نتاب كثيرين المخاوف من التداعيات المحتملة في حال الاستفتاء بـ "لا" على التعديلات الدستورية غدًا السبت، في ظل التحذيرات من فراغ تشريعي بالبلاد، مع تزايد حالة الجدل بشأن التعديلات والتي أضفت غموضًا متزايدًا حول نتيجته المرتقبة، وهو ما يثير التساؤلات حول الموقف إذا ما تم رفض التعديلات من خلال الاستفتاء والإجراءات التي من الممكن اتخاذها.
وحذر الكاتب الدكتور رفعت سيد أحمد، رئيس مركز "يافا" للدراسات من أن التصويت بـ "لا" على التعديلات سيقودنا إلى ما أسماها "أمركة للثورة وسرقة لها" من قبل الفريق الأمريكي وأيضا "عسكرتها"، معتبرًا أنه في كلا الحالتين فليس الأمر في صالح الحركة المصرية الثورية العامة الآن، لذا فإنه يؤيد التعديلات لتفادي الدخول في أزمات محتملة قد تنجم عن رفض إقرارها.
وقال لـ "المصريون"، إنه يعتقد بأنه إذا جاءت النتيجة بـ "لا" فسيستمر المجلس الأعلى للقوات المسلحة في إدارة شئون البلاد طيلة المرحلة الانتقالية، لحين الاتفاق على إعداد الدستور وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، وهذا الأمر "سيدخلنا في لعبة أمريكية كبيرة بدأت مع زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كيلنتون".
إذ اعتبر أن زيارة كلينتون تستهدف إعداد المسرح المصري لدولة أمريكية جديدة بطعم الثورة، مبديًا استغرابه ودهشته من مقابلتها لأحد أسر شهداء صورة 25 يناير التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك على الرغم من أن القنابل والرصاص الذي استخدم في قتل الثوار أمريكي الصنع.
واعتبر أن زيارة كلينتون تؤكد التنسيق مع المرشحين الأبرز للانتخابات الرئاسية وهما: عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية، والدكتور محمد البرادعي المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية وغيرهما مما وصفها بـا "الوجوه الأمريكية أو المحسوبة علي الخيار الأمريكي لتؤسس لفكرة رفض الاستفتاء من أجل أن يتم تقديم انتخابات الرئاسة كما يهدف عمرو موسى.
وتوقع في تلك الحالة أن يصل موسى الذي وصفه بـ"المطبّع مع الإسرائيليين، والذي كان ضمن نظام الرئيس السابق حسني مبارك، وبذلك سيأتي مبارك جديد، ولكن بمواصفات أمريكية سرق شرعية من الثورة"، محذرًا من أن هذا الخيار قائم إذا تم التصويت بـ "لا" على التعديلات الدستورية وبذلك سيستمر المجلس العسكري في الحكم، ثم "ستأتي الاختيارات الأمريكية والتي ستفرض علينا فرضا في انتخابات الرئاسة"، على حد قوله.
وفي حال تم تمرير الاستفتاء، قال إنه لابد على الفرقاء السياسيين، وخاصة "الإخوان المسلمين" المؤيدة للتعديلاتن والجماعات الأخرى للجلوس مرة ثانية للاستقرار علي أجندة وطنية جديدة، داعيا إلى ما أسماه بـ "جمعة لقاء كبير للوحدة الوطنية" للاتفاق علي أجندة موحدة.
من جانبه، قال الباحث والمفكر الدكتور رفيق حبيب، إن جزءًا من حالة الجدل الموجودة على الساحة حاليا حول التعديلات الدستورية يبدو فيه عدم وضوح الرؤية لدى أطراف كثيرة، وعدم وضوح ماهية هذه التعديلات لدى الكثير حتى من المثقفين.
وأضاف إن الأمر الآخر أنه يبدو أن المجتمع في حالة اختلاف نسبي وعدم ثقة فيما تؤتي به الأيام القادمة؛ فكل طرف يتصور أن هناك سيناريو واحدا فقط هو المضمون لتحقيق بناء نظام سياسي جديد، فكثير من الجدل ينبئ عن مخاوف كثيرة لدى البعض بأن مسيرة الإصلاح لن تكتمل.
وأضاف إن هناك تباينا شديدا في الرأي حول آلية وضع دستور جديد؛ فالبعض يتصور أن أفضل طريقة لوضع دستور جديد هي وضع هذا الدستور تحت حكم المجلس العسكري، وهذا الفريق هو الذي يرفض التعديلات ويتصور أنه يمكن تعديل لجنة لوضع دستور جديد أثناء الحكم العسكري، والفريق الآخر المؤيد للتعديلات يرى أن بناء النظام السياسي يبدأ بالسلطات المنتخبة ثم اختيار اللجنة التأسيسية تقوم بوضع دستور جديد.
وحمّل حبيب الإعلام دورًا كبيرًا في المسئولية عن حالة الارتباك الحادثة في الشارع المصري، لكثرة الضغط الذي مارسه على المصريين وعرض العديد من وجهات النظر المتداخلة وغير الواضحة.
وقال إن بعض وسائل الإعلام تم تجييشها من أجل رفض التعديلات الدستورية، خاصة من قبل النخب العلمانية ومن الواضح أن تلك النخب تريد لجنة معينة لوضع دستور حديد دون الاحتكام لصناديق الاقتراع، نظرا لشعورها بأن تواجدها في الشارع ضعيف، وهذا معناه خلق حالة الارتباك التي نحن بصددها، يضاف لكونها المرة الأولى التي يدعى المصريون فيها لاستفتاء حقيقي ولاختيارات حقيقية تؤثر على مستقبلة، وبالتالي هذا أضاف قدرا آخر من التوتر.
