أثارت تصريحات الدكتور يحيى الجمل نائب رئيس الوزراء، جدلاً واسعًا خلال الفترة الأخيرة، خاصة المتعلقة بإجراء تعديل على نص المادة الثانية من الدستور، التي تنص على أن "الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع في مصر"، بعد أن أشار إلى تعديل سيؤدي إلى جعلها "مصدرًا للتشريع" وليس "المصدر الرئيس للتشريع"، وهو ما حذر منه سياسيون وقانونيون، معتبرين أن هذا "التحرش" يمثل لعبا بالنار وتوريط البلد والمؤسسة العسكرية في أزمة خطيرة بلا أي معنى أو ضرورة .
وطالبوا الجمل بضرورة التراجع عن "استفزازه الرأي العام"، وعلى ضرورة أن يفرق بين وجهة نظره الخاصة كـ "فقيه دستوري" يؤيد إلغاء المادة المذكورة، وموقعه كنائب لرئيس الوزراء بحكومة تسيير الأعمال، منتقدين وعوده للبابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية خلال لقائهما مؤخرًا بإزالة "الألف واللام" من كلمتي "المصدر الرئيس" لتصبح "مصدر رئيس" من المادة الثانية، وهو تغيير سيؤدي إلى تغيير جوهري فيها، فيما وصفوه بـ "اللعب بالنار الذي قد يجر مصر لاضطرابات أمنية ومواجهات لا يحتاجها من قريب أو بعيد".
وكان الجمل أشار في تصريح الأسبوع الماضي إلى إمكانية إجراء تعديل على المادة الثانية فى الإعلان الدستوري المزمع إعلانه، بإزالة حرفي "الألف واللام"، بحيث تصبح المادة كالتالى "الإسلام مصدر رئيسي للتشريع"، على أن تضاف إليه المادة الخاصة بأن لكل أقلية الأحقية في الاحتفاظ بشريعتها، وأخرى لها علاقة بالأحوال الشخصية لأصحاب الديانات الأخرى.
ووصف الدكتور عبد الله الأشعل مؤسس حزب "مصر الحرة"، والمرشح لانتخابات رئاسة الجمهورية في تعليق لـ "المصريون"، تصريحات الجمل في هذا الإطار بأنها "مستفزة ويجب وقفها في ظل التطورات الأمنية التي تعاني منها البلاد، وفي ظل سعي المجلس الأعلى للقوات المسلحة لضمان الاستقرار وعدم العبث بأمن البلاد.
وحذر من تمرير التعديل المقترح على نص المادة الثانية "يمكن أن يفشل هذه المساعي ويجر البلاد لمواجهات نحن في غنى عنها"، وأضاف: "إننا نريد الاستقرار ولا نرغب في إشعال حرائق في مصر يدفع الوطن ثمنها من أمنه واستقرارها لاسيما المساس بالمادة الثانية من الدستور".
بدوره، طالب المستشار أحمد مكي نائب رئيس محكمة النقض، عضو مجلس القضاء الأعلى جميع النخب السياسية بالتأني في إطلاق تصريحات بشأن المادة الثانية، مؤكدا أن أحدا لا يستطيع المساس من قريب أو بعيد بهذه المادة، مما يتعين التعاطي معها بهدوء بدلا من مواجهة عواقب وخيمة.
وقال محذرًا من مغبة المساس بها، إن أي دستور بالعالم لابد وأن يراعي هوية الأغلبية الساحقة من الشعب، ونحن في مصر ذات أغلبية مسلمة، ومن ثم فمن الضروري أن تكون الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، وهذا لا يجب أن يغضب أحدًا، باعتبار أن الدستور الهندي مستوحى من الهندوسية، وكذلك دستور الصين، والدساتير الأوروبية مستوحاة من المسيحية.
فيما دق الدكتور وحيد عبد المجيد عضو الهيئة العليا لحزب "الوفد" ناقوس الخطر في حال الاقتراب من المادة الثانية، ووصف هذا الأمر بأنه "لعب بالنار سيقود البلاد إلى فتنة ويفتح أبواب جهنم"، مؤكدا ضرورة الحفاظ على المادة بنصها الحالي دون تعديل، واعتبرها "خطا أحمر لا ينبغي المساس به"، واصفا من يطلق هذه التصريحات بمن لا يدرك تداعياتها على أمن واستقرار مصر.
