هل أراد الإمام علي قتال السيدة عائشة رضي الله عنهما ؟؟؟؟
1- ما سأله أبو رفاعة بن رافع بن مالك العجلان الأنصاري لما أراد الخروج من الرّبذة.
فقال:
يا أمير المؤمنين، أي شيء تريد؟ وإلى أين تذهب بنا؟ فقال: أما الذي نريد
وننوى فالإصلاح، إن قبلوا منا وأجابونا إليه، قال: فإن لم يجيبونا إليه؟
قال: ندعهم بعذرهم ونعطيهم الحق ونصبر، قال: فإن لم يرضوا؟ قال: ندعهم ما
تركونا، قال: فإن لم يتركونا؟ قال: امتنعنا منهم، قال: فنعم إذًا. فسمع
تلك السلسلة من الأسئلة والإجابات فاطمأن إليها وارتاح لها، وقال: لأرضينك
بالفعل كما أرضيتني بالقول.
2ـ أهل الكوفة يسألون عليًا.
لما
قدم أهل الكوفة إلى أمير المؤمنين رضي الله عنه فيِ ذي قار، قام إليه
أقوام من أهل الكوفة يسألونه عن سبب قدومهم، ، فقال له على رضي الله عنه:
علىَّ الإصلاح وإطفاء النائرة لعل الله يجمع شمل هذه الأمة بنا ويضع حربهم
وقد أجابوني، قال: فإن لم يجيبونا؟ قال: تركناهم ما تركونا. قال: فإن لم
يتركونا؟ قال: دفعناهم عن أنفسنا، قال: فهل لهم مثل ما عليهم من هذا؟ قال:
نعم.
3- أبو سلامة الدألانى، ممن سأل أمير المؤمنين رضي الله عنه فقال:
أترى
لهؤلاء القوم حجّة فيما طلبوا من هذا الدم، إن كانوا أرادوا الله عز وجل
بذلك؟ قال: نعم. قال: فترى لك حجة بتأخيرك ذلك؟ قال: نعم، إنّ الشيء إذا
كان لا يدرك فالحكم فيه أحوطه وأعمّه نفعًا، قال: فما حالنا وحالهم إن
ابتلينا غدًا؟ قال: إني لأرجو ألاّ يقتل أحد نقىّ قلبه لله منّا ومنهم إلا
أدخله الله الجنة.
أخرج
البيهقي عن يحيى بن سعيد عن عمه قال: لما تواقفنا يوم الجمل، وقد كان علي
رضي الله عنه حين صفَّنا نادى في الناس: لا يرمينَّ رجل بسهم، ولا يطعن
برمح، ولا يضرب بسيف، ولا تبدؤوا القوم بالقتال، وكلِّموهم بألطف الكلام،
وأظنه قال: فإن هذا مَقامٌ من فَلَج فيه فَلَج يوم القيامة. فلم نزل
وقوفاً حتى تعالى النهار حتى نادى القوم بأجمعهم يا ثَأراتِ عثمان، فنادى
علي رضي الله عنه محمد بن الحنيفة وهو أمامنا ومعه اللواء فقال: يا ابن
الحنفية ما يقولون؟ فأقبل علينا محمد بن الحنفية فقال: يا أمير المؤمنين:
يا ثأرات عثمان، فرفع علي رضي الله عنه يديه فقال:
" اللهمَّ كبَّ اليوم قتلة عثمان لوجوههم."
وأخرج
ابن عساكر عن أبي إسحاق قال: قال رجل لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: إن
عثمان رضي الله عنه في النار. قال: ومن أين علمت؟ قال: لأَنَّه أحدث
أحداثاً، فقال له علي:
أتراك لو كانت لك بنت أكنت تزوجها حتى تستشير؟
قال: لا.
قال:
أفرأي هو خير من رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم لابنتيه؟ وأخبرني عن
النبي صلى الله عليه وسلم أكان إذا أراد أمراً يستخير الله أو لا يستخيره؟
قال: لا. بل كان يستخيره.
قال:
أفكان الله يخير له أم لا؟
قال: بل يخير له
قال:
فاخبرني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اختار الله له في تزويجه عثمان أم لم يختر له؟
ثم قال:
لقد تجردتُ لك لأضرب عنقك فأبى الله ذلك، أما والله لو قلت غير ذلك لضربت عنقك.
