{
وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}.
بالطبع الآية نزلت إثر هزيمة الروم وأنهم -كما بين تعالى- سينتصرون لاحقًا، وهذا مما يُفرح المؤمنين؛ لأنهم أهل كتاب أقرب للمسلمين، بينما الفرس وثنيون وقال تعالى: {
قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ}، وفي قراءة (فبذلك فلتفرحوا) بالتاء، والفرح هنا بنعمة الله وأكبرها الايمان، كما أن كل نعمة وفضل من الله يستدعي الانبساط والفرح والسعادة...
إن الفرح لذة في القلب لإدراك المحبوب، والفرح مرتبط بالفضل من الله...وكيف لايفرح المؤمن عندما يرى سقوط طاغية...إن القلب ليفرح لنجاح جهود الشباب...شباب مصر (ومن قبله شباب تونس)... استطاعوا أن يقلبوا المعادلات، ويتجاوزوا المثبطين والمخذلين والموالين للسلطة الظالمة..
إن الشباب الذي استطاع أن يقهر أقوى قوة بوليسية في العالم العربي بصموده، بأياديه البيضاء لهي أكبر ردّ على من ينفخ وبشكل مستمر في "الفتنة" والتخويف منها، والتحذير من المظاهرات والاعتصامات...
لقد كسر الشباب هذه القواعد البالية التي رسّخها بعض علماء السلطة منذ القدم ونسبوها - زورًا وبهتانًا - للسلف...
هنيئًا لمصر ولشعبها ولشبابها هذه الثورة البيضاء...
هنيئًا للشباب صبرهم وصمودهم ونجاحهم أمام أشد الأنظمة العربية فتكًا...
اعتمد النظام المصري على قوة البوليس الخاص "أمن الدولة "، وقد كان يتجاوز راتب الضابط منهم راتب وزير، وله سيارة شخصية وفيلا، فقط لتنفيذ الأوامر وحماية النظام القمعي...
هنيئًا للشباب في كل أنحاء العالم العربي نجاحهم في إزالة فرعون مصر وتهديد بقية الفراعنة ممن جثموا على صدور الشعوب بقوة البطش واليد الحديدية...
حدثني شيف مصري (رئيس طباخين) في دبي قائلاً: حدثني شيف فندق سمير أميس في القاهرة (على أسلوب المحدثين): طلب أحد رؤساء الوزراء السابقين عمل حفلة عيد ميلاد لابنه (أو ابنته لا أذكر)، وحدّد العدد بخمسة آلاف مدعوّ.. اشتغلنا أربعة أيام متواصلة مع عشرات من الطبّاخين فقط لإنجاز الحفلة في موعدها... المفاجأة كانت أن عدد الحاضرين (16) شخصًا فقط!! وعندما قيل له هل نرسل الأكل (99% من الصحون لم تُفتح) إلى الجمعيات الخيرية؟ قال: "لا..كبّوه في الزبالة"!!
أزور مصر منذ عشرين عامًا، وأرى أحوال الناس، حيث الظلم مستشرٍ، والفساد يعمّ، واللقمة صعبة، وأستغرب كيف يعيش الكثيرون من رواتبهم التي لاتصل إلى (100) دولار، بينما تكاليف الحياة ليست منخفضة...
صبر أهل مصر كثيرًا، لكن صبرهم أثمر بحمد الله...
صبرهم أثمر درسًا لن ينساه أحد "الشعوب قادرة والشباب لديه الاستعداد لقيادة المسيرة إذا غاب الشيوخ والكبار".
إن أهم درس يمكن تلخيصه من هذا الانتصار أن إرادة الشعوب استطاعت أن تقهر الخوف والجبن والتردّد، وأثبتت أن كسر حاجز النظام القمعي يتطلب فقط الكثير من الصبر وبعض التضحيات والنتيجة - إن أراد الله- مفرحة..
هنيئًا لكم شعب مصر وشباب مصر.. وأسأل الله أن يتمّ نعمته وفضله على بقية الشعوب العربية التي تئنّ تحت وطأة الظلم والطغيان.
إن الله سميع مجيب..
السبت 09 ربيع الأول 1432 الموافق 12 فبراير 2011