دماؤهم غيرت مسار مصر السياسي بعد 30 عاما من الظلم والاستبداد، ميدان التحرير كان شاهداً علي تضحيات هذه الأرواح الشابة التي طالبت بالعدل والمساواة والتغيير واسقاط الفساد من اجل مستقبل أفضل غير مبالين بالرصاص الذي قطف زهرة شبابهم . بين هتافات العشرات المتواجدين بساحة الميدان المطالبين برحيل مبارك ونظامه، توافد اهالي الشهداء إلي ساحة الميدان لاستكمال مسيرة ابنائهم الذين ازهقت ارواحهم ورفعوا صورهم مطالبين بعدم التفريط في دمائهم .
التقت " الوفد " ببعض اسر شهداء 25 يناير الذين حضروا للمشاركة في المظاهرات .. وسط ساحة ميدان التحرير وقف خالد سمير سعدون يهتف ضد النظام والظلم ويمسك في يده الاخري صورة كبيرة لشقيقه الشهيد " ابراهيم " الذي يبلغ من العمر 28 عاما اغتالته رصاصات غادرة .
يقول " خالد ": شقيقي استشهد يوم الجمعة الموافق 28 يناير عقب خروجه من المنزل متوجها إلي عمله باحد المطاعم بمدينة نصر لكنه وجد مظاهرة تطالب بالتغيير انضم اليها وشارك فيها واثناء وقوفه امام قسم المطرية اخترق جسده رصاص الظلم واستقرت واحدة في قلبه والاخري في بطنه وتم نقله إلي مستشفي المطرية بعد أن اختلطت دماؤه بتراب مصر وعقب وصوله المستشفي لفظ انفاسه الاخيرة .
ويستكمل " خالد " حديثه عن شقيقه قائلا : انتظرت عودة شقيقي إلي المنزل في المساء لكنه لم يحضر وقمت بالاتصال به اكثر من مرة علي هاتفه المحمول ووجدته مغلقاً .. توجهت بصحبة والدي الذي اصيب بحالة نفسية سيئة وقمت بالبحث عنه بالمستشفيات علي امل أن اجده بين المصابين، وبعد مرور 3 ايام توجهت إلي مستشفي المطرية ووجدته داخل احدي الثلاجات .
يبكي " خالد " بحرقة ويقول : " انا بجد فرحان مش زعلان وفخور " لان ابراهيم شقيقي مات شهيدا من اجل مصر ". ويؤكد"خالد " أنه قرر التظاهر بميدان التحرير وسط المتظاهرين وطالب بالقصاص من البلطجية الذين ارتكبوا تلك الجرائم في حق ابناء مصر وعلي رأسهم وزير الداخلية السابق واضاف أن تقرير الطب الشرعي اكد أن شقيقه الشهيد اصيب برصاصة في القلب واخري بالبطن واشار إلي أنه لن يفارق ميدان التحرير إلا برحيل النظام .
وفي مشهد اخر بساحة الميدان يتواجد وسط المتظاهرين شقيق الشهيد احمد بسيوني الأستاذ المساعد بكلية التربية الفنية جامعة حلوان الذي خرج يوم جمعه الغضب ليلتقط بعض الصور الفوتوغرافية للمتظاهرين حتي يتمكن من اقامة معرض فني له لكن الحظ لم يحالفه وسقط بين ايدي ضباط الشرطة الذين اوسعوه ضربا ادي إلي موته وظل متغيباً عن منزله خمسة ايام لايعلم عنه احد شيئا . يقول باسم بسيوني شقيق الشهيد " أحمد " إنه تلقي اتصالاً هاتفياً من مسؤلو مشرحة مستشفي ام المصريين يخبره بسرعة الحضور إلي المستشفي لاستلام جثة شقيقه، وعقب وصوله اصيب بحالة سيئة وقرر الحضور للميدان والتظاهر والاعتصام مع المتظاهرين لاخذ حق شقيقه الشهيد .
ويستكمل حديثة قائلا إنه عندما توجه لاستلام الجثة طلب من مسئولي المشرحة تقريراً طبياً خاصاً بالصفة التشريحية لشقيقه لكن المسئولون رفضوا وتم نقل الجثة إلي مشرحة زينهم وكتبت اقراراً علي نفسي وتم تشريح الجثة علي مسؤليتي وتبين أن شقيقي فارق الحياة بعد أن تعرض لضرب مبرح تسبب في كسر ضلوعه وتهتك بالرئة اليسري وفارق الحياة يوم جمعه الغضب . واشار " باسم " إلي أنه لن يترك ارض ميدان التحرير وان حياته تغيرات علي ارض هذا الميدان واصبح يشاهد حقوقه التي كان يتجاهلها لسنوات خوفا من بطش الامن ويضيف في إصرار : " مابقاش فيه حاجز خوف انا مش هسيب حقي تاني حتي لو استشهدنا .. كلنا علي الاقل نضمن الجنة ".
عبدالفتاح احمد مدرس اللغة الانجليزية ترك اسرته وخرج للمشاركة في المظاهرات التي تضمن مستقبل اسرته المكونة من 6 أفراد يوم الثلاثاء 25 يناير يقول شقيقه محمد احمد جمال إن شقيقه الشهيد شارك في المظاهرات في محاولة منه للمطالبة بتغيير النظام كحق دستوري له إلا أنه تعرض للضرب المبرح من الشرطة وكذلك القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي واصيب بواحدة منها في قدمه إلا أن هذا العنف ادي إلي اصراره علي استكمال ومواصلة التظاهر لتغيير النظام القمعي ليصاب بطلق ناري اخر بعد اعتصامه بميدان التحرير ويدخل المستشفي فيصاب بغرغرينة ويفارق الحياة ويقول شقيقه إن آخر كلماته " يبدو أن الله لا يحبني لانني لم انل الشهادة في المرتين " ، إلا أن الله يستجيب له ويدفن بمسقط رأسه بالدقهلية ويخلد اسمه علي قائمة شهداء ميدان التحرير الذين غيروا تاريخ هذا البلد .
أما محمد مبروك 30 سنة فكان اكثر الشهداء شهرة بميدان التحرير لانه كان احد المدافعين في الخط الاول بميدان عبدالمنعم رياض وهو اعزل يوم الاربعاء الماضي فبعد هجوم البلطجية علي الميدان قام المتظاهرون واصدقاؤه برفع لافتات تخليد اسمه في ظل غياب اسرته احتلت صوره المطبوعه ارجاء الميدان واصروا علي استكمال المسيرة اكد اصدقاء محمد أنه ارتدي قطعة من الكرتون علي راسه لحمايته من الطوب الذي تراشق به المؤيدون والمعارضون لبقاء الرئيس مبارك ليفاجأ بهؤلاء البلطجية يحملون الاسلحة البيضاء وشقوا راسه نصفين بواسطة سنجه، ليشعل محمد ميدان التحرير عقب مشاهدة زملائه للمنظر البشع الذي ارتكبه البلطجية ويزداد الغضب وبعدها حملوا محمد إلي اقرب نقطة اسعاف إلا أنه فارق الحياة .