شهدت قضية المعتقل الإسرائيلي في مصر إيلان جرابيل، تطورًا لافتًا في محاولة واضحة للضغط على مصر للإفراج عن ضابط "الموساد"، الذي صدر الأحد قرار بحبسه على ذمة التحقيقات التي تجريها معه نيابة أمن الدولة العليا، بعد أن عهدت إسرائيل إلى الولايات المتحدة بمتابعة القضية مع الجانب المصري، نظرا لأنه "يحمل الجنسية الأمريكية"، وكان دخوله إلى مصر بجوازه الأمريكي وليس الإسرائيلي.
وقال يجال بلمور المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، إنه ونظرا لأن جرابيل مواطن أمريكي هاجر لإسرائيل عام 2004 وخدم في الجيش الإسرائيلي تطوعا ودخل إلى مصر مستخدما جواز سفره الأمريكي فإن القنصلية الأمريكية هي التي تتولى القضية الآن.
وأوضح أن القنصل الأمريكي قام بزيارة جرابيل في محبسه وتحدث مع والديه بالولايات المتحدة معه وأخذا انطباعا بأن وضعه جيد، وفق ما نقل موقع "نيوز وان" الإخباري الإسرائيلي.
ورأي الموقع أن الجنسية الأمريكية التي يحملها المتهم الإسرائيلي ستكون في صالحه وربما تنهي القضية، مع ذلك أكد أن المسئولين بتل أبيب يبذلون جهودا مضنية لإطلاق سراحه، في الوقت الذي أشار فيه إلى ما تناولته وسائل الإعلام المصرية حول دخوله القاهرة بتأشيرة دخول مزيفة.
وقالت القناة الثانية الإسرائيلية إن إسرائيل لن تتدخل في قضية جرابيل، لأنه يحمل الجنسية الأمريكية ودخل القاهرة بجواز سفر أمريكي.
ونقلت عن مارك تونر المتحدث باسم الخارجية الأمريكية قوله إن واشنطن ستتعامل مع جرابيل كأي مواطن أمريكي آخر مسجون بدولة أخرى، سنمده بالخدمات القنصلية، وسنعمل مع السلطات للتأكد من حصوله على ما يستحقه من معاملة وفقا للقانون المحلي. ووصف وضع جرابيل بأنه "جيد ونحن نعتقد أنه ستمر عدة أيام حتى تتم الانتهاء من التحقيقات".
وذكرت القناة الإسرائيلية أن هناك أملا في ألا يبدي المسئولون في مصر تعنتا إزاء مطالب واشنطن بإطلاق سراح جرابيل على الرغم من الاتهامات الخطيرة المنسوبة إليه خاصة في ضوء وعود وتعهدات الرئيس باراك أوباما بتقديم مساعدات ضخمة تصل إلى 2 مليار دولار لمصر لإجراء إصلاحات بالدولة المصرية.
وأضافت إنه إذا لم يتم إطلاق سراحه ستتعقد الأمور، معتبرة أن التغطية الإعلامية الموسعة للقضية في مصر أمر مقصود من قبل النظام الحاكم الجديد "الذي يحاول دحرجة مسئولية ما يحدث في أرض النيل من أمراض وعلل لبوابة إسرائيل"، مشيرة إلى اتهام يحيى الجمل نائب رئيس مجلس الوزراء لإسرائيل بإشعال نار الفتنة بين المسلمين والأقباط في مصر.
وكانت السلطات المصرية رفضت طلب وزارة الخارجية الإسرائيلي مصر عقد لقاء بين مندوبيها وجرابيل، الإسرائيلي الذي أعلنت مصر القبض عليه بوصفه ضابطًا بجهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد)، والذي صدر الأحد قرار بحبسه لمدة 15 يومًا على ذمة التحقيقات في قضية اتهامه بالتخابر على مصر.
في الوقت الذي نفت فيه الحكومة الإسرائيلية الاتهامات المصرية، واعتبرت العملية تهدف إلى إعطاء انطباع للشعب المصري بأن السلطات ما زالت تسيطر على أمن الدولة، فيما لوح والده بأنه سيطلب وساطة الإدارة الأمريكية للإفراج عن ولده.
ونقلت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية عن مصادر، إن وزارة الخارجية توجهت بطلب للحكومة المصرية للقاء الإسرائيلي المعتقل في مصر، لكن الطلب قوبل برفض مصري، موضحة أنه بالرغم من هذا إلا أن مسئولين أمنيين من الجانبين يناقشان الموضوع حاليا. وقالت المصادر، إن الحديث لا يدور عن استفزاز من جانب السلطات المصرية، وإن هناك "أدلة على التجسس".
