د. ابراهيم الديب | 04-03-2011 23:53

جزيل الشكر لكل من احسن الفهم والظن بى على مقالى السابق ماذا يعنى غياب النقد الذاتى عن الاخوان المسلمين ، وغفر الله لى ولكل الاحبة الذين فاضت عليهم عواطفهم فوارت عنهم حقيقة ما ذهبت اليه ، وشديد الاسف والإعتذار عما تجاوزت فيه من بعض الالفاظ الحادة والتى لفت انتباهى اليها الكثير من الاحبة، وان شاء الله مأجورين جميعا طالما كنا نخلص النية ونجد الاجتهاد لخدمة مصرنا وامتنا .

والآن اقدم بعض المقترحات التى اعدها من قبيل خارطة الطريق اللازمة للاخوان المسلمين على طريق الإصلاح والتطوير المنشود خاصة اننا نمر بمحطة تاريخية بالغة الحساسية تحتاج الى تكامل وتراكم كل الافكار والجهود ، خاصة وان ثورتنا المصرية العظيمة تتعرض الى اشد محاولات الاحتواء والاختطاف ، ومازالت ثعابين وأفاعى النظام السابق تحاول نشر سمومها وافساد نجاحاتنا التى تحققت

والله من وائهم محيط وستار قدرته مترجم فى ملائكة شباب الثورة المصرية العالمية المباركة.

التى اعادت لمصر مكانتها وللعرب نخوتهم ، بل والله للانسانية حقيقتها وقيمتها وجمالها وروعتها.

والى العمل نبدأ بإسم الله

اولا : الاعتراف بوجود ازمة كبرى فى عالم الافكار والاشخاص والاعمال والانجازات

فالكثير من الافكار والمفاهيم التى باتت متقادمة وتحتاج الى اعادة مراجعة مما يتطلب إعادة قراءة وتنقيح كامل لمفردات الثقافة الاخوانية الخاصة والتي تراكم بعضها على مدار العقود الماضية خاصة في ظل ظروف القهر والاستبداد والعمل الغير معلن ، اذكر على سبيل المثال لا الحصر الخلط بين مفهوم الاحترام والتقدير والاجلال للاساتذة الكبار اصحاب السبق والتضحيات وبين ما يمتلكونه من مفاهيم وتصورات تحتاج الى قراءتها قراءة موضوعية بحسب الواقع ، وبطبيعة الحال ليس كل ما يطرحونه هو الحق المطلق كما انه ليس المتقادم المطلق ايضا ــ بمعنى أن تصبح أفكار الجميع مطروحة على الطاولة مجردة من اسم وتاريخ و هيبة صاحبها الكامنة فى نفوس الشباب مما تجبرهم على عدم المناقشة على سبيل التأدب والاحترام مع الكبار.

كذلك ايضا على سبيل المثال مفهوم الاخوة الاسلامية والايمانية العامة والذي اختزل عند الكثير الى مفهوم الاخوة التنظيمية فقط ، بل وامتد احيانا الى اخوة الشعبة او الاسرة فقط ، وهكذا ....الخ مما يحتاج إلى إعادة مراجعة وتنقيح تنفى غثاء الأفكار والمفاهيم وتحفظ ما ينفع الناس ، ومن ثم تستقيم أكثر وأكثر ملاح الشخصية وتبرز حقيقتها ويزداد لمعانها وبريقها وتأثيرها وفاعليتها.

وفى عالم الاشخاص لابد من اعادة تقييم وفرز افراد الصف الاخوانى خاصة ممن هم فى مواقع المسئولية والصدارة ، والنظر إلى الشخصية برؤية متكاملة فلا يمكن فصل شخصيته المهنية والتجارية عن شخصيته الاخوانية فكلاهما شخصية واحدة محسوبة على الاخوان ، وقد خبرنا الكثير ممن تسبب فى تقديم صورة غير مناسبة وبخلاف حقيقة عموم الإخوان ، وفى حقيقة الأمر أمثال هؤلاء من معوقات النصر واسباب تأخيره .

ولتظل معايير ومصفاة الترشيح والانتخاب والضم مستمرة ويقظة ومفعلة للجميع بدلا من تفعيلها عند الضم فقط.

كما انه اصبح من الواجب اعتماد ودمج طرق وادوات الادارة الحديثة مما توصل اليه الفكر البشرى فى عالم ادارة الموارد البشرية وتوصيف مهام الوظائف المختلفة وترشيح وانتخاب القيادات ، وبالكلية الالتزام بمقتضيات المؤسسية الحديثة.

