دخلت المظاهرات الاحتجاجية بمصر يومها الـ17 بمشاركة شعبية آخذة في الاتساع، في وقت بدأ فيه الجيش يعيد انتشاره في القاهرة وسط أنباء عن عزم المتظاهرين تنظيم مسيرات باتجاه مؤسسات حساسة للدولة.
وفي خضم ذلك دخل الآلاف من عمال مصر دائرة الاحتجاجات بشعارات تدعو إلى تحسين أوضاعهم وإسقاط نظام الرئيس حسني مبارك.
وتجاوز المتظاهرون أمس داخل ميدان التحرير بالقاهرة حاجز المليون شخص، وذلك للمرة الأولى خلال الأيام العادية التي لا يدعى فيها إلى مظاهرات مليونية.
وذكرت تقارير إعلامية أن الحكومة اضطرت إلى إخلاء مقرها الرسمي بسبب الاعتصامات التي دفعت موظفي مجلسي الشعب والشورى إلى إخلائهما أيضا.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مراسلها في القاهرة أن الجيش المصري أعاد انتشار قواته في عدد من شوارع القاهرة خاصة المتجهة إلى حي مدينة نصر وحي مصر الجديدة شرقي العاصمة حيث يقع مقر القصر الرئاسي.
وقالت الوكالة استنادا إلى مصادر عسكرية إن إجراءات إعادة الانتشار المكثف تستهدف أساسا حماية ثلاثة مواقع حساسة هي القصر الرئاسي والمخابرات العامة ومبنى التلفزيون.
وذكر مراسل الوكالة أن تطبيق إجراءات حظر التجول أصبح أكثر صرامة من ذي قبل، وأن نقاط التفتيش العسكرية زادت من تعزيزها للحواجز الأمنية.
وكان الجيش انتشر في الشوارع يوم 28 يناير/كانون الثاني الماضي عندما فقدت الشرطة السيطرة عليها لصالح المحتجين المطالبين بتنحي الرئيس مبارك.
ويأتي هذا التحرك وسط أنباء ترددت عن نية المعتصمين في ميدان التحرير محاصرة مبنى الإذاعة والتلفزيون غدا الجمعة.
واتهم المنسق العام لحركة 6 أبريل أحمد ماهر في اتصال مع الجزيرة السلطات بالمراوغة والمماطلة لاستمرار مبارك في الحكم، قائلا إن المتظاهرين يعدون بتحركات غير مسبوقة غدا الجمعة لم يكشف عن تفاصيلها.
وفي هذا السياق قال الصحفي سليمان الحكيم للجزيرة إن المعتصمين يدرسون تنظيم مشيرة اتجاه القصر الرئاسي وإن السلطات بعثت بأكثر من إشارة تحذرهم من أن ذلك يعتبر خطا أحمر.
وأضاف أن الموقف "الحيادي" للجيش إلى حدود الآن يشجع المتظاهرين على تنفيذ تلك الخطوة.
وفي المقابل أكد وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط أمس أن الجيش قد يتدخل لحماية الأمن القومي إذا ما حاول من وصفهم بـ"المغامرين" انتزاع السلطة، في إشارة واضحة إلى المحتجين الذين يطالبون بتغييرات شاملة في النظام الحاكم.
مظاهرات حاشدة
وفي سياق الاحتجاجات شهدت محافظات أخرى مثل الإسكندرية والسويس وحلوان والجيزة مظاهرات حاشدة.
وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية ومصادر أمنية أمس أن أربعة أشخاص قتلوا وأصيب عدد آخر بأعيرة نارية في اشتباكات بين قوات الأمن وحوالي ثلاثة آلاف متظاهر في محافظة الوادي الجديد جنوب غربي القاهرة.
ونقلت الوكالة عن محافظ الوادي الجديد قوله إن وزير الداخلية الجديد محمود وجدي قرر إقالة مدير الأمن في المحافظة بعد الاشتباكات وأمر بإجراء تحقيق.
وأشارت منظمة هيومن رايتس ووتش إلى أن عدد قتلى المظاهرات التي تشهدها مصر بلغ 302 على الأقل منذ 28 يناير/كانون الثاني الماضي، موضحة أنه قد يكون أعلى بكثير.
وتظاهرت أعداد كبيرة من العمال في قناة السويس وعمال الصرف الصحي في المدينة مطالبين بضرورة رفع الظلم عنهم.
وعبر بعضهم عن صعوبة بالغة في حياتهم المعيشية حيث تقل مرتبات بعضهم عن المائة دولار شهريا.
وبدوره أفاد الصحفي رضا شعبان للجزيرة أن عدة شركات ومؤسسات صناعية دخلت الاحتجاجات من خلال تنفيذ عدة إضرابات.
وفي مدينة كفر الشيخ رشق مئات الشبان مقر مديرية القوى العاملة بالحجارة, بعدما قال عدد منهم إنهم عثروا على طلبات تشغيل قدموها قبل يومين إلى المديرية في صناديق قمامة.
كما قطع محتجون لساعات طريق القاهرة أسوان الزراعي، وهو من أطول الطرق السريعة بمصر. وقال شاهد إن محافظ أسيوط محمد العزبي ومدير أمن المحافظة أحمد جمال وعضو مجلس الشعب عن قرية بني شقير فشلوا في إقناع المحتجين بفتح الطريق.