24 ساعة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
24 ساعةالأخبارالرئيسيةأحدث الصورالمقالاتالتسجيلدخولالفيديو والمالتيمدياتابعنا على فيس بوك24 يوتيوبتابعنا على تويتر

 

 آه يا حــيوان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
24akhbar

24akhbar



آه يا حــيوان Empty
04072011
مُساهمةآه يا حــيوان

آه يا حــيوان D8b9d811

هتفت في حنق شديد: لا يمكن أن يكون هذا إلا وحشًا متمرسًا.. حيوانًا شرودًا مسعورًا! يستحيل.. لقد صارت الوحشية جزءًا من تكوينه.. إنها تخالط دمه وأعصابه!

- حيوان؟ لا .. ولا حيوان، فالحيوان لا يستمتع بالقتل، لا يقتل لمجرد التسلية، الحيوان إذا شبع نام؛ مهما كان ضراوته!

- أصبح الألم الفظيع - الذي كان يعشق أن يراه على سِحَن الآخرين، والصراخ الممزق للقلب تنشق به حناجرهم - مجال استمتاع له وشهوة..

- حيوان! أترى ملامحه؟! هل يمكن أن يكون هذا الكائن آدميًا فعلاً؟!

كان واقفًا في القفص.. كائنًا عبلاً ضخم الجثة.. نظراته شديدة القسوة.. والذهول يغطي وجهه؛ بعد أن وجد نفسه خلف قضبان غليظة ، وزنزانة حجرية باردة؛ تمامًا كقلبه..

كان يزمجر - كالضبع الحبيس - في ثورة لا تخفي انكسارًا داخليًّا، وإحساسًا بأنه مقبل على حقبة مختلفة من حياته. ولم لا.. فقد صار بلا صوت.. وبلا قوة.. وبلا قيمة؟!

ابتسم صديقي القاضي الذي اعتاد مقابلة مثل هذه الكائنات، ثم قال مخففًا عني:

- يااااه! وما الغريب في ذلك؟ إن الله تعالى خلق الفراشات، والورود، وقوس المطر، وقطرات الندى، كما خلق الثعابين، والضباع، والخفافيش مصاصة الدماء!

هون عليك! إننا نقابل من هذه الكائنات الكثير الكثير.

تجتاحني رغبة في التقيؤ كلما ذكرت هذا المخلوق البشع وأفعاله.. لكن من حسن الحظ أن الأيام تطوي الذكرى البغيضة، لتختفي صورة الوحش، وتستقر بعيدًا في أحناء الذاكرة.

يمضي زمن غير قصير لأفاجأ به من جديد - في إحدى جولاتي - وجهًا لوجه: كائنًا أرنبيًّا خائفًا.. عيناه لا تستقران.. وجِرمه العبل قد أصابه هزال واضح.. أهذا معقول؟!

ينتابني اندهاش عارم.. وترتسم على ملامحي علامات كثيرة:

- أنت؟ سبحان الذي هدّك!! جرى لك إيه؟!

نظر إلى الأرض في انكسار ذليل، محاولاً أن يبعد عينيه عني، وهو يتمتم في التياع:

- يا بيه.. ربنا هايسامحني؟ ممكن؟

- الله أعلم.. إيش عرّفني؟ لكن ليتك تكون صادق الندم.. على الأقل نحس أنك قد رجعت لآدميتك، ونسيت غريزة الضبع في لعق الدم!

- أعتقد أن ما فعلته فظيع.. فظيع.. صعب جدًّا أن يغفر الله لي.. مش ممكن يسامحني!

- ليس على الله شيء صعب..

- أيغفر لسفاح مثلي؟

هل يغفر لجلاد كانت موسيقاه المفضلة صراخ المعذبين، ونشوته في قهر الرجال، وإذلالهم، وكسر كبريائهم؟

أيغفر لوحش كانت أحلى لحظاته أن يكسر عظم رجل مقيد، أو يغتصب رجولته؟!

- اجلس وهدئ من روعك.. دعني أشاركك بعض ما أنت فيه.

- تصور يا أستاذ.. حتى البهائم لا يمكن أن تلتذّ بتعذيب بعض.. فضلاً عن تعذيب بنيها.. لقد هبطت لدركةٍ أخس من الحيوانية.

ابني.. ضنايا.. كنت أفجّر فيه غرائزي السافلة، وشهوتي الدموية..

