الفرد المسلم
الكاتب: أد../ عبد الحي الفرماوي
الفرد هو نواة أى مجتمع يسعى إلى التقدم والرقى؛ فهو صانع هذا التقدم، وهو عماد نهضته، وهو المنوط به الحفاظ عليه. ويقاس تقدم المجتمع ورقيه بحرص أفراده، وسعيهم الجاد للتقدم بهذا المجتمع.
وانطلاقًا من قيمة الفرد.. حرص الإسلام على تعليمه وتربيته لبناء مجتمع مسلم متماسك؛ فلم يهمل الإسلام الفرد - كما فعلت الشيوعية - ولا طغى بحق الجماعة على حقه. ولم يترك له الحبل على الغارب - كما فعلت العلمانية الغربية - ليصل بهذه الحرية الكاذبة حد الفوضى والدمار.
بل كان الإسلام بين ذلك قوامًا؛ اعترف به، وأعطاه الشخصية، وجعل عليه التكاليف، وله الثواب والعقاب، وربّاه على معرفة الله، وربطه به: عقيدة وتعبدًا وخلقًا؛ ليكون الفرد الصالح.
ثم جعل التكاليف بعد ذلك: مزكية ومتممة لهذه العقيدة، وهذا الخلق، وهذا التعبد. وجعل من كل ذلك وازعًا فى نفسه:"
مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ " [ق: 18]. وجعل مع كل ذلك وازعًا فى نفسه "
أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك".
ومع ذلك لم يجرده من الارتباط بالجماعة، ولم يحرمه مشاعرها، فنماها فى نفسه داخل الأسرة؛ ليعلمه الحب والإيثار والصلة.
ونماها كذلك عن طريق التكاليف الجماعية؛ تشده إلى الجماعة وتربطه بها:
الصلاة تشده إلى الجماعة، وتربطه بها.
الزكاة تشده إلى الجماعة، وتربطه بها... وهكذا.
تتوازن فى الفرد المشاعر الفردية مع المشاعر الجماعية؛ لتستجيب لنداء الفطرة "أنه فرد"، كما تستجيب لندائها "أنه كائن اجتماعى".
وبذلك يصل المنهج الإسلامى فى جانبه الاجتماعى بالفرد إلى أن يكون: قوى الجسم، متين الخلق، مثقف الفكر، قادرًا على الكسب، سليم العقيدة، صحيح العبادة، مجاهدًا لنفسه، حريصًا على وقته، منظمًا فى شئونه، نافعًا لغيره.
"وذلك واجب كل فرد مسلم على حدته".
==========