قرر مجلس الوزراء أمس، تفعيل مواد القانون ولاسيما المادتين 86 و86 مكرر من قانون العقوبات التي تُجرّم الإضراب عن العمل وتعطيل عجلة الإنتاج، مرجعًا ذلك إلى ما تسببه بعض الاعتصامات والمظاهرات الفئوية من تعطيل للإنتاج وتراجع الاستثمارات وتوقف دولاب العمل في العديد من المصالح الحكومية، وحتى لا يتعرض اقتصاد البلاد لمزيد من المخاطر، وهو ما قوبل بردود فعل متباينة انقسمت ما بين مرّحب بالقرار، باعتباره "ضروريًا" خاصة في هذه المرحلة التي تعيشها مصر، وحالة الفوضى العارمة التي أضفت بظلالها على الوضع الاقتصادي، وبين آخرين عبروا عن رفضهم كون القرار يتنافى مع الأجواء الديمقراطية التي خلّفتها ثورة 25 يناير، ويعيد إلى الأذهان الأساليب التي لجأ إليها النظام السابق على مدار ثلاثة عقود.
الكاتب والمفكر جمال أسعد، عضو مجلس الشعب السابق كان واحدًا من الذين رحبوا بشدة بالقرار، معللا ذلك بـ "أننا نعيش حالة من الفوضى والانفلات الأمني وغياب أمن وأمان وضياع حق الدولة وغياب للقانون، خاصة في ظل اليد الرخوة والضعيفة للحكومة في مواجهة مثل هذه الأمور".
وقال في هذا السياق لـ "المصريون"، إن هناك فارقًا كبيرًا بين التعبير عن الرأي وبين التظاهرات التي تسودها المطالب الفئوية وقطع الطرق العامة والسكك الحديدية كوسائل للضغط، موضحا أنه ليس ضد التظاهر، لكن لا يجب أن يعطل سير العمل ويصيب الحياة بالشلل وأن ما دون ذلك لابد أن يخضع للقانون.
وانتقد مظاهر تعطيل سير العمل والحياة العامة من خلال تلك المظاهرات الفئوية والاعتصامات التي تضر بالصالح العام، قائلا إن من يقوم بذلك "لا علاقة لهم بالثورة، وإن الثوري الحقيقي هو الذي يعمل من أجل بناء هذا الوطن ويسعى بعزم لإنجاح الأهداف التي قامت من أجلها الثورة ويعمل على سيادة القانون وتفعليه، وليس مع الفوضى والمظاهرات التي تعطل الإنتاج".
لكن المحامي مختار نوح كان له موقف مضاد من التضييق على ممارسة حرية الرأي والتعبير، واعتبر القرار يعكس العقلية التي كانت تدير مصر منذ 30 عامًا، معتبرًا أن الإضراب هو أحد صور الاحتجاج المشروع على الأوضاع الظالمة، متسائلا: لماذا لا ينص القرار على محاسبة صاحب العمل أو الوزير الذي يتسبب في تقاعسه عن تلبية المطالب العادلة في حدوث مثل هذه الإضرابات؟.
ورأى أن القرار يهدف في المقام الأول إلى حماية رجال الأعمال والوزراء، كما كان يحدث في السابق، وقال إن القرار يعني "تجريم البكاء والصراخ"، لكننا كالعادة ووفقا لقواعد النظام الظالم السابق لا نجرّم من كان سببا في البكاء.
ومضى متسائلا: ماذا لو أن مجموعة من العمال طالبوا رب العمل بحقوقهم لكنه رفض منحها إياهم ولم يلتفت إلى شكاواهم؟، متسائلاً: إذًا فمن يستحق العقاب هل الذين أضربوا احتجاجا على إهدار حقوقهم، أم المسئول عن ذلك.
وأضاف: إذا قمنا بتجريم الاعتصام والإضراب والتظاهر فعلينا إذًا أن نضع الذين شاركوا بالثورة في السجون، لأنهم قاموا بالثورة في ظل قوانين به مثل هذا القانون الذي يجرم التظاهر الاعتصامات والإضرابات، مطالبا بأن يجرم قانون يجرم الإضراب عن العمل من كان سببا في الإضراب بامتناعه عن تحقيق المطالب والعدالة وأن ينص من الإعفاء عن المساءلة متى كان الإضراب ناتجًا عن تقاعس الدولة أو رب العمل أو المسئول عن ذلك، فكل إضراب يكون مبنيا علي مظلمة حقيقية فيجب أن يحمى بنص القانون.
وأشار إلي المادة 60 من قانون العقوبات تنص على أنه: "لا تسري أحوال قانون العقوبات علي أي فعل ارتكب بنية سليمة عملا بحق مقرر لدى الشريعة"، والشريعة تكفل للفرد بالخروج عن الظلم والظالم حتى ولو كان النظام.