لما اضطروا لإبعادي قليلاً – بعد أن افتضح أمر التعذيب - أحسست بأنني يجب علي أن أحافظ على مظاهر قوتي، وألا أفقد أبدًا ما أحسست به من نشوة..

أمثالي كثيرووووون، يقومون بما كنت أقوم به، لكم كنا نتباهى بما نفعل، ونتنافس: أينا يبتكر شيئًا جديدًا يزيد من ألم ضحاياه، وينتزع صرخاتهم!

كان الأمر إدمانًا! صدقني: فإذا كان هناك من يدمن الجراك، والهيروين، والكوكايين والكحول، فقد كنت أنتشي بإذلال من يوقعه قدره تحت يدي.. وكالمدمن تمامًا كنت أحتاج إلى أن أزيد من مقدار الجرعةحتى أنتشي.. لا أطرب لشيء كما أطرب لصرخات الرجال وآلامهم المبرِّحة..

أبعدوني عن هوايتي في التعذيب لما فاحت رائحتي وكثرت الشكاوى.. فاحتجت الجرعة المخدرة.. ووجدتها - للأسف - في ابني.. ضنايا.

كنت أتلذذ برائحة الشواء وأنا أضع المكواة الكهربائية حارةً على جسده.. على أشد المواضع حساسية فيه: تحت إبطيه.. على فخذيه.. على صدره!

كان ابني يتلوى وأنا أنتشي.. كنت على قناعة تامة أنني أؤدبه.. وأن من حقي أن أفعل به ما أشاء حتى يستقيم أمره..

شيطاني كان يزين لي أنني أربيه؛ لكنني كنت في الحقيقة أطفئ سعاري الداخلي.. وشهوة الذئب الذي يسكنني لرائحة الشواء.

ابني.. حبة عيني.. لم يحتمل المسكين.. برعمٌ ضعيف سحقته بقساوة.. إن مثلي لا يستحق شفقة ولا رحمة.. لماذا لا يعدمونني لأستريح.. لماذا؟!

اقشعر بدني وهو يجدد القصة الوحشية على مسامعي، بعد أن دفنتها الأيام في أطواء الذاكرة من سنين..

كدت أبصق عليه.. تماسكت كيلا أقوم إليه لألكمه..

لكن لا أدري لماذا داخلني إحساس بأنني أشم رائحة كبده التي تحترق وجعًا وندمًا.. كما تدين تدان.. إن الوحش في داخله تحول إلى فريسة.. والضبع الكامن في نفسه قد صار أرنبًا.

- لقد ابتلاني الله بنفسي.. في أحب الناس إليّ.. ربما لأذوقَ بعض ما أذقت الناس.. آه من كبدي المحترقة.. آه من رائحة الشواء التي تطارد أنفي، ولا أستطيع منها هروبًا.. آه يا ولدي!

نفذت بعيني إلى قلبه.. لأجد مفارقة عظيمة بين الوحش البشري الذي كان يهمهم في الزنزانة، وبين هذا الأرنب الجالس أمامي: رجل مضروب في ثلاثة؛ في ضخامته وخشونة بدنه.. ومضروب في عشرة في قساوة ملامحه وحدّة عيونه، قد انكسرت نظرته، وذوى عوده، وأخذ الإحساس بالذنب يأكل ضميره.. يلتهمه جزءًا فجزءًا، حتى بات يحس بالوجع الدائم..

إنها ردة إلى الآدمية التي نسيها زمنًا، بعد أن رشّحته مؤهلاته الخبيثة ليقوم بمهمة شيطانية، لا يعرفها من المخلوقات إلا البشر! مهمة الجلاد.

أصررت على أن أتسلل داخله.. رغبةً في اكتشاف بعض الملامح التي ترفع الحيوان أحيانًا عن مستوى بني الإنسان.. أدركت أن إعطاءه فرصة للاعتراف أمر يخفف عنه كثيرًا.

- تصور يا سيدي: أحدثت ثقبًا في الجدار الخرساني السميك للزنزانة.. ثقبًا صغيرًا غير

نافذ.. أمسكت بكابل معدني.. وأخذت ألهب ظهر رجل مسن وأنا أصرخ فيه:

حاول أن تخرج من هذا الثقب لتنقذ نفسك.. انفِدْ بجلدَك..

وأخذ المسكين يجري نحو الثقب؛ هربًا من نار الأسلاك الرفيعة التي تمزق لحمه.. ليضرب في النهاية رأسه بالحائط.. لعله يخرج من الثقب ليُرحم من سوط الشيطان..