وفى مجال الاعمال والانشطة والفعاليات يتطلب لها الالتزام بالمعايير المهنية الاحترافية التى تضمن قوتها وجودتها وفاعليتها فى انجاز الاهداف المنشودة باسرع وقت واقل تكلفة مما يعنى التحول من عالم الهواة الى عالم المحترفين ، كذلك ضرورة مراجعة الاعمال وفق معايير تقييم مهنية والتخلى عن فكرة العمل التطوعى وليقدم الجميع ما يستطيعه وفق قدراته وامكانياته ، ولنسير على سير اضعفنا ومن ثم تتلاشى فكرة التقييم والمحاسبة والتطوير، ومن ثم يسير الجميع خلف اضعف الناس نشاطا وحيوية وانجازا.

وفى مجال الانجاز لابد من ربط الاهداف والانجازات المطلوبة بقدر الامكانيات الكبيرة والعالية المتاحة ومن ثم تهدر فكرة قبول الحد الادنى من الانجاز تحت زعم العديد من الاسباب والمبررات من ضعف قدرات الافراد وشدة الضغوط وقوة الحصارــ فهناك فارق كبير بين من يستثمر عدة آلاف من الجنيهات فحدود طموح ارباحه تقف عند عدة مئات ، بخلاف من يستثمر المليارات فيجب عليه جنى مئات الآلاف على الاقل ، وعندما يحصل غير ذلك يجب ان يتوقف ليراجع نفسه فيما يهدر من أوقات وجهود وموارد

ثانيا : التحرر من الانشغال بالازمة والحصار الداخلى للاخوان داخل مصر ، الى الانفتاح والانشغال بهموم الاسلام الكبرى ومساحات الفراغ الكبيرة الشاغرة فى عقله وفكره وادبياته ومشاريعه الفكرية ، والواجب العمل عليها وشغلها سريعا لتلبية احتياجات النهوض على الأرض ، وعلى سبيل المثال

فقهنا الاسلامى المأزوم بترا منذ عدة قرون حيث يعانى خللا كبيرا بين ما كتب وصنف في مجال فقه الفرد مقارنة بفقه المجتمع والدولة ، حيث تضخمت وفصلت ابوابه الفردية فى ابواب الطهارة و العبادات والتزكية الفردية على حساب فقه اقتصاد واجتماع وسياسة تنمية وتطويرالمجتمع والدولة

واضرب مثالا آخر فيما نعانيه من حالة من التضخم الكبرى فى علم الرواية فى حين نعانى شحا وفقرا كبيرا فى علم الدراية والخاص بالبحث فى المقاصد العليا والكلية للدين مما تسبب بلا شك فى جمود وتقادم العقل والفكر الاسلامى وتقادمه وغربته عن حركة الحياة .

فبدلا من ان يتحول الفكر الاسلامى الى مصابيح متقدمة فى عالم البشر تفتح لهم دروب وآفاق التجديد والابتكار فى كافة مجالات الحياة ، اصبح الفكر الاسلامى على جانب الطريق

وحذا بالبشرية ان تبحث وتجدد وربما تحيى موات الشيوعوية والعلمانية ، وتارة اخرى تدمج بينهما فى محاولة لانتاج كيان فكرى جديد تهتدي به وتنظم عليه شئون حياتها.

كما أننا نحتاج وببالغ السرعة مشاريع فكرية اجتماعية وتربوية واقتصادية وسياسية متكاملة لبناء المجتع والدولة ربما لو كانت جاهزة من قبل عقود مضت لكن الامر على غير ما هو عليه الآن .

بطبيعة الحال كنا نتنمنى ونأمل فى مؤسساتنا الاسلامية خاصة العالمية منها فى تحمل هذه المسئولية ، بيد انها حتى لم تغطى هذا الباب ، ولعل المانع خير ، ومن ثم اصبح واجبا وربما فرض عين على مؤسسة عالمية كبرى مثل الاخوان المسلمون نذرت نفسها منذ تأسيسها لتحمل قضايا وهموم الاسلام الكبرى .

وما ندركه حقيقة من سنن بناء وصعود وتداول الحضارات ان الفكر ومشاريعه تسبق التنفيذ والاجراء ، ودوما كان المفكر امام وربما بجوار القائد فلا غنى للمفكر عن القائد ليترجم افكاره الى فعل و حركة وانجاز ، كما ان القائد بحاجة الى فكر ورؤى ونور وضياء المفكر ليستنير به ويحدد به المسار.

ويا ليت الاخوان يسارعون بتشكيل لجنة فكرية استشارية معتبرة من مختلف التخصصات العلمية المعاصرة خاصة التفكير الاستراتيجى والتطوير الادارى والتربية والاعلام والاقتصاد والسياسة لتكون بمثابة المطبخ الفكرى المفرغ تماما لهذه المهمة ليكون بمثابة العقل المفكر للجماعة والحزب وترسم له السياسات المنظمة لعمله .

وبذلك يكتمل بنيان الجماعة راسا مفكرا وجسدا واعيا فاعلا يبدأ من مكتب الارشاد انتهاءا الى النقيب ليدير عجلة العمل اليومية داخل الجماعة.

اكتفى يذلك الآن والى بقية حقيبة افكار خارطة الطريق المقترحة فى المقال القادم ان شاء الله