وأوضح أنه لكي نفرق بين الإضراب المبني على فوضي وبين آخر مبني على حق، فعلينا أن نطبق قواعد دولة القانون، فإضراب العمال بسبب تأخير المرتبات هو إضراب مسنود علي قانون، والإضراب الناجم عن المطالب بتوفير الوسائل الصحية اللازمة لحماية عمال المناجم- علي سبيل المثال- إضراب مبني علي حق، ويعاقب في الوقت ذاته الوزير المختص أو الجهات الرقابية التي سمحت بدخول العمال دون حماية، أما الإضراب الناجم عن رغبة في تحقيق مأرب شخصي مثل الترقية أو العلاوة فهذا لا يجوز إلا بعد استنفاذ الوسائل القانونية.
بدوره، أكد الدكتور محمد البلتاجي القيادي بجماعة "الإخوان المسلمين"، أنه مع كافة الإجراءات التي تنهي حالة الشلل والتعطل وتعطل الإنتاج وتدهور الاقتصاد، وإن أشار إلى أنه مع الحق في التعبير بما لا يضر عملية الإنتاج، ومع حق أصحاب المظالم في تحقيق مظالمهم ورفعها وإنهائها، مضيفا: نحن بحاجة إلى هذا التوازن.
وأضاف أنه في كل الأحوال ضد تعطيل الإنتاج، خاصة أن البعض يلجأ إلي وسائل تضر بالصالح العام وتعطل حركة الإنتاج، مشيرا إلى أنه كي نستطيع تحقيق تلك التوازن المنشود يجب الإجابة على سؤال هام وهو كيف: نفرق بين الإضراب أو التظاهر المبني على فوضى وآخر مبني على مطلب شرعي؟.
وقال إنه حينما يدعو البعض إلي تعطيل العمل وفرض تعطيل العمل على الآخرين وعسكرة الاحتجاج وهذا ما حدث في بعض التظاهرات والاحتجاجات الأخيرة من خلال أفراد بعينهم، فمن حق الجميع أن يتشكك في دوافعهم وإنها ليست قضية مطالب بقدر ما هي سعي لتعطيل العمل وإثارة حالة الفوضى، بخاصة في تلك المرحلة الحرجة في تاريخ الوطن.
وأشار إلى أنه مع حق التظاهر والإضراب والاحتجاج بما لا يؤدي إلي حالة الفوضى وضد العسكرة وأن يعبر عن مطالب حقيقية لقضايا بعينها ولكن في كل الأحوال نحن في مرحلة تحتاج إلي أن يرفع أصحاب المطالب الفئوية مطالبهم ويطالبوا بها من خلال لجان رسمية ويعرفوا بها الرأي العام ويشكلوا جزء من ضغط الرأي العام معهم، ويعطوا الفرصة لتحقيق هذه المطالب بعيدا عن تهديد الإنتاج والاقتصاد، والدخول في حالة من الفوضى التي من الممكن أن تضيع ثمار تلك المرحلة.
وأكد أنه يدرك قلق الحكومة من تعطل حركة الإنتاج في البلد خاصة وأن هناك مؤشرات كثيرة تؤكد أن هناك من يرغب في إحداث حالة من البلبلة والفوضى والانقسام، وتعطيل مسيرة التنمية والنهضة والاستقرار بعد الثورة.
متفقًا معه في الرأي أبدى الدكتور حمدي حسن المتحدث الإعلامي السابق لكتلة "الإخوان المسلمين" بمجلس الشعب الأسبق، لأن "كل شيء يزيد عن حده ينقلب لضده"، معتبرا أن ما حدث يوم الجمعة الماضي من قيام بعض المواطنين بقطع خط السك الحديد بالعياط احتجاجا على وجود برج محمول بجانب إحدى الأماكن السكنية هو تصرف مرفوض على الإطلاق لتأثيره على مصالح ملايين من الشعب.
وشدد على أن حق التظاهر مكفول لكن ينبغي ونحن نطالب بحقوقنا أن لا نهمل حقوق الآخرين أو نؤثر عليها، وقال إنه مع حق التظاهر والتعبير عن الرأي لكن دون تعطيل مصالح الآخرين، وبالتالي فالمظاهرات التي تخرج أمام ماسبيرو علي سبيل المثال لتقطع الطرق بتلك المنطقة وتوقف حركة العمل مستهجنة شعبيا، مؤكدا أن الثورة حققت كثيرا من النتائج وعلينا الآن أن ننظم عملية التظاهر والاحتجاجات.
المزيد من الموضوعات
د سعاد صالح: لا يجوز العفو عن مبارك المهندس هانى سوريال الناشط القبطى يسعى للإنضمام لحزب "النور السلفى" بعد أن أبدى إعجابه ببرنامجه رئيس الموساد الأسبق: مصر ستخوض حربًا ضد إسرائيل قريبا عصام شرف يفتتح كنيسة "السيدة العذراء بإمبابة" بعد تجديدها زوجة أمين أباظة وزير الزراعة السابق أمام الكسب المهندس عاطف عبد الحميد وزير النقل يهدد بتقديم إستقالته