أقفه ثانية بصرخة مدوية، وبضربة يفقد بها عقله:

- بتاخدني على قد عقلي يا بن الـو...!؟ وهل يستطيع بغل في حجمك الخروج من هذا الثقب؟!

- لا.. لا.. يا باشا.. لا أحد يستطيع.. كلام سيادتك صحيح.

- لا أحد يستطيع؟ كيف؟ لا تقل ذلك.. إنك تستطيع الخروج منه.. أنت أستاذ جامعي.. ذكي ومتعلم، ومخك كبير.. وستجد حيلة لذلك.. جرب..

وأهوي بالسوط الفولاذي على ظهره لينطلق إلى الحائط؛ علني أخفف عنه بعض ضرباتي.

وحين أجد دم رأسه يسيل، وجلد ظهره يتمزق، وصرخاته تشق الجو يرقص قلبي، أسمع أحلى موسيقى.. حتى إذا تهاوى على الأرض مغمًى عليه أنتشي.. وأحس بالسعادة!

آه.. قالها ونكس رأسه، وتهدج صوته.

أومأت برأسي أشجعه على الاستمرار، كنت أجري له عملية غسل ضمير - إذا صح تعبيري - وأخرج العناصر المسمومة التي حُشي بها جوفه..

- قل.. أنا سامْعَك .. ريَّح نفسَك..

- تصور.. حين تأتي بشخص متعلم محترم.. ابن ناس.. فتذل كبرياءه.. وتصفعه على قفاه.. تأمره أن ينهق كالحمار.. أو يقفز كالقرد، ترسم له صورة امرأة على الجدار البارد، ليضاجعها، وإلا فالويل له والبلاء.. يضاجعها أو تغتصبه أنت، تعبث به وبرجولته وبآدميته!

كسرت زجاجة فارغة، وأجبرت أحدهم على الجلوس على عنقها المكسور.. فتمزق المسكين من أسفل.. وأصيب بصدمة عصبية!

انتشيت نشوة عارمة حين رأيته يتهاوى على الأرض.. علمت بعدها أنه مات.. كان شاعرًا معروفًا.. قالوا لي إنه خائن..

أتعرف يا سيدي؟

- كفى.. كفى.. أكاد أتقيأ.. هارجَّع!

- رجَّع واللا طق.. أنا أحترق.. ألا تشم؟ ألا تحس بالمواسي التي تقطع جسدي؟!

أمسك بخناقي وهو يصرخ: حرام عليك.. جد لي حلاًّ؛ فأنا أشتعل من الداخل.. أرجوك.. أرجوك..

تصبب عرقه، ونفرت أوداجه، ثم استدار فجأة مقهقهًا بشكل غريب، واستدار نحوي في تحدٍّ لئيم:

- أتعرف يا رجل: لقد أذللتهم جميعًا.. لقد عبثت برجولتهم.. كنت إذا تعبت أجبر أحدهم أن يكمل ضرب زميله.. ها ها.. ألا أثأر لنفسي.. ألا أثأر لما فُعل بي وأنا صغير.. حين أدماني ذلك الوحش البشري وأنفاسي مكتومة.. كلهم مثله.. ها ها. هل أنت حزين لأجلي؟ أنا لا أستحق الشفقة.. أنا حيوان.. قهقه.. ثم انفجر باكيًا..

اتجه نحو زاوية الغرفة بجسد ينتفض، وصوت يتهدج، وتكوم مواجهًا الحائط، وهو يتقيأ دمًا.. ظل يبكي ويقيء وينشج، حتى هدأ صوته وسكن.. قمت أربت على كتفه مستأذنًا.. وكأني أهرب من المكان.. وبمجرد أن لمسته تهاوى.. لقد كان ميتًا.. وعلى الأرض كتل دموية.. لعلها قطع من كبده المحترقة.

albasuni@hotmail.com


المزيد من الموضوعات
رئيس الوزراء يشكل لجنة تقصي حقائق في تلقي منظمات مصرية لأموال من الخارج
المؤتمر الأول للأخوات المسلمات يرفض التدخل الخارجى لتغيير المرجعية الإسلامية
د. محمد مرسي: نجيب ساويرس من بقايا النظام السابق


