الباب السادس والثلاثون في ذكر غرفها وقصورها ومقاصيرها قال الله
تعالى لكن الذين أتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية فأخبر أنها غرف فوق غرف وأنها مبنية بناء حقيقة لئلا تتوهم النفوس أن ذلك تمثيل وأنه ليس هناك بناء بل تتصور النفوس غرفا مبنية كالعلالي بعضها فوق بعض حتى كأنها ينظر إليها عيانا ومبنية صفة للغرف الأولى والثانية أي لهم منازل مرتفعة وفوقها منازل أرفع منها قال تعالى أولئك يجزون الغرفة بما صبروا والغرفة جنس كالجنة وتأمل كيف جزاءهم على هذه الأقوال المتضمنة للخضوع والذل والاستكانة لله الغرفة والتحتية والسلام في مقابلة صبرهم على سوء خطاب الجاهلين لهم فبدلوا بذلك سلام الله وملائكته عليهم وقال تعالى وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهو في الغرفات آمنون وقال تعالى يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن وقال تعالى
عن امرأة فرعون أنها قالت رب إبن لي عندك بيتا في الجنة وروى الترمذي في جامعة من حديث عبد الرحمن بن إسحق عن النعمان بن سعد عن علي قال قال رسول الله أن في الجنة لغرف يرى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها فقام أعرابي فقال يا رسول الله لمن هي قال لمن طيب الكلام وأطعم الطعام وأدام الصيام وصلى بالليل والناس نيام قال الترمذي هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن إسحاق وقال الطبراني حدثنا عبدان أبن أحمد حدثنا هشام بن عمار حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا معاوية بن سلام عن زيد بن سلام قال حدثني أبو سلام حدثني أبو معانق الأشعري حدثني أبو مالك الأشعري أن رسول الله قال إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدها الله لمن أطعم الطعام وأدام الصيام وصلى بالليل والناس نيام وقال أبن وهب حدثنا حيي عن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو عن النبي قال أن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها قال ابو مالك الأشعري لمن هي يا رسول الله قال لمن أطاب الكلام واطعم الطعام وبات قائما والناس نيام قال محمد بن عبد الواحد وهو عندي إسناد حسن وذكر أبي مالك فيه يدل على صحته لأن أبا مالك قد رواه وإسناده أيضا حسن وقد تقدم حديث أبي سعيد المتفق على صحته أن أهل الجنة ليتراأون أهل الغرف كما تراأون الكوكب الغابر من الأفق وفي الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري عن النبي قال أن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤ واحد مجوفة طولها ستون ميلا فيها أهلون يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضا وقد تقدم قوله صلى الله عليه و سلم في الحديث الصحيح من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة وقوله في حديث أبي موسى يقول الله عز و جل لمن حمد واسترجع عند موت ولده ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه ببيت الحمد وفي الصحيحين من حديث عبد الله أبن أبي أوفى وأبي هريرة وعائشة أن جبريل قال للنبي هذه خديجة اقرئها السلام من ربها وأمره أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب والقصب هنا قصب اللؤلؤ المجوف وقد روى أبن أبي الدنيا من حديث يزيد بن هرون عن حماد بن سلمة عن عكرمة عن أبي هريرة
عن النبي قال أن في الجنة لقصرا من لؤلؤ ليس فيه صدع ولا وهن أعده الله عز و جل لخليله إبراهيم وفي الصحيحين من حديث حميد عن أنس أن النبي قال أدخلت الجنة فإذا أنا بقصر من ذهب فقلت لمن هذا القصر قالوا لشاب من قريش فظننت أني أنا هو فقلت ومن هو قالوا لعمر بن الخطاب وهو فيهما من حديث جابر ولفظه فأتيت على قصر مربع مشرف من ذهب وقد تقدم وقال أبن أبي الدنيا حدثنا شجاع بن الأشرس قال سمعت عبد العزيز بن ابي سلمة الماجشون عن حميد بن أنس بن مالك عن النبي قال دخلت الجنة فإذا فيها قصر أبيض قال قلت لجبريل لمن هذا القصر قال لرجل من قريش فرجوت أن أكون أنا فقلت لاي قريش قال لعمر بن الخطاب وهذا أن كان محفوظا فبياضه نوره وإشراقه وضياؤه والله أعلم وقال الحسن قصر من ذهب لا يدخله ألا نبي أو صديق أو شهيد أو حكم عدل يرفع بها صوته وقال الأعمش عن مالك بن الحرث عن مغيث بن سمي قال أن في الجنة قصورا من ذهب وقصورا من فضة وقصورا من لؤلؤ وقصورا من ياقوت وقصورا من زبرجد وقال الأعمش عن مجاهد عن عبيد بن عمير قال إن أدنى أهل الجنة منزلة من له دار من لؤلؤة واحدة منها غرفها وأبوابها وروى البيهقي من حديث حفص بن عمر حدثنا عمرو بن قيس الملائي عن عطاء بن أبي رباح عن أبن عباس قال قال رسول الله إن في الجنة لغرفا فإذا كان ساكنها فيها لم يخف عليه ما خلفها وإذا كان خلفها لم يخف عليه ما فيها قيل لمن هي يا رسول الله قال لمن اطاب الكلام وواصل الصيام وأطعم الطعام وأفشى السلام وصلى والناس نيام قال وما طيب الكلام قال سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فإنها تأتي يوم القيامة ولها مقدمات ومعقبات قيل وما وصال الصيام قال من صام شهر رمضان ثم أدرك شهر رمضان فصامه قيل وما إطعام الطعام قال من قات عياله وأطعمهم قيل وما إفشاء السلام قال مصافحة أخيك وتحيته قيل وما الصلاة والناس نيام قال صلاة العشاء الآخرة قال حفص بن عمر هذا مجهول لم يروه عنه غير على بن حرب فيما أعلم قلت هذا يلقب بالكفر بفتح الكاف وسكون الفاء وقد روى عنه محمد بن غالب تمتام وعلى ابن حرب وهما ثقتان ولكن ضعفه ابن عدي وابن حبان وحديثه وهذا له شواهد
