بدلا من العودة إلى نقطة الصفر والالتفاف على التعديلات الدستورية، من الأولى أن يكون هدف مليونية الجمعة الضغط على المجلس العسكري والحكومة لاتخاذ اجراءت أكثر فعالية وسرعة لعلاج الانفلات الأمني، فانعدام الأمن أكبر خطر يهدد الثورة.
هناك بالفعل تقاعس واستهانة مع أن عجلة الاقتصاد لن تبدأ في الدوران والانتاج بدون أن يكون المرء آمنا على نفسه وأهله وعرضه وماله.
السرقة تتم علنا ونهارا وعلى عينك يا تاجر. أمس هاتفني صديق مصري مقيم في الولايات المتحدة ويذوب عشقا في مصر، يقول إنه وقريبه أوقفا سيارتهما لدقائق في الثامنة مساء لشراء حاجة لهما من محل مجاور في القاهرة أثناء زيارته لها قبل أيام، فتم سرقتها بأسرع من البرق، ثم جاء من ينصحهما بالتوجه إلى مكان معين لاستردادها، وهناك وجداها بالفعل وُطلب منهما 20 ألف جنيه، فلما أبلغا الجهات الأمنية، تم نصحهما بمفاوضة اللصوص. وقد كان حيث خُفض المبلغ المطلوب إلى 12 ألف جنيه!
هذا يعني أن الجهات الأمنية تعرف اللصوص وتترك بمزاجها الانفلات الأمني، ولو أرادت لأعادت الأمن بأسرع ما يمكن.
الفوضى الأمنية المشكلة الرئيسية والأكبر التي يجب أن يركز عليها شباب ميدان التحرير إذا رغبوا أن يزيد عددهم إلى ملايين وليس مليونا واحدا أو أقل.
الشعب كله يريد الأمن والأمان، وفي الوقت نفسه لا يقبل أن يتنازل عن أهداف ثورته وأولها الإسراع في اجراءات المحاكمة القانونية للفساد.
إذا كان من الصعوبة أن يسترد جهاز الشرطة قوته وفعاليته ويحتاج إلى سنوات كما يقول البعض، ففي الإمكان ابتداع جهاز أمني شعبي على غرار اللجان الشعبية التي تصدت للبلطجية بعد انسحاب الشرطة يوم جمعة الغضب في 28 يناير الماضي.
كثيرون يمكن توظيفهم في هذا المجال، ليؤدوا دورا لا تستطيعه الشرطة في الوقت الحالي، وذلك بتدريب بسيط لا يستغرق أسابيع.
كان "الفتوات" زمان يحافظون على الأمن مقابل اتاوات محددة من سكان الشارع أو الحي أو الحارة، وبعدهم جاء عسكري "الدرك" ليرعب اللصوص والمجرمين بمجرد أن يطلق صوته الجهوري.
في الأيام البكر لثورتنا قامت اللجان الشعبية بتأمين الشوارع والبيوت بالعصي والمكانس، فماذا لو تم تدريبهم وتسليحهم واعطاء عملهم الصفة الرسمية.
توفير الأمن في كل ربوع مصر، حضرها وريفها، يحتاج الإرادة القوية والابداع، وليس الاكتفاء بمناشدة الناس كما فعل عصام شرف في كلمته ليلة البارحة.
البلطجية والمجرمون لا يسمعون توسلات ولا يرحمون ضعفاء.
مقالات عامةالثورات العربية مؤامرة؟ بقلم ناصر السهلي