حترم كثيرا القمص بولس عويضة الذى تعرض لموقف مهين فى مدخل أحد الفنادق الكبرى حين أصروا على تفتيشه بصورة مسيئة، وأعرف أن الرجل كان مع الثوار طوال أيام التحرير المجيدة، وأقدر اتصال رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف به لإبلاغه استنكاره لما حدث معه فى واقعة الفندق.. ولكن..
أحيط الدكتور عصام شرف علما بأن العامل البسيط الغلبان عزت فهمى الذى صفعه رجل الأعمال محمد فريد خميس على وجهه وسب دينه وشتم أمه هو أيضا كان من الثوار ولعب دورا مهما مثله مثل الملايين فى نجاحها، وكان يستحق من الدكتور شرف اتصالا تليفونيا فى أسوأ الظروف.
وإذا كان الدكتور شرف فى حيثيات اتصاله بالقمص بولس يقول إنه أحد الرموز المهمة وأن جميع من شاركوا فى الثورة يعرفونه، فإن عم عزت فهمى السواق أيضا لا يقل أهمية فى هذه الثورة.
إن ما جرى للقمص بولس لم يكن فى حضور وعلى مرأى ومسمع من شرف، لكن الاعتداء الهمجى على العامل المصرى المحترم كان فى حضور السيد رئيس الوزراء، الذى وكما تواترت الروايات أكمل جولته فى مصانع السيد فريد خميس بشكل طبيعى للغاية، ولم يعبأ بالحادث المؤسف الذى وقع.
وقد مرت على الواقعة حتى الآن أيام دون أن نسمع عن إجراء واحد اتخذه الدكتور شرف، وهذا أمر غريب على رجل كان يوقف موكبه فى الطريق العام إذا لمح مواطنا يعانى من إعياء أو إصابة فى الشارع، إلى حد أن البعض كان قد بلغ به الشطط أن طالب رئيس الوزراء بالترشيد فى إظهار مشاعره الإنسانية الرقيقة بعض الشىء.
وأخشى أن أقول إن الغضب مما حدث مع القمص والسكوت على ما وقع للسائق يكشف عن نوع من ازدواجية المعايير أو الكيل بمكيالين.
إن واقعة عزت فهمى أخطر كثيرا من حادثة القمص بولس، ففى الأولى نحن أمام اختبار عملى لشلال من التصريحات العذبة الرقيقة عن كرامة المواطن المصرى، وحماية حقوق العامل المصرى، وعدم التهاون فى صون حقوق الإنسان، على اعتبار أننا نعيش أجواء ثورة الكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، ومن ثم كان المنتظر أن يغضب عصام شرف وتغضب حكومته عندما يصفع عامل على وجهه فى عهده وفى حضوره، خصوصا عندما يكون الفاعل أحد الذين كانوا مقربين كثيرا من النظام الساقط، بل ويمكنك تصنيفه فى قائمة الفلول دون أن تكون متجاوزا للحقيقة.
ولا شك أن الدكتور شرف يعلم تمام العلم أن من أسباب انهيار رءوس النظام السابق أن السلطة استقرت فى مخدع الثروة على نحو مشين، سواء بالزواج أو بالمشى البطال، ما استحدث نمطا جديدا من نظم الحكم أقرب إلى التشكيل العصابى منه إلى التكوين السياسى.
وباختصار شديد ومع كامل الإدانة والاستنكار لما حدث مع القمص بولس، فإن إدانة واستنكار العدوان الغاشم على عزت فهمى ينبغى أن يكونا أشد.
المزيد من المقالاتفضيحة فى المحكمة من يكره ميدان التحرير لن يهتم بإبادة السوريين