ملخص الخطبة
1- سقوط الأمم عند ولوغها مستنقع الشهوة والرذيلة. 2- التحذير من فاحشة الزنا. 3- لا يجتمع إيمان وزنى في قلب الإنسان. 4- فضيحة الزنا في الدنيا وعقوبته في الآخرة. 5- الزنا سبب لانتشار الأمراض الفتاكة.
-------------------------
الخطبة الأولى
أما بعد فاتقوا الله معاشر المسلمين واعلموا أن من علامات التقى كف النفس عن موارد الهلكة والشهوات والشبهات.
أيها المسلمون: جاء الإسلام حريصا بتشريعاته على سمو الأنفس وطهارتها ناهيا عن مواطن الريب وأماكن الخنا، فبين الحلال وشرف صاحبه، ونهى عن الحرام، ووضع الحدود الزاجرة لمقارفته، إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين ءامنوا لهم عذاب أليم [النور:19]. أجل لقد قضت سنة الله أن الأمم لا تفنى والقوى لا تضعف وتبلى إلا حين تسقط الهمم وتستسلم الشعوب لشهواتها، فتتحول أهدافها من مثل عليا وغايات نبيلة وإلى شهوات دنيئة وآمال حقيرة متدنية، فتصبح سوقا رائجا للرذائل ومناخا لعبث العابثين، وبها ترتفع أسهم اللاهين والماجنين فلا تلبث أن تدركها السنة الإلهية بالهلاك والتدمير، وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراً [الإسراء:16].
أى مسلم يرغب أن يخان في أهله … وأي عاقل يرضى أن يكون سببا في اختلاط الأنساب من حوله، وأي مؤمن يرضى بالخيانة والخديعة والكذب والعدوان؟ ومن ذا الذى يتبع عدوه الشيطان ويحقق حرصه على انتهاك الأعراض، وقتل الذرية؟ وإهلاك الحرث؟
تلكم معاشر المسلمين وغيرها أعراض وآفات مصاحبة لفاحشة الزنا، هذه الجريمة التى جعلها الله قرينة للشرك بالله في سفالة المنزلة وفي العقوبة والجزاء فقال تعالى: الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين [النور:3].
ويقول في الجزاء والعقوبة وهو يقرن بين الزنا وغيره من الموبقات: والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً
(1/61)