أثار الإعلان الأمريكي المفاجئ عن مؤامرة إيرانية لاغتيال السفير السعودي في واشنطن الكثير من الاستغراب والتساؤلات. فهي من جهة تتناقض مع انطباع حاولت طهران إشاعته في الأعوام الأخيرة بأنها أقلعت عن دعم الإرهاب بل تعاونت أو عرضت التعاون مرارا مع جهود مكافحته لتركز كليّا على تمرير برنامجها النووي.
ومن جهة أخرى تشير هذه المؤامرة إلى مزاج متهور وغير محسوب بلغ بإيران حد استفزاز السعودية والولايات المتحدة معا وكأنها تفتعل استدراج تفجير إقليمي دأبت على تجنبه.
لكن المعلومات التي كشفت عن التحقيقات مع المتهم الإيراني المعتقل لا تترك مجالا للشك بأنها ملفقة كما روجت المصادر الإيرانية. ويعتقد بعض الخبراء بأن طهران أرادت عملية في قلب العاصمة الأمريكية يمكن أن تنسب إلى تنظيم وسعيه إلى الانتقام لقتل قائده أسامة بن لادن على أن يترك لمن يعنيه الأمر أن يكتشف لاحقا أنها كانت رسالة إيرانية.
لكن المخطط تضمن أيضا تفجير السفارتين السعودية والإسرائيلية في العاصمة الأرجنتينية و كان لا بد من أن يذهب الاشتباه هنا و لو جزئيا إلى إيران بالنظر إلى سابقة حصلت عام 1994 و اتهم بها "حزب الله" اللبناني.
في أي حال لماذا تستهدف إيران السعودية الآن رغم أن وزير خارجيتها لا يكف عن إرسال إشارات بأن بلاده تريد إصلاح العلاقة مع الرياض.
هناك ثلاثة أسباب أولها أن طهران لم تبلع بعد هزيمتها في البحرين وتعتبر أن السعودية هي التي أجهضت التغيير السياسي الذي دفعت إيران المعارضة البحرينية إليه. والثاني أنها أرادت توجيه إنذار بعدم التعرض لسوريا. والثالث أن إيران تعتقد أن السعودية تحرض الولايات المتحدة على القيام بعمل عسكري ضدها لوقف صعود نفوذها الإقليمي.
وكان لافتا أن يعود إلى الذاكرة أمس مقالا لرئيس تحرير "كيهان" الإيرانية حسين شريعة مداري في نيسان/ ابريل الماضي طلب فيه العودة إلى أسلوب الإعدامات الثورية و دعا تحديدا إلى اغتيال شخصيات سعودية مقيمة في أمريكا وأوروبا.