نقرة على الكيبورد سيقدم لك «جوجل» نص البيان الصادر عن المجلس العسكرى بعد اجتماعه مع تشكيلة لطيفة من الأحزاب مطلع أكتوبر الجارى، وستكتشف أن أيا من الموقعين لم يلتزم بما ورد فى البيان.
وفى هواء مشبع بثانى أوكسيد الانتهازية مثل هذا لا تسأل من الخادع ومن المخدوع، لأن الذين جلسوا على مائدة المجلس ذهبوا بذهنية الرضا بالقليل والقبول بالفتات، طالما كل يغنى على ليلاه، ولم يكن هناك موقف أو مبدأ يجمعهم، ناهيك عن أن الذى وضع التشكيل كان فى حسبانه ألا يكون هناك أى ملمح من ملامح التجانس أو التفاهم بين اللاعبين.
وبعد نهاية أسبوع المهلة الذى حددته بعض الأحزاب الموقعة على البيان هذه هى الحصيلة: المجلس حصل على توقيع الأحزاب على أنهم «يعلنون تأييدهم الكامل للمجلس الأعلى للقوات المسلحة ويقدرون كل التقدير الدور الذى يقوم به»، وأيضا التزام الأحزاب بالتعاون الأمنى، وفى المقابل حصل الإخوان والسلفيون على إلغاء المادة الخامسة من قانون الانتخابات التى كانت تمنع أحزابهم من الترشح على المقاعد الفردية.
وللتذكرة كان البيان يتضمن الموافقة على مطالب أخرى تخص عموم الشعب المصرى وتهمه، مثل وقف العمل بحالة الطوارئ، وإصدار تشريع بحرمان بعض قيادات الحزب الوطنى المنحل من مباشرة الحقوق السياسية، وعدم إحالة المدنيين إلى المحاكم العسكرية إلا فى الجرائم المنصوص عليها بقانون القضاء العسكرى (وهنا يبدو استدعاء أسماء محفوظ ونور أيمن نور وأحمد عزام للتحقيق أمام القضاء العسكرى رسالة بالغة الدلالة) و«اتفاق جميع رؤساء الأحزاب الحاضرين بوضع وثيقة المبادئ الدستورية» وأعتذر عن نقل هذه الخطيئة اللغوية الواردة بالبيان كما هى حيث صار المضاف إليه مرفوعا، وأخشى أن يخرج علينا أحدهم متهما الثورة بإفساد اللغة العربية.
غير أن كل النقاط المتفق عليها سقطت أو أسقطت عمدا، بعد انقضاء مهلة الأسبوع التى حددها المجلس العسكرى لتفعيلها بقرارات أو مراسيم بقوانين، الأمر الذى دفع الدكتور محمد أبوالغار رئيس الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى لإعلان براءته وتبرئه مما جاء فى هذا البيان المخادع، وسحب توقيعه المشروط بتفعيل ما جرى الاتفاق عليه فى مدة أقصاها أمس الأول السبت.
والسؤال الآن: ماذا عن بقية الأحزاب التى أعلنت قبل أسبوع أن البيان الصادر عن الاجتماع لم يكن معبرا عما جرى الاتفاق عليه فى المباحثات الشفوية، وقالت إنها تؤيد المجلس العسكرى وتثق فى أنه سيصدر مراسيم بما اتفق عليه؟
أغلب الظن أن اندفاع بعضها فى طريق الانتخابات لن يجعلها تتوقف كثيرا عند هذه «التفاصيل الصغيرة» لأنها لا ترى أبعد من مصالحها الخاصة، ممثلة فى حصد أكبر عدد من المقاعد فى برلمان لن يكون معبرا عن روح هذه الثورة بأى حال من الأحوال، ناهيك عن أن بعضها متمرس على مثل هذا النوع من الصفقات والألاعيب السياسية.
وربما يلقى المجلس العسكرى بكمية إضافية من الفتات فى الساعات المقبلة عملا بسياسة «الاستجابة بالتنقيط»، وساعتها سيصفقون ويطبلون ويزمرون.
إن فلول المعارضة لا يقلون خطورة عن فلول الحزب المنحل، وغدا سنرى أنهم سيفتحون الشقتين على بعضهما البعض تطبيقا لشعار «فلول الوطنى وفلول المعارضة القديمة إيد واحدة».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقالات وائل قنديل
الرجوع إلى نصف الحق ليس نصف فضيلة ثغرة أكتوبر وثغرة يناير جنرال ماسبيرو الجديد وجبة غداء وصورة بالألوان مع العسكر