والله أعلم وفي فوائد ابن السماك حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور حدثنا أبي حدثنا عبد الرحمن بن عبد المؤمن قال سمعت محمد بن واسع يذكر عن الحسن عن جابر بن عبد الله قال قال النبي ألا أحدثكم بغرف الجنة قال قلنا بلى يا رسول الله بأبينا أنت وأمنا قال أن في الجنة غرفا من أصناف الجوهر كله يرى ظاهرها من باطنها من ظاهرها فيها من النعم واللذات ما لا عين رأت ولا أذن سمعت قال قلنا يا رسول الله لمن هذه الغرف قال لمن أفشى السلام وأطعم الطعام وأدام الصيام وصلى بالليل والناس نيام قال قلنا يا رسول الله ومن يطيق ذلك قال أمتي تطيق ذلك وسأخبركم عن ذلك من لقي أخاه فسلم عليه فقد أفشى السلام ومن أطعم أهله وعياله من الطعام حتى يشبعهم فقد أطعم الطعام ومن صام رمضان ومن كل شهر ثلاثة أيام فقد أدام الصيام ومن صلى صلاة العشاء الأخيرة في جماعة فقد صلى الليل والناس نيام واليهود والنصارى والمجوس وهذا إسناد وإن كان لا يحتج به وحده فإذا انضم إليه ما تقدم استفاد قوة مع أنه قد روى بإسنادين آخرين
الباب السابع والثلاثون في ذكر معرفتهم لمنازلهم ومساكنهم إذا دخلوا
الجنة وأن لم يروها قبل ذلك
قال تعالى والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم سيهديهم ويصلح بالهم ويدخلهم الجنة عرفها لهم قال مجاهد يهتدي أهلها إلى بيوتهم ومساكنهم لا يخطئون كأنهم ساكنوها منذ خلقوا لا يستدلوا عليها احدا وقال ابن عباس في رواية أبي صالح هم أعرف بمنازلهم من أهل الجنة إذا انصرفوا إلى منازلهم وقال محمد بن كعب يعرفونها كما تعرفون بيوتكم في الدنيا إذا انصرفتم من يوم الجمعة هذا قول جمهور المفسرين وتلخيص أقوالهم ما قاله أبو عبيدة عرفها لهم أي بينها لهم حتى عرفوها من غير استدلال وقال مقاتل ابن حيان بلغنا أن الملك الموكل بحفظ بني آدم يمشي في الجنة ويتبعه ابن آدم حتى يأتيه أقصى منزل هو له فيعرفه كل شيء أعطاه الله في الجنة فإذا دخل إلى منزله وأزواجه انصرف الملك عنه وقال سلمة بن كهيل طرقها لم ومعنى هذا أنه طرقها لهم حتى يهتدوا إليها وقال الحسن وصف الله الجنة في الدينا لهم فإذا دخلوها عرفوها بصفتها وعلى هذا القول فالتعريف وقع
في الدنيا ويكون المعنى يدخلهم الجنة التي عرفها لهم وعلى القول الأول يكون التعريف وأقعا في الآخرة هذا كله إذا قيل أنه من التعريف وفيها قول آخر أنه من العرف وهو الرائحة الطيبة وهذا اختيار الزجاج أي طلبها ومنه طعام معرف أي مطيب وقيل هو من العرف وهو التتابع أي تابع لهم طيباتها وملاذها والمقول هو الأول وأنه سبحانه أعلمها وبينها بما يعلم به كل أحد منزله وداره فلا يتعداه إلى غيره وفي صحيح البخاري من حديث قتادة عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري أن نبي الله قال إذا خلص المؤمنون من النار حبسوا على قنطرة بين الجنة والنار يتقاصون مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم بدخول الجنة والذي نفسي بيده أن أحدهم بمنزلة في الجنة أدل منه بمسكنه كان في الدنيا وفي مسند آخر من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله والذي بعثني بالحق ما أنتم في الدنيا بأعرف بأحوالكم ومساكنكم من أهل الجنة وبازواجهم ومساكنهم إذا دخلوا الجنة
الباب الثامن والثلاثون في كيفية دخولهم الجنة وما يستقبلون عند دخولها
قد تقدم قوله تعالى وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا وقال تعالى ويوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا قال ابن أبي الدنيا حدثنا محمد بن عباد بن موسى العكلي حدثنا يحيى بن سليم الطائفي حدثنا إسماعيل بن عبد الله المكي حدثنا أبو عبد الله أنه سمع الضحاك بن مزاحم يحدث عن الحرث عن علي أنه سأل رسول الله عن هذه الآية يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا قال قلت يا رسول الله ما الوفد إلا ركب قال النبي والذي نفسي بيده إنهم خرجوا من قبورهم استقبلوا بنوق بيض لها أجنحة عليها رحال الذهب شرك نعالهم نور يتلألأ كل خطوة منها مثل مد البصر وينتهون إلى باب الجنة فإذا حلقه من ياقوتة حمراء على صفائح الذهب وإذا شجرة على باب الجنة ينبع من أصلها عينان فإذا شربوا من إحداهما جرت في وجوههم نضرة النعيم وإذا توضؤا من الأخرى لم تشعث أشعارهم أبدا فيضربون الحلقة بالصفيحة قالوا سمعت طنين الحلقة فيبلغ كل حوراء أن زوجها قد اقبل فتستخفها
العجلة فتبعث قيمتها فيفتح له الباب فلولا أن الله عز و جل عرفه نفسه لخر له ساجدا مما يرى من النور والبهاء فيقول أنا قيمك الذي وكلت بأمرك فيتبعه فيقفو أثره فيأتي زوجته فتستخفها العجلة فتخرج من الخيمة فتعلقه وتقول أنت حبي وأنا حبك وأنا الراضية فلا أسخط أبدا وأنا الناعمة فلا أبأس أبدا والخالدة فلا أظعن أبدا فيدخل بيتا من أساسه إلى سقفه مائة ذراع مبنى على جندل اللؤلؤ والياقوت طرائق حمر وطرائق خضر وطرائق صفر ما منها طريقة تشاكل صاحبتها فيأتي الأريكة عليها سرير على السرير سبعون فراشا عليها سبعون زوجة على كل زوجة سبعون حلة يرى مخ ساقها من باطن الجلد يقضي جماعهن في مقدار ليلة تجري من تحتهم أنهار مطردة أنهار من ماء غير آسن صاف ليس فيه كدر وأنهار من عسل مصفى لم يخرج من بطون النحل وأنهار من خمر لذة للشاربين لم تعصره الرجال بإقدامها وأنهار من لبن لم يتغير طعمه لم يخرج من بطون الماشية فإذا اشتهوا الطعام جائتهم طيور بيض فترفع أجنحتها فياكلون من جنوبها من اي الالوان شاؤا ثم تطير فتذهب فيها ثمار متدالية إذا اشتهوها انشعب الغص إليهم فيأكلون من أي الثمار شاؤوا أن شاء قائما وأن شاء متكئا وذلك قوله عز و جل وجنى الجنتين دان وبين أيديهم خدم كاللؤلؤ هذا حديث غريب وفي إسناد ضعيف وفي رفعة نظر والمعروف أنه موقوف على قال ابن إبي الدنيا حدثنا محمد بن عمر بن سليمان حدثنا محمد بن فضيل عن عبد الرحمن بن إسحاق عن النعمان بن سعد في هذه الآية يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا