعاصي كلها بقضاء الله من غير أن يكون لأحد من خلقه على الله حجة بل لله الحجة البالغة على خلقه لا يسئل عما يفعل و هم يسئلون و علم الله عز و جل ماض في خلقه بمشيئة منه سبحانه و تعالى فهو سبحانه قد علم من إبليس و من غيره ممن عصاه من لدن عصى الله تبارك وتعالى إلى قيام الساعة المعصية و خلقهم لها وعلم الطاعة اهل الطاعة وخلقهم لها فكل يعمل لما خلق له له و صائر إلى ما قضى عليه لا يعدو أحد منهم قدر الله و مشيئته و الله الفعال لما يريد و من زعم أن الله سبحانه و تعالى شاء لعباده الذين عصوه و تكبروا الخير و الطاعة و أن العباد شاءوا لانفسهم الشر و المعصية فعملوا على مشيئتهم فقد زعم أن مشيئته العباد اغلب من مشيئة الله تعالى و أي افتراء على الله اكبر من هذا و من زعم أن الزنا ليس بقدر قيل له أرايت هذه المرأة حملت من الزنا و جاءت بولد هل شاء الله عز و جل أن يخلق هذا الولد و هل مضى في سابق علمه فان قال لا فقد زعم أن مع

الله خالقا و هذا الشرك صراحا و من زعم أن السرقة و شرب الخمر و أكل المال الحرام ليس بقضاء و قدر فقد زعم أن هذا الإنسان قادر على أن يأكل رزق غيره و هذا صراح قول المجوسية بل أكل رزقه الذي قضى الله أن يأكله من الوجه الذي أكله و من زعم أن قتل النفس ليس بقدر من الله عز و جل فقد زعم ان المقتول مات بغير اجله و أي كفر أوضح من هذا بل ذلك بقضاء الله عز و جل و ذلك عدل منه في خلقه و تدبيره فيهم و ما جرى من سابق علمه فيهم و هو العدل الحق الذي يفعل ما يريد و من اقر بالعلم لزمه الإقرار بالقدر و المشيئة على الصغر و القماءة و لا نشهد على أحد من أهل القبلة انه في النار لذنب عمله و لا لكبيرة أتاها إلا أن يكون في ذلك حديث كما جاء في حديث ولا بنص الشهادة و لا نشهد لأحد انه في الجنة بصالح عمله و لا لخير أتاه إلا أن يكون في ذلك حديث كما جاء على ما روي و لا بنص الشهادة و الخلافة في قريش ما بقي من الناس اثنان و ليس لأحد من الناس أن ينازعهم فيها و لا نخرج عليهم و لا نقر لغيرهم بها إلى قيام الساعة و الجهاد ماض قائم مع الأئمة بروا أو فجروا لا يبطله جور جائر و لا عدل عادل و الجمعة و العيدان و الحج مع سلطان و أن لم يكونوا بررة عدو لا اتقياء وأتقياء و دفع الصدقات و الخراج و الأعشار و الفيء و الغنائم إليهم عدلوا فيها أو جاروا و الانقياد لمن والاه الله عز و جل أمركم لا تنزع يدا من طاعته و لا تخرج عليه بسيف حتى يجعل الله لك فرجا و مخرجا و لا تخرج على السلطان و تسمع و تطيع و لا تنكث بيعته فمن فعل ذلك فهو مبتدع مخالف مفارق للسنة للجماعة و أن أمرك السلطان بأمر فيه لله معصية فليس لك أن تطيعه البتة و ليس لك أن تخرج عليه و لا تمنعه حقه و الإمساك في الفتنة سنة ماضية واجب احترامها فان أبتليت فقدم نفسك دون دينك و لا تعن على الفتنة بيد و لا لسان و لكن اكفف لسانك و يدك و هواك و الله المعين و الكف عن أهل القبلة فلا تكفر أحدا منهم بذنب و لا تخرجه عن الإسلام بعمل إلا أن يكون في ذلك حديثا كما جاء و ما روى فتصدقه و تقبله و تعلم انه كما روى نحو كفر من يستحل نحو ترك الصلاة و شرب الخمر و ما أشبه ذلك أو يبتدع بدعة ينسب صاحبها إلى الكفر و الخروج من الإسلام فاتبع ذلك و لا تجاوزه و الأعور الدجال خارج لا شك في ذلك و لا ارتياب و هو اكذب الكاذبين و عذاب القبر حق يسال العبد عن دينه و عن ربه و عن الجنة و عن النار و منكر و نكير حق و هما فتانا القبر نسال الله الثبات و حوض محمد حق حوض ترده أمته و لهم آنية يشربون بها منه و الصراط حق

