وقت التعزية.. وصفتها وحگمها ومدتها
بقلم: د. نادية محمد
السعيد الدمياطي
إن التعزية في الإسلام هي الأمر بالصبر والحمل عليه، بوعد الأجر، والدعاء للميت بالمغفرة، وللمصاب بجبر المصيبة، وهي مستحبة، ومأجور على فعلها، كما أنها تُهوِّن المصيبة، وتحض على التزام الصبر، واحتساب الأجر، وفيها الدعاء للمعزَّى بالتعويض عن مُصابِه، والدعاء للميت بالرحمة والاستغفار. وقد وقع بعض الناس في مخالفات في أمر التعزية، وبعضهم يجهل السنّة في مسألة التعزية، وفي هذا المقال سوف أتناول أحكام وآداب التعزية نصحاً وإرشاداً للعباد.
التعزية في اللغة: مصدر عزَّى، إذا صبّر المصاب وواساه. يقال عزيته تعزية.
والعزاء: الصبر عن كل ما فقدت. تقول: عزيت فلاناً أُعزيه تعزية، أي آسيته، وضربت له الأسى، وأمرته بالعزاء فتعزى تعزياً، أي تصبَّر تصبراً، وتعازى القوم: عزى بعضهم بعضاً.
اصطلاحاً، ذكر الفقهاء بعض التعاريف منها:
1- قال الدردير المالكي: (وندب تعزية لأهله، وهي الحمل على الصبر بوعد الأجر، والدعاء للميت والمصاب).
2- قال ابن قدامة: (والمقصود بالتعزية: تسلية أهل المصيبة، وقضاء حقوقهم، والتقرّب إليهم).
3- قال ابن عابدين الحنفي: (قوله: وبتعزية أهله (أي تصبيرهم، والدعاء لهم به).
[color:5e51=dark
red]حكم التعزية
التعزية مشروعة ومستحبة لمن مات له ميت، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من عزى أخاه المؤمن من مصيبة كساه الله حلة خضراء يحبر بها يوم القيامة”، قيل: يا رسول الله، ما يحبر؟ قال: “يغبط”.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “من عزى مصاباً فله مثل أجره”.
عن أبي بزرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من عزى ثكلى كُسي بُرداً في الجنة”.
أي: من عزى المرأة التي فَقَدت ولدها أُلبس بُرداً في الجنة أي: ثوباً عظيماً مكافأة على تعزيتها.
كما اتفق الفقهاء على استحباب تعزية أهل الميت:
1- قال ابن قدامة: (ويستحب تعزية أهل الميت، لا نعلم في هذه المسألة خلافاً إلا أن الثوري قال: لا تستحب التعزية بعد الدفن لأنه خاتمة أمره).
2- قال النووي: (قال الشافعي والأصحاب – رحمهم الله -: التعزية مستحبة).
3- في حاشية عابدين (وتستحب التعزية للرجال والنساء اللاتي لا يفتن).
ال
حكمة من التعزية
التعزية كغيرها من العبادات المشروعة لها حكمة، بل حِكَمٌ كثيرة، قد تظهر لنا، وقد لا تظهر، ولذلك تلَّمس بعض الفقهاء الحِكَم التي من أجلها شرعت التعزية، ومنهم: الصاوي المالكي، حيث ينقل عن ابن القاسم بأن التعزية لها حكم ثلاث:
1- تهوين المصيبة على المعزى، وتسليته عنها، وحضه على التزام الصبر واحتسابه الأجر، والرضا بالقدر والتسليم لأمر الله – تعالى -.
2- الدعاء بأن يعوضه الله – تعالى -عن مصابه جزيل الثواب.
3- الدعاء للميت، والترحم عليه، والاستغفار له.
ويمكن أن نضيف أيضاً منها: هداية أهل الميت بأمرهم المعروف، وتذكيرهم بالله – عزَّ وجلَّ -، وأن الموت آت لا محالة، وأنه يجب الاستعداد للموت والتأهب له، وأن موت قريبكم إنما هو تذكير من الله – تعالى – لكم بدنو الأجل حتى يستعد المرء للقائه – عزَّ وجلَّ -، ومنها: نهي أهل الميت عن الوقوع في المحرمات والبدع بعد موت قريبهم.. فإن هذا من واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
لم
ن تكون التعزية؟
يستحب أن تكون التعزية لأهل المصيبة جميعهم بلا استثناء، كبارهم وصغارهم، ذكورهم وإناثهم إلا الصبي غير المميز، ولا يعزى الرجل المرأة الشابة إلا إذا كانت من محارمه، خشية الفتنة، وينبغي أن يخص خيارهم وذا الضعيف منهم على تحمل المصيبة لحاجته إليها.