قال امل والله لا يحشر الوفد على أرجلهم ولكن لا يأتون بنوق لم تر الخلائق مثلها وعليها رحال الذهب وأزمتها الزبرجد فيركون عليها حتى يضربوا باب الجنة وقال علي بن الجعد في الجعديات أنبأنا زهير بن معاوية عن إبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي قال يساق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى أنتهوا إلى باب من أبوابها وجدوا عنده شجرة تخرج من تحت ساقها عينان تجريان إلى إحداهما كأنما أمروا بها فشربوا منها فأذهب ما في بطونهم من أذى وقذى وبأس ثم عمدوا إلى الأخرى فتطهروا منها فجرت عليهم نضرة النعيم فلن تغيرا أبشارهم أو تغير بعدها أبدا ولن تشعت أشعارهم كأنما دهنوا بالدهان ثم انتهوا إلى خزنة الجنة فقالوا سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين قال ثم تقلهاها الولدان يطيفون بهم كما يطيف ولدان
أهل الدنيا بالحميم يقدم من غيبته فيقولون أبشر بما أعد الله لك من الكرامة كذا قال ثم ينطلق غلام من أولئك الولدان إلى بعض أزواجه من الحور العين فيقول قد جاء فلان بإسمه الذي يدعى به في الدنيا فتقول أنت رأيته فيقول أنا رأيته وهو ذا بأثرى فيستخف أحداهن الفرح حتى تقوم على أسكفة بإبها فإذا انتهى إلى منزله نظر إلى أساس بنائه فأذا جندل اللؤلؤ فوقه صرح الخضر وأصفر وأحمر ومن كل لون ثم رفع رأسه فنظر إلى سقفه فاذا مثل البرق فلولا أن الله قدره له لا لم أن يذهب بصره ثم طاطأ رأسه فنظر إلى أزواجه وأكواب موضوعة ونمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة فنظروا إلى تلك النعمة ثم أتكؤا وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ثم ينادي مناد تحيون فلا تموتون أبدا وتقيمون فلا تظعنون أبدا وتصحون فلا تمرضون أبدا وقال عبد الله بن المبارك أنبأنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال قال ذكر لنا أن الرجل إذا دخل الجنة صور صورة أهل الجنة وألبس لباسهم وحلى حليهم وأرى أزواجه وخدمه ويأخذه سوار فرح لو كان ينبغي أن يموت لمات من سوار فرحه فيقال له أرأيت سوار فرحتك هذه فإنها قائمة لك أبدا قال ابن المبارك وأخبرنا راشد بن سعد أنبأنا زهرة بن معبد القرشي عن أبي عبد الرحمن الجبلي قال أن العبد أول ما يدخل الجنة يتلقاه سبعون ألف خادم كأنهم اللؤلؤ قال ابن المبارك وأنبأنا يحيى بن ايوب حدثني عبيد الله بن زخر عن محمد بن أبي أيوب المخزومي عن أبي الرحمن المعافري قال إنه ليصف للرجل من اهل الجنة سماطان لا يرى طرفاهما من غلمانه حتى إذا مر مشوا وراءه وقال أبو نعيم أنبأنا أبو سلمة عن الضحاك قال إذا ادخل المؤمن الجنة دخل أمامه ملك فأخذ به في سككها فيقول له أنظر ما ترى قال أرى أكثر قصورا رأيتها من ذهب وفضة واكثر أنيس فيقول له الملك فإن هذا أجمع لك حتى إذا رفع إليهم استقبلوه من كل باب ومن كل مكان يقولون نحن لك ثم يقول أمش فيقول ماذا ترى فيقول أرى أكثر عساكر رأيتها من خيام وأكثر أنيس قيل فإن هذا أجمع لك فإذا رفع إليهم استقبلوه فقالوا نحن لك وفي الصحيحين من حديث سهل بن سعد أن رسول الله قال ليدخلن الجنة من
أمتي سبعون الفا أو سبعمائة ألف متما سكون آخذ بعضهم ببعض لا يدخل أولهم حتى يدخل آخرهم ووجوههم على صورة القمر ليلة البدر
الباب التاسع والثلاثون في ذكر صفة اهل الجنة في خلقهم وخلقهم وطولهم
وعرضهم ومقدار أسنانهم قال الأمام أحمد حدثنا عبد الرزاق قال حدثنا معمر عن همام عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله خلق الله عز و جل آدم على صورته طوله ستون ذراعا فلما خلقه قال له أذهب فسلم على أولئك النفر وهو نفر من الملائكة جلوس فاستمع ما يحبونك فأنها تحيتك وتحية ذريتك قال فذهب فقال السلام عليكم فقالوا السلام عليكم ورحمة الله فزاده ورحمة الله قال فكل من يدخل الجنة على صورة آدم طوله ستون ذراعا فلم يزل ينقص الخلق بعده حتى الآن متفق على صحته وقال الأمام أحمد حدثنا يزيد بن هرون وعفان بن مسلم قالا حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان عن سعد بن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله يدخل أهل الجنة الجنة جردا مردا بيضا جعادا مكحلين أبناء ثلاث وثلاثين وهم على خلق آدم ستون ذراعا في عرض سبعة أذرع قيل تفرد به حماد عن علي بن زيد وفي جامع الترمذي من حديث شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل أن النبي قال يدخل أهل الجنة الجنة جردا مردا مكحلين أبناء ثلاث وثلاثين قال هذا حديث حسن غريب وقال أبو بكر بن أبي داودو حدثنا محمود بن خالد وعباس بن الوليد قال حدثنا عمر عن الأوزاعي عن هرون بن رباب عن أنس بن مالك قال قال رسول يبعث أهل الجنة على صورة آدم في ميلاد ثلاث وثلاثين سنة جردا مردا مكحلين ثم يذهب بهم إلى شجرة في الجنة فيكسون منها لا تبلى ثيابهم ولا يفنى شبابهم وقال الترمذي حدثنا سويد بن نصر حدثنا عبد الله بن المبارك عن رشد بن سعد عن عمرو ابن الحارث أن دراجا أبا السمح حدثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله من مات من أهل الجنة من صغير أو كبير يردون بني ثلاثين سنة في الجنة لا يزيدون عليها أبدا وكذلك أهل النار فإن كان هذا محفوظا لم يناقض ما قبله فإن العرب إذا قدرت بعدد له نيف فإن لهم طريقين تارة يذكرون النيف للتحرير وتارة يحذفونه وهذا معروف في كلامهم وخطاب
