خبراء سياسيون: ناس كتير "هتولع" في روحها اليومين الجايين..وما قام به "عبده" عمل سياسي بحت
عبده عبد المنعم استلهم تجربة بوعزيزي"طرق المقاومة المدنية التي يبتدعها شعب من الشعوب، تصبح مع الوقت إرثا مشتركا بين كل سكان العالم، كما حدث واستفادت شعوب العالم من تجربة مارتن لوثر كينج وغاندي ومانديلا وجيفارا، وهو نفس ما ستتعامل معه الجماهير مع تجربة محمد بو عزيزي، الشاب البسيط الذي امتلك شجاعة أن يضحي بنفسه في سبيل إشعال الثورة التونسية ضد الظلم، وهي تجربة ستلهم مئات الملايين من المقهورين في الوطن العربي".. هكذا بدأ الباحث السياسي دكتور
عمار علي حسن حديثه تعليقا على قيام عبده عبد المنعم بإشعال النار في نفسه أمام مجلس الشعب على طريقة محمد بو عزيزي، ذلك الشاب التونسي الذي كان انتحاره بنفس الطريقة شرارة البداية للثورة التونسية التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي بعد 23 عاما.
وأضاف
عمار، أن عبده عبد المنعم، استلهم تجربة بو عزيزي، بهدف إرسال رسالة واضحة للقيادة السياسية مفادها أن الشعب ضاق ذرعا بالأوضاع التي وصلت لها البلد تحت قيادتهم، وهو ما دفع النظام للادعاء بأن عبد المنعم مختل، في محاولة لتوجيه الرأي العام بعيدا عن دلالة الحادث، ولكن الجميع يعلم أن هناك فرق كبير بين من ينتحر بسبب الاكتئاب أو لظروف أسرية أو عاطفية، وبين ما قام به عبد المنعم أمام مجلس الشعب تحديدا، فهذا عمل سياسي بحت له دلالة عميقة.
وقال
عمار، أنه ليس من الضروري أن تثور الجماهير في مصر بعد حادثة عبد المنعم كما حدث في تونس، وليس من الضروري استنساخ التجربة، ولكن غير مستبعد أن تكون احتجاجات الجماهير نابعة من سبب آخر عندما يصفع ضابط امرأة مثلا أو أن تصدم سيارة أحد رجال الدولة مواطنا أو أن يصدر قرار معين يثير حفيظة المواطنين في منطقة معينة، ربما كان سبب مثل ذلك هو شرارة الثورة في مصر، لأن لحظة الاشتعال تختلف من بلد لآخر.
من جانبه، قال
جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، أنه بمجرد سماعه لخبر إقدام عبد المنعم على إحراق نفسه أمام مجلس الشعب وخبر إقدام شاب موريتاني على إحراق نفسه أمام القصر الرئاسي في نواكشوط، تأكد من أن الشعوب العربية جاهزة لدفع ثمن حريتها، لأن كل الشعوب العربية متعطشة لنيل حقوقها المسلوبة، وليس بالضروري أن يكون التحرك لانتزاع هذه الحرية تقليدا لنموذج معين أو متطابق معه، ولكن الرسالة واضحة من حادث عبد المنعم.
وحول ادعاء أجهزة الأمن بأن عبده عبد المنعم مختل عقليا، قال عيد: "لا أحد يصدق الأمن ولا الصحف الحكومية، وما حدث في تونس، ما كان أحد يتوقعه، ولا حتى أن تكون نتائجه بهذا الحجم رغم أن شرارة البداية كانت حادثة فردية نوعا ما، وبالتالي فإن شرارة الثورة يمكن أن تندلع بأي حادث بسيط طالما بقي الظلم".
أما الدكتور
عصام العريان، عضو مكتب الإرشاد، والمتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين، فقال إن التجارب لا تستنسخ لأن كل بلد لها تجربتها الخاصة، فرغم أن تجربة تونس لم تكن متوقعة وتفاجأ بها العالم أجمع، إلا أننا يجب أن نستفيد من مغزى الحدث ونحاول إشعال الثورة بشرارة وتجربة خاصة تتوافق مع إمكانياتنا وخلفياتنا، لا أن نستنسخ التجربة بتفاصيلها العفوية، لأن ذلك أردأ أنواع الاستفادة.
وطالب العريان، كل الاحتجاجات الاجتماعية التي اندلعت العامين الماضيين وواجهتها الدولة في مصر بقمع شديد، أن تتبنى المطالب السياسية العامة بجانب مطالبها الاجتماعية والفئوية، لأنه بدون تحقق أي مكسب سياسي فإن الأوضاع ستظل كما هي وسينتهي أي إصلاح اجتماعي تحرزه هذه الاحتجاجات، ولن يكون له فائدة حقيقية.
وأضاف
العريان، أن النخبة مطالبة بالاستفادة من التجربة التونسية، وطرح الأسئلة الهامة التي ظهرت في تونس بعد الثورة، من إقرار الأمن ومحاكمة المتورطين في الفساد وإعادة الدولة إلى مسارها الطبيعي، مشيرا إلى أنه لو تولى البرلمان الشعبي مثل هذه المهمة وطرح هذه الأسئلة من الآن استعدادا للاحتجاجات الشاملة، فسيكون قد قدم خدمة تاريخية لمصر ولشعبها.
وأشار
جورج إسحاق، الناشط السياسي والمنسق العام السابق لحركة كفاية، إلى أن البلاد تمر بحالة احتقان شديدة، وأن عبده عبد المنعم لم يقدم على إحراق نفسه من فراغ، وإنما بعدما انقطع الخبز عن المطعم الذي يمتلكه وبالتالي توقف مصدر رزقه، ورغم شكواه للسلطات المحلية في القنطرة، إلا أن أحدا لم يستمع له، فقام بإحراق نفسه، وأضاف بقوله: "أعتقد إن فيه ناس كتير هتولع في روحها اليومين الجايين".
وعن عدم تحرك الجماهير في مصر رغم وقوع نفس الحادث الذي ألهب مشاعر الشعب التونسي ودفعه للقيام بثورته، قال إسحق، أن نسبة الأمية في تونس 10% بينما في مصر تبلغ 40%، كما أن نقابات العمالية هناك قوية ولها تأثير، بينما في مصر هي نقابات حكومية تسيطر عليها الدولة، وهذا ما مكن الشعوب التنسي من جني ثمار الثورة سريعا، ولكنه أكد أنه طالما بقي الظلم والقمع الشديد مخيما على مصر، فإن الانفجار قادم، وسيكون صعبا.