يوضع على سواء جهنم و يمر الناس عليه و الجنة من وراء ذلك و الميزان حق يوزن به الحسنات و السيئات كما شاء الله أن يوزن و الصور حق ينفخ فيه اسرافيل فتموت الخلق ثم ينفخ فيه الأخرى فيقومون لرب العالمين للحساب و فصل القضاء و الثواب و العقاب و الجنة و النار و اللوح المحفوظ يستنسخ منه أعمال العباد لما سبق فيه من التقادير و القضاء و القلم حق كتب الله به مقادير كل شيء و أحصاه في الذكر و الشفاعة يوم القيامة حق يشفع قوم في قوم فلا يصيرون إلى النار و يخرج قوم من النار بعدما دخلوها و لبثوا فيها ما شاء الله ثم يخرجهم من النار و قوم يخلدون فيها أبدا و هم أهل الشرك و التكذيب و الجحود و الكفر بالله عز و جل و يذبح الموت يوم القيامة بين الجنة و النار و قد خلقت الجنة و ما فيها و خلقت النار و ما فيها خلقهما الله عز و جل و خلق الخلق لهما و لا يفنيان و لا يفنى فيهما ما فيهما أبدا فإذا احتج مبتدع أو زنديق بقول الله عز و جل كل شيء هالك إلا وجهه و بنحو هذا من متشابه القرآن قيل له كل شيء مما كتب الله عليه الفناء و الهلاك هالك و الجنة و النار خلقهما الله للبقاء لا للفناء و لا للهلاك و هما من الآخرة لا من الدنيا و الحور العين لا يمتن عند قيام الساعة و لا عند النفخة و لا أبدا لان الله عز و جل خلقهن للبقاء لا للفناء و لم يكتب عليهن الموت فمن قال خلاف هذا فهو مبتدع ضل عن سواء السبيل و خلق سبع سماوات بعضها فوق بعض و سبع أرضين بعضها اسفل من بعض و بين الأرض العليا و السماء الدنيا مسيرة خمسمائة عام و بين كل سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة عام و الماء فوق السماء العليا السابعة و عرش الرحمن عز و جل فوق الماء و الله عز و جل على العرش و الكرسي موضع قدميه و هو يعلم ما في السماوات و الأرضين و ما بينهما و ما تحت الثرى و ما في قعر البحر و منبت كل شعرة و شجرة و كل زرع وكل نبات و مسقط كل ورقة عدد كل كلمة و عدد الرمل و الحصى و التراب و مثاقيل الجبال و أعمال العباد و أثارهم و كلامهم و أنفاسهم و يعلم كل شيء و لا يخفى عليه من ذلك شيء و هو على العرش فوق السماء السابعة و دونه حجب من نار و نور و ظلمة و ما هو اعلم به فإذا احتج مبتدع أو مخالف بقول الله عز و جل و نحن اقرب إليه من حبل الوريد و قوله تعالى ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم و لا خمسة إلا هو سادسهم و لا أدنى من ذلك ولا اكثر إلا هو معهم أينما كانوا و نحو هذا من متشابه القرآن فقل إنما يعني بذلك العلم أن الله عز و جل على العرش فوق السماء السابعة العليا يعلم ذلك كله و هو بائن