غيرهم من الأمم وقال ابن أبي الدنيا حدثنا القاسم بن هشام حدثنا صفوان ابن صالح حدثنا رواد بن الجراح العسقلاني حدثنا الأوزاعي عن هارون بن رباب عن أنس بن مالك قال قال رسول الله يدخل أهل الجنة الجنة على طول آدم ستين ذراعا بذراع الملك على حسن يوسف وعلى ميلاد عيسى ثلاث وثلاثين سنة وعلى لسان محمد جرد مرد مكحلون وقال ابن وهب حدثنا معاوية ابن صالح عن عبد الوهاب بن بخت عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله قال أن أهل الجنة يدخلون الجنة على قدر أدم ستون ذراعا على ذلك قطعت سررهم وقد تقدم أن أول زمرة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر وأن الذين يلونهم على ضوء أشد كوكب في السماء إضاءة وأما الأخلاق فقد قال تعالى ونزعنا ما في صدورهم من غل أخوانا على سرر متقابلين فأخبر عن تلاقي قلوبهم وتلاقي وجوههم وفي الصحيحين أخلاقهم على خلق رجل واحد على صورة أبيهم آدم عليه السلام ستون ذراعا في السماء والرواية على خلق بفتح الخاء وسكون اللام والأخلاق كما تكون جمعا للخلق بالضم فهي جمع للخلق بالفتح والمراد تساويهم في الطول والعرض والسن وإن تفاوتوا في الحسن والجمل ولهذا فسره بقوله على صورة أبيهم آدم عليه السلام ستون ذراعا في السماء وأما أخلاقهم وقلوبهم ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة أول زمرة تلج الجنة الحديث وقد تقدم وفيه اختلاف بينهم ولا تباغض قلوبهم على قلب رجل واحد يسبحون الله بكرة وعشية وكذلك وصف الله سبحانه وتعالى نساءهم بإنهن أتراب أي في سن واحد ليس فيهن العجائز والشواب وفي هذا الطول والعرض والسن من الحكمة ما لا يخفى فأنه أبلغ وأكمل في استيفاء اللذات لأنه أكمل سن القوة عظم الآت اللذة وباجتماع الأمرين يكون كمال اللذة وقوتها بحيث يصل في اليوم الواحد إلى مئة عذراء كما سيأتي أن شاء الله تعالى ولا يخفى التناسب الذي بين هذا الطول والعرض فإنه لو زاد أحدهما على الآخر فات الاعتدال وتناسب الخلقة يصير طولا مع دقة أو غلظا مع قصر وكلاهما غير مناسب والله أعلم
الباب الأربعون في ذكر أعلى أهل الجنة منزلة وأدناهم أعلاهم منزلة سيد
ولد آدم صلوات الله وسلامه عليه قال تعالى تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم
درجات وآتينا عيسى بن مريم البينات قال مجاهد وغيره منهم من كلم الله وموسى ورفع بعضهم درجات هو محمد وفي حديث الإسراء المتفق على صحته أنه لما جاوز موسى قال رب لم أظن أن ترفع على أحد ثم علا فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله حتى جاوز سدرة المنتهى وفي صحيح مسلم من حديث عمرو بن العاص أنه سمع النبي يقول إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا على فإنه من صلى على صلاة واحدة صلى الله عليه عشرا ثم سلوا إلى الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجوا أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة وفي صحيح مسلم من حديث المغيرة بن شيبة عن النبي أن موسى سأل ربه ما أدنى أهل الجنة منزلة فقال رجل يجئ بعد ما دخل أهل الجنة الجنة فيقال له أدخل الجنة فيقول رب كيف وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم فيقال له أتوصي أن يكون ذلك مثل ملك من ملوك الدنيا فيقول رضيت رب فيقول لك ذلك ومثله ومثله ومثله فقال في الخامسة رضيت رب قال رب فأعلاهم منزلة قال أولئك الذين غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها فلم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر وقال الترمذي حدثنا عبد بن حميد أنبأنا شبابة عن إسرائيل عن ثوير قال سمعت بن عمر يقول قال رسول الله أن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى جناته وأزواجه ونعيمه وخدمه وسرد مسيرة ألف عام وأكرمهم على الله من ينظر إلى وجهه غدوة وعشية ثم قرأ رسول الله وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة قال وقد روى هذا الحديث من غير وجه عن إسرائيل عن ثوير عن ابن عمر غير مرفوع قال ورواه عبد الملك بن أبحر عن ثوير عن ابن عمر مرقوفا ورواه عبد الله الأشجعي بن سفيان عن ثوير عن مجاهد عن ابن عمر ونحوه ولم يرفعه قلت ورواه الطبراني في معجمه من حديث أبي معاوية عن عبد الملك بن أبجر عن ثوير عن ابن عمر مرفوعا أن أدنى أهل الجنة منزلة لرجل ينظر في ملكه ألفى سنة يرى أقصاه كما يرى أدناه ينظر إلى أزواجه وسرره وخدمه ورواه أبو نعيم عن إسرائيل عن ثوير قال سمعت ابن عمر يقول قال إسرائيل لا اعلم ثويرا إلا رفعه إلى النبي وقال
الأمام أحمد حدثنا حسن هو ابن موسى حدثنا سكين بن عبد العزيز حدثنا أبو الأشعث الضرير عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة قال قال رسول الله أن أدنى أهل الجنة منزلة سبع درج وهو على السادسة وفرقه السابعة وإن له ثلثمائة خادم ويفدي عليه ويراح كل يوم بثلثمائة صحفة ولا أعلمه قال إلا من ذهب في كل صحفة لون ليس في الآخر وإنه ليلذ أوله كما يلذ آخره وعن الأشربة بثلثمائة إناء في كل إناء لون ليس في الآخرة وإنه ليلذ أوله كما يلذ آخره وأنه ليقول يا رب لو أذنت لي لاطعمت أهل الجنة وسقيتهم لم مما ينقص مما عندي شيء وإن له من الحور لاثنتين وسبعين زوجة سوى أزواجه من الدنيا وإن الواحدة منهن لتأخذ مقعدها قدر ميل من الأرض قلت سكين بن عبد العزيز ضعفه النسائي وشهرين حوشب ضعفه مشهور والحديث منكر يخالف الأحاديث الصحيحة فإن طول ستين ذراعا لا يحتمل أن يكون مقعد صاحبه بقدر ميل من الأرض والذي في الصحيحين في أول زمرة تلج الجنة لكل امرئ منهم زوجتان من الحور العين فكيف يكون لأدناهم اثنتان وسبعون من الحور العين وأقل ساكني الجنة نساء الدنيا فكيف فيكون يكون لأدنى أهل الجنة جماعة منهن وأيضا فان الجهتين الذهبيتين أعلى من الفضيتين فكيف يكون أدناهم في الذهبيتين قال الدولابي شهر بن حوشب لا يشبه حديثه الناس وقال ابن عون بن حوشب شهرا تركوه وقال النسائي وابن عدي ليس بالقوي وقال أبو حاتم لا يحتج به وتركه شعبة ويحيى بن سعيد وهذان من أعلم الناس بالحديث ورواته وعلله وأن كان غير هؤلاء قد وثقه وحسن حديثه فلا ريب أنه إذا انفرد بما يخالف ما رواه الثقات لم يقبل والله أعلم