فعند الحنفية ما نقله ابن عابدين عن شرح المنية: (وتستحب التعزية للرجال والنساء اللاتي لا يفتن)، وفي الفتاوى الهندية: (ويستحب أن يعمم بالتعزية جميع أقارب الميت الكبار والصغار والرجال والنساء، إلا أن تكون امرأة شابة فلا يعزيها إلا محارمها).
وعند فقهاء المالكية: ومنها: ما يذكره الدردير من استحباب التعزية، وأنها مستحبة للمصاب إلا عند الفتنة والصبي غير المميز.
وعند فقهاء الشافعية ما قاله النووي عن الشافعية: “يستحب أن يعزى جميع أقارب الميت، الكبار والصغار، الرجال والنساء، إلا أن تكون المرأة الشابة فلا يعزيها إلا محارمها، قالوا: وتعزية الصلحاء والضعفاء عن احتمال المصيبة والصيبان آكد”.
أما الحنابلة فقد قال ابن قدامة: “ويستحب تعزية جميع أهل المصيبة كبارهم وصغارهم، ويخص خيارهم والمنظور إليه، ليستن به غيره، وذا الضعف منهم عن تحمل المصيبة لحاجته إليه، ولا يعزى الرجل الأجنبي شواب النساء مخافة الفتنة”.
ت
عزية غير المسلم
أما بالنسبة لتعزية غير المسلم فإن مبدأ التعزية مشروع، وهو ضمن البر الذي جاء في قوله – تعالى -: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } [الممتحنة: 8]، وقرر الفقهاء أن يقال لغير المسلم: أخلف الله عليك، ومن صور المجاملات أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد غلاماً يهودياً كان يخدمه، وعرض عليه الإسلام فأسلم، فالمجاملات جائزة، ولكن في حدود الشرع.
كان الحسن يقول: إذا عزيت الكافر فقل: “لا يصيبك إلا خير”، وكان أبو عبد الله بن بطة يقول: يقال في تعزية الكافر: “أعطاك الله على مصيبتك أفضل ما أعطى أحداً من أهل دينك”.
وقال بعض أهل العلم: والصحيح أن للمسلم أن يختار من الأدعية ما يراه مناسباً مما ليس فيه دعاء للميت ولا قوة للحي.
وهناك قول للشافعية، ورواية عن أحمد بالمنع من تعزية الكافر إلا إذا رجي إسلامهم.
حكم قول ف
لان مرحوم للميت
وقد يجري على بعض الألسنة عند العزاء أو الحديث عن ميت عبارة: المرحوم فلان، فإن كانت العبارة إخباراً عن الميت بأنه مرحوم فذلك لا يصح، لأنه ذهب إلى ربه بما عمل وهو أعلم به، حتى الإخبار عن المسلم بأنه مرحوم هو أمر ظني لا ينبغي أن يؤخذ مأخذ الحقيقة.
وقد قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله -: (كثر الإعلان في الجرائد عن وفاة بعض الناس، كما كثر نشر التعازي لأقارب المتوفين، وهم يصفون الميت فيها بأنه مغفور له أو مرحوم أو ما أشبه من كونه من أهل الجنة، ولا يخفى على كل من له إلمام بأمور الإسلام وعقيدته بأن ذلك من الأمور التي لا يعلمها إلا الله، وأن عقيدة أهل السنّة والجماعة أنه لا يجوز أن يشهد لأحد بجنة أو نار إلا من نص عليه القرآن الكريم كأبي لهب، أو شهد له
صلى الله عليه وسلم بذلك كالعشرة من الصحابة ونحوهم، ومثل ذلك في المعنى الشهادة له بأنه مغفور له أو مرحوم، لذا ينبغي أن يقال بدلاً منها: غفر الله له، أو رحمه الله، أو نحو ذلك من كلمات الدعاء للميت).
أما الدعاء له بالرحمة، فذلك للمسلم جائز إذا مات على الإيمان بأن لم يصدر عنه شيء يكفر به، أما غير المسلم فقد تحدث العلماء عن الاستغفار، أو طلب الرحمة له، في حال حياته أو مماته، فقالوا: إن كان حياً جاز الاستغفار وطلب الرحمة والهداية بالتوفيق إلى الإيمان، وعليه يحمل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عن قومه المشركين: “اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون، وذلك على بعض الأقوال التي قالت: إن هذا إنشاء من
صلى الله عليه وسلم ، وليس حكاية عن نبي سابق دعا لقومه.
