فضل تلاوة القرأن الكريم فى رمضان
خطب مكتوبة عن شهر رمضان
اسم الخطيب:: صالح بن فوزان الفوزان
عناصر الخطبة::1/ فضل الاهتمام بالقرآن
2/ أنواع هجر القرآن
3/ نصائح وتوجيهات لمتعلم القرآن خصوصا وللمسلمين عموماً
الخطبة
إن أكثر الناس اليوم انشغلوا عن تعلم القرآن؛ فالكبار انشغلوا بالدنيا، والصغار انشغلوا بالدراسة النظامية في المدارس التي لا تعطي لتعليم القرآن وقتاً كافياً، ولا عناية لائقة، ولا مدرسين يقومون بالواجب نحوه. وبقية وقت الأولاد مضيع في اللعب في الشوارع؛ مما أدى إلى جهلهم بالقرآن وابتعادهم عنه حتى تجد أحدهم يحمل أكبر الشهادات الدراسية وهو لا يحسن أن يقرأ آية من كتاب الله على الوجه الصحيح ..
الحمد لله الكريم المنان -الذي أكرمنا بالقرآن. المعجزةِ المستمرة على تعاقب الأزمان. وجعله ربيعاً لقلوب أهل البصائر والعرفان. لا يَخْلَقُ على كثرة الرد وتغاير الأحيان. ويسّره للذكر حتى استظهره صغار الولدان، وضمن حفظه فهو محفوظ بحفظ الله من الزيادة والتبديل والنقصان. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة ننال بها الغفران. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله حث على تعلم القرآن وتعليمه. والتفكر فيه وتفهيمه. والعمل بأحكامه. والوقوف عند حدوده. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى واهتموا بكتاب الله. قال الله عز وجل: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) وروى البخاري في صحيحه عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " خيركم من تعلم القرآن وعلمه " وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة. والذي يقرأ القرآن وهو يتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران " رواه البخاري ومسلم.
وروى مسلم عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه ". وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده" رواه مسلم.
عباد الله: هذه نصوص سمعتوها من كتاب ربكم وسنة نبيكم تحثكم على تعلم كتاب الله وتلاوته والعمل به؛ لأنه مناط سعادتكم، وهو المخرج من الفتن. فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم. هو الفصل ليس بالهزل؛ من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى من غيره أضله الله. وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم. هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تنقضي عجائبه. من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم؛ فأقبلوا على تعلمه وتعليمه وتلاوته والتفكر فيه، وعلموه أولادكم ونشئوهم على تلاوته وحبه؛ حتى يألفوه ويتصلوا به؛ فيطهر أخلاقهم، ويزكي نفوسهم، ويكونوا من حملة القرآن وأهله؛ لأن الصبي إذا تعلم القرآن بلغ وهو يعرف ما يقرأ في صلاته. وحفظ القرآن في الصغر أولى من حفظه في الكبر، وأشد علوقاً بالذاكرة، وأرسخ وأثبت؛ لأن التعلم في الصغر كالنقش على الحجر.
عباد الله: إن أكثر الناس اليوم انشغلوا عن تعلم القرآن؛ فالكبار انشغلوا بالدنيا، والصغار انشغلوا بالدراسة النظامية في المدارس التي لا تعطي لتعليم القرآن وقتاً كافياً، ولا عناية لائقة، ولا مدرسين يقومون بالواجب نحوه. وبقية وقت الأولاد مضيع في اللعب في الشوارع؛ مما أدى إلى جهلهم بالقرآن وابتعادهم عنه حتى تجد أحدهم يحمل أكبر الشهادات الدراسية وهو لا يحسن أن يقرأ آية من كتاب الله على الوجه الصحيح. وحتى آل الأمر إلى خلو كثير من المساجد من الأئمة لثقل تلاوة القرآن على غالب الناس.
والسبب في كل ذلك -بالدرجة الأولى- إهمال الآباء لأبنائهم، وعدم اهتمامهم بهذه الناحية؛ فلا يدري أحدهم ما حالة ابنه مع القرآن، وحتى صار القرآن مهجوراً بين غالب المسلمين. وهذا ما شكا -أو يشكو- منه الرسول -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً) قال ابن كثير رحمه الله: وترك تدبره وتفهمه من هجرانه، وترك العمل به وامتثال أوامره واجتناب زواجره من هجرانه. والعدل عنه إلى غيره؛ من شعر أو قول أو غناء أو لهو أو كلام. أو طريقة مأخوذة من غيره من هجرانه.
وقال ابن القيم رحمه الله: هجر القرآن أنواع:
أحدها: هجر سماعه والإيمان به والإصغاء إليه.
والثاني: هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه وإن قرأه وآمن به.
والثالث: هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه واعتقاد أنه لا يفيد اليقين.
والرابع: هجر تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد المتكلم به منه.
المصدر ::ملتقى الخطباء