الباب الحادي والأربعون في تحفة أهل الجنة إذا دخلوها روى مسلم في
صحيحه من حديث ثوبان قال كنت قائما عند رسول الله فجاء حبر من أحبار اليهود فقال السلام عليك يا محمد فدفعته دفعة كاد يصرع منها فقال لم تدفعني فقلت ألا تقول يا رسول الله فقال اليهودي إنما ندعوه بأسمه الذي سماه به أهله فقال رسول الله أن اسمي محمدا الذي سماني به أهلي فقال اليهودي جئت أسألك فقال له رسول الله
أينفعك بشيء أن حدثتك فقال اسمع بأدنى فنكث رسول الله بعود معه فقال سل فقال اليهودي أين تكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض فقال رسول الله في الظلمة دون الجسر قال فمن أول الناس إجازة يوم القيامة قال فقراء المهاجرين قال اليهودي فما تحفتهم حين يدخلون الجنة قال زيادة كبد النون قال فما غذاؤهم على أثرها قال ينحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها قال فما شرابهم قال من عين فيها تسمى سلسبيلا قال صدقت قال وجئت أسألك عن شيء لا يعلمه أحد من أهل الأرض ألا نبي أو رجل أو رجلان قال أينفعك إن حدثتك قال أسمعك بأذني قال جئت أسألك عن الولد قال ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر فإذا اجتمعا فعلا منى الرجل منى المرأة اذكرا بإذن الله تعالى وإن علامني المرأة منى الرجل آنثا بإذن الله تعالى قال اليهودي لقد صدقت وأنك لنبي ثم انصرف فقال رسول الله لقد سألني هذا عن الذي سألني عنه ومالي علم بشيء جنة حتى أتاني الله عز و جل به وفي صحيح البخاري عن أنس قال سمع عبد الله بن سلام مقدم رسول الله المدينة وهو في أرض يخترف فأتى النبي فقال أني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي فما أول اشراط الساعة وما أول طعام أهل الجنة وما ينزع الولد إلى أبيه أو أمه قال أخبرني آنفا قال جبريل قال نعم قال ذاك عدو اليهود من الملائكة فقرأ هذه الآية قل من كان عدو ا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله أما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت وإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل نزعت قال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله يا رسول الله أن اليهود قوم بهت وانهم أن يعلموا بإسلامي قبل أن يسألهم ببهتوني فجاءت اليهود فقال أي رجل عبد الله فيكم قالوا خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا قال أفرأيتم إن أسلم عبد الله فقالوا أعاذه الله من ذلك فخرج عبد الله فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله فقالوا شرنا وابن شرنا وانتقصوه فقال هذا الذي كنت أخاف يا رسول
الله وفي الصحيحين من حديث عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال قال النبي تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يتكفؤها الجبار بيده كما يتكفأ أحدكم خبزته في السفر لأهل الجنة فأتى رجل من اليهود فقال بارك الرحمن عليك يا أبا القاسم إلا أخبرك بنزل أهل الجنة يوم القيامة قال بلى قال تكون الأرض بزة واحدة كما قال النبي فنظر النبي إلينا ثم ضحك حتى بدت نواجذه ثم قال ألا أخبرك بأدامهم قال بلى قال أدامهم بالآدام والنون قال وما هذا قال ثور ونون يأكل من زيادة كبدهما سبعون ألفا وقال عبد الله بن المبارك حدثنا ابن لهيعة حدثني يزيد بن أبي حبيب أن أبا الخير أخبره أن أبا العوام أخبره أنه سمع كعبا يقول أن الله عز و جل يقول لإهل الجنة أدخلوها أن لكل ضيف جزورا واني أجزركم اليوم فيأتي بثور وحوت فيجرز لأهل الجنة
الباب الثاني والأربعون في ذكر ريح الجنة ومن مسيرة كم ينشق قال
الطبراني حدثنا موسى بن حازم الأصبهاني حدثنا محمد بن بكير الحضرمي حدثنا مروان بن معاوية الفزاري عن الحسن بن عمرو عن مجاهد عن جنادة بن أبي أمية عن عبد الله بن عمرو عن النبي قال من قتل قتيلا من أهل الذمة لم يرح رائحة الجنة وأن ريحها ليوجد من مسيرة مائة عام ورواه البخاري في الصحيح عن قيس بن حفص عن عبد الواحد بن زياد عن الحسن ابن عمرو الفقيمي عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو ولم يذكر بينهما جنادة وقال ليوجد من مسيرة أربعين عاما وقال الترمذي حدثنا محمد بن بشار حدثنا معدي ابن سليمان هو البصري عن ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال ألا من قتل نفسا معاهدا له ذمة الله وذمة رسوله فقد أخفر بذمة الله فلا يراح رائحة الجنة وأن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفا قال وفي الباب عن أبي بكرة وحديث أبي هريرة حديث حسن صحيح قال محمد بن عبد الواحد وإسناده عندي على شرط الصحيح قلت وقد رواه الطبراني من حديث عيسى بن يونس عن عوف الأعرابي عن محمد بن
سيرين عن أبي هريرة يرفعه من قتل نفسا معاهدة بغير حقها لم يرح رائحة الجنة وإن ريح الجنة يوجد من مسيرة مائة عام وقال الطبراني حدثنا إسحق بن إبراهيم عن عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن الحسن أو غيره عن أبي بكرة قال سمعت رسول الله يقول ريح الجنة يوجد من مسيرة مائة عام وهذه الألفاظ لا تعارض بينهما بوجه وقد أخرجا في الصحيحين من حديث أنس قال لم يشهد عمي مع رسول الله بدرا قال فشق عليه قال أول مشهد شهده رسول الله غبت عنه قال فإني أراني الله مشهدا فيما بعد مع رسول الله ليرين الله ما أصنع قال فهاب أن يقول غيرها قال فشهد مع رسول الله يوم أحد قال فستقبل سعد بن معاذ فقال له اين فقال واها لريح الجنة أجده دون أحد قال فقاتلهم حتى قتل قال فوجد في جسده بضع وثمانون من بين ضربة وطعنة ورمية فقالت أخته عمة الربيع بنت النضر فما عرفت أخي إلا ببنابه