هل سيصبح "الإنتحار" هو الطريقة الأمثل للتغيير
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
وبعد
عبر التاريخ وعلى مر العصور وامتنا الإسلامية والعربية تمر بفترات من ظلم وعدل وإصلاح وفساد من قبل الحكام والولاة منهم يتأمرون على بلادهم وشعوبهم ومنهم من يحاول الإصلاح على قدر إستطاعته
والأحداث الأخيرة التى تمر بها بلادنا فى تونس ومصر والجزائر ومن ثم اليمن ومورتانيا أحداث مؤسفة وإن أثمرت عن بعض الإيجابيات
ولكن لنتدحث سوياً أنا وأنت وكل مسلم متبع لتعاليم الإسلام التى هدانا الله إليها فى كتابه وسنة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم
ونرجع بذاكرتنا وبالتحديد منذ بداية الإعتصامات والإحتجاجات التونسية "بدأت أحداثها عقب عملية إنتحار شاب "
شخص أزهق نفسه وأودى بحياته مطالباً بالتغيير
والسؤال:هل هذا الشاب سيستفيد من التغيير وهو الأن بين أطباق الثرى لايعلم أمره إلا الله
وأخر أحرق نفسه مطالباً بوظيفة أو كسرة خبز هل سيجدها بهذه الطريقة المحرمة
أخى فى الله إن قتل النفس متعمداً لهو أم الكبائر التى نهانا عنها ديننا الحنيف فى كتاب الله وسنة الحبيب صلى الله عليه وسلم
يقول رب العزة فى محكم التنزيل "
لاتقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً" سورة النساء وقال تعالى في سورة البقرة (
ولاتلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "
من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالداً مخلداً فيها أبداً , ومن تحسى سماً فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً , ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً )رواه البخاري ومسلم .
والبعض منا يعلم قصة الرجل الذى قتل نفسه فى إحدى الغزوات لما جرح جرحاً شديداً ثم وضع مقدمة السيف فى صدره وقتل نفسه
قال عنه الحبيب صلى الله عليه وسلم ((
أماَ إنه من أهل النار)) رواه البخاري
أخى فى الله حكمة المولى سبحانه فى تحريم قتلك لنفسك هى أنك ملك لخالقك ومولاك ولايجوز لأحدٍ البتة أن يتصرف في ملك غيره بدون إذنه لا عقلاً ولا شرعاً . وأنت أيها الإنسان في حقيقة الأمر مؤتمن على أمانات كثيرة أعظمها نفسك التي بين جنبيك , وقد أمرك الله بالحفاظ عليها شأن سائر الودائع حتى يستردها منك ربك متى شاء سبحانه وتعالى
فهذه الطرق يرفضها الإسلام الذى علمنا فى مثل هذه الأمور أن نرجع لله ورسوله ونحكم فيها كتاب الله عز وجل
يقول الله سبحانه وتعالى فى سورة [ النساء : 59 ]
«يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله والرسول وأولي الأمر منكم» وهؤلاء هم ولاة الأمر فتكون طاعتهم واجب كما أمرنا القرآن الكريم
وفى الحديث الذي يرويه حذيفة رضي الله عنه: يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
«يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهديي ولا يستنون بسنتي، رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس، فقال: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال: تسمع وتطيع الأمير، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع» رواه مسلم.
وفى حديث أم سلمة رضي الله عنها في صحيح مسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «
إنه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن كره فقد بريء، ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضي وتابع. قالوا: يارسول الله أفلا نقاتلهم قال: لا ما صلوا».
وفى حديث ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (
على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة) رواه مسلم.
وفى حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: (
بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والكره وأثر علينا وعلى ألا ننازع الأمر أهله، وعلى أن نقول الحق أينما كان، لا نخاف في الله لومة لائم). رواه البخاري ومسلم.
ومن هنا نجد أن حديث أم سلمة رضى الله عنها يبين أنه سيحدث إنحراف بين الحكام والولاة ((
يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون) ويبين لهم أسلوب مقاومة هذا الانحراف، وهو الإنكار القولي: «
فمن أنكر فقد سلم»، وحذر من اللجوء إلى القوة. قالوا: يارسول الله أفلا نقاتلهم قال: لا ما صلوا) ثم بين درجة أخرى أقل من الأولى ولكنها تحقق شيئاً من الإصلاح، وهي الإنكار القلبي، المتضمن عدم المتابعة في المعاصي أو تبرير المنكرات فقال: «
فمن كره فقد بريء، ومن أنكر فقد سلم» وحذر في آخر الحديث من مجارات الظلمة والسكوت والرضى عن أفعالهم فقال: «
ولكن من رضي وتابع».
وليتم تحقيق المعادلة المطلوبة شرعاً بين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحفاظ على وحدة الجماعة
بنى السلف الصالح رضوان الله عليهم
قولهم على قاعدتين عظيمتين من قواعد الإسلام:القاعدة الأولى: قول النبي صلى الله عليه وسلم «
لا ضرر ولا ضرار» رواه مالك في الموطأ.
والقاعدة الثانية: «
إذا تعارضت مفسدتان ترتكب أخفهما لدرء أعظمهما خطراً»
ففى مثل هذه الأمور من إعتصامات ومظاهرات تحدث مفاسد عظيمة وخسائر هائلة فى الأرواح من سفك للدماء وتدمير للمنشئات وتكون هناك مفاسد أكبر
واستمسك السلف الصالح مع ذلك بالقاعدة الأصلية التي تقول بأن الضرر يزال فاستمروا في إنكارهم بالقول، والمعارضة للمخالفات الشرعية ولكن دون نزع يد الطاعة أو إشهار السيف أو إراقة الدماء.
والبعض يرى أن السلف هم أتباعاً للدولة ويخضعون لتعاليمها ويجارون سياساتها بشكل دائم، وهو اعتقاد مجحف بحق هؤلاء العلماء، فلقد كانوا يقرنون السمع والطاعة بالنصح، والإنكار لكل ما يخالف شريعة الله مع سلامتهم من التزلف والمداهنة وتزيين المنكرات.
أخى فى الله أنا مع محاربة الفساد ونسعى حول الإصلاح ولكن هناك ضوابط شرعيه للإصلاح وضحها لنا إسلامنا الحنيف ونهانا عن هذه الطرق التى فيها ضياعاً لدنيانا وأخرتنا
إن حسن النية وصلاح القصد إذا وجد فإنه لا يكفي وحدَه البتة، بل لابد أن يقترن به صحة المنهج وحسن العمل وإيجابية الأثر وبخاصة الأعمال المدمرة التى تمس الأمة والديار
كل منا لايدعى العصمة لأحد من البشر سوى أنبياء الله فيما يبلغون عن رب العزة فالحق ضالة المؤمن , ومن ابتغى في الناس الكمال فقد طلب المحال
والخطأ من ولاة الأمور وأهل العلم وارد وواقع, وإن أردنا الحق وتصحيح الأخطاء فلنبحث عنه بطريقة سليمة وإسلوب محكم مع حفظ هيبة الإسلام والمسلمين
أسأل الله أن يهدينا إلى صالح الأعمال وأن يرد الضال إلى الهدى وأن يبصر المؤمنين فى دينهم ومصالحهم وأن يجنبنا شر الفتن
إنه ولى ذلك ومولاه
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى إله وصحبه وسلمبقلم:: م_ أحمد حسين عياد