كنت أول من انتقد أداء الدكتور عصام شرف وحكومته، وتنبأت بسقوط الرجل وخروجه من الوزارة وذلك منذ أكثر من شهر ونصف الشهر، ووقتها تباري المؤيدون له في الدفاع عنه خاصة في التعليقات علي بوابة الوفد الإلكترونية عقب نشر المقال.. والآن سقطت الأقنعة وأصبح الرحيل هو الحل.. وتحول السقوط إلي واقع.. ولم يثبت مع الرجل إلا قليل.
وعلي الرغم من تراجع أداء الحكومة وزيادة السخط الشعبي فإن الرجل مازال متمسكاً بموقعه غير عابئ بما يدور حوله.. ولقد ذكرني بيانه الأخير الذي صدر منذ أيام ببيانات مبارك التي ألقاها أثناء الثورة فعلي الرغم من الثورة العارمة ضد رئيس الوزراء وأعضاء حكومته.. فإن الرجل يبدو أنه في واد والشعب في واد آخر.. الشعب يريد إسقاط الحكومة.. والدكتور شرف يتحدث عن اجراء تعديل وزاري وحركة محافظين وهو بالضبط ما فعله الرئيس المخلوع حسني مبارك عندما خرج علينا يتوعد ويتعهد ويتحدث عن المستقبل ويشير إلي تغييرات سيجريها بنفسه.. فعل مبارك هذا في الوقت الذي احتبست فيه الأنفاس ولم نكن نريد إلا كلمة واحدة وهي التنحي.
لقد فاض الكيل برئيس الوزراء وأعضاء حكومته وأصبحنا في حاجة إلي حكومة قوية تستطيع أن تحمي الثورة، وتقدم انجازات علي أرض الواقع، وعندما قلت في مقال سابق ان الفريق شفيق أنجز في أيام مالم ينجزه الدكتور شرف في شهور كنت أعي ما أقول بصرف النظر عن الاختلاف حول موقف الفريق شفيق.
إن مصر تحتاج إلي رئيس وزراء قوي وليس إلي رئيس وزراء لا يجيد إلا الحركات البهلوانية والتمثيل واستغلال مشاعر البسطاء كما فعل في زيارته لأحد مطاعم الفول بالمهندسين وقام بتوزيع صورته علي وسائل الإعلام حتي يعرف الشعب أنه يأكل الفول.
إن مصر تحتاج إلي رئيس وزراء يشعر بالمسئولية ويمسك بتلابيب الأمور ولا يترك الدولة إلي سكرتاريته الخاصة يتخذون من القرارات ما يشاءون ويعبثون بمقدرات الأمور.
وإذا كان الدكتور عصام شرف قد خدع الشعب بعض الوقت فانه لا يستطيع أن يخدع الشعب كل الوقت.. فليس صحيحاً أن الدكتور عصام شرف كان من الفرسان داخل الحزب الوطني المنحل.. فالأحداث والوقائع تؤكد عكس ذلك.. فالرجل توجه علي رأس وفد رفيع المستوي من الحزب الوطني والحكومة لمساندة محمد عبدالعال مرشح الحزب في مينا البصل بالاسكندرية، وعلي الرغم من أن شرف تغني وقتها بانجازات الحزب وبشر الناس بالمرشح الهمام.. فإن اللطمة كانت قوية واختار أبناء مينا البصل نائب الإخوان حمدي حسن.. ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد.. بل إن الدكتور شرف كان عضواً في أمانة السياسات التي كان يرأسها نجل الرئيس المخلوع والتي كانت مفتاح دخول جنة الوطني وحكومته.
إن الوضع الراهن يحتاج إلي تغيير جذري حتي تعود للدولة هيبتها وللحكومة رشدها.. فكيف تستقيم الأمور والدكتور شرف مازال متمسكاً بكتيبة من المستشارين تزيد علي 8 في مختلف التخصصات يتقاضون مرتبات باهظة ويتمتعون بمخصصات غير مسبوقة؟.. وكيف تستقيم الأمور والدكتور شرف يستعين بعامل تليفونات في مجلس الوزراء ليكون ممثلا له في حل مشكلة العاملين بمترو الأنفاق؟
وكيف تستقيم الأمور والدكتور عصام شرف تحول إلي ابن بطوطة وأصبح عاشقاً للسفريات المكوكية من أفريقيا إلي أوروبا مرورا بالخليج وأغلبها مهام لا تستدعي أكثر من مساعد وزير خارجية.
المزيد من المقالاتالثورة والاغتسال من الحدث الأكبر حكومة «اعتصام» شرف هل يدير مبارك السياسة الخارجية لمصر؟ المشير والفريق والشفيق ثوار أم لصوص موتوسيكلات؟ القضية السورية قضية شعب ووطن وتاريخ.. لا يملك احد حق التصرف بها تحية إلى الإخوان