من خلقه لا يخلو من علمه مكان و لله عز و جل عرش و للعرش حملة يحملونه و الله عز و جل مستو على عرشه و ليس له حد و الله عز و جل سميع لا يشك بصير لا يرتاب عليم لا يجهل جواد لا يبخل حليم لا يعجل حفيظ لا ينسى و لا يسهو قريب لا يغفل و يتكلم و ينظر و يبسط و يضحك و يفرح و يحب و يكره و يبغض و يرضى و يغضب و يسخط و يرحم و يعفو و يغفر و يعطي و يمنع و ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا كيف شاء ليس كمثله شيء و هو السميع البصير و قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء و يوعيها ما أراد و خلق آدم بيده على صورته و السموات و الأرض يوم القيامة في كفه و يضع قدمه في النار فتنزوي و يخرج قوما من النار بيده و ينظر إلى وجهه أهل الجنة يرونه فيكرمهم و يتجلى لهم و تعرض عليه العباد يوم القيامة و يتولى حسابهم بنفسه و لا يلى ذلك غير الله عز و وجل والقرآن كلام الله الذي تكلم به وليس بمخلوق فمن زعم أن القرآن مخلوق فهو جهمي كافر و من زعم أن القرآن كلام الله و وقف و لم يقل ليس بمخلوق فهو اخبث من القول الأول و من زعم أن ألفاظنا و تلاوتنا مخلوقة و القرآن كلام الله فهو جهمي و كلم الله موسى تكليما منه إليه و ناوله التوراة من يده إلى يده و لم يزل الله عز و جل متكلما و الرؤيا من الله و هي حق إذا رأى صاحبها في منامه ما ليس ضغثا فقصها على عالم وصدق فيها فأولها العالم على اصل تأويلها الصحيح و لم يحرف فالرؤيا تأويلها حينئذ حق و قد كانت الرؤيا من الأنبياء وحيا فأي جاهل اجهل ممن يطعن في الرؤيا و يزعم أنها ليست بشيء و بلغني أن من قال هذا القول لا يرى الاغتسال من الاحتلام و قد روى عن النبي أن رؤيا المؤمن كلام يكلم به الرب عبده و قال أن الرؤيا من الله و ذكر محاسن أصحاب رسول الله كلهم و الكف عن ذكر مساويهم التي شجرت بينهم فمن سب أصحاب رسول الله أو واحدا منهم أو نقصه أو طعن عليه أو عرض بعيبهم أو عاب أحدا منهم فهو مبتدع رافضي خبيث مخالف لا يقبل الله منه صرفا و لا عدلا بل حبهم سنة و الدعاء لهم قربة و الاقتداء بهم وسيلة و الأخذ باثارهم بها فضيلة و خير الأمة بعد النبي أبو بكر وعمر بعد ابي بكر و عثمان بعد عمر و علي بعد عثمان و وقف قوم على عثمان و هم خلفاء راشدون مهديون ثم أصحاب رسول الله بعد هؤلاء الأربعة خير الناس لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساوئهم و لا أن يطعن في واحد منهم بعيب و لا نقص