وقال إن هذه المادة ينبغي ألا يكون محل جدل وعلى مطلقي هذه التصريحات أن يتحملوا المسئولية بدلا من إطلاق فرقعات لا يعلم إلا الله أين تؤدي بمصر، من دون أن يستبعد توجه الحشود للتظاهر بميدان التحرير للدفاع عن المادة الثانية، ما يمكن أن يخلق صدام بين المتظاهرين والجيش في وقت يجب أن يتكاتف فيه جميع القوى السياسية لبناء ديمقراطية حقيقية ودولة حديثة تحترم هوية الأغلبية الساحقة من المواطنين.
وشاطره الرأي المهندس أبو العلا ماضي رئيس "حزب الوسط"، قائلا إن تصريحات الجمل مرفوضة شكلا ومضمونا، محذرا من أن أي مساس بالمادة الخاصة بالشريعة الإسلامية سيؤثر بالسلب على الاستقرار الهش الذي تعاني منه مصر.
وقال إن من شأنها أن تضرب مساعي المجلس الأعلى للقوات المسلحة لبسط الاستقرار، بل وقد يعيدنا إلى أجواء توتر غير محمودة العواقب، وأضاف أن أي مساس بالمادة الثانية قد يكون له عواقب وخيمة باعتباره يمس برأي الأغلبية الكاسحة من المصريين.
لكن المحامي مختار نوح قلل من تصريحات الجمل، لأنه لا أحد في مصر ومهما علا قدره يستطيع المساس بالمادة الثانية أو التدخل في صياغتها، متسائلا عما يستند إليه في إطلاق تصريحاته، فهو "لا يزيد عن كونه عضو في حكومة تسيير أعمال ولا يمتلك مثل هذه الصلاحيات".
واعتبر نوح أن تصريحات تصريحات الجمل تعبر عنه شخصيا ولا تمثل أي جهة كانت، ولا يمكن لأحد أن يستجيب لدعوته هذه، لأن ساعتها لا يمكن أن يتنبأ بما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في حالة المساس بهذه المادة.
يشار إلى أن إدخال "الألف واللام" على المادة الثانية التي تم إقرارها في عهد الرئيس الراحل أنور السادات جاء بمقترح من أحد اعضاء مجلس الشعب فى السبعينات، حين تقدم عضو المجلس آنذاك محمود نافع بطلب تغيير المادة الثانية للدستور، بإضافة "ألف ولام" لـ "مصدر رئيس"، لتصبح "المصدر الرئيس"
لتكون على النحو التالي: "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي للتشريع"، حتى تلزم المشرّع عندما يصدر تشريعًا أن يكون مستمدًا من الشريعة الإسلامية لأنها المصدر الرئيس، وليس التعامل معها باعتبارها مصدرًا ضمن مصادر أخرى للتشريع وكما يهدف الجمل.
وحظي التعديل وقتذاك بموافقة ثلثي أعضاء المجلس، وبعد إقرارها من قبل البرلمان تم طرحها في استفتاء شعبي ليتم الموافقة على التعديل، ومنذ ذاك لم يطرأ أي تعديل على المادة، وأصبحت الشريعه الإسلامية هي "المصدر الرئيس للتشريع".
أخبار مصرية إخرى
أحمد شوبير: سأترشح لرئاسة الجمهورية ولا أخشى عمرو موسى أو البرادعى عمرو موسى يتجاهل شباب الثورة والقوى السياسية ويجتمع بأعضاء الحزب الوطنى د جمال الزينى يتقدم ببلاغ للنائب العام ضد "نظيف وفتحى البرادعى" المرشد العام للإخوان يتهم "أمن الدولة" بسرقة مسكنه فى بنى سويف المرشد العام للإخوان: من حق القبطى الترشح للرئاسة "فيديو" حمدين صباحى: سأعلن عن برنامجى للرئاسة الأربعاء القادم