وأكدت رئاسة الوزراء ووزارة الخارجية الإسرائيليتين في بيانين أمس، أن الصورة التي نشرت على أنها للجاسوس للمفترض "مفبركة"، واصفة الاتهامات المصرية بأنها "محض هراء ومزاعم" وقالت إن "المصريين يريدون جرابيل ككبش فداء ويلفقون للإسرائيليين التهم رغم براءته".
واعتبر بنيامين بن إليعازر عضو الكنيست، وزير الصناعة والتجارة الإسرائيلي السابق- الصديق المقرب من الرئيس السابق حسني مبارك- أن اعتقال الأمن المصري للشاب الإسرائيلي "عمل يفتقر إلى الكفاءة المهنية وسطحي ويشبه أعمال الهواة من قبل أجهزة الأمن المصرية، والتي تريد أن تثبت للشعب المصري أن السلطات ما زالت تحكم سيطرتها على أمن الدولة".
وأعرب عن أمله في تصريحات للإذاعة العبرية عن أمله في ألا يكون اعتقال الإسرائيلي رمزا لاتجاه جديدة تسير فيه مصر ضد إسرائيل، بعد رعايتها توقيع اتفاقية المصالحة الفلسطينية بين حركتي "فتح" و"حماس" وقرارها فتح معبر رفح الحدودي بشكل دائم، لأول مرة منذ أربع سنوات.
ويشكل القبض على ضابط "الموساد" ضربة قوية لجهاز المخابرات الإسرائيلية، خاصة وأن الضابط أيا كانت رتبته فإنه على علم بتركيبة الجهاز وهيكله الإداري والكثير من أسراره، بعكس العميل الذي لا يعرف إلا المسموح له عن مهمته، وفي ضوء ذلك يمكن تفسير حالة الهلع الذي يسكن قلوب الأجهزة الأمنية في إسرائيل بعد إعلان مصر اعتقالها أحد ضباط "الموساد" مؤخرا.
وتمثل هذه أول قضية من نوعها بعد الإطاحة بنظام حسني بمبارك في فبراير الماضي، واستبعدت "معاريف" فكرة الإفراج عنه بعد أيام قصيرة كما كان يحدث في حالات مشابهة أثناء حكم الرئيس السابق، مضيفة: "نحذر ونكرر تحذيرنا هناك نظام جديد في القاهرة والوضع الآن غير واضح".
لكن الإسرائيلي عزام عزام، الذي سجن في مصر لسنوات بعد أن أدين بالجاسوسية وشكك بوجود جواسيس إسرائيليين في مصر أعرب عن اعتقاده بأنه سيتم إطلاق سراح الإسرائيلي قريبا، إذا كان ألقي القبض عليه حقا، قائلا: "إذا كان هذا مخطط، فإن أي إجراء دبلوماسي بسيط سيسفر عن إطلاق سراحه في الأيام المقبلة. أما إذا تبين أنه جاسوس، فإنه يمكن التعامل مع هذه القضية أيضا عبر القنوات المناسبة".
وقال: "إنني على يقين بأن مكتب رئيس الوزراء (الإسرائيلي بنيامين نتنياهو) ووزارة الخارجية سيعملان معا على حل هذه المسألة، ولن يسمحا ببقائه في الحجز طويلا". وتابع: "لا أفهم ما يفكر فيه المصريون. فبيننا وبينهم سلام، فلم الحاجة إلى الجواسيس إذن؟. إنهم يعتقدون أن أي إسرائيلي يمكنه بسهولة عبور الحدود إلى مصر، ويكون جاسوسا محتملا".
وأوردت وسائل إعلام إسرائيلية تفاصيل تتعلق بـ "الشاب الإسرائيلي البريء"- على حد وصفها- وقالت "معاريف" إن في عام 2004، قرر جرابيل الشاب الأمريكي يهودي الديانة الذي تقيم أسرته في كوينز أحد أكبر أحياء نيويورك السفر إلى إسرائيل للدراسة بجامعة بن جوريون ببئر سبع الحدودية مع مصر، لكنه يعجب بإسرائيل فيقرر في عام 2005 الهجرة بشكل رسمي إليها.