ويحمل أيضاً ما ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لما زار عمه أبا طالب في مرضه الذي مات فيه، وعرض عليه الإسلام فأبى، قال: “أما والله لأستغفرن لك ما لم أُنه عن ذلك”، فأنزل الله – تعالى -: {( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (113) وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ } [التوبة: 113 - 114].
فالاستغفار للأحياء جائز، لأن إيمانهم مرجو، أما من مات فقد انقطع عنه الرجاء فلا يدعى له. قال ابن عباس: “كانوا يستغفرون لموتاهم فنزلت، فأمسكوا عن الاستغفار، ولم ينهاهم أن يستغفروا للأحياء حتى يموتوا”.
فالدعاء لمن مات غير مؤمن، بأن – يرحمه الله – أو يغفر له، لا يجوز، وقد استأذن النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن يستغفر لأمه فلم يأذن له.
ويقال إن الآية خاصة بالموتى المشركين، أما اليهود والنصارى فليسوا كذلك، ولا يقال هذا لأن الله قال في كل من كان على غير الإسلام: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } [آل عمران: 85]، وقال في عباد الأصنام وغيرهم من اليهود والنصارى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ } [البينة: 6]، ووصف بعض أهل الكتاب أنهم كفار، فقال جلّ شأنه: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ } [المائدة: 72]، وقال – تعالى -: {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ) } [المائدة: 73].
وقال – تعالى – ف)ي الكفار جميعاً: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161)” خّالٌدٌينّ فٌيهّا خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } [البقرة: 161 - 162].
[color:5e51=darkr
ed]صيغة التعزية
للتعزية صيغ نذكر بعض ما ورد في السنَّة:
1- عن أسامة بن زيد قال: أرسلت ابنة النبي صلى الله عليه وسلم إليه أن ابناً لي قبض فائتنا، فأرسل يقرئ السلام ويقول: “إن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكلٌ عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب”، وفي رواية: “وكل شيء عنده بأجل مسمى”.
2- وعن أم سلمة – رضي الله عنها – حينما دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم عقب موت أبي سلمة فقال: “اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وأفسح له في قبره، ونور له فيه”، ومعنى “واخلفه في عقبه في الغابرين” أي: كن خلفاً أو خليفة له في عقبه، أي: من يعقبه ويتأخر عنه من ولد، في الغابرين: أي الباقين في الأحياء من الناس.
3- وعن عبد الله بن جعفر حينما عزاه النبي صلى الله عليه وسلم في أبيه فقال: “اللهم اخلف جعفراً في أهله، وبارك لعبد الله في صفقة يمينه”، قالها ثلاث مرات. أما رأي الفقهاء في صيغة التعزية نجد ابن عابدين قال: “ويقول: “أعظم الله أجرك” أي جعله عظيماً بزيادة الثواب والدرجات و”أحسن عزاءك” بالمد، أي جعل سلواك وصبرك حسناً، و”غفر لميتك”، بقوله إن كان الميت مكلفاً وإلا فلا”.
وقال القرافي: وكان – عليه الصلاة والسلام – إذا عزى يقول: “بارك الله لك في الباقي، وآجرك في الفاني”.
وقال ابن قدامة: ولا نعلم في التعزية شيئاً محدوداً إلا أنه يروى أن النبي صلى الله عليه وسلم عزى رجلاً فقال: “رحمك الله وآجرك”.
وقت التعزية
يكاد يتفق الفقهاء على أن التعزية تجوز في كل وقت أي قبل دفن الميت أو بعده، لأن الأدلة جاءت بالتعزية دون تفريق ودون تحديد لوقتها، هل هو قبل الدفن أو بعده؟ ولأن المقصود والغاية من التعزية هو تسلية أهل الميت، وقضاء حقوقهم، والتقرب إليهم، وهذه الحاجة ظاهرة قبل الدفن وبعده.