فمن فعل ذلك فقد وجب على السلطان تأديبه و عقوبته ليس له أن يعفو عنه بل يعاقبه و يستتيبه فان تاب قبل منه و أن لم يتب أعاد عليه العقوبة و خلده في الحبس حتى يموت أو يرجع و نعرف للعرب حقها و فضلها و سابقتها و نحبهم لحديث الرسول الله فان احبهم إيمان و بغضهم نفاق و لا نقول بقول الشعوبية و أراذل الموالي الذين لا يحبون العرب و لا يقرون لهم بفضل فان قولهم بدعة و من حرم المكاسب و التجارات و طلب المال من وجهه فقد جهل و أخطأ و خالف بل المكاسب من وجوهها خلال قد احلها الله عز و جل و رسوله فالرجل ينبغي له أن يسعى على نفسه و عياله من فضل ربه فان ترك ذلك على انه لا ير الكسب فهو مخالف و الدين إنما هو كتاب الله عز و جل و اثار و سنن و روايات صحاح عن الثقات بالإخبار الصحيحة القوية المعروفة يصدق بعضها بعضا حتى ينتهي ذلك إلى رسول الله و أصحابه رضي الله عنهم و التابعين و تابعي التابعين و من بعدهم من الأئمة المعروفين المقتدى بهم المتمسكين بالسنة و المتعلقين بالآثار و لا يعرفون ببدعة و لا يطعن فيهم بكذب و لا يرمون بخلاف إلى أن قال فهذه الأقاويل التي وصفت مذاهب أهل السنة و الجماعة و الأثر و أصحاب الروايات و حملة العلم الذين أدركناهم و أخذنا عنهم الحديث و تعلمنا منهم السنن و كانوا أئمة معروفين ثقات أهل صدق و أمانة يقتدى بهم و يؤخذ عنهم و لم يكونوا أهل بدعة و لا خلاف و لا تخليط و هو قول أئمتهم و علمائهم الذين كانوا قبلهم فتمسكوا بذلك و تعلموه و علموه قلت حرب هذا صاحب احمد و إسحاق و له عنهما مسائل جليلة و أخذ عن سعيد بن منصور و عبد الله بن الزبير الحميدي و هذه الطبقة و قد حكى هذه المذاهب عنهم و اتفاقهم عليها و من تأمل المنقول عن هؤلاء و أضعاف أضعافهم من أئمة السنة و الحديث وجده مطابقا لما نقله حرب و لو تتبعناه لكان بمقدار هذا الكتاب مرارا و قد جمعت منه في مسالة علو الرب تعالى على خلقه و استوائه على عرشه وحدها سفرا متوسطا فهذا مذهب المستحقين لهذه البشرى قولا و عملا و اعتقادا و بالله التوفيق فصل
و نختم الكتابي بما ابتدأنا به أولا وهو خاتمة دعوى أهل الجنة
قال تعالى أن الذين آمنوا و عملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار

في جنات النعيم دعواهم فيها سبحانك اللهم و تحيتهم فيها سلام و آخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين قال حجاج عن ابن جريج أخبرت أن قوله دعواهم فيها سبحانك اللهم قال إذا مر بهم الطير ليشتهونه قالوا سبحانك اللهم وذلك دعواهم فيأتيهم الملك بما اشتهوا فيسلم عليهم فيردون عليه فذلك قوله تعالى و تحيتهم فيها سلام قال فإذا أكلوا حمدوا الله ربهم فذلك قوله تعالى و آخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين قال سعيد عن قتادة قوله تعالى دعواهم فيها سبحانك اللهم يقول ذلك دعاؤهم فيها و تحيتهم فيها سلام و قال الاشجعي سمعت سفيان الثوري يقول إذا أرادوا الشيء قالوا سبحانك اللهم فيأتيهم ما دعوا به و معنى هذه الكلمة تنزيه الرب تعالى و تعظيمه و إجلاله عما لا يليق به و ذكر سفيان عن عبد الله بن موهب سمعت موسى بن طلحة قال سئل رسول الله عن سبحان الله فقال تنزيه الله عن السوء و سال بن الكواء عليا عنها فقال كلمة رضيها الله تعالى لنفسه و قال حفص بن سليمان بن طلحة ابن يحيى بن طلحة عن أبيه عن طلحة بن عبيد الله قال سالت رسول الله عن تفسير سبحان الله فقال هو تنزيه الله عن كل سوء فأخبر الله تعالى عن أول دعواهم إذا استدعوا شيئا قالوا سبحان الله و عن آخر دعواهم عند ما يحصل لهم هو قولهم الحمد لله رب العالمين و معنى الآية اعم من هذا و الدعوى مثل الدعاء و الدعاء يراد به الثناء و يراد به المسالة و في الحديث افضل الدعاء الحمد لله رب العالمين فهذا دعاء ثناء و ذكر يلهمه الله أهل الجنة فأخبر سبحانه و عن أوله و آخره فأوله تسبيح و آخره حمد يلهمونهما كما يلهمون النفس و في هذا إشارة إلى أن التكاليف في الجنة يسقط عنهم و لا تبقى عبادتهم إلا هذه الدعوى التي يلهمونها و في لفظ اللهم إشارة إلى صريح الدعاء فإنها متضمنة لمعنى يا الله فهي متضمنة للسؤال و الثناء و هذا هو الذي فهمه من قال إذا أرادوا شيئا قالوا سبحانك اللهم فذكروا بعض المعنى و لم يستوفوه مع انهم قصروا به فانهم اوهموا انهم إنما يقولون ذلك عندما يريدون الشيء و ليس في الآية ما يدل على ذلك بل يدل على أن أول دعائهم التسبيح و آخره الحمد و قد دل الحديث الصحيح على انهم يلهمون ذلك كما يلهمون النفس فلا تختص الدعوى المذكورة بوقت إرادة الشيء و هذا كما انه لا يليق بمعنى الآية فهو لا يليق بحالهم و الله تعالى اعلم بالصواب
 

