... أبو إسحاق الحويني شيخ حبيب إلى قلبي,وأنا من محبي أعلام هذه الأمة ورجالها الأولين,وأعتقد فلسفاتهم,وأستنير بحكمهم,وأقف موقف المحب القزم من إنجازات العماليق.وأنظر لما يقول فلان- أي فلان كان- دون النظر إلى من هو فلان وما هي سقطاته,ومن كان منكم بلا خطيئة فليرمني بحجر يا مريدي الشيخ الجليل.
كتبت في مقالي الماضي نداء للشيخ الحويني والمفتي تعليقا على الأزمة الناشبة بينهما.والسعي الذي تفتقده مصر اليوم هو سعي( ساعيي غيظ بن مرة),وهما الرجلان اللذان تبرعا بالدية و الصلح بين قبيلتين عظيميتين من العرب الأباعد عبس وذبيان,وقد تبذل ما بين العشيرة بالدمِ,ولعل القصيدة المحكمة التي صاغها زهير بن أبي سلمى في الرجلين كانت إحدى الدلائل التي جعلت الإمام الأديب العادل عمر بن الخطاب رضى الله عنه يحكم بشاعرية زهير وسبقه بين الشعراء.ومصر اليوم تفتقد هذا السلوك اللهم إلا في رجال قليلي العدد عظيمي الهمة كالشيخ محمد حسان وشيخ الجامع الأزهر حفظهما الله.
ولقد تبذل ما بين المفتي والحويني بشح المريدين,ونظم مريدو الحويني وقفة غاضبة أمام قاعة المحكمة,ورد مريدو المفتي من الأزهريين وبعض المتصوفة ببيانات انتصار وتأييد لشيخهم,وقلت:دعوني لا أبا لكم أقول ما أراه يهدأ من اللهب المستشر,والشرر الملتهب,وأسردت قول الإمام اللكنوي في الجرح والتعديل وبيان أن شهادة المعاصر لا تقبل في معاصره,وغضب بعض من مريدي الشيخ وتركوا كل كلامي وأمسكوا بتلابيب قولي لأبي إسحاق(لقد أخطأت أخطأت) وفكرت في الاعتذار له ولهم فوجدت قلمي يعيد ويزيد في (أخطأت يا أبا إسحاق وأخطأت)وهذا انتصار لأبي إسحاق وليس قدحا في الشيخ,ولا نقدا له,ولا حطا من قدره.إذ قدره لا يطوله كاتب متواضع مثلي.
و أؤكد على ما جاء في مقالي من أني لا أطالب الشيخ الحويني بالاعتذار للمفتي –مع أن الاعتذار يزيده إكبارا-وأكاد أزعم أن المفتي يقبل بأقل من ذلك,وأعلم أن محاولات محترمة من شخصيات محترمة تسعى لذلك.
و أعجب من تعليق البعض المتسرع.الذي يقف عند جملة واحدة فيعلق عليها ويضرب صفحا عن باقي كلمات المقال التي تعدت أربعمائة وخمسين كلمة,وأعجب أكثر من قول بعضهم (اترك فن الجرح والتعديل لأهله)إذا ما رأيكم –ساء ظنكم-لو قمتم بمصادرة كل كتب الجرح والتعديل و أصول الحديث من مكتبتي,وما رأيكم –ضل زعمكم- لو تقدمتم بطلب تشريع قانون يقصر قراءة كتب الفنون الأصولية على العلماء,. و يا أسيادي: العلم في الثريا,والأدب في القمر,والشعر في مغارات الخيال ومريدي المتنبي و ابن الفارض,ولكل منا دابته,ووحده من يجتهد في الأدب هو من يأخذ من كل العلوم.والشيخ أبو أسحاق بدأ إعجابي به من باب الأدب وتذوقه قبل أبواب الفقه والحديث والشروح,فأبو إسحاق أديب والصب تفضحه عيونه,والمتذوق يشدو بما ذاقه لسانه.
صادفني مرة سائق سيارة على طريق سفر بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي جاء على لسان أمي عائشة رضى الله عنها,ولمن لا يعرف فأمي خزانة أدب و راوية شعر,وحافظة قصائد لبيد.جعلت الرجل -الذي يؤخذ كل كلامه دونما رد- يجلس متفرغا مرهفا أذنا مصغية يستمع لحكاية أم زرع مع صاحباتها العشر,والحديث معروف وكان الشارح والمعلق رجلا رخيم الصوت سلس الكلام.يختار الحرف قبل تنسيق الجمل,وهالني أدبه قبل علمه,ويا سائقي تمهل رفقا بقوارير قلبي وأعد الشريط من الأول,وقل لي ما اسم الرجل,فقال أبو زرع.قلت لا أبا لك يسأمِ.بل من الشيخ؟قال أبو إسحاق الحويني,ففتحت خزانة حفظي –رف طبقات الذواقة-وحفرت (الحويني).والذواقة-يا رعاك الله-إمامهم في العصر الحديث هو سيدي محمود أحمد شاكر.
فهل يكفيك هذا يا كل مريد للشيخ وتابع له,هل يكفيك ويكفي الشيخ وتسمحان لي لو كررت أن الحويني أخطأ,أقولها ولست مطالبا بأن أقول الدكتور الشيخ الفلاني أخطأ بكلامه عن فلان أو فتواه في كذا,لأن كثيرا من أولئك الدكاترة الأكاسرة الأفاضل لا يعنوني وعيوبهم ظاهرة وبادية.أما من نحب ونعتقد أنه يمثل رمزا.لا أترك له شاردة إلا واجهته بها.لأني أحافظ على صورة الرجال في عقلي ولا أسمح بمسها.والعادة أن المس يكون مس أرنب ورائحة الكلم ريح زرنب.
mmowafi@gmail.com ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقالات محمد موافى
اكتتاب قناة مصرية صحفي مريض يا أيها الصحفييون التلفزيون المصري وآخرون هل تفلس مصر؟ وقَبّلْتُ يدَه الأوله في غرام الحيرة