إلا أنهم استحبوا التعزية بعد الدفن – والعلة في ذلك كما يقول النووي ـ لأن أهله قبل الدفن مشغولون بتجهيزه، ولأن وحشتهم بعد دفنه لفراقه أكثر، فكان ذلك الوقت أولى بالتعزية، وهذا – أيضاً – ليس على إطلاقه، فإذا ظهر فيهم الجزع ونحوه فإن الأفضل التعجيل بالتعزية ولو قبل الدفن، ليذهب جزعهم أو يخف. وهذه العلة ذكرها ابن عابدين بقوله “وأولها أفضلها، وهي بعد الدفن أفضل منها قبله، لأن أهل الميت مشغولون قبل الدفن بتجهيزه، ولأن وحشتهم بعد الدفن لفراقه أكثر، هذا إذا لم ير منهم جزع شديد، وإلا قدمت لتسكينهم”.
[color:5e51=dark
red]مدة التعزية
وقد سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله -: هل يعتبر تخصيص أيام ثلاثة للعزاء لأهل الميت من الأمور المبتدعة، وهل هناك عزاء للطفل، والعجوز، والمريض الذي لا يرجى شفاؤه.. بعد موتهم؟
فأجاب: التعزية سنَّة لما فيها من جبر المصاب، والدعاء له بالخير، ولا فرق في ذلك بين كون الميت صغيراً أو كبيراً، وليس فيها لفظ مخصوص، بل يعزي المسلم أخاه بما تيسر من الألفاظ المناسبة مثل أن يقول: أحسن الله عزاءك، وجبر مصيبتك، وغفر لميتك؛ إذا كان الميت مسلماً، أما إذا كان الميت كافراً فلا يدعى له، وإنما يعزي أقاربه المسلمين بنحو الكلمات المذكورة.
وليس لها وقت مخصوص، ولا أيام مخصوصة بل هي مشروعة من حين موت الميت، قبل الصلاة، وبعدها، وقبل الدفن، وبعده، والمبادرة بها أفضل في حال شدة المصيبة، وتجوز بعد ثلاث من موت الميت لعدم الدليل على التحديد).
وفي نهاية هذا المقال يمكن أن نتوصل إلى النتائج التالية:
1- أن التعزية من الأمور المستحبة التي وردت بشأنها نصوص شرعية تفيد استحبابها، وترتب عليها الثواب والأجر للمعزي والمعزى.
2- أن المقصود من التعزية تهوين المصيبة على المعزى من أهل الميت، وتسليته عنها، وحضه على التزام الصبر، واحتساب الأجر، والرضا بقضاء الله وقدره.
3- التعزية تكون للمسلم عن ميتة المسلم، وللمسلم عن ميتة الكافر، وللكافر عن ميتة الكافر، لأن معنى التعزية وحكمتها تشمل جميع ما ذكر، إلا أنه لا يجوز عند التعزية عن الميت الكافر الدعاء له بالرحمة أو الاستغفار لورود النهي عن ذلك.
4- التعزية تكون للجميع من أهل المصيبة ذكوراً وإناثاً، كباراً وصغاراً، إلا أن الفقهاء استثنوا من ذلك الصبي الصغير غير المميز؛ لأنه لا يعقل معنى التعزية، وكذلك الرجل للشابة من غير محارمه، وعللوا لذلك الخوف من الفتنة.
5- لا يستحب تكرار التعزية، بل ويكتفى بها مرة واحدة، لحصول المقصود، ولذلك نص الفقهاء على كراهة تكرار التعزية، وأنه يكتفى بها مرة واحدة فقط.
6- تجوز التعزية بأي صيغة شرعية تؤدي الغرض المقصود من التعزية، وهو تسلية المصاب، وحثه على الصبر، وعدم الجزع، والتسخط على قضاء الله وقدره، إلا أن أصح صيغة وردت في السنة هي أن يقول: إن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب. ومع ذلك يجوز أن يقال: أعظم الله أجرك أو أحسن الله عزاءك، أو نحوها من الألفاظ الشرعية.
7- التعزية جائزة في كل وقت – قبل دفن الميت أو بعده – إلا أن أكثر الفقهاء يرون بأن الأفضل أن تكون التعزية بعد الدفن؛ لأن أهل الميت مشغولون بتجهيز الميت، ولأن وحشتهم بعد دفنه لفراقه أكثر، ويستثنى من ذلك حال جزع أهل الميت وشدته، فعند ذلك تكون التعزية قبل الدفن أفضل لهذا السبب.
8- ليس للتعزية مدة معينة فهي مستحبة ومطلوبة متى ما كانت الحاجة داعية إليها، إلا أن بعض الفقهاء يرى جواز تحديدها بثلاثة أيام قياساً على إحداد المرأة على غير زوج ثلاثة أيام، ولكن ليس هناك دليل على التحديد كما قال الشيخ ابن باز فيما تقدم والله أعلم.