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

آه يا حــيوان :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

آه يا حــيوان

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
24 ساعة :: 
المقالات
 :: مقالات عامة
-
انتقل الى:  
أنت بحاجة للبرامج التالية
المواضيع الأخيرة
» محاكمة مبارك: مشادات بين اهالي الشهداء وقوات الامن امام اكاديمية الشرطة
آه يا حــيوان Icon_minitime02.01.12 9:30 من طرف 24akhbar

» وصول طائرة مبارك والمتهمين لبدء محاكمتهم بتهمة قتل المتظاهرين
آه يا حــيوان Icon_minitime02.01.12 9:14 من طرف 24akhbar

» العليا للإنتخابات: الإنتخابات في موعدها والكشوف النهائية خلال ساعات
آه يا حــيوان Icon_minitime15.11.11 7:30 من طرف 24akhbar

» على السلمى يجتمع اليوم مع رافضى "الوثيقة" للوصول لصيغة توافقية
آه يا حــيوان Icon_minitime15.11.11 7:09 من طرف 24akhbar

» مقتل أكبر تاجر "أعضاء بشرية" فى سيناء
آه يا حــيوان Icon_minitime15.11.11 7:02 من طرف 24akhbar

» الجماعة السلفية تؤكد مشاركتها فى مليونية "18 نوفمبر" إذا أقر المجلس العسكرى وثيقة السلمي
آه يا حــيوان Icon_minitime15.11.11 6:57 من طرف 24akhbar

» فيديو: أهداف مباراة مصر والبرازيل 2/0
آه يا حــيوان Icon_minitime15.11.11 6:49 من طرف 24akhbar

» فضيحة القنوات المصرية داخل الملاعب القطرية: رئيس "ميلودي سبورت" يعتدي على مراسل "مودرن" بالسبّ والضرب
آه يا حــيوان Icon_minitime15.11.11 6:41 من طرف 24akhbar

» الكسب غير المشروع يقرر التحفظ على أموال "حسن المير" عضو مجلس الشعب السابق
آه يا حــيوان Icon_minitime14.11.11 6:48 من طرف 24akhbar

» 238 أجنبيا اعتنقوا الإسلام عن طريق خدمة "بلغني الإسلام" عن بعد
آه يا حــيوان Icon_minitime14.11.11 6:38 من طرف 24akhbar

» جماعة الإخوان تعلن المشاركة فى جمعة "18 نوفمبر" مالم يتم سحب "وثيقة السلمى"
آه يا حــيوان Icon_minitime14.11.11 5:49 من طرف 24akhbar

» أنصار الأسد يقتحمون السفارة الليبية بدمشق
آه يا حــيوان Icon_minitime14.11.11 5:42 من طرف 24akhbar

» الدكتور صفوت حجازى يقود قافلة دولية إغاثية لقطاع غزة
آه يا حــيوان Icon_minitime14.11.11 5:37 من طرف 24akhbar

» المستشار عبد المعز: هناك دول رفضت بالتصويت للمصريين على أراضيها
آه يا حــيوان Icon_minitime13.11.11 8:13 من طرف 24akhbar

» رئيس مباحث أداب سابق يتهم زوجة حبيب العادلى باحالتة للمعاش عام 2006 بسبب شبكة دعارة تتزعمها المغربية نشوى خزيم صديقتها الشخصية
آه يا حــيوان Icon_minitime13.11.11 8:07 من طرف 24akhbar

» سلطة قضائية تطالب بـ "إعتقال سوذان مبارك"
آه يا حــيوان Icon_minitime13.11.11 7:48 من طرف 24akhbar

» الملك عبد الله يعين شقيقه الأصغر نائباً له
آه يا حــيوان Icon_minitime13.11.11 7:42 من طرف 24akhbar

» رئيس الإنتقالى الليبى: ليبيا ستنتهج " الإسلام المعتدل"
آه يا حــيوان Icon_minitime13.11.11 7:38 من طرف 24akhbar

» سوريا: الثوار يدعون للتصعيد والعصيان المدنى بعد تعليق العضوية
آه يا حــيوان Icon_minitime13.11.11 7:34 من طرف 24akhbar

» السعودية توجه الإتهام فى إقتحام سفارتها إلى "سوريا"
آه يا حــيوان Icon_minitime13.11.11 7:23 من طرف 24akhbar

تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
قم بحفض و مشاطرة الرابط 24 ساعة على موقع حفض الصفحات

.: زوار هذا الإسبوع :.