جزار بالوراثة يواصل ذبح ثورة الشعب السورى ومصر والعرب يستمتعون بالفرجة، وكأنها مصر أخرى غير التى صنعت ثورة رائدة امتد تأثيرها إلى خارج حدودها، وسيمتد إلى ما هو أبعد.
إن جريمة كاملة الأركان تدور الآن فى قسمنا الشمالى، باعتبار أننا وسوريا كنا يوما دولة واحدة، لكننا من أسف منشغلون بذواتنا، نجيش الجيوش ونتأهب بالعتاد لمطاردة عشرات من شباب المصر الجميل فى ميدان التحرير بتهمة افتراش خضرته وتناول إفطار رمضان فيه.
ومن العبث ونحن نعاقب ثوارنا فى الداخل على ثورتهم، أن نسأل عن الدور الأخلاقى للثورة المصرية تجاه شقيقاتها العربيات، وإذا كان نطلق على ثورانا بلطجية ونتهمهم بالعمالة لقوى خارجية، ونهيل التراب على إنجازهم الحضارى المدهش، فمن غير المعقول إذن أن نطالب الدولة المصرية بأن تفعل شيئا لإنقاذ الشعب السورى الشقيق من محرقة بشار الأسد.
ولأن فاقد الشىء لا يعطيه فلا تنتظر أيها الشعب السورى الجسور العون من أى نظام عربى، فقط يمكنك أن تستدفئ بهتافات أشقائك الثائرين فى تونس ومصر، وأن تواصل نضالك تحت غطاء دعوات أمهات الشهداء والمصابين بأن ينصرك الله على الجلادين والقتلة.. لا تنتظر أكثر من تصريح خجول لوزير الخارجية يعبر فيه عن «انزعاج من ارتفاع مستوى العنف»، ولا تتوقع شيئا من جثة هامدة اسمها جامعة الدول العربية، كل ما فعلته حتى الآن أن أمينها العام الجديد الخارج من رحم الثورة المصرية ذهب إلى دمشق مطلقا تصريحات داعمة لبشار الأسد.
لقد قلت قبل أكثر من شهرين فى هذا المكان أن القيم لا تتجزأ، فلا يمكن أن تزعم أنك مع الثورة المصرية أو التونسية، ثم تسكت عن سحق ثوار البحرين بالدبابات وحصد ثوار سوريا بالمدفعية الثقيلة.. لا يستقيم أن تعتبر أن ما يجرى فى سوريا ثورة شعبية فيما ترى ما يدور فى البحرين مؤامرة انفصالية تقف وراءها إيران، لمجرد أن غالبية الشعب السورى من السنة، بينما غالبية الثوار فى البحرين من الشيعة.
إن التعامل مع الثورات بميزان طائفى يبدو أمرا مبتذلا ومنافيا للأخلاق والحس الإنسانى السليم، من هنا أستغرب الموقف السعودى، الذى ظهر أمس الأول متعاطفا مع الشعب السورى ومطالبا بشار الأسد بوقف آلة القمع، وكان يمكننى أن أستوعب هذا الموقف وأحييه لولا أن ما جرى فى البحرين من دخول القوات السعودية لقمع المتظاهرين لا يزال ماثلا أمام الجميع.
وفى مصر نكون متفائلين أكثر مما يجب، وعلى نحو يقترب من السذاجة إن انتظرنا موقفا رسميا لإيقاف مذابح بشار الأسد، بينما لدينا مصدر أمنى ــ دائما يفضل عدم كشف هويته ــ يتوعد الذين يفكرون فى التوجه إلى ميدان التحرير يوم الجمعة المقبل لحفل إفطار فى حب مصر بتطبيق قانون تجريم التظاهر والاعتصام.
إن من حق المصريين أن يذهبوا إلى ميدان ثورتهم وقتما شاءوا، ولا تصدق أن الدعوة إلى الإفطار الجماعى فى ميدان التحرير يوم الجمعة تأتى من منطلقات دينية أو كرد فعل على ما جرى يوم 29 يوليو، كما أنها ليست دعوة صوفية للرد على السلفية كما يحاول البعض أن يصورها.. هى دعوة مصرية خالصة أتمنى أن تكون الثورتين السورية والليبية حاضرتان فيها، سواء من خلال إعلان المتظاهرين المصريين تضامنهم مع أشقائهم، أو بحضور كل أفراد الجاليتين السورية والليبية رافعين أعلام ثورتيهم.
المزيد من المقالاتالحرية فى الإسلام [1] كوميديا إدارة الثورة أم سيد وأخواتها نهاية عصر الفراعنة..! سيادة الرئيس المخلوع " هل يؤلمك ذنبك ؟