ينبغي أن نقلق بشدة على حمى الاقتراض التي تلجأ إليها حكومة عصام شرف دون حساب للعواقب. إنها حكومة شهرين أو ثلاثة لتسيير الأعمال، فلماذا تقيد الحكومة المنتخبة القادمة بهذا الذي تفعله، ولماذا تصر على أن تسلم للأجيال القادمة أثقالا من الديون؟!
أمس قالت وزيرة المالية الفرنسية كريستين لاغارد لقناة العربية إن القيمة الإجمالية للمساعدات التي ستحصل عليها مصر وتونس من مجموعة السبع بالتعاون مع البنك الدولي وصندوق النقد وبنك التنمية الأفريقي وبنك الاستثمار الأوروبي 57.4 مليار دولار.
لا استطيع تصور أن وضعنا الاقتصادي هبط خلال ثلاثة أو أربعة شهور إلى مستوى يحتم انقاذه بهذه المليارات التي تضاف إلى مليارات الولايات المتحدة والسعودية!
لا توجد حكومة تسيير أعمال تعلن عن مشروعات قومية وتتصدى لقضية الأجور لخمس سنوات قادمة كما جاء في الخطة المعلنة لوزير المالية.
في يقيني لم تكن هناك حاجة للقروض لو وضع عصام شرف امكانيات حكومته لعلاج الوضع الأمني الراهن والحد من سفرياته المتكررة إلى الخارج التي صار يقلد بها الرئيس المخلوع.
بدأ الرجل يشعرنا أن سحر الكرسي وصله، فقد نقلت وكالة الشرق الأوسط على لسانه رغبته في تأجيل الانتخابات، والاستجابة لما يطرحه الكسلاء الذين يكتفون بمصاطب القنوات الفضائية، ثم يشتكون بأنهم غير جاهزين!
رئيس الوزراء الذي يدين بمنصبه لميدان التحرير يعلن بذلك انقلابه على "الديمقراطية"، ومن ثم يمكننا تفسير قيام وزارته التسييرية برسم خارطة طريق لسنوات قادمة.
الصورة القاتمة التي يطالعها العالم للانفلات الحالي تهدد مصر بالمجاعة حتى لو اقترضت آلاف المليارات، ثم تهددها بالبيع والرهن.
الناس يفترشون طريق الكورنيش أمام ماسبيرو بأطفالهم ونسائهم، ويهددون السيارات في هذا المكان الواقع في قلب العاصمة وفي مواجهة قوات حراسة ضخمة من الجيش والشرطة تقف متفرجة على ما يحدث.
كل مصر صارت على هذا المنوال، لدرجة أنني سمعت من طلاب الثانوية العامة من يهدد عبر إحدى الفضائيات بالاعتصام في ميدان التحرير إذا جاءت الأسئلة صعبة!
حكومة عصام شرف بعيدة عن الشارع لا تحس بالضجيج المخيف، وتستسهل الاقتراض الذي يكبل الأيدي ويفشل الثورة التي لم تقم لمجرد خلع رئيس وإنما لخلع تاريخ أسود كالح، أصبحنا خلاله تابعين، على هامش العالم.
المشروع القومي الذي كنا نتوقعه من شرف أن يعلن على الملأ قرار الدخول في حرب مع "البلطجية" وأنه سيموت في سبيل ذلك أو ينتصر عليهم.
بدأت أشك أن "سحر الكرسي" يمنع الحكومة من مواجهة جادة للبلطجة والانفلات، فالدعوات المثارة حاليا أنه لا يمكن اجراء انتخابات في تلك الظروف، وينبغي تأجيلها إلى حين استقرار الأوضاع، ومن هنا نتفهم الخطة الخمسية التي وضعها وزير المالية للأجور.
الوقت لا يسمح باقالة حكومة شرف إذا كانت الانتخابات ستجري في سبتمبر حقيقة، لكن المطلوب الزامها من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإعادة الأمن إلى ربوع الوطن والتوقف عن النظر فيما هو حق للحكومة المنتخبة القادمة.
توقفوا عن الاقتراض من أجل الأجيال القادمة ولا تسلموهم وطنا مرهونا ومطروحا للبيع في المزاد العلني.
مقالات للكاتب
فراج إسماعيل يكتب.. رؤية غربية لأحداث مصرفراج إسماعيل يكتب: مليونية من أجل الأمنالشعب المفترى عليه.. بقلم فراج إسماعيلفراج إسماعيل يكتب: يوم قاس لمبارك