تهدئة الأمور والصلح الوشيك
القعقاع
بن عمرو التميمي: أرسل أمير المؤمنين علىٌّ القعقاع بن عمرو التميمي رضي
الله عنهما في مهمة الصلح إلى طلحة والزبير، وقال: القَ هذين الرجلين،
فادعهما إلى الألفة والجماعة، وعظّم عليهما الاختلاف والفرقة. وذهب
القعقاع إلى البصرة، فبدأ بعائشة – رضي الله عنها- وقال لها: ما أقدمك يا
أماه إلى البصرة؟ قالت له: يا بنى من أجل الإصلاح بين الناس. فطلب القعقاع
منها أن تبعث إلى طلحة والزبير ليحضرا، ويكلمهما في حضرتها وعلى مسمع منها.
ولما
حضرا سألهما عن سبب حضورهما، فقالا كما قالت عائشة: من أجل الإصلاح بين
الناس. فقال لهما: أخبراني ما وجه هذا الإصلاح؟ فوالله لئن عَرفناه
لنصلحنَّ معكم، ولئن أنكرناه لا نصلح، قالا له: قتلة عثمان، رضي الله عنه،
ولابد أن يُقتلوا، فإن تُركوا دون قصاص كان هذا تركًا للقرآن، وتعطيلاً
لأحكامه، وإن اقُتصَّ منهم كان هذا إحياء للقرآن. قال القعقاع: لقد كان في
البصرة ستُّمائة من قتلة عثمان وأنتم قتلتموهم إلا رجلاً واحدًا، وهو
حرقوص بن زهير السعدي، فلما هرب منكم احتمى بقومه من بنى سعد، ولما أردتم
أخذه منهم وقَتْله منعكم قومه من ذلك، وغضب له ستة آلاف رجل اعتزلوكم،
ووقفوا أمامكم وقفة رجل واحد، فإن تركتم حرقوصًا ولم تقتلوه، كنتم تاركين
لما تقولون وتنادون به وتطالبون عليًا به، وإن قاتلتم بنى سعد من أجل
حرقوص، وغلبوكم وهزموكم وأديلوا عليكم، فقد وقعتم في المحذور،
وقوَّيتموهم، وأصابكم ما تكرهون، وأنتم بمطالبتكم بحرقوص أغضبتم ربيعة
ومضر، من هذه البلاد، حيث اجتمعوا على حربكم وخذلانكم، نصرة لبنى سعد،
وهذا ما حصل مع على، ووجود قتلة عثمان في جيشه.
تأثرت
أمُّ المؤمنين ومن معها بمنطق القعقاع وحجته المقبولة؛ فقالت له: فماذا
تقول أنت يا قعقاع؟ قال: أقول: «هذا أمر دواؤه التسكين، ولابد من التأني
في الاقتصاص من قتلة عثمان، فإذا انتهت الخلافات، واجتمعت كلمة الأمة على
أمير المؤمنين تفرغ لقتلة عثمان، وإن أنتم بايعتم عليًا واتفقتم معه، كان
هذا علامة خير، وتباشير رحمة، وقدرة على الأخذ بثأر عثمان، وإن أنتم أبيتم
ذلك، وأصررتم على المكابرة والقتال كان هذا علامة شر، وذهابًا لهذا الملك،
فآثروا العافية ترزقوها، وكونوا مفاتيح خير كما كنتم أولاً، ولا
تُعرَّضونا للبلاء، فتتعرضوا له، فيصرعنا الله وإياكم، وايم الله إني
لأقول هذا وأدعوكم إليه، وإني لخائف أن لا يتم، حتى يأخذ الله حجته من هذه
الأمة التي قلَّ متاعها، ونزل بها ما نزل، فإنّ ما نزل بها أمر عظيم، وليس
كقتل الرجل الرجل، ولا قتل النفر الرجل، ولا قتل القبيلة القبيلة».
اقتنعوا
بكلام القعقاع المقنع الصادق المخلص، ووافقوا على دعوته إلى الصلح، وقالوا
له: قد أحسنت وأصبت المقالة، فارجع، فإن قدم على، وهو على مثل رأيك، صلح
هذا الأمر إن شاء الله. عاد القعقاع إلى على في «ذي قار» وقد نجح في
مهمته، وأخبر عليًا بما جرى معه، فأُعجب على بذلك، وأوشك القوم على الصلح،
كرهه من كرهه، ورضيه من رضيه.
