القرآن يحرق قلوبهم
ليس جديداً علينا تلكم الممارسات الحاقدة التي يشنها الغرب على الإسلام العظيم بعامة وعلى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم والقرآن الحكيم، فهو منذ ظهور هذا الدين الحنيف وهو يتوسل ـ عبثاً ـ كل الوسائل لإطفاء جذوته في قلوب المسلمين ومحاولة منعه من الإنتشار في ديار العالمين
{يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ }التوبة32.
ولم يستطيعوا حتى الآن أن يوهنوا عرى المسلمين بدينهم وبنبيهم وكتابهم بل إزدادوا تمسكا، وتنامى عدد المعتنقين للإسلام، واتسعت الصحوة الإسلامية في الآفاق، وهم يموتون غيظاً مما فشلوا في تحقيقه.
وكلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله سبحانه، وكلما عاثوا في ديار المسلمين بشبهاتهم ومؤامراتهم قيض الله لهذه الأمة من يتصدى لهم ويدحرهم خائبين.
هي نار الحقد على كتاب الله الذي أعلنوا ـ كما جاء مرة على لسان وزير خارجية بريطانية في أوائل القرن العشرين غلاد ستون ـ أنه العقبة الوحيدة للقضاء على هذه الأمة، هذه النار التي تنهشهم فالقرآن الكريم نور لمن اهتدى، ونار لمن اعتدى، هو نار يحرق قلوبهم حيث لا عدو لهم سوى هذا الدين وكتابه العظيم "
(قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ).
ومن راقب ملامح القس المعمداني الذي أعلن عزمه حرق 200 نسخة من المصحف الشريف لابد أنه لاحظ قسمات الحقد والرعب والكراهية المتغلغلة في نفسه والتي لم يستطع إخفاءها، وهذا أبلغ دليل على أن ما في صدورهم أعظم.
ولعل السخافة الكبرى في تصريح هذا المأفون عن سبب فعلته الشنعاء في ذكرى أحراق برجي نيويورك في 11 أيلول 2001 إعتماده على مقولة الصهاينة اليهود، وكنيسته من المؤيدين لإحتلال اليهود أرض فلسطين ـ التي يزعمون أنها أرض الميعاد ـ قولته أن القرآن يحض على التطرف والإرهاب؟!!.
وفي الحقيقة لسنا هنا في مجال الرد على هذا الحاقد ولا على أمثاله من المتطاولين على هذا الدين وكتابه الكريم، ذلك لأنك تسمع لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي،
{وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ }الأنفال23
{صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ}.كما تحدث القرآن الكريم عن أمثاله الذين وضعوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكباراً في الحديث عن قوم نوح المستكبرين.
(وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ) فقد أثارت فعلة هذا القس المجنون حمية المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها وأثلج الصدور تلكم التنديدات من مسلمي العالم الذين تنادوا للإستنكار، فكأن هذه الحادثة التي أرادها هذا القس تشفياً فإذا هي ـ دون أن يدري ذلك الأبله ـ تؤدي إلى مزيد من تمسك المسلمين بكتابهم، وقد أدرك الغرب وكنائسه ومؤسساته أن ما فعله تيري جونز يحيي من جديد تعلق المسلمين بكتابهم والإستمساك به ولا سيما أنهم ما زالوا في أجواء روحانية أنزل الله تعالى فيها كتابه العظيم. (إنها حملة إعلانية فاشلة لن تزيد المسلمين إلا إيمانا بدينهم، ولعلها أيضاً دبت الرعب في قلوب الجنود الذين يحتلون أفغانستان خشية ردود الفعل الكبيرة عليهم، ليس ممن يحاربونهم وإنما من "أصدقائهم" الأفغان أيضاً.
القرآن الكريم خط أحمر وكذلك نبي الله صلى الله عليه وسلم من قبل كما رأينا تداعيات الرسوم الكاركاتورية، فالقضية في رأينا لا تعدو سوى كشف المستور عما تخبئه أنفسهم، ولكن ما اقدمت عليه الكنيسة المعمدانية في فلوريدا، لن يضطر المسلمين إلى المعاملة بالمثل لأنهم أرقى من هكذا ممارسات وأكثر حضارة ورقياً وتسامحاً مع كتب الله وأنبيائه.
{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }الحجر9 ولن يضيرنا القس تيري جونز وأمثاله فالله يدافع عن كتابه ويحفظه في صدور المؤمنين وسيزداد عدد المسلمين حتى في ديار جونز هذا وسيظل القرآن الكريم يحرق قلوبهم حتى قيام الساعة.