24akhbar
| | خطبة صلاة الاستسقاء ( 2 ) صبري عسكر | |
الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له خالق الخلق ورازقهم ومنزل الغيث ومجري السحاب ومحي الأرض بعد موتها من استطعمه أطعمه ومن استكساه اتق اللهاه ومن استهداه هداه ومن استنصره نصره ومن استسقاه سقاه ( وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين ) واستسقى نبينا لقومه مرات عديدة وفي كل مرة يتضرع فيها لله ويطلب السقيا من الله لعباده وقد أمرنا الله أن نقتدي به {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه علمنا كيف نتضرع لله ونلجأ إليه ونطلب منه بلا وساطة فهو سبحانه يسمع دعاء من دعاه ووعد بإجابة الدعاء فقال سبحانه ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعاني فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ) وقال تعالى ( وقال ربكم أدعوني أستجب لكم ) ولقول ابن عباس رضي الله عنهما: (خرج النبي صلى الله عليه وسلم للاستسقاء متذللا متواضعا متخشعا متضرعا) قال الترمذي: " حديث حسن صحيح " صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه واهتدى بهديه إلى يوم الدين وبعد : أيها الزملاء الأعزاء : أيها الأبناء البررة : أيها المسلمون الموحدون : لقد خلقنا الله لعبادته وحده ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ) واستخلفنا في الأرض فقال لملائكته ( إني جاعل في الأرض خليفة ) وقد ينسى العباد تلك المهمة التي خلقوا من أجلها وينشغلوا بالرزق الذي تكفل الله به - أي ينشغلوا بما ضمنه الله لهم عن العبادة التي كلفوا بها – فيحبس الله المطر عنهم ليتذكروا أن أمور الرزق بيد الله فإذا صلوا وتضرعوا ودعوا وأخلصوا العبادة لربهم يكونون قد حققوا ما من أجله خلقوا . وقد أقام الله الحجة على عباده فآدم عليه السلام نبي وهو أبو البشر وقد خلقه الله بيده واستخلفه في أرضه وأسجد له ملائكته وخلق له زوجه حواء ثم توالى النسل فابتعد الخلق عن ربهم فأرسل لهم الرسل وما ترك أمة إلا وأرسل لها نذير يذكرها ربها ولكن للأسف معظم الأمم أعرضوا عن أنبيائهم وكذبوا وأعلنوا كفرهم بربهم وشركهم بالله رب العالمين .
تاريخ البشرية مؤلم وكم من أمم كفرت بربها وبارزته بالمعاصي بل وأنكرت أن يكون لهذا الكون من خالق وأشركت في عبادتها غيره بل وبالغ منهم بعضهم في كفره وجبروته حتى ادعى الألوهية ومنهم النمرود الحاكم الذي كان في زمن إبراهيم الخليل – عليه السلام – هذا الملك الذي أعطاه الله الملك فأنكر وجود الله بل وادعى أنه إله من دون الله ( ألم ترى إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن أتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين ) وإذ به مرة أخرى يقول : يا إبراهيم أين جنود ربك سأخرج له بجنودي فليخرج لي ربك بجنوده يالها من وقاحة ويالها من حقارة أن يتجرأ العبد على خالقه ويطلب هو إعلان الحرب ويخرج بجنوده في مكان فسيح فكان أحقر عند الله من أن يرسل له ملائكة تحاربه أو عبادا مؤمنين من بني البشر يقاتلوه بل أرسل له جيشا من البعوض فهجم على جيشه فدمره ودخلت واحدة من هذا البعوض في رأسه فكانت سببا لهلاكه .
بل ووصلت الجرأة بأحد هم أن يدعي الألوهية لنفسه وينكرها لله مثل فرعون الذي طغى وتجبر فقال ( ماعلمت لكم من إلهٍ غيري ) بل وجمع الناس وأعلنها صريحة وعلى مسمعٍِ ومرأى من الجميع ( فحشر فنادى فقال أنا ربكم الأعلى ) فكان له ربه بالمرصاد أمهله ولم يهمله فقال عز من قائل ( وفرعون ذي الأوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك سوط عذاب إن ربك لبالمرصاد )
نعم ياعباد الله إن ربك لبالمرصاد لكل من طغى وتجبر لكل من ظلم وبغى لكل من سفك الدماء واستباح الأعراض لكل من ظن أنه ملك الدنيا ومن عليها ( إن ربك لبالمرصاد ) أيها الأحبة : احتبس المطر وجف الضرع ومات الزرع وقل الماء ونوشك على الهلاك ولا منجى لنا إلاَّ الله فهل آن لنا أن نتضرع لله رب العالمين ونعلن توبتنا لله ونخرج زكاة أموالنا ونعطي أصحاب الحقوق حقوقهم ونعود لكتاب ربنا وسنة نبينا عسى الله أن يرفع البلاء الذي حل بنا وبأوطاننا وبأمتنا . عسى الله أن ينصرنا على أعدائنا ويكشف ستر عدونا ويفضحه ويجعل تدبيره تدميرا عليه الله الذي أغرق فرعون وأهلك عادا وثمود وقوم لوط وقوم صالح قادر أن يهلك عدو أمتنا ومن استباح بيضتنا . صلاة الاستسقاء سنة نبيكم وهدي معلمكم الأول محمد بن عبد الله – صلى الله عليه وسلم – فلنتوجه لله رب العالمين أن يحفظ بلادنا وأن يعمها بفضله وأن ينزل الغيث وأن يجعله غيثا مغيثا نافعا غير ضار سحا غدقا مجللا . لقد وعد سبحانه المستغفرين بالخير والنعيم ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ................................ ) وقال سبحانه وتعالى {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} اللهم أنزل علينا من بركات السماء والأرض اللهم لا تحرمنا عفوك ولا تمنعنا فضلك اللهم أغثنا ولا تجعلنا من القانطين اللهم لا إله إلا أنت أنت الغني ونحن الفقراء إليك أنزل علينا الغيث ، واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغا إلى حين . اللهم هذا الدعاء ومنك الإجابة اللهم دعوناك كما أمرتنا فاستجب لنا ياربنا كما وعدتنا اللهم اغفر لنا ما أسررنا وما أعلنا وما أنت أعلم به منا وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين | |
|