وأوضح أنه في حال القبول بالتعديلات الدستورية؛ فمراحل الانتقال لدستور جديد ستصبح معروفة وهي عام بعد انتخاب مجلسي الشعب والشورى يكون الدستور الجديد قد تم الانتهاء من وضعه ثم يعرض في استفتاء عام.
أما في حال رفض التعديلات الدستورية فيرى أن أمام المجلس العسكري اختيارين فقط: إعلان دستوري جديد توضع فيه خطة جديدة لانتقال السلطة تتضمن تعيين لجنة من عدد محدود من الأفراد لوضع دستور جديد ثم الاستفتاء عليه ثم إجراء الانتخابات البرلمانية ثم الرئاسية، والاختيار الثاني هو أن يتم تمديد فترة الحكم العسكري وتأجيل مسألة النظر في الدستور والانتخابات لفترة من ستة أشهر إلى سنة تبدأ بعدها العملية من جديد.
وحذر من أن تمديد المرحلة الانتقالية سيعني غموضا يكتنف مستقبل مصر، وهذا يعطل عجلة الاقتصاد والاستثمارات الداخلية والخارجية، وإذا اضطر المجلس العسكري إلي تشكيل لجنة لوضع دستور فورا ثم الاستفتاء عليها بعد أربعة أو خمسة شهور فهذا الأمر يجعل المجلس هو الحكم في الجدل السياسي حول الدستور.
وأشار إلى أن المجلس العسكري كان يحاول أن يتجنب هذا الأمر، لأنه ذلك معناه إعداد دستور تحت الحكم العسكري، وقد يؤدي إلى توريطه في أن يكون طرفا في حالة صراع سياسي ويطلب منه حسم هذا الصراع؛ فبالتالي اختار المجلس استكمال مؤسسات الدولة البرلمانية والرئاسية أولا، ثم يترك للحكم المدني إدارة عملية الانتقال السلمي للسلطة ووضع دستور جديد.
أما الدكتور محمد جمال حشمت القيادي البارز بجماعة الإخوان المسلمين فأبدى سعادته بحالة الجدل القائم، وقال إنها لأول مرة يتم فيه استفتاء ولا أحد يعرف نتيجته مسبقًا فهذا الأمر جديد على مصر، بالإضافة إلى أن هناك عددًا كبيرًا من المصريين يدخلون العمل السياسي دون سابق خبرة.
وقال إن هناك إعلاميين وسياسيين ومثقفين استخدموا فزاعة "جهل المواطنين"، وعمدوا إلى توجيه الناس باتجاه معين، وحتى من يريدون قول "نعم" بدأوا يطرحون للرأي العام المواد التي تم تعديلها، وأوضح أن من يطالبون "بلا" لا يتصورن أن هناك إعلانًا دستوريًا من المجلس الأعلى يجمد الدستور القائم وهو دستور 1971.
ولفت إلى أن هناك سيناريو معلوم الخطوات في حال الاستفتاء بـ "نعم" لكن ليس هناك سيناريو معلوم بعد "لا" ، مشيرًا إلى وجود تهافت في المبررات حول من يقولون برفض التعديلات، إلا أنه ليس هناك سيناريو في حال الاستفتاء بالرفض، أو آلية مقنعة لتشكيل لجنة مباشرة بانتخابات من درجة واحدة الشعب يختار فيها لجنة تأسيسية لعمل دستور جديد، وهو أمر قال إن الجميع سواء الرافض أو المؤيد للتعديلات الحالية متفق على أهميته، لكن الاختلاف في كيفية الوصول إلى هذا الدستور.
وأوضح حشمت أن الذين قالوا "لا" أشاروا إلى عمل انتخابات لاختيار هيئة تأسيسة وتعديل للدستور، متسائلا: كيف يتم هذا وكيف سيختار 45 مليون مصري 100 أو 200 هيئة تأسيسية لابد لها من شروط توافقية، وأن تمثل كل الطوائف في مصر، وأن تكون لديها القدرة على المحاورة والنقاش والفهم؟.
ووصف الموقف بـ "الملتبس" وبـ "الأزمة الشديدة"، معربا عن اعتقاده بأن هناك رغبة شديدة لدخول البلاد لنفق تحت مظلة المجلس الأعلى العسكري الذي يريد أن يحول الدولة إلي مدنية بهذه التعديلات وكثيرون يريدون أن يحيوا في كنفه ويريدون اختيار رئيس ولا يعرف هل سيختارون هذا الرئيس بناء علي المادة 76، إذا لم يكن هناك تعديل فكيف سيختاروه من الأساس؟.
وقال إنه لا أحد يعلم ما سيكون رد الفعل من جانب المجلس العسكري وهل سيكتفي بعمل إعلان دستوري جديد، ويبقي الأمر علي ما هو عليه لحين ما يتم الموافقة علي انتخابات تأسيسية، أم أن المجلس سيأتي بشي أخر لا نعلم عنه شيئًا.
أخبار مصرية إخرىالسلطات المصرية تفرج عن شقيق الظواهري القوات المسلحة المصرية لن تتدخل عسكرياً فى ليبيا المجلس الأعلى للقوات المسلحة يحظر أي حديث عن الاستفتاء البرادعى: سأذهب للإستفتاء وسأقول "لا" مصر تبحث عن وزير سياسيحركة "كفاية" ترفض التعديلات الدستورية