كتاب حادى الأرواح إلى بلاد الأرواح لإبن القيم الجوزيه

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» كتاب حادى الأرواح إلى بلاد الأرواح لإبن القيم الجوزيه
» كتاب حادى الأرواح إلى بلاد الأرواح لإبن القيم الجوزيه
» كتاب حادى الأرواح إلى بلاد الأرواح لإبن القيم الجوزيه

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
24 ساعة :: 
مكتبة شبكة شهادة الإسلام
 :: جديد الكتب
-
انتقل الى:  
مواضيع مماثلة
أنت بحاجة للبرامج التالية
المواضيع الأخيرة
» محاكمة مبارك: مشادات بين اهالي الشهداء وقوات الامن امام اكاديمية الشرطة
كتاب حادى الأرواح إلى بلاد الأرواح لإبن القيم الجوزيه Icon_minitime02.01.12 9:30 من طرف 24akhbar

» وصول طائرة مبارك والمتهمين لبدء محاكمتهم بتهمة قتل المتظاهرين
كتاب حادى الأرواح إلى بلاد الأرواح لإبن القيم الجوزيه Icon_minitime02.01.12 9:14 من طرف 24akhbar

» العليا للإنتخابات: الإنتخابات في موعدها والكشوف النهائية خلال ساعات
كتاب حادى الأرواح إلى بلاد الأرواح لإبن القيم الجوزيه Icon_minitime15.11.11 7:30 من طرف 24akhbar

» على السلمى يجتمع اليوم مع رافضى "الوثيقة" للوصول لصيغة توافقية
كتاب حادى الأرواح إلى بلاد الأرواح لإبن القيم الجوزيه Icon_minitime15.11.11 7:09 من طرف 24akhbar

» مقتل أكبر تاجر "أعضاء بشرية" فى سيناء
كتاب حادى الأرواح إلى بلاد الأرواح لإبن القيم الجوزيه Icon_minitime15.11.11 7:02 من طرف 24akhbar

» الجماعة السلفية تؤكد مشاركتها فى مليونية "18 نوفمبر" إذا أقر المجلس العسكرى وثيقة السلمي
كتاب حادى الأرواح إلى بلاد الأرواح لإبن القيم الجوزيه Icon_minitime15.11.11 6:57 من طرف 24akhbar

