• بعد هذه الثورة الهادرة التي زلزلت أركان النظام وخرج فيها الملايين ثمانية عشر يومًا متوالية يهتفون هتافًا مدويًا يكفي لخلع الجبال الرواسي؛ يطالب برحيل النظام ويعلن سقوطه باستبداده وقهره ومحاسبة أركانه، وبعد أن ظنَّ الناس أن الزئير قد سُمع، وأن الرسالة قد وصلت؛ خرج علينا مبارك ببيان صاعق، يؤكد لهم فيه أنه لا يزال يمسك بزمام الحكم وينقض آخره أوله، فقد ظل يتحدث أنه سيفعل ويفعل، ثم يعود ليقرر أنه فوض نائبه فى كل صلاحياته، ولا يمكن تصنيفه إلا ضمن منظومة الأحاديث الخادعة التى يريد بها أن يلتف على مطالب الجماهير، وعلى رأسها تنحيه الكامل عن الحكم، إن كان يحترم إرادة الشعب ويحرص على مصالح الوطن وأمنه واستقراره وإلا فإن الجماهير سوف تظل في ثورتها حتى تتحقق مطالبها.
• ثم أعقبه بيان نائبه الذي لم يُضِفْ جديدًا قط، وإنما أفقده كثيرًا من تقدير الناس له؛ لأنه قدم نفسه باعتباره امتدادًا للنظام ورئيسه، محاولاً بإجراءات ثانوية القفز على مطالب الشعب الأساسية الجوهرية، داعيًا الجماهير للعودة إلى ديارهم دون تحقق شيء ملموس ذي قيمة من شأنه أن يفتح نافذة أمل لحياة حرة كريمة عادلة، فلا تزال السياسات هي السياسات والوجوه هي الوجوه، الفاسدون يرتعون كما كانوا يرتعون.
• إن أسلوب الاستعلاء على الشعب والتصلب والعناد من شأنه أن يزيد الثورة ثورانًا، وها نحن أولاء نرى أنها تتسع وتزداد جغرافيًّا وفئويًّا وعدديًّا، والذي نخشاه أن تزيد خسائر البلد وتتضاعف، فكم هي المؤسسات التي توقفت عن العمل والأيدي التي انصرفت عن الشغل من أجل نيل الحرية والكرامة، وكم هي الأموال التي هربت والاستثمارات التي رحلت، فهل تساوي تلك الخسائر كلها رغبة فرد ظالم في التشبث بسلطة بضعة أشهر؟
• إن الديمقراطية التى يتشدقون بها تفرض النزول على إرادة الشعب، ومصلحة الوطن تفرض على من يزعم الوطنية وحب الوطن أن يؤثرها على مصلحته ومصلحة أسرته، فليرحل الظالم مختارًا قبل أن يرحل مكرها.
• إن البيانين اللذين أصدرهما مبارك ونائبه مرفوضان تمامًا من الشعب، ونحن جزء من هذا الشعب المصري العظيم.
• أما أنت أيها الشعب المصري البطل فقدرك أن تواجه نظامًا متغطرسًا متجبرًا فاسدًا يراهن على نفاد صبرك وقصر نفسك، فاثبت له- عكس ذلك- طول صبرك وشدة عزمك وإصرارك على استعادة حقك؛ فما ضاع حق وراءه مطالب فلتستمر فى ثورتك، مهما طال الزمن، ومهما بلغت التضحيات، فالله لا يضيع عمل المصلحين.. (والَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وإنَّ اللَّهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ)
الإخوان المسلمونالقاهرة في: 8 من ربيع الأول 1432هـ= الموافق 11 من فبراير 2011م