بدأت قبضة حسني مبارك على الإعلام الرسمي -العجلة الحيوية لرئاسته التي دامت ثلاثين عاما- تضعف بعد أن أعلنت أكثر الصحف الحكومية توزيعا دعمها للانتفاضة ضده.
فقد مُني مبارك بنكسة كبيرة عندما تخلت الأهرام، ثاني أقدم صحيفة مصرية وواحدة من أشهر النشرات الصحفية في الشرق الأوسط، عن موقفها الدائم من التأييد الخنوع للنظام الحاكم.
وأشارت ديلي تلغراف إلى أن رئيس تحرير الصحيفة أسامة سرايا أشاد في افتتاحية في الصفحة الأولى بنبالة ما وصفها بالثورة، وطالب الحكومة بالشروع في إجراء تغييرات دستورية وتشريعية.
وكتب سرايا أن "على الدولة وكل سكانها، الجيل القديم والساسة وكل القوى الأخرى على الساحة السياسية، أن يتواضعوا ويكبحوا جماح أنفسهم لفهم طموحات الشباب وأحلام هذه الأمة".وقالت الصحيفة إن المقال لم يطالب الرئيس بالاستقالة، وفي الوقت الذي قد يثبت فيه أن تحوّل افتتاحية الأهرام كان تكتيكيا وليس حقيقيا فإن مؤيدي المعارضة عبروا عن دهشتهم لهذا التطور. ويذكر أن سرايا شيد مكانته المرموقة بوصفه مدافعا معتمدا عن الرئيس.
ويشار إلى أن التغير في موقف سرايا يأتي وسط غضب متزايد بين الصحفيين الحكوميين عقب مقتل زميلهم أحمد محمد محمود الذي توفي يوم الجمعة الماضية بعد إصابته برصاصة من شرطي سري أثناء تصويره المظاهرات المعارضة بهاتفه المحمول من نافذة مكتبه.
ويوم الاثنين احتشد نحو 200 صحفي جلهم من دور النشر الحكومية وساروا عبر شوارع القاهرة مرددين شعارات مناوئة لمبارك وحاملين نموذجا لتابوت.
وبتسليط الضوء على عمق التمرد كان الصحفيون قد حاصروا في وقت سابق رئيس نقابة الصحفيين المتنفذ والموالي الشديد للنظام مكرم محمد أحمد مرددين عبارات "قاتل قاتل" و"يسقط الناطق باسم النظام".
ومثل الأهرام التي وصفت الاحتجاجات في البداية بأنها غير ذات أهمية، اضطر التلفزيون الرسمي أيضا لتعديل تغطيته للانتفاضة بعد استقالة مذيعة كبيرة وصحفية بارزة احتجاجا على ذلك.
وبعد إصرارهم المتكرر على أن المظاهرات لم تجتذب أكثر من 5000 شخص، معظمهم مأجورون من قبل وسائل إعلام أجنبية، أقر مذيعون حكوميون لأول مرة بحضور ضخم للمتظاهرين في ميدان التحرير.