من العبث أن يتم التعامل مع الجرح القبطى بعد أحداث ماسبيرو بالطريقة القديمة ذاتها، عصام شرف يذهب إلى الكاتدرائية لتقديم واجب العزاء، تماما كما فعلها أحمد نظيف من قبل، ثم تصريحات لها مذاق الحلوى الملونة عن بيت العائلة المكون من الأزهر والكنيسة، وأخيرا مرسوم عسكرى بتقنين أوضاع دور العبادة المخالفة.
إن كل هذه المراهم السطحية لا تصلح إلا لتخفيف حدة الألم لكنها لا تعالج الجرح النازف حتى الآن، والتخوف من أن نكرر الخطأ نفسه بإغلاق الجرح قبل تنظيفه وتطهيره تماما، ما ينذر بعواقب غاية فى الخطورة مستقبلا.
ومن أبجديات المعالجة المحترمة لأى مشكلة أن يجرى تفكيكها وتفصيلها، ومواجهة النفس بالأخطاء والثغرات، وما دمنا نتحدث عن تحقيقات شاملة ونزيهة فيما جرى فمن الواجب ألا نغفل أى جزئية فى القضية، وعلى سبيل المثال هناك حديث على نطاق واسع بين الأخوة المسيحيين عن قضية المفقودين فى أحداث ماسبيرو، وحسب شهادات كثيرة من عائلات المشاركين فى تظاهرات ماسبيرو فإن أعدادا كبيرة منهم مجهولة المصير حتى الآن، حيث لم تظهر أسماؤهم فى قائمة الـ 28 معتقلا، ولا فى أسماء الضحايا والمصابين، ولم يعودوا إلى ذويهم حتى هذه اللحظة.
وهناك أيضا قضية الجثث التى قال شهود عيان أنها ألقيت فى النيل أمام ماسبيرو، وتحدث عنها بلاغ مقدم من مركز النديم جاء فيه أن بعضها ظهر طافيا على السطح وتحفظت عليه الأجهزة الأمنية، وهذا الرواية قريبة مما أعلنته الناشطة السياسية المرشحة المحتملة لرئاسة الجمهورية بثينة كامل من أنها شهدت عمليات إخفاء جثث فى إحدى العمارات لضحايا سقطوا أثناء الأحداث، بخلاف القائمة المعلنة.
وأزعم أن هذه الروايات والشهادات والبلاغات تستوجب أقصى درجات الاهتمام من قبل جهات التحقيق، على نحو سريع وناجز وإلا سيبقى الجرح مفتوحا والموقف قابلا للاشتعال مرة أخرى.
وأحسب أنه من الضرورى ألا تطغى غريزة النفى والإنكار والتكذيب المسبق على أسلوب التعامل مع هذه القضية، هذا إن كنا جادين فعلا فى إعمال مبادئ دولة القانون والمواطنة المتساوية.
لقد كان من النتائج الإيجابية لثورة 25 يناير التى يدعى الكل أنه يؤيدها ويحميها أنها أعادت الأقباط مجددا إلى حضن الدولة كمصريين كاملى المواطنة، غير أن ما جرى بكل بشاعته اضطرهم مرة أخرى للاحتماء بسقف الكنيسة، الأمر الذى يتطلب من جميع الأطراف المسئولة التحرك السريع لإعادة الاعتبار لسيادة القانون وقيم العدالة، والخطوة الأولى فى هذا الطريق أن نتخلى عن الطريقة القديمة التى تعتمد استراتيجية مضمونها «إذا أردت أن تقتل قضية حاضرة عليك أن تفجر قضية جديدة أكثر سخونة».
ــــــــــــــــــــــ
مقالات وائل قنديل
مينا دانيال و أحمد عادل = H2S فلول المنحل وفلول المعارضة (إيد واحدة) الرجوع إلى نصف الحق ليس نصف فضيلة ثغرة أكتوبر وثغرة يناير جنرال ماسبيرو الجديد