» فيديو: أهداف مباراة مصر والبرازيل 2/0
كتاب حادى الأرواح إلى بلاد الأرواح لإبن القيم الجوزيه Icon_minitime15.11.11 6:49 من طرف 24akhbar

» فضيحة القنوات المصرية داخل الملاعب القطرية: رئيس "ميلودي سبورت" يعتدي على مراسل "مودرن" بالسبّ والضرب
كتاب حادى الأرواح إلى بلاد الأرواح لإبن القيم الجوزيه Icon_minitime15.11.11 6:41 من طرف 24akhbar

» الكسب غير المشروع يقرر التحفظ على أموال "حسن المير" عضو مجلس الشعب السابق
كتاب حادى الأرواح إلى بلاد الأرواح لإبن القيم الجوزيه Icon_minitime14.11.11 6:48 من طرف 24akhbar

» 238 أجنبيا اعتنقوا الإسلام عن طريق خدمة "بلغني الإسلام" عن بعد
كتاب حادى الأرواح إلى بلاد الأرواح لإبن القيم الجوزيه Icon_minitime14.11.11 6:38 من طرف 24akhbar

» جماعة الإخوان تعلن المشاركة فى جمعة "18 نوفمبر" مالم يتم سحب "وثيقة السلمى"
كتاب حادى الأرواح إلى بلاد الأرواح لإبن القيم الجوزيه Icon_minitime14.11.11 5:49 من طرف 24akhbar

» أنصار الأسد يقتحمون السفارة الليبية بدمشق
كتاب حادى الأرواح إلى بلاد الأرواح لإبن القيم الجوزيه Icon_minitime14.11.11 5:42 من طرف 24akhbar

» الدكتور صفوت حجازى يقود قافلة دولية إغاثية لقطاع غزة
كتاب حادى الأرواح إلى بلاد الأرواح لإبن القيم الجوزيه Icon_minitime14.11.11 5:37 من طرف 24akhbar

» المستشار عبد المعز: هناك دول رفضت بالتصويت للمصريين على أراضيها
كتاب حادى الأرواح إلى بلاد الأرواح لإبن القيم الجوزيه Icon_minitime13.11.11 8:13 من طرف 24akhbar

» رئيس مباحث أداب سابق يتهم زوجة حبيب العادلى باحالتة للمعاش عام 2006 بسبب شبكة دعارة تتزعمها المغربية نشوى خزيم صديقتها الشخصية
كتاب حادى الأرواح إلى بلاد الأرواح لإبن القيم الجوزيه Icon_minitime13.11.11 8:07 من طرف 24akhbar

» سلطة قضائية تطالب بـ "إعتقال سوذان مبارك"
كتاب حادى الأرواح إلى بلاد الأرواح لإبن القيم الجوزيه Icon_minitime13.11.11 7:48 من طرف 24akhbar

» الملك عبد الله يعين شقيقه الأصغر نائباً له
كتاب حادى الأرواح إلى بلاد الأرواح لإبن القيم الجوزيه Icon_minitime13.11.11 7:42 من طرف 24akhbar

» رئيس الإنتقالى الليبى: ليبيا ستنتهج " الإسلام المعتدل"
كتاب حادى الأرواح إلى بلاد الأرواح لإبن القيم الجوزيه Icon_minitime13.11.11 7:38 من طرف 24akhbar

» سوريا: الثوار يدعون للتصعيد والعصيان المدنى بعد تعليق العضوية
كتاب حادى الأرواح إلى بلاد الأرواح لإبن القيم الجوزيه Icon_minitime13.11.11 7:34 من طرف 24akhbar

» السعودية توجه الإتهام فى إقتحام سفارتها إلى "سوريا"
كتاب حادى الأرواح إلى بلاد الأرواح لإبن القيم الجوزيه Icon_minitime13.11.11 7:23 من طرف 24akhbar

تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
قم بحفض و مشاطرة الرابط 24 ساعة على موقع حفض الصفحات

.: زوار هذا الإسبوع :.