وأكدت صحة المعلومات المصرية حول مشاركته في حرب لبنان في عام 2006، وذكرت أنه خدم في سلاح المظلات متطوعا وأصيب في تلك الحرب خلال اشتباك في قرية الطيبة اللبنانية مع "حزب الله".
وقال والد الإسرائيلي المعتقل في تصريحات لصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، إن ابنه وصل إلى مصر ضمن وفد لمعهد المحاماة الذي يدرس به، نافيا الاتهامات المصرية لولده بأنه عميل لـ "الموساد"، مشيرا إلى أنه لم يتم إرساله إلى مصر لا على يد المخابرات الإسرائيلية أو وزارتي الخارجية والداخلية، مضيفا بقوله: "نحن قلقون جدا ولا نعرف أين يتواجد".
وأضاف جرابيل الذي يعيش في كوينز إن ابنه وصل ضمن وفد لمنظمة تطوعية تعمل مع مدرسة المحاماة التابعة لإحدى جامعات "ايموري" بولاية جورجيا الأمريكية والتي يدرس بها، حيث اعتادت القيام سنويا بالسفر إلى دولة ما، و"في هذا العام سافر ابني للقاهرة نظرا لأنه يجيد التحدث بالعربية، أنه جيد في اللغات، لقد سافر إلى هناك في 9 مايو وعاد بعدها بيوم عبر أوروبا، لقد وصل لمصر بعد الثورة، لذلك فالمزاعم بأنه شارك في المظاهرات أكاذيب".
وأوضح أن "90 % مما كتب عنه غير صحيح، فلقد كان يسكن في فندق خاص بالطلاب ليس بعيدا عن ميدان التحرير وذهب للميدان. كل الكلام عن عمالته للموساد غير صحيح. آخر اتصال منه كان السبت الماضي، كان سيعود من القاهرة في أغسطس ثم يزور إسرائيل والعودة للدراسة بالولايات المتحدة. اتصلنا بالقنصلية الأمريكية، بعدما علمنا أمس من زملائه بأنه لن يعود. لديه جنسية مزدوجة"، لكنه قال إنه "لم يتصل بنا أي شخص من إسرائيل".
فيما أكدت والدته وتدعى إيرين إن "جسدي يرتعد سأقوم باتصال مع الولايات المتحدة لمساعدته، وفقا لما فهمته لقد تم اعتقال ابني في غرفته بأحد الفنادق. ابني كان يعمل كجزء من مشروع لمنظمة غير ربحية تعمل في القاهرة". وذكرت القناة الثانية الإسرائيلية التي حصلت على تصريحات من إيرين إنها كانت حذرة في ردودها ورفضت تأكيد أن عناصر إسرائيلية أجرت معها اتصالا حول هذا الأمر.
صديق لإيلان خدم معه في الجيش الإسرائيلي نفى بدوره الاتهام له بالجاسوسية وقال في تصريحات للصحيفة ذاتها: "لقد ذهب لدول عربية كثيرة لأنه يحب ويهتم بالثقافة والحضارة العربية. إنه ليس جاسوس المزاعم المصرية مضحكة، أعرفه منذ 5 سنوات، لقد صادق أسبان وكان يحب الاستماع للهجة المغربية كان يقول إنه مغربي لكن يتحدث اللهجة الأمريكية، لقد تعلم اللغة العربية، لقد سافر أيضا للأردن".
أما صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية فذكرت أن صفحة إيلان على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" تعرفه على أنه "عامل في جامعة الأزهر"، ناقلة عن صديق له خلال حرب لبنان الثانية وصفه له بأنه "طيب القلب ويحب الثورات الشعبية"، ويصف اعتقاله بـ "الاستفزاز المصري".
يذكر أن المخابرات العامة المصرية أشارت إلى أن المتهم كان أحد عناصر الجيش الإسرائيلي وشارك في حرب لبنان عام 2006 وأصيب خلالها، وتم دفعه إلى داخل مصر وتكليفه بتجنيد بعض الأشخاص لتوفيرها للجانب الإسرائيلي من خلال نشاطه في التجسس ومحاولة جمع المعلومات والبيانات ورصد أحداث ثورة 25 يناير والتواجد في أماكن التظاهرات وتحريض المتظاهرين على القيام بأعمال شغب تمس النظام العام والوقيعة بين الجيش والشعب.
مواد متعلقة
الجاسوس الاسرائيلي "إيلان جرابيل" داعية إسلامى على الفيس بوكالنيابة: الجاسوس الإسرائيلي " إيلان جرابيل" يجيد العربية ووصل القاهرة قبل الثورة