ونزلت هذه الآية من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه قال فكانوا يرون أنها نزلت فيه وفي أصحابه وريح الجنة نوعان ريح يوجد في الدنيا تشمه الآرواح أحيانا لا تدركه العباد وريح يدرك بحاسة الشم للابدان كما يشم روائح الأزهار وغيرها وهذا يشترك أهل الجنة في إدراكه في الآخرة من قرب وبعد وأما في الدنيا فقد يدركه من شاء الله من أنبيائه ورسله وهذا الذي وجده أنس بن النضر يجوز أن يكون من هذا القسم وأن يكون من الأول والله أعلم وقال أبو نعيم حدثنا محمد بن معمر حدثنا محمد بن أحمد المؤذن حدثنا عبد الواحد بن غياث أنبأنا الربيع بن بدر حدثنا هرون بن رياب عن مجاهد عن أبي هريرة عن رسول الله قال أن رائحة الجنة توجد من مسيرة خمسمائة عام وقال الطبراني حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي حدثنا محمد بن احمد بن محمد بن طريف حدثنا أبي حدثنا محمد بن كثير حدثني جابر الجعفي عن أبي جعفر محمد بن علي عن جابر قال قال رسول الله ريح الجنة يوجد من مسيرة ألف عام والله لا يجدها عاق ولا قاطع رحم وقال ابو داود الطيالسي في مسنده حدثنا شعبة عن الحكم عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي قال من أدعى إلى غير أبيه لم يرح رائحة الجنة وإن
ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام وقد اشهد الله سبحانه عباده في هذه الدار آثارا من آثار الجنة وأنموذجا منها من الرائحة الطيبة واللذات المشتهاة والمناظر البهية والفاكهة الحسنة والنعيم والسرور وقرة العين وقد روى أبو نعيم من حديث الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال قال رسول الله يقول الله عز و جل للجنة طيبى لأهلك فتزداد طيبا فذلك البرد الذي يجده الناس بالسحر من ذلك كما جعل سبحانه نار الدنيا وآلامها وغمومها وأحزانها تذكرة بنار الآخرة قال تعالى في هذه النار نحن جعلناها تذكرة وأخبر النبي أن شدة الحر والبرد من أنفاس جهنم فلا بد أن يشهد عباده جنته وما يذكرهم بها والله المستعان
الباب الثالث والأربعون في الأذان الذي يؤذن به مؤذن الجنة فيها روى
مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة عن النبي قال ينادي مناد أن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا وأن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا وأن لكم أن تنعموا فلا تبأسوأ أبدا وذلك قوله عز و جل ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون قال عثمان بن أبي شيبة حدثنا يحي بن آدم حدثنا حمزة الزيات عن أبي إسحق عن الأغر عن أبي هريرة وأبي سعيد عن النبي ونودوا أن تلكم الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون قال نودوا أن صحوا فلا تسقموا أبدا واخلدوا فلا تموتوا أبدا وانعموا فلا تبأسوا أبدا وفي صحيح مسلم من حديث حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى عن صهيب أن النبي قال إذا دخل أهل الجنة وأهل النار النار نادى مناد يا أهل الجنة أن لكم عند الله موعدا فيقولون ما هو ألم يثقل موازيننا ويبيض وجوهنا ويدخلنا الجنة وينجنا من النار فيكشف الحجاب فينظرون إلى الله فوالله ما أعطاهم الله شيئا هو أحب اليهم من النظر إليه وقال عبد الله بن المبارك أنبأنا أبو بكر الالهاني أخبرني أبو تميم الهجيمي قال سمعت أبا موسى الاشعري يخطب على منبر البصرة يقول أن الله عز و جل يبعث يوم القيامة ملكا إلى اهل الجنة فيقول يا اهل الجنة هل
أنجزكم الله ما وعدكم فينظرون فيرون الحلي والحلل والأنهار والأزواج المطهرة فيقولون نعم قد أنجزنا ما وعدنا قالوا ذلك ثلاث مرات فينظرون فلا يفتقدون شيئا مما وعدوا فيقولون نعم فيقول قد بقى شيء إن الله يقول للذين أحسنوا الحسنى زيادة قال ألا إن الحسنى الجنة والزيادة النظر إلى وجه الله وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله أن الله عز و جل يقول لأهل الجنة فيقولون لبيك ربنا وسعديك فيقول هل رضيتم فيقولون وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك فيقول أنا أعطيكم أفضل من ذلك قالوا ربنا وأي شيء أفضل من ذلك قال أحل عليكم رضواني فلا اسخط عليكم بعده أبدا ومن تراجم بخاري عليه باب كلام الرب مع أهل الجنة وسيأتي في هذا أحاديث ذكرها في باب معقود لذلك أن شاء الله وفي الصحيحين من حديث نافع عن ابن عمر أن رسول الله يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ثم يقوم مؤذن بينهم فيقول يا أهل الجنة لا موت ويا أهل النار لا موت كل خالد فيما هو فيه وهذا الأذان وإن كان بين الجنة والنار فهو يبلغ جميع أهل الجنة والنار ولهم فيها نداء آخر يوم زيارتهم ربهم تبارك وتعالى يرسل إليهم ملكا فيؤذن فيهم بذلك فيتسارعون إلى الزيارة كما يؤذن مؤذن الجمعة إليها وذلك في مقدار يوم الجمعة كما سيأتي مبينا في باب زيارتهم الرب عز و جل والله أعلم
الباب الرابع والأربعون في أشجار الجنة وبساتينها وظلالها قال تعالى
وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين في سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود وماء مسكوب وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة وقال تعلى ذواتا أفنان وهو جمع فنن وهو الغصن وقال فيهما فاكهة ونخل ورمان والمخضود الذي قد خضد شوكة أي نزع وقطع فلا شوك فيه وهذا قول بن عباس ومجاهد ومقاتل وقتادة وأبي الأحوص وقسامة بن زهير وجماعة واحتج هؤلاء بحجتين أحدهما أن الخضد في اللغة القطع وكل رطب قضيته فقد خضدته وخضدت الشجر إذا قطعت شوكة فهو خضيد ومخضود ومنه الخضد
