تواجه العملة المصرية مخاطر متجددة وضغوطا كبيرة، حيث لا يبدو أمام الحكومة المصرية الجديدة سوى فترة وجيزة لإرساء عملية سياسية ذات مصداقية قد تعيد للجنيه المصري توازنه.
وأدت الثورة -التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك- لتقويض ركيزتين أساسيتين تدعمان الجنيه المصري وهما السياحة والاستثمار الأجنبي، كما ضغطت على ركائز أخرى مثل تحويلات المصريين العاملين في الخارج.
ولن تنتعش مصادر النمو الاقتصادي تلك إلا إذا اقتنع المصريون والأجانب بأن الحياة تعود إلى طبيعتها، وبدون ذلك فإن مصر قد تستنفد سريعا احتياطياتها الأجنبية التي تبلغ 35 مليار دولار.
ورغم أن البنوك لم تفتح إلا يومين فقط في يناير/كانون الثاني بعد اندلاع الاحتجاجات، فإن الاحتياطيات الأجنبية تراجعت نحو مليار دولار في يناير/كانون الثاني، وهو أول تراجع لها منذ أكثر من عام، والأكبر منذ أبريل/نيسان 2009، حين تراجعت بعد الأزمة المالية العالمية.
وقال رضا آغا الاقتصادي في رويال بنك أوف أسكتلندا "في الأجل القصير أنا متشائم، فقد تلاشت تدفقات النقد الأجنبي الآن".
وأضاف "في الأجلين المتوسط والطويل، تسوية الموقف السياسي ضرورة لأن هذا وحده هو الذي سيضمن عودة السائحين والاستثمار الأجنبي المباشر، وعدم تأثر الصادرات بأي إضرابات أو اضطرابات عامة".
وسيكون الاختبار العاجل للعملة والرمز المهم لعودة الظروف السياسية والاقتصادية إلى طبيعتها، هو استئناف العمل في البورصة المصرية المقرر يوم الأحد المقبل بعد إغلاقها أكثر من شهر.
ويترقب المستثمرون انهيارا محتملا في أسعار الأسهم ومزيدا من التدفقات للخروج من الجنيه، إذا سعى بائعو الأسهم إلى تحويل حصيلة البيع إلى عملة أجنبية.
وقال آغا "المهم هو مراقبة ما يحدث بعد فتح البورصة، وقد نرى ضغطا نزوليا على الجنيه حين يحاول الأجانب تصفية مراكزهم".
ويجري تداول الجنيه حاليا عند 5.89 جنيهات للدولار، لكن هناك مؤشرات على أن ميزانية البلاد وعملتها تتأثران بهذا الضغط وأن بعض البنوك على الأقل قد استنفدت دولاراتها.
وبلغ متوسط معاملات العملة الأجنبية في سوق ما بين البنوك في مصر نحو 300 مليون دولار يوميا الأسبوع الماضي، وهي قيمة يقول مصرفيون إنها ضئيلة بشكل مدهش بالنظر إلى حجم الاضطراب الاقتصادي والسياسي الذي حدث الشهر الماضي.
وقال مصرفيون داخل وخارج مصر إن البنك المركزي حاول في هدوء خلال الأسبوعين الأخيرين إبطاء تحويلات الجنيه بمجموعة من التوجيهات غير المكتوبة للبنوك والتي لا ترقى إلى أن تكون ضوابط وافية لرأس المال.
وقال عدة أشخاص حاولوا شراء دولارات إن البنوك تحاول ثني العملاء الراغبين في تحويل أموالهم إلى الدولار، أو ترفض ذلك تماما.
ويتعين على العملاء الذين يطلبون تحويل أكثر من 100 ألف دولار الانتظار خمسة أيام لحين إتمام التسوية بدلا من يومين في الظروف العادية، ويتعين على البنوك أيضا أن تتحقق بعناية من التحويلات الصغيرة حتى عشرة آلاف دولار.ويقول مصرفيون إن البنك المركزي يتعامل بحنكة حتى الآن مع أزمة العملة الصعبة، وهو ما قصر خسائر الجنيه على 1.2% من قيمته منذ اندلاع الاحتجاجات.