السبئية يعودون من جديد
ويتضح
بما لا يدع مجالاً للشك حرص الصحابة رضي الله عنهم على الإصلاح وجمع
الكلمة؛ وهذا هو الحق الذي تثبته النصوص وتطمئن إليه النفوس. وقبل الحديث
عن جولات المعركة نشير إلى أن أثر السبئية في معركة الجمل مما يكاد يجمع
عليه العلماء:
1-
جاء في أخبار البصرة لعمر بن شبَّة أن الذين نسب إليهم قتل عثمان خشوا أن
يصطلح الفريقان على قتلهم، فأنشبوا الحرب بينهم حتى كان ما كان
2- قال الإمام الطحاوى: فجرت فتنة الجمل على غير اختيار من على ولا من طلحة، وإنما أثارها المفسدون بغير اختيار السابقين
3-
قال الباقلانى: وتم الصلح والتفرق على الرضا، فخاف قتلة عثمان من التمكن
منهم، والإحاطة بهم، فاجتمعوا وتشاوروا واختلفوا، ثم اتفقت آراؤهم على أن
يفترقوا فرقتين، ويبدءوا بالحرب سحرة في المعسكرين ويختلطوا، ويصيح الفريق
الذي في عسكر على: غدر طلحة والزبير، ويصيح الفريق الذي في عسكر طلحة
والزبير: غدر على، فتم لهم ذلك على ما دبروه ونشبت الحرب، فكان كل فريق
منهم دافعًا لمكروه عن نفسه
4-
نقل القاضي عبد الجبار: أقوال العلماء، باتفاق رأي على وطلحة والزبير
وعائشة رضوان الله عليهم على الصلح، وترك الحرب، واستقبال النظر في الأمر،
وأنّ من كان في المعسكر من أعداء عثمان كرهوا ذلك، وخافوا أن تتفرغ
الجماعة لهم، فدبّروا في إلقاء ما هو معروف، وتمّ ذلك
5-
يقول القاضي أبو بكر بن العربي: وقدم علىّ على البصرة، وتدانوا ليتراءوا،
فلم يتركهم أصحاب الأهواء، وبادروا بإراقة الدماء، واشتجرت الحرب، وكثرت
الغوغاء على البوغاء، كل ذلك حتى لا يقع برهان، ولا يقف الحال على بيان،
ويخفى قتلة عثمان، وإنّ واحدًا في الجيش يفسد تدبيره، فكيف بألف
5-
يقول ابن حزم: وبرهان ذلك أنهم اجتمعوا ولم يقتتلوا ولا تحاربوا، فلما كان
الليل عرف قتلة عثمان أن الإراغة والتدبير عليهم، فبيتوا عسكر طلحة
والزبير وبذلوا السيف فيهم، فدفع القوم عن أنفسهم حتى خالطوا عسكر علىّ،
فدفع أهله عن أنفسهم، كل طائفة تظن ولا شك أن الأخرى بدأتها القتال،
واختلط الأمر اختلاطًا، ولم يقدر أحد على أكثر من الدفاع عن نفسه
فإذا
الزبيرَ رضي الله عنه وهو طرف أساسي في المعركة يكشف لنا عن حقيقة الأمر:
إن هذه لهى الفتنة التي كنا نحدّث عنها، فقال له مولاه: أتسميها فتنة
وتقاتل فيها؟ قال: ويحك؛ إنا نبصر ولا نبصر، ما كان أمر قط إلا علمت موضع
قدمي فيه، غير هذا الأمر، فإني لا أدرى أمقبل أنا فيه أم مدبر.
ويشير إلى ذلك طلحة فيقول: بينما نحن يد واحدة على من سوانا، إذ صرنا جبلين من حديد يطلب بعضنا بعضًا.
وفي الطرف الآخر يؤكد أصحاب على رضي الله عنه على الفتنة فيقول عمار رضي
الله عنه في الكوفة عن خروج عائشة: إنها زوجة نبيكم في الدنيا والآخرة