على مثال الثمر وهو كل ما قطع من عود رطب خضد بمعنى مخضود كقبض وسلب والخضاد شجر رخو لا شوك فيه الحجة الثانية قال ابن أبي داود حدثنا محمد بن مصفى حدثنا محمد بن المبارك حدثنا يحيى بن حمزة حدثنا ثور ابن يزيد حدثني حبيب بن عبيد عن عتبة بن عبد السلمي قال كنت جالسا مع رسول الله فجاء أعرابي فقال يا رسول الله أسمعك تذكر في الجنة شجرة لا أعلم شجرة أكثر شوكا منها يعني الطلح فقال رسول الله إن الله جعل مكان كل شوكة منها ثمرة مثل خصوة التيس الملبود فيها سبعون فيها سبعون لونا من الطعام لا يشبه لون آخر الملبود الذي قد اجتمع شعره بعضه على بعض وقال عبد الله بن المبارك أنبأنا صفوان بن عمرو عن سليم بن عامر قال كان أصحاب رسول الله يقولون أن الله لينفعنا بالأعراب ومسائلهم أقبل أعرابي يوما فقال يا رسول الله ذكر الله في الجنة شجرة مؤذية وما كنت أرى في الجنة شجرة تؤذى صاحبها قال رسول الله وما هي قال السدر فأن له شوكا مؤذيا قال أليس الله يقول في سدر مخضود خضد الله شوكة فجعل مكان كل شوكة ثمرة وقالت طائفة المخضود هو الموقر حملا وأنكر عليهم هذا القول وقالوا لا يعرف في اللغة الخضد بمعنى الحمل ولم يصب هؤلاء الذين أنكروا هذا القول بل هو قول صحيح وأربابه ذهبوا إلى أن الله سبحانه وتعالى لما خضد شوكة واذهبه وجعل مكان كل شوكة ثمرة أو قرت بالحمل والحديثان المذكوران أن يجمعان القولين وكذلك قول من قال المخضود الذي لا يعقر اليد ولا يرد اليد عنه شوك ولا أذى فيه فسره بلازم المعنى وهكذا غالب المفسرين يذكرون لازم المعنى المقصود تارة وفردا من أفراده تارة ومثالا من أمثلته فيحكيها الجماعون للغث والسمين أقوالا مختلفة ولا اختلاف بينها فصل وأما الطلح فأكثر المفسرين قالوا إنه شجرة الموز قال مجاهد أعجبهم
طلح وج وحسنه فقيل لهم وطلح منضود وهذا قول علي بن أبي طالب وابن عباس وابي هريرة وأبي سعيد الخدري وقالت طائفة أخرى بل هو شجر عظام طوال وهو شجر البوادي الكثير الشوك عند العرب قال حاديهم
بشرها دليلها وقالا ... غدا ترين الطلح والجبالا
ولهذا الشجر نور ورائحة وظل ظليل وقد نضد بالحمل والثمر مكان الشوك وقال ابن قتيبة هو الذي نضدا بالحمل أو بالورق والحمل من أوله إلى آخره فليس له ساق بارز وقال مسروق ورق الجنة نضيد من أسفلها إلى أعلاها وانهارها تجري من غير أخدود وقال الليث الطلح شجر أم غيلان ليس له شوك أحجن من اعظم العضاة شوكا وأصله عودا واجوده صمغا قال أبو إسحاق يجوز أن يعني به شجر أم غيلان لأن له نورا طيب الرائحة حدا فوعدوا بما يحبون مثله إلا أن فضله على ما في الدنيا كفضل سائر ما في الجنة على سائر ما في الدنيا فإنه ليس في الجنة إلا الاسامي والظاهر أن من فسر الطلح المنضود بالموز أنما أراد التمثيل به الحسن لحسن نضده وإلا فالطلح في اللغة هو الشجر العظام من شجر البوادي والله أعلم وفي الصحيحين من حديث أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها فاقرؤا أن شئتم وظل ممدود وفي الصحيحين أيضا من حديث أبي حازم عن سهل بن سعد عن رسول الله إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها قال ابو حازم فحدثنا به النعمان بن أبي عياش الزرقي فقال حدثني أبو سعيد الخدري عن النبي قال إن في الجنة لشجرة يسير الراكب الجواد المضمر السريع في ظلها مائة عام لا يقطعها وقال الأمام أحمد حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا شعبة عن أبي الضحاك سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله أن في الجنة شجرة يسير فيها الراكب في ظلها سبعين أو مائة سنة هي شجرة جنة الخلد وقال وكيع حدثنا إسماعيل بن ابي خالد عن زياد مولى بني مخزوم عن الزهري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام اقرؤا أن شئتم وظل ممدود فبلغ ذلك وكعبا فقال صدق والذي أنزل التوراة على لسان موسى والفرقان على لسان محمد لو أن رجلا ركب
جذعة أو جذعا ثم دار باصل تلك الشجرة مائة عام ما بلغها حتى يسقط هرما أن الله غرسها بيده ونفخ فيها وإن أصلها من وراء سور الجنة ما في الجنة نهر إلا وهو يخرج من أصل تلك الشجرة وقال ابن أبي الدنيا حدثنا إبراهيم عن سعيد الجوهري حدثنا أبو عامر العقدي حدثنا ربيعة بن صالح عن سلمة بن وهران عن عكرمة عن ابن عباس قال الظل الممدود شجرة في الجنة على ساق قدر ما يسير الراكب المجد في ظلها مائة عام في كل نواحيها فيخرج إليها أهل الجنة وأهل الفرف وغيرهم يتحدثون في ظلها قال قيشتي بعضهم ويذكر لهو الدنيا فيرسل الله ريحا من الجنة فتتحرك تلك الشجرة لكل لهو كان في الدنيا وفي جامع الترمذي من حديث أبي حامد عن ابي هريرة قال قال رسول الله ما في الجنة شجرة إلا وساقها من ذهب قال هذا حديث حسن وعن أبي هريرة قال قال رسول الله يقول الله أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رات ولا إذن سمعت ولا خطر على قلب بشر إقرؤا إن شئتم فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون وفي الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها اقرؤا أن شئتم وظل ممدود وموضع سوط من الجنة خير من الدنيا وما فيها إقرؤا إن شئتم فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز رواه بهذا اللفظ والسياق الترمذي والنسائي وابن ماجه وصدره في الصحيحين وفي صحيح البخاري من حديث أنس بن مالك قال قال رسول الله إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها وإن شئتم فاقرؤا وظل ممدود وماء مسكوب وقال ابن وهب حدثنا عمرو بن الحارث أن دراجا أبا السمح حدثه عن ابي الهيثم عن أبي سعيد الخدري قال قال رجل يا رسول الله ما طوبى قال شجرة في الجنة مسيرة مائة سنة ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها وقد رواه عنه حرملة بزيادة وقال أخبرني ابن وهب أخبرني عمرو أن دراجا حدثه أن أبا الهيثم حدثه عن أبي سعيد الخدري إن رجلا قال يا رسول الله طوبى لمن رآك وآمن بك فقال طوبى لمن رآني وآمن بي ثم طوبى ثم طوبى لمن آمن بي ولم يرني فقال رجل يا رسول الله وما طوبى قال شجرة في الجنة مسيرة مائة عام ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها قلت وأول هذا الحديث في المسند ولفظه طوبى لمن رآني وآمن بي وطوبى لمن آمن بي ولم يرني سبع مرات وقال ابن المبارك
