السودان "للأمريكان" ولبنان "لإيران"
حذرنا ها هنا مرات ومرات مما يحاك للبنان في سراديب قم لاختطافه من طابعه العربي واتخاذه رأس رمح لتشييد حلف للأقليات غير المسلمة في المنطقة لتوفير حماية إستراتيجية للكيان اليهودي في فلسطين المحتلة، بتنسيق تام مع الصهاينة في تل أبيب وراعيهم في البيت الأبيض.
هذا المشروع الإجرامي يمتد من باكستان وأفغانستان ويشمل سلخ جنوب السودان لإنشاء دويلة كنسية متطرفة، وتحريض نصارى مصر لإضعاف دورها مع التخطيط لإقامة كيان صليبي آخر في الصعيد، يمزق مصر ويحاصر ما بقي من السودان المسلم.ومن محطات المؤامرة الشيطانية كذلك، تفكيك اليمن وإنعاش الرافضة الحوثيين لإشغال السعودية، مع تحريك أتباع الملالي في الكويت وسائر البلدان العربية الخليجية...
وبالنظر إلى حساسية الأوضاع في لبنان وطبيعة بنيته الفسيفسائية الطائفية، يجري تنفيذ المخطط بأسلوب أشد مكراً وأكثر هدوءاً ليتم الابتلاع على مراحل والهضم بالتدريج، ولا سيما أن شطراً من نصارى لبنان لا يوافقون الشطر الآخر منهم بزعامة ميشال عون على الانخراط في تحالف الأقليات، شعوراً منهم بأن مستقبل الأقليات يكون أفضل وأكثر عدالة مع أكثرية مواطني المنطقة، وأكثر واقعية على المدى البعيد.ويستدل العقلاء من نصارى لبنان بأن حال النصارى في العراق-على سبيل المثال-أصبح كارثياً منذ انتصار التحالف اليهودي الصليبي الصفوي، المؤسس والراعي لحلف الأقليات المذكور!!
في ضوء تلك المعطيات الملموسة فوق الأرض، يمكن تفسير الخطوات غير العسكرية الراهنة لأنصار طهران في لبنان، قياساً إلى هجومهم الهمجي الدموي على بيروت والحبل قبل عامين.
فالضغط السياسي والتلاعب بقواعد الدستور والقوانين السائدة في البلد أكثر ملاءمةً للظروف، وأفضل نتائج، وإن كانت أبطأ حركة وأطول زمناً.
وعندما لم تفلح المرحلة الأولى من الضغوط في إرغام سعد الحريري على التبرؤ من دماء أبيه، سرعان ما جاءت الخطوة اللاحقة باستقالة وزراء نصر الله ورديفه بري وصبيه عون من الحكومة لإخراج الحريري من رئاسة الحكومة، وإدخال لبنان في نفق أشد ظلمة من كل الظلمات التي سبق أن أولجوه فيها.فاستقالة الحكومة بهذه الطريقة الدستورية من جهة الشكل، تعني حتمية بدء رئيس الجمهورية إجراء مشاورات نيابية مُلْزِمَة لاختيار رئيس جديد للحكومة الجديدة.وبما أنهم لا يملكون الأكثرية النيابية الكافية لفرض مرشح سني من أزلامهم، وبما أنهم نجحوا –حتى اللحظة على الأقل-في ترهيب رئيس الجمهورية، مع انقلاب وليد جنبلاط إلى جانبهم-هناك من كان يشك في عدائه لهم من قبل وأن تأييده للحريري كان مخادعة-المهم أنه في ظل ذلك كله، فإنه يتعذر تكليف شخص غير سعد الحريري، الذي سيجد نفسه أمام خياراتٍ أحلاها حنظل شديد المرارة:فإما أن يرفض التكليف فيحمّلوه وزر جريمة الفراغ التي اقترفوها هم عن سابق عمد وتصميم، وإما أن يقبل فيعود رئيساً لحكومة تتحكم فيها الأقلية الصفوية الصليبية بدرجة أسوأ من المرحلة السابقة السيئة جملة وتفصيلاً!!
وبذلك تستمر حكومة تصريف الأعمال، لينال الحريري وفريقه الأوزار، لأن الحكومة بلا صلاحيات، في حين يمضي وزراء الأقليات في تسيير وزاراتهم بحسب ما يشتهون ووفقاً لأغراض سادتهم!!
والمضحك المبكي في الأمر، أن أبواق التضليل الصفوي ما زالت سادرة في غيّها، فهي تتهم الفريق الذي لم يستسلم لها الاستسلام المطلق الذي أرادته، بأنه فعل ذلك استجابة منه لإملاءات أمريكية، وما هذا الضباب المفضوح إلا محاولة فاشلة لستر تآمر القوم مع غلاة اليهود والصليبيين الجدد على لبنان والمنطقة العربية كلها!!على قاعدة:يكاد المريب يقول:خذوني!!
صحيح أن أوراق التوت قد سقطت عنهم وبات أهل المنطقة من المسلمين وقسط غير قليل من غيرهم –حتى عامتهم من غير المثقفين – باتوا يعرفون هؤلاء المنافقين على حقيقتهم، لكن مواصلة الدجل الإعلامي وكأن شيئاً لم يحصل وكأن الجميع ما زالوا مخدوعين بشعاراتهم الزائفة، هذه المواصلة أضحت ذات هدف واحد هو حماية صورتهم أمام أتباعهم المُخَدّرِين بأكاذيبهم التي هتك الله سترها وبخاصة بعد انكشاف دورهم العميل في احتلال الصليبيين لكل من العراق وأفغانستان ونكوصهم عن مساعدة أهل غزة ولو بصاروخ واحد!!
المسلم