الأضحية - خطبة العيد
عنوان الخطبة
الأضحية - خطبة العيد
اسم الخطيبمحمد بن صالح العثيمين
ملخص الخطبة
وجوب تقوى الله وشكره على نعمة مشروعية الأضاحي- فضل الأضحية وأنها خير من الصدقة بثمنها ، وبعض أحكام الأضحية- السنة في الأضحية ، وما يجزئ فيها- العيوب التي تمنع من الإجزاء- بعض مسائل متعلقة بالذبح والنية.
الخطبة الأولىأما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله ربكم واشكروه على ما أنعم به عليكم من مشروعية الأضاحي التي تتقربون بها إلى ربكم وتنفقون بها نفائس أموالكم، فإن هذه الأضاحي سنة أبيكم إبراهيم ونبيكم محمد عليهما الصلاة والسلام وإن لكم بكل شعرة منها حسنة وبكل صوفة حسنة وفي الحديث أن النبي قال: ((ما عمل ابن آدم يوم النحر عملا أحب إلى الله من إراقة دم، وإنه لتأتى يوم القيامة بأظلافها وقرونها وأشعارها، وإنَّ الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض فطيبوا بها نفسا))[1].
أيها المسلمون: إن بذل الدراهم في الأضاحي أفضل من الصدقة بها، وإن الأضحية سنة مؤكدة جدا لمن يقدر عليها فَضَحُّوا عن أنفسكم وأهليكم من الزوجات والأولاد والوالدين ليحصل الأجر العظيم للجميع وتقتدوا بنبيكم حيث ضحى عنه وعن أهل بيته.
ولقد كان بعض الناس يحرم نفسه ويتحجر فضل ربه حيث يضحي عن والديه فقط ويدع نفسه وأهله وذريته، والأولى أن يضحي للجميع وفضل الله واسع وهذا فيما يضحي به الإنسان من نفسه.
أما الوصايا فيمشي فيها على نص الوصية، ولكن إذا كان في الوصية الواحدة عدة ضحايا والريع لا يكفي إلا لواحدة فإنه لا بأس أن تجمع الأضاحي في أضحية واحدة ويجعل ثوابها للجميع إذا كان الموصي واحدا.
ولقد كان بعض الناس يضحي عن الميت في أول سنة من موته يسمونها ضحية الحفرة يجعلونها للميت خاصة، وهذه بدعة لا أعلم لها أصلا في الشريعة كما أن بعض العوام إذا أراد أن يُعَيَّنَ الأضحية أي يسميها لمن هي له يمسح ظهرها من وجهها إلى قفاها، والمشروع في تعيين الأضحية أن يعينها عند ذبحها باللفظ من غير مسح عليها كما فعل النبي لو ذبحها بالنية من غير تلفظ باسم من هي له أجزأت نيته.
والأضحية من بهيمة الأنعام. إما من الإبل أو البقر أو الضأن أو المعز على اختلاف أصنافها ولا تجزئ إلا بشرطين، الأول: أن تبلغ السن المعتبر شرعا، الثاني: أن تكون سليمة من العيوب التي تمنع الأجزاء، فأما السن ففي الإبل خمس سنين، وفي البقر سنتان، وفي المعز سنة، وفي الضأن نصف سنة .
وأما العيوب التي تمنع من الإجزاء فقد بينها النبي حيث قال: ((أربع لا تجوز في الأضاحي: العرجاء البَّين ظلعها، والعوراء البين عورها، المريضة البين مرضها، والعجفاء التي لا تنقى)) [2]. فالعرج البين هو الذي لا تستطيع البهيمة معه معانقة الصحيحات، والعور البين هو الذي تبرز معه العين أو تنخسف فأما إذا كانت لا تبصر بها ولكن لا يتبين العور فيها فإنها تجزئ ولكنها تكره، والمرض البين هو الذي يطهر أثره على البهيمة إما في أكلها أو مشيها أو غير ذلك من أحوالها، ومن الأمراض البينة الجرب سواء كان قليلا أو كثيرا فأما المرض اليسير الذي لا يظهر أثره على البهيمة فإنه لا يمنع ولكن السلامة منه أفضل.
والعجف الهزال فإذا كانت البهيمة هزيلة ليس في عظامها مخ فإنها لا تجزئ عن الأضحية. فهذه هي العيوب التي تمنع من الإجزاء.
وهناك عيوب أخرى لا تمنع من الإجزاء ولكنها توجب الكراهة مثل قطع الأذن وشقها وكسر القرن، وأما سقوط الثنايا أو غيرها من الأسنان فإنه لا يضر، ولكن كلما كانت الأضحية أكمل في ذاتها وصفاتها فهي أفضل، والخصي والفحل سواء كلاهما قد ضحى به النبي لكن إن تميز أحدهما بطيب لحم أو كبر جسم كان أفضل من هذه الناحية.
والواحد من الضأن أو المعز أفضل من سبع البدنة أو البقرة، وسبع البدنة أو البقرة يقوم مقام الشاة في الإجزاء، فيجوز أن يشرك في ثوابه من شاء، كما يجوز أن يشرك في ثواب الشاة من شاء، والحامل تجزئ كما تجزئ الحائل.
ومن كان منكم يحسن الذبح فليذبح أضحيته بيده ومن كان لا يحسن فليحضر عند ذبحها، فذاك أفضل، فإن ذبحت له وهو غير حاضر أجزأت، وإن ذبحها إنسان يظن أنها أضحيته فتبين أنها لغيره أجزأت لصاحبها لا لذابحها يعني لو كان عنده في البيت عدة ضحايا فجاء شخص فأخذه واحدة يظنها أضحيته فلما ذبحها تبين أنها أضحية شخص آخر فإنها تجزئ عن صاحبها التي هي له ويأخذ صاحبها لحمها كأن هذا الذابح صار وكيلا له.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال تعالى إِنَّا أَعْطَيْنَـ?كَ ?لْكَوْثَرَ % فَصَلّ لِرَبّكَ وَ?نْحَرْ [الكوثر:1، 2].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...
--------------------------------------------------------------------------------
[1] ضعيف ، أخرجه الترمذي : كتاب الأضاحي - باب ما جاء في فضل الأضحية (1493) ، وقال : حسن غريب. وابن ماجه : كتاب الأضاحي - باب ثواب الأضحية (3126) ، والحاكم (4/221، 222) وصححه ، وتعقبه الذهبي بقوله : سليمان واهٍ ، وبعضهم تركه. قلت: سليمان هذا هو ابن يزيد الكعبي أبو المثنى الخزاعي ، قال أبو حاتم : منكر الحديث ليس بقوي. الجرح والتعديل (4/149) ، وضعفه ابن حجر : التقريب (8340). قال المنذري : (رووه من طريق أبي المثنى واسمه سليمان بن يزيد عن هشام بن عروة عن أبيه عنها (يعني عائشة رضي الله عنها، وسليمان واهٍ ، وقد وُثق) الترغيب (2/99) ، وانظر السلسلة الضعيفة للألباني (526).
[2] صحيح ، أحمد (4/284) ، وأبو داود: كتاب الضحايا - باب ما يكره من الضحايا ، حديث (2802) ، والترمذي : كتاب الأضاحي - باب ما لا يجوز من الأضاحي ، حديث (1497) وقال : حسن صحيح ، وابن ماجه : كتاب الأضاحي - باب ما يكره أن يضحى به ، حديث (3144). وصححه ابن الجارود في المنتقى (481) وابن حبان (5919) ، والألباني ، إرواء
الغليل (1148).
الخطبة الثانية
لم ترد .