حدثنا سفيان عن حماد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال نخل الجنة جذوعها من زمرد أخضر وكربها ذهب احمر وسعفها كسوة لأهل الجنة منها مقطعاتهم وحللهم وثمرها أمثال القلال والدلاء أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل وألين من الزبد ليس فيها عجم وقال الأمام أحمد بن حدثنا علي بحر حدثنا هشام ابن يوسف حدثنا معمر عن يحيى بن ابي كثير عن عامر بن زيد البكالي أنه سمع عتبة بن عبد السلمي يقول جاء أعرابي إلى النبي فسأله عن الحوض وذكر الجنة ثم قال الأعرابي فيها فاكهة قال نعم وفيها شجرة تدعي طوبى فذكر شيئا لا أدري ما هو فقال أي شجر أرضنا تشبهه قال ليست تشبه شيئا من شجر أرضك فقال النبي أتيت الشام قال لا قال تشبه شجرة بالشام تدعى الجوزة تنبت على ساق واحد وينفرش أعلاها قال ما عظم أصلها قالوا لو ارتحلت جذعة من أبل أهلك ما أحاطت باصلها حتى تنكسر تر قوتها هرما قال فيها عنب قال نعم فما عظم العنقود قال مسيرة شهر للغراب لا يقع ولا يفتر قال فما عظم الحبة قال هل ذبح أبوك تيسا من غنمه قط عظيما قال نعم قال فسلخ أهابه فأعطا دامك وقال لها أتخذي لنا منه دلوا قال نعم قال الأعرابي فإن تلك الحبة لتشبعني أنا وأهل بيتي قال نعم وعامة عشيرتك قال أبو يعلي الموصلي في مسنده حدثنا عبد الرحمن بن صالح حدثنا يونس بن بكير عن محمد وابن إسحاق عن يحيى بن عباد عن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر قالت سمعت رسول الله وذكر سدرة المفتهي فقال يسير في ظل الفتن منها الراكب مائة سنة و قال يستظل في الفنن منها مائة راكب فيها فراش الذهب كأن ثمرها القلال ورواه الترمذي وقال شك يحيى وهو حديث حسن غريب وقال عبد الله بن المبارك أنبأنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال أرض الجنة من ورق وترابها مسك وأصول أشجارها ذهب وورق وأفنانها لؤلؤ وزبرجد وياقوت والورق والثمر تحت ذلك فمن أكل قائما لم يؤذه ومن أكل جالسا لم يؤذه ومن أكل مضطجعا لم يؤذه وذللت قطوفها تذليلا قال أبو معاوية حدثنا الأعمش عن أبي ظبيان عن جرير بن عبد الله قال نزلنا الصفاح فإذا رجل نائم تحت شجرة قد كادت الشمس أن تبلغه قال
فقلت للغلام انطلق بهذا النطع فاظله قال فانطلق فأظله فلما استيقظ إذا هو سلمان فأتيته أسلم عليه فقال يا جرير تواضع لله فإن من تواضع لله رفعه الله يوم القيامة يا جرير هل تدري ما الظلمات يوم القيامة قلت لا أدري قال ظلم الناس بينهم ثم أخذ عويدا لا أكاد أراه بين أصبعيه فقال يا جرير إذا طلبت مثل هذا في الجنة لم تجده قلت يا عبد الله فأين النخل والشجر قال أصولها اللؤلؤ والذهب وأعلاها الثمر
الباب الخامس والأربعون في ثمارها وتعداد أنواعها وصفاتها وريحانها
قال تعالى وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها ولهم فيها أزواج مطهرة وقولهم هذا الذي رزقنا من قبل أي شبيهه ونظيره لا عينه وهل المراد هذا الذي رزقنا في الدنيا نظيره من الفواكه والثمار أو هذا نظير الذي رزقناه قبل في الجنة قيل فيه قولان ففي تفسير السدي عن أبي مالك وأبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النبي قالوا هذا الذي رزقنا من قبل أنهم أتوا بالثمرة في الجنة فلما نظروا إليها قالوا هذا الذي رزقنا من قبل في الدنيا قال مجاهد ما اشبهه به وقال ابن زيد هذا الذي رزقنا من قبل في الدنيا وأتوا به متشابها يعرفونه وقال آخرون هذا الذي رزقنا من قبل من ثمار الجنة من قبل هذا لشدة مشابهة بعضه بعضا في اللون والطعم واحتج أصحاب هذا القول بحجج إحداها أن المشابهة التي بين الثمار الجنة بعضها لبعض أعظم من المشابهه التي بينها وبين ثمار الدنيا ولشدة المشابهة قالوا هذا هو الحجة الثانية ما حكاه بن جرير عنهم قال ومن علة قائلي هذا القول ان ثمار الجنة كلما نزع منها شيء عاد مكانه آخر مثله كما كان حدثنا ابن بشار حدثنا ابن مهدي حدثنا سفيان سمعت ابن مرة يحدث عن أبي عبيدة وذكر ثمر الجنة وقال كلما نزعت ثمرة عادت مكانها أخرى الحجة الثالثة قوله وأتوا به متشابها وهذا كالتعليل والسبب الموجب لقولهم هذا الذي رزقنا من قبل الحجة الرابعة أن من المعلوم أنه ليس كل ما في الجنة من الثمار قد رزقوه في الدنيا وكثير من أهلها لا يعرفون ثمار الدنيا ولا رأوها ورجحت
طائفة منهم ابن جرير وغيره القول الآخر واحتجت بوجوه قال ابن جرير والذي يحقق صحة قول القائلين أن معنى ذلك هذا الذي رزقنا من قبل في الدنيا أن الله جل ثناؤه قال كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا يقولون هذا الذي رزقنا من قبل ولم يخصص أن ذلك من قيلهم في بعض دون بعض فإذا كان قد أخبر جل ذكره عنهم أن ذلك من قبلهم كلما رزقوا ثمرة فلا شك أن ذلك من قبلهم في أول رزق رزقوه من ثمارها أتوا به بعد دخولهم الجنة واستقرارهم فيها الذي لم يتقدمه عندهم من ثمارها ثمرة فإذا كان لا شك أن ذلك من قيلهم في أوله كما هو من قبلهم في وسطه وما يتلوه فمعلوم أنه محال يقولوا لأول رزق رزقوه من ثمار الجنة هذا الذي من رزقنا من قبل هذا من ثمار الجنة وكيف يجوز أن يقولا لأول رزق من ثمارها ولما يتقدمه عندهم غيرها هذا هو الذي رزقنا من قبل أن يلبسهم ذو غية وضلال إلى قيل الكذب الذي قد طهرهم الله منه أو يدفع دافع أن يكون ذلك من قي
02.